خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2553 - 2009 / 2 / 10 - 08:44
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ نشاته والكيان الصهيوني يمارس ضد شعبنا الفلسطيني جريمة التصفية الجسدية والاغتيال , حيث وظف الكيان الصهيوني هذا المنهج الاصيل من برنامجه الصهيوني في التعامل مع شعبنا مستهدفا من وراء ذلك تحقيق اهداف متعددة ومتنوعة لا شك ان ارضيتها جميعا هي التخلص من الوجود المادي الفلسطيني في فلسطين واستبداله بالوجود الصهيوني , واقامة اسرائيل اليهودية النقية , مقدمة لاقامة اسرائيل الكبرى كمركز استعماري عالمي في المنطقة . وفي الحقيقة لم يكن العدوان الاخير على غزة , والجموح الاجرامي الصهيوني الذي ارتكبه جيش الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين وعدد الاصابات الكبير الذي الحقه بهم يعبر الا عن اصالة النهج الصهيوني البرنامجي الممنهج حيال القومية الفلسطينية , وقطعا لا يهمه شرعية او لا شرعية هذه الممارسة الاجرامية ضدنا , على عكس محاكمتنا للنهج الصهيوني التي تتاسس على الاحساس بالظلم والمطالبة بالعدالة , الامر الذي لا بد في الحقيقة من انتقاده , حيث يضع حرارة المشاعر و ضعفها في مقابل برودة وقوة الفعل والنهج السياسي .
لكن ما يجب الانتباه له هنا ان ( المبدأ ) ليس في الحقيقة هو الموجه الوحيد لممارسة الكيان الصهيوني للاغتيال والتصفية الجسدية , بل ان الكيان الصهيوني يوظف هذا النهج ليتحصل له في النهاية اقصى فائدة سياسية , اقتصادية , اجتماعية , قادرة على تسهيل تنفيذ البرنامج الصهيوني وانجازه في وقت قياسي قدر الامكان , لذلك فان عملية شديدة الدقة تجريها المؤسسات الصهيونية المختصة للحسابات وتعتمد على دقة المعلومات المتوفرة لها عن قوانا ومؤسساتنا الوطنية والاشخاص الذين يشغلون مراتبها ولا تهمل طبعا بل تنتبه بشدة لقدراتهم الفكرية والسياسية واتجاهاتهم في التعامل مع الكيان الصهيوني وبرنامجه , كذلك تكوينهم النفسي وعاداتهم وصلاتهم .....الخ.
ان الشغل الشاغل للكيان الصهيوني منذ انشائه هو في الحرص على استمرارية الصراع , ومنع اي فرصة لتسوية الصراعات في المنطقة , فهذا هو طريق تحقيق اسرائيل الكبرى ,دون ان يعني ذلك بالطبع ان التاكيك الصهيوني لهذا مباشر , بل هو تاكتيك متعرج ملتوي يخضع في شروطه لظروف الوضع الصهيوني في الصراع العالمي والاقليمية لكنها مهمة يتم تحقيقها عبرضعف الاطراف الاخرى والعمل على استمرار هذا الضعف بتعميق انقسامها على نفسها , وضمان استمرار تصارع مصالح اطرافها واتجاهاتهم , لضمان استمرار دورانهم في حلقة اعادة انتاج التخلف والضعف والانقسام , وفي نفس الوقت ابقائهم رهن رد الفعل المدروس والموجه الذي تكون مؤسسات الكيان الصهيوني قد درسته وحددت اتجاهه العام مسبقا وحددت كيفية استجابة الطرف الاخر لفعلها , وفي هذا السياق نجد ان الكيان الصهيوني حين يمارس الاغتيال والتصفية الجسدية لا يقفز في فراغ بل يقفز الى هدف محدد برنامجيا , لذلك نرى لكل اغتيال وتصفية جسدية تمارسها المؤسسة الصهيونية ( سمة خاصة ) عن اغتيال وتصفية جسدية اخرى ,
لقد كان مثلا من اهداف الاغتيال والتصفية الجسدية الصهيونية , اضعاف وانهاء الرموز الفكرية لمقولة الخصوصية الفلسطينية , كما في اغتيالات بيروت قبل الاجتياح الصهيوني , ( غسان كنفاني , كمال ناصر , النجار ...الخ ) ,وهو الامر الذي اعاق ترسيخ وتثبيت دور مقولة الخصوصية الفلسطينية في نهج النضال الوطني الفلسطيني , كذلك نجد خط الاغتيال والتصفية الجسدية الذي يستهدف فك الحصار عن الكيان الصهيوني عالميا , ويقود في نفس الوقت الى حصار الشرعية الفلسطينية وصلاتها عالميا ( اغتيالات اوروبا ) , كذلك نجد خط الاعتيالات والتصفية الجسدية التي تقطع العلاقات بين الداخل والخارج الفلسطيني ( اغتيالات تونس ) والذي اعاد عمليا بناء القوة السياسية النضالية الفلسطينية داخل فلسطين بعيدا عن سيطرة الحلفاء الاقليميين للكيان الصهيوني ( اطراف التقسيم ) ,
ان ما سبق يشير الى علاقة الاغتيالات والتصفية الجسدية الصهيونية , بالاهداف السياسية العامة الصهيونية كمرشد لالية العمل الصهيوني , وفي هذا السياق ايضا كانت الاغتيالات التي مارستها ولا تزال تمارسها المؤسسة الصهيونية داخل الارض المحتلة وضد رموز فلسطينية معينة وبتوقيت معين , وابسطها واكثرها وضوحا في الحقيقة اغتيال وتصفية الكادر العسكري للنضال الفلسطيني , الذي ليس مقنعا فحسب وضعه في اطارهدف صهيوني عام هو اضعاف القدرة العسكرية الفلسطينية , بل يجب ايضا دراسة الالية التي يحدثها اغتيال وتصفية جسدية في المراتبية بما يحدثه من فراغ قيادي يقتضي المنطق استبداله وكيف ان ذلك يتم بواسطة مرشحين له مسبقا , كذلك اغتيال وتصفية الرمز شاغل المرتبة التنظيمية والسياسية, او اعتقاله , ان الاغتيال والتصفية الجسدية هنا تعمل عمل ( فلتر ) في حين تحدد المؤسسة الصهيونية ( الشوائب) التي يجب التخلص منها ,
فبعد اغتيالات وتصفيات جسدية , ابعدت بواسطتها المؤسسة الصهيونية , رموز كان بينها توافق على الجمع بين التفاوض والمقاومة في ان معا , وكان بينها توافق على ان الوحدة الوطنية خط احمر لا يجوز لفصيل فلسطيني تجاوزه , وكان بينها توافق على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني , فقد شكل ( الاغتيال الهاديء غير العنيف ) للرئيس عرفات حادثة طلاق باتا ونهائيا بين نهجي المقاومة والتفاوض في الداخل الفلسطيني , بعد ان كانت المؤسسة الصهيونية قد انهكت في الحقيقة (قوى معارضة) الطلاق داخل المعسكرين الفلسطينيين , معسكر تفاوض بلا مقاومة ومعسكر مقاومة بلا تفاوض, وهكذا فتحت المؤسسة الصهيونية على مصراعيه باب الانقسام الداخلي الفلسطيني , دون ان تهمل التمهيد لذلك عبر تعطيل الشرعيات الفلسطينية القادرة على التخفيف من حدة اصطدام وصراع المعسكرين الى المدى الذي ذهبا اليه وصولا الى حد الحرب الدموية الاهلية , وهي لا تكف حتى الان عن توظيف الاغتيال والتصفية الجسدية لتعميق هوة وهامش الانقسام والانفصال , الى الحد الذي يجعلنا نتسائل عن دور اغتيال ( الريان وصيام ) اثناء العدوان الصهيوني الاخير على غزة بهذا الصدد , واحجامها عن اغتيالات اخرى تملك لانجازه المعلومات اللازمة , كما صرح بذلك ضباط الاستخبارات والمخابرات الصهيونية علنا على التليفزيون , وتجعلنا نتسائل ايضا عن حقيقة موقف هذين الرجلين من تعميق الحالة الانفصالية , والتعارضات التي تبرز الى العلن بين الموقف الفصائلي الداخلي والخارجي , وعن رضاهم عن دور القوى الاقليمية وتقدم وتعاظم تاثيرها في القرار الفلسطيني واستقلاليته
ان كل ما اشرنا اليه سابقا لا يجعلنا نلقي بالاتهامات ضد احد سوى , تدني مستوى الوعي الفلسطيني الفاقد لاستقلاليته, وبالتالي قدرته على المبادرة الوطنية السليمة, وكفاءة الوعي البرنامجي الصهيوني الذي يعمل بصورة مؤسساتية علمية لا تهمل ادراج مختلف العوامل والظروف بحساباتها , وتجعلنا نتمنى على المستوى القيادي الفلسطيني الارتقاء الى مستوى المسئولية الفلسطينية ( المستقلة )
9-2-2009
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟