|
عبود ..والشطره ..وحال ما تغير
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2552 - 2009 / 2 / 9 - 08:01
المحور:
كتابات ساخرة
كنا نحن شباب القرن العشرين ، جيل السلطنه ..وكانت ملكة السلطنه السيدة أم كلثوم . وكنا نحن شباب الشطرة ندخل حالة انذار في أول ليلة من كل شهر ..ففيها تحيي كوكب الشرق سهرة في القاهرة ينقلها راديو صوت العرب للعرب في كل مكان . كنا في تلك الليلة التي نسهر فيها حتى مطلع الفجر ، نتقاسم المهمات ، فهذا الذي يأتي بالمنكر ( حليب السباع ) العراقي ، وذاك يأتي باللبلبي والذي منّه ، وآخر يتكفل بسمك بنّي مشوي بالتنور . وما أن تصدح أم كلثوم نكون رفعنا كؤوسنا ودب دبيبه ..وامتلأت الغرفة بدخان السكائر ، الا واحد منّا ..كان يستحرم " المنكر " ولكن ما أن تكون أم كلثوم وصلت المقطع الثاني من أغنيتها حتى يكون صاحبنا قد سكر " عالريحه "وصار أكثرنا طربا ومرحا . كانت شلتنا أربعة يسموننا ( عصابة الأربعة ) . فأحدنا رزقه الله بالمال والجمال ، وآخر رياضي وسيم ، وثالث شاعر وفنان ، وأنا يصفونني ( كاعد حظّه وي البنات ) مع أنني لم تكن لي سوى ثلاث صديقات ، واحده أتبادل معها الابتسامات من بعيد لبعيد ، والأخرى أتبادل معها الرسائل عبر البريد ، والثالثه نذوب معا كزبدة في ماعون فافون على جمر الفحم حين نلتقي من عيد الى عيد !. و ( عبود ) هذا يدخل القلب بنعومه ويستقر فيه..شاب ظريف ، صاحب نكته ـ أريحي ، كريم ..اذا ضفناه في بيته بالقرية ذبح لنا خروفا . وكان حين ننهض نتمشى عصرا في شارع الكورنيش الممتد من قهوة " عبيد " الى قصر الحاج خيون آل عبيد ، أشهر شيوخ عشائر الجنوب الذي خصّه الملك فيصل الثاني بزيارة الى قصره هذا .. كان يتبعنا ويحشر نفسه في وسطنا ويقول : - أولاد " الك.." اتمشى وياكم أتمشى ، بلكي وحده تعاين عليّ من تشوفني وياكم . فيردّ عليه الوسيم : + وما تكلي منو تعاين على واحد كاولي ؟! ( لشدّة سمار عبود وغرابة شكله وأنفه الأبتر ..النص بجم ). بعد أربعين سنة التقيت عبود فأخذته بالأحضان . كانت تضاريس وجهه قد نحت بها الزمن بقسوة ، حتى لترى التجاعيد فيه كما لو كانت أنهارا جف ماؤها ، تحف بها سواتر ترابية مهشمة عبثت بها الريح . - أهوايه نحت بيك الزمن عبود . + ما تقرأه في وجهي هو تاريخ الشطرة ..وشكلها ايضا !. ياله من جواب موجز وموجع . فالشطرة كانت تسمى " موسكو الثانية " من يوم أخذت الشرطة في العهد الملكي المرحوم شهاب التميمي " نقيب الصحفيين " بتهمة الشيوعية ، مع أن المدينة مزدحمة بالحسينيات والجوامع ، وأهلها مؤمنون ، غير أنهم كانوا يكرهون " البعث " بالفطرة!. تمشينا في السوق وقبل أن آخذه لبيتي قلت لعبود : - أنا ولو تركت المنكر ، بس وعيونك اذا بعدك .. + وأنا ايضا تركته ولكن لغير أسبابك . فأنا حين كنت شابا كنت أستمتع به ويستمتع بي ، وحين وجدت نفسي أنني ألجأ اليه هربا من الواقع والفواجع ..أقمت له حفلة وداعية حضرها أنا والمدعو عبود! ..وقلنا له : مع السلامة . وصلنا البيت وشربنا القهوة فسألته عن الشطرة وهل ما تزال مقهى أم كلثوم عامرة بأهلها ؟ - ياأم كلثوم . الآن دخلت الشطرة هيفا . تصور أن الملعون ابني دعاني مرّة أن أشاهد شريطا لها ، قلت له : تأدب ، أنا ما أتفرج على وحده " كح.." ، أجابني : ما خسران شي ، واذا شعرت بالذنب أمسك مسبحتك وقت المغرب واستغفر ربك ! ومع أنني ، أضاف عبود ، أعرف أن هيفا تصرّف بضاعة صوتها بحركات جسمها ، فانني تمنيت لو أن كل نسائنا هيفا ..يا أخي ممتعه ، رشيقه ، مغريه ، تونّس ، وترجعك شباب حتى لو عمرك تسعين ، مومثل نسوانّا بس اتجيب أول طفل هملت نفسها ودارت ظهرها عليك بالليل . قلت له : لكن هيفا .. قاطعني قائلا : أعرف أن هيفا " شرف سز " لكنني أحييها لامتلاكها قدرة استثنائية على أن تهز رجال الأمّة بخصرها ، فيما ابادة شعب في غزّة لا تهز شعرة من شوارب حكامنا العرب ، وان هزتها في شارب أحدهم ..أخفاها بيده اذا كان في حضرة كونداليزارايس. والتقطت من عبود حقيقة واحدة : ان كل الأمور في العالم ..من أبسطها الى أعقدها ، تتغير : عبود ، الشطرة ، امريكا التي جاءت برئيس أسود ..الا حال واحد ما يتغير ، هو أن حكامنا العرب ظلوا على ما هم عليه من نصف قرن ، ويبدو أنهم مكفولون بالبقاء لنصف قرن آخر! .
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في سيكولوجيا الناخب العراقي- قراءة نفسية سياسية -
-
اسطورة أوباما ..هل ستنتهي بانتصار الوطن ام بموت البطل ؟!
-
ثقافتا الفرد والدور ..واشكاليه السلوك
-
في سيكولوجيا تصرّف منتظر الزيدي - ثقافة التعليق
-
في سيكولوجيا تصّرف منتظر الزيدي
-
تهنئة ,,وملاحظات واقتراح
-
أمسية ..في شارع أبي نؤاس
-
مخطوطة للدكتور علي الوردي معروضة للبيع
-
تنبؤ سيكولوجي بفوز أوباما
-
الارهابيون بعيون أكاديمية - ايضاح ..واقتراح-
-
الارهابيون .. بعيون أكاديمية
-
سيكولجيا الصراع في المجتمع العراقي
-
كنت في الجولان
-
في سيكولوجيا الفساد المالي والاداري 3-3
-
الى الشاعرة لميعه عباس عماره
-
في سيكولوجيا مسلسل الباشا
-
أمسية دمشقية مع ..مظفر النواب
-
حملة الحوار المتمدن - البديل المنقذ ..مرّة أخرى
-
في سيكولوجيا الفساد المالي والاداري 2-3
-
في سيكولوجيا الفساد المالي والاداري 1-3
المزيد.....
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|