أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من وحي كتاب فهد (الحلقة العاشرة) الانتقاد، اغراضه وفوائده















المزيد.....



من وحي كتاب فهد (الحلقة العاشرة) الانتقاد، اغراضه وفوائده


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 794 - 2004 / 4 / 4 - 09:15
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في كتاب فهد ابرز الباحثان الكثير مما رأوه ايجابيا في حياة الرفيق فهد وفي انجازاته وهي امور مطروقة كثر من كتب عنها. ولكن الباحثين، تخلصا من تقديس فهد واعتباره اسطورة معصوما عن الخطأ فقررا انتقاده. وقد وجد الباحثان شيئا يجب انتقاده في كل خطوة وكل جانب من جوانب سياسة فهد وثقافته. ولجأ الباحثان في هذا المضمار الى انتقاد كل شيء يخص الحركة الشيوعية من ثورة اكتوبر ودكتاتورية البروليتاريا والمجتمع الاشتراكي وستالين والاممية الشيوعية. كل هذا اوحي لي كتابة شيء عن موضوع الانتقاد.
تشير جميع انظمة الاحزاب الشيوعية الى ضرورة ممارسة الانتقاد والانتقاد الذاتي. ولكن الانتقاد والانتقاد الذاتي موضوعان يختلفان عن بعضهما اختلافا كليا ولا يربطهما ببعض سوى كلمة الانتقاد. فالانتقاد الذاتي يتضمن طرفا واحدا هو موجه الانتقاد وهو متلقي الانتقاد. فهذا الطرف الذي قد يكون شخصا او حزبا او اية فئة من الناس يشعر بانه ارتكب خطأ ويعترف بهذا الخطأ صراحة ويعمل على كشف الاسباب التي ادت الى وقوعه وطريقة تصحيحه. اما الانتقاد فيتضمن طرفين، طرف يوجه الانتقاد وطرف اخر يتلقى الانتقاد. وقد اخترت في هذه الحلقة ان اتحدث عن الانتقاد وحده دونما ربطه بالانتقاد الذاتي لان ربط الانتقاد بالانتقاد الذاتي كان احيانا وسيلة من وسائل قمع الانتقاد عن طريق تحويله قسرا الى انتقاد ذاتي. وفي هذا البحث سأستعمل كلمة الناقد للدلالة على الطرف الموجه للانتقاد وكلمة المنتقد بفتح القاف للدلالة على الطرف المتلقي للانتقاد.
الانتقاد احد المبادئ الهامة في الاحزاب الشيوعية وهو، كما افهمه في العرف الماركسي، حق مطلق لا قيد فيه ولا شروط. فمن حق كل انسان، سواء أكان حزبيا او لم يكن، ومن حق كل انسان بسيط، ان ينتقد ما يعتبره خطأ بدون قيد او شرط.
ان فرض الشروط على الانتقاد، ايا كان نوعها، ليس سوى وسيلة من وسائل قمع الانتقاد. فلو اشترطنا مثلا ان على الناقد ان يعرف تفاصيل ما يجري قبل ان ينتقد، فلا يعني ذلك سوى حرمان الانسان البسيط من حق ان ينتقد من هو اعلى منه. اذ ان الانسان البسيط لن يستطيع معرفة تفاصيل ما يجري في الهيئات الاعلى منه. فعضو القاعدة في حزب شيوعي مثلا لا يستطيع ان يعرف تفاصيل النقاشات التي تجري في الهيئات القيادية. وبهذا يتحول الانتقاد الى انتقاد وحيد الجانب يجري من الاعلى الى الادني ولا يسمح للادني في انتقاد الاعلى. والادعاء بوجود اشخاص او منظمات لا يجوز انتقادها هو ايضا وسيلة من وسائل قمع الانتقاد اذ لا يوجد انسان او حزب معصوم عن الخطأ. وأعظم مثل تأريخي في هذا الصدد كان عدم جواز انتقاد ستالين او الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي. ولم يبتدع هذا الشرط سوى عدد من قادة الاحزاب الشيوعية الذين كانوا يريدون ان يتستروا على اخطائهم والتخلص من انتقادهم بهذه الطريقة. ومن وسائل قمع الانتقاد اشتراط ان يكون الانتقاد صحيحا. فكيف يتسنى للناقد ان يعرف سلفا اذا كان انتقاده صحيحا ام خاطئا؟
نرى من هذه الامثلة القليلة ان الانتقاد حق مطلق يجب الا يقيد باية شروط او تقييدات. واذا اخذنا كارل ماركس مثلا نرى ان الاف الاقتصاديين والفلاسفة والعلماء والسياسيين من داخل الاممية الاولى وخارجها وجهوا له انواع الانتقادات منها الموضوعية فيما يخص ابحاثه ومنها الانتقادات التي لا محتوى لها. ولم يشجب احد، بمن فيهم كارل ماركس نفسه، هذه الانتقادات على اساس ان ليس من حقهم توجيه الانتقاد الى ماركس. فمن حق كل انسان ان يناقش هذه الانتقادات ويفندها او يؤيدها بدون التساؤل عن حق الناقد في الانتقاد او عدمه. وما زال انتقاد ماركس ونظرياته مستمرا وكثيرا ما يدعي بعضهم انهم استطاعوا تفنيد ودحض نظريات كارل ماركس دحضا حقيقيا لاول مرة في تاريخ انتقاد كارل ماركس. ويصح هذا ايضا على كل من انجلز ولينين وستالين. فقد تلقوا جميعهم الاف الانتقادات اثناء حياتهم وبعد مماتهم ولم يتصدى لهؤلاء المنتقدين او يعترض عليهم احد على اساس ان ليس لهم حق الانتقاد. وعلى العكس من ذلك انتقد كارل ماركس في كتاباته الكثير من علماء وفلاسفة وسياسيي زمانه وهكذا فعل انجلز ولينين وستالين فلم يعترض احد على حقهم في الانتقاد.
ولكن شيئا واحدا واضح تمام الوضوح في كل هذا هو ان الناقد ايا كان ومهما كانت مرتبته السياسية او العلمية او الثقافية لن يستطيع في انتقاداته تجاوز مستوى تكوينه الفكري والايديولوجي والثقافي. فالانتقاد هو دائما تعبير دقيق عن المستوى الفكري للناقد نفسه. وعند دراسة اي انتقاد يتعرف الانسان قبل كل شيء على هوية الناقد وشخصيته وليس على هوية وشخصية المنتقد. فمن الانتقاد يمكن التعرف على الناقد سليا او ايجابا.
لقد انتقد ماركس بروضون على سبيل المثال على كتابه "فلسفة الفقر" بكتاب اسماه "فقر الفلسفة". وفي هذا الانتقاد نتعرف على شخصية ماركس وارائه ولذلك بقي كتاب فقر الفلسفة الى اليوم من اثار كارل ماركس الرائعة التي مازلنا نقرأها ونستفيد منها. واقر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني برنامجا بدون استشارة ماركس وانجلز. فقام كارل ماركس بانتقاده في كتاب اسمه نقد منهاج غوتا الذي مازال من الوثائق الماركسية الرائعة لكارل ماركس.
وانتقد انجلز دوهرينغ في كتابه "ضد دوهرينغ" فأصبح هذا الكتاب حتى اليوم من المراجع الماركسية الهامة. وقس على ذلك في انتقادات لينين لكاوتسكي والاممية الثانية والشيوعيين "اليساريين" وغير ذلك. في كل هذه الانتقادات ظهرت لنا شخصية الناقد قبل ان تظهر لنا شخصية المنتقد.
وثمة الاف الامثلة على انتقادات اظهرت لنا شخصية الناقد بشكل سلبي. فقد تعرض كارل ماركس وانجلز الى الكثير من الانتقادات سواء من داخل الاممية الاولى او خارجها. بل ان الكثير من علماء الاقتصاد والبرجوازيين انتقدوا وما زالوا ينتقدون كارل ماركس وانجلز. فماذا كان مصير هذه الانتقادات؟ كلها اهملها التاريخ وبقيت نظريات ماركس تفعل مفعولها في النظام الراسمالي بدون ان تتاثر بهده الانتقادات. وكل هذه الانتقادات كانت تعرف قراءها على شخصية الناقد قبل ان تعرفهم على شخصية المنتقد. واود ان اورد مثلا واقعيا. أثناء دراستي الاقتصاد في جامعة اورشليم (القدس) كان من جملة مراجعنا كتاب لاحد اشهر علماء الاقتصاد الاميركيين (لا اتذكر اسمه). عالج هذا العالم الكبير كارل ماركس في مقدمة كتابه بهذه الصورة التي اوردها من الذاكرة. لقد تقرح عجزا كارل ماركس من كثرة جلوسه في مقعده الدائم في المكتبة البريطانية فاراد ان ينتقم لذلك من البرجوازية. طبيعي اننا لا نتعرف من هذا على شخصية كارل ماركس وانما نتعرف اولا وقبل كل شيء على شخصية هذا العالم الاقتصادي الشهير.
وانتقد خروشوف الامم المتحدة فصفق لها بحذائه. اننا لم نتعرف بذلك على شخصية الامم المتحدة بل على شخصية خروشوف ومستواه الفكري وحتى الاخلاقي. واود ان اذكر مثلا آخر اورده من الذاكرة لانه غير متوفر لدي. قرأت الموضوع في مكتبة العلوم السلافية في جامعة لندن قبل اكثر من عشرين عاما ولم تكن انذاك امكانية تصوير الوثائق متوفرة في المكتبة. افتتح خروشوف معرضا للفنانين السوفييت. وحين وقف امام احدى لوحات المعرض قال "ما هذا؟ انه يشبه طفلا تركته امه فتغوط على نفسه واخد يلوص في غائطه". بهذا الانتقاد لم نتعرف على شخصية الفنان السوفييتي وانما تعرفنا جيدا على شخصية خروشوف ومستواه الثقافي وتقديره للفن السوفييتي.
ان هذا الموضوع ينطبق بايجابه وسلبه على كل ناقد وفي جميع المجالات والاحوال. فالانتقاد يعرفنا اولا وقبل كل شيء على شخصية الناقد ومستواه الفكري والايديولوجي وحتى الاخلاقي.
جاء اعلاه ان الانتقاد حق مطلق لا شروط فيه ولا قيود. ولكن السؤال ينشأ: هل يجب ان يكون الانتقاد صحيحا؟ الجواب هو كلا. ان شرط ان يكون الانتقاد صحيحا هو احد وسائل قمع الانتقاد. ولكن هذا الموضوع يجرنا الى بحث اغراض الانتقاد. ان الناقد ينتقد شيئا يعتبره خاطئا. وبصرف النظر عن نوايا الناقد فان الانتقاد ليس اهانة ولا شتيمة ولا انقاصا من قيمة المنتقد. انه مجرد ابداء رأي الناقد فيما ينتقده. ويختلف تصنيف الانتقاد من حيث توقيته الزمني الى نوعين، الانتقاد المباشر والانتقاد غير المباشر. وأقصد بالانتقاد المباشر الانتقاد الذي يجري في نفس زمن وظروف حدوث الخطأ الذي يجري انتقاده. واقصد بالانتقاد غير المباشر الانتقاد الذي يجري بعد حدوث الخطأ الذي يجري انتقاده بفترة زمنية قصيرة او طويلة. فاذا قرأ الشخص بيانا او سمع خطابا او تلقى امرا او رأى واشترك في نشاط معين كتوزيع مناشير او مظاهرة او اضراب ووجد خلال ذلك ما يعتبره خطأ يقوم فورا بانتقاده فهذا انتقاد مباشر. اما الانتقاد غير المباشر فهو ما ينتقده الناقد بعد حدوث الخطأ الذي يلاحظه او يميزه في قراءته او متابعته لامور حدثت قبل مدة طويلة او قصيرة. ان طبيعة الانتقاد وحق الانتقاد لا يختلفان في هذا التصنيف للانتقاد ولكن كيفية معالجة الانتقاد وكيفية الاستفادة منه يختلفان في هذا الصدد.
في الانتقاد المباشر يجري علاج الانتقاد أيضا بصورة مباشرة. فالمنتقد، شخصا كان ام منظمة او حزبا، عليه ان يدرس الانتقاد وان يرى ان كان الانتقاد صحيحا ام خاطئا. فاذا وجد ان الانتقاد صحيحا ترتب عليه ان يعلن عن ذلك صراحة وبدون لف ودوران وان يعلن عن الاسباب التي ادت الى وقوع الخطأ وكيفية اصلاحه. واذا رأى ان الانتقاد خاطئا ترتب عليه ان يبحث عن الاسباب التي جعلت الناقد ينتقد الموضوع ويجد السبل التي تعالج اسباب الخطأ لدى الناقد ومحاولة اقناعه بخطئه. وفوائد الانتقاد في مثل هذه الانتقادات هو ان حلها من قبل المنتقد سلبا ام ايجابا يؤدي الى رفع مستوى الناقد والمنتقد على حد سواء ويؤدي بالتالي الى رفع مستوى الحزب كله.
تعرض معلمو الماركسية كلهم الى ما لا يمكن حصره من الانتقادات المباشرة في حياتهم. وكانوا يعالجونها في حينها وبكل صراحة. وكان ستالين اكثر هؤلاء الاربعة تعرضا لمثل هذه الانتقادات المباشرة في الاجتماعات والمؤتمرات وفي الرسائل الخاصة التي كان يتلقاها. وكان يدرس هذه الانتقادات ويعالجها معالجة ماركسية وبمنتهى الصراحة فتعود بالفائدة على الناقد وعلى الحزب كله. ولكن كان هناك بعض الناقدين الذين لم يحاولوا الاستفادة من اجوبته بل اصروا على اخطائهم. وتاريخ الحزب الشيوعي البلشفي وكتابات ستالين زاخرة بمثل هذه الاحداث. ومعروف في تأريخ الحزب قبل وفاة لينين وبعد وفاته انه كانت جماعات منظمة تعارض سياسات الحزب في عهد لينين ثم سياسات الحزب في عهد ستالين صراحة في المؤتمرات وفي اجتماعات اللجنة المركزية وفي المكتب السياسي للحزب. وكانت هذه الجماعات معروفة وتمارس انتقاداتها جماعة او افرادا. فكانت كتلة الاشتراكيين الثوريين اليساريين الذين اشتركوا في حكومة لينين منذ الثورة وحتى عقد صلح بريست ليتوفسك حيث انسحبوا من الحكومة احتاجا على هذا الصلح. وكانت منظمة تروتسكي وهي اكبر المنظمات الموجودة داخل الحزب والتي انتهزت كل فرصة لانتقاد سياسة لينين وستالين في الحزب والدولة. وكانت كتلة الشيوعيين اليساريين بقيادة بخارين وكانت في المرتبة الثانية من حيث قوتها داخل الحزب وكانت كتلة الزينوفييفيين وكتلة الكامينوفيين. بل ان كتلة التروتسكيين والشيوعيين اليساريين كانتا تحوزان على اغلبية اعضاء اللجنة المركزية في ١٩١٨ في ايام لينين. كانت هذه الكتل كلها تعلن عن ارائها السياسية بانتقادات مباشرة وكان على لينين ان يعالج انتقاداتهم بروحه الماركسية. وكذلك ستالين بعد لينين. وكانت اراء هؤلاء تنشر في الصحافة السوفييتية وعلى شكل كتب وكراسات بنفس الطريقة التي تنشر فيها مؤلفات لينين وستالين وغيرهما من القادة البلاشفة. ولكن ما حدث كان ان مؤيدي هذه الكتل كانوا يقتنعون باجابات لينين ثم ستالين فينسحبون من كتلهم اذ يشعرون بخطأ سياساتها. ففي المؤتمر الثامن للحزب الذي جرى في ١٩١٨ تغلب لينين على جميع هذه الكتل وخاب امل التروتسكيين والشيوعيين اليساريين في ازاحة لينين والاستيلاء على قيادة الحزب والدولة.
واذا تتبعنا هذا التاريخ نجد ان تروتسكي فرض على الحزب نقاشا عاما حول النقابات ودورها في ظروف كان الحزب في غنى عنها مما ادى الى استفتاء في الحزب حاول فيه تروتسكي ان يفرض اراءه ضد اراء لينين حول دور النقابات ولكن الحزب انحاز باكثريته الى اراء لينين فدحر تروتسكي في هذا النقاش.
وفي ١٩٢٢ بعد اتخاذ الحزب السياسة الاقتصادية الجديدة (نيب) طالبت جميع كتل المعارضة في الحزب، مثل تروتسكي، راديك، زينوفييف، سوكولنيكوف، كامينيف، شليابنيكوف، بخارين، رايكوف وغيرهم تقديم تنازلات واسعة للراسمالية الاجنبية والمحلية على اعتبار ان الدولة السوفييتية لا تستطيع بناء مجتمع اشتراكي. وقد استطاع لينين فضحهم وعزلهم واتخاذ قرارات ضد هؤلاء الاستسلاميين المرعوبين.
وفي المؤتمر الثاني عشر المنعقد في نيسان ١٩٢٣ وهو اول مؤتمر لم يستطع لينين حضوره، اقترح راديك وكراسين وهما من كتلة تروتسكي بالعودة الى الراسمالية فدحرهما المؤتمر. وقبل المؤتمر اقترح بخارين وسوكولنيكوف تخلي الدولة عن احتكار التجارة الخارجية ودفع ديون القيصر التي الغتها الحكومة السوفييتية.
وفي سنة ١٩٢٤ اصدرت الكتل المعارضة ما سمي برنامج الستة واربعين واصدر تروتسكي مستغلا مرض لينين رسالة هجوم على الكوادر الحزبية. وزع هذا البرنامج ورسالة تروتسكي على عموم الاتحاد السوفييتي مما جر الحزب الى استفتاء ثان. ولكن التروتسكيين دحروا في هذا الاستفتاء في موسكو وجميع انحاء الاتحاد السوفييتي
اقتبست هذه المعلومات من تاريخ الحزب البلشفي الذي اعتبره الخروشوفيون من مؤلفات ستالين فاصبح مستمسكا جرميا في الاتحاد السوفييتي. وهذا يبرهن على ان المعارضة كانت تتمتع بكل الحرية في ابداء رايها ونشرها في مؤتمرات الحزب وعلى نطاق الاتحاد السوفييتي حتى في ايام لينين واستمروا على ذلك في ايام ستالين وكل ما كان يطلب منهم هو الالتزام بقرارات الحزب.
دام هذا الصراع حتى سنة ١٩٢٧ حين فرض تروتسكي استفتاءا اخر على الحزب حول قرار ابادة الكولاك كطبقة ودحر اذ لم يصوت له سوى ٤٠٠٠ من اعضاء الحزب وطرد من الحزب مع العديد من اقطاب المعارضة مثل تروتسكي وزينوفييف وكامينيف وغيرهم. ثم طرد تروتسكي من الاتحاد السوفييتي. وبعد عودة الكثير منهم الى الحزب بعد الاعتراف بخطئهم استمرت هذه النقاشات العلنية في اللجنة المركزية وفي المؤتمرات. كانت كل هذه الانتقادات تجري مباشرة في الاجتماعات وعلى صفحات الجرائد. فهي نقاشات من النوع المباشر.
اما النوع الثاني من الانتقاد، الانتقاد غير المباشر، فيختلف عن الانتقاد المباشر اختلافا كبيرا. فالانتقاد المباشر يحدث في وقت حدوث ما يراه الناقد خطأ. وفي هذه الحالة لا يوجد فرق في ظروف ارتكاب الخطأ وظروف انتقاده. اما الانتقاد غير المباشر الذي ينتقد فيه الناقد خطأ وقع قبل فترة زمنية طويلة او قصيرة فيوجد فيه فرق بين ظروف ارتكاب الخطأ وظروف انتقاده. واختلاف الظروف لابد ان يؤثر على اراء ومفاهيم الناقد. ولذلك فان الانتقاد لابد ان يكون نتاجا للظروف التي يعيشها الناقد والتي تختلف عن الظروف التي كان المنتقد يعيشها. فالناقد في هذه الحالة يجب ان يدرس الخطأ في الظروف التي وقع فيها. وقد يكون من الصعب على الناقد تقمص الظروف القديمة لكي يبحث الخطأ في ظروف وقوعه. وهذا ما قد يؤدي الى وقوع الناقد في خطأ. لذا يترتب على الناقد ان يحاول قدر المستطاع ان يدرس الخطأ في ظروف ارتكابه لكي لا يقع هو ايضا في خطأ جديد.
وفي الانتقاد المباشر يستطيع المنتقد ان يدرس الانتقاد ويعالجه سواء أكان الانتقاد صحيحا ام خاطئا. واذا كان الانتقاد صحيحا فبامكانه الاعتراف بالخطأ وتبيان الاسباب التي ادت الى الوقوع به وتصحيح الخطأ بصراحة وعلى الفور.
اما في الانتقاد غير المباشر فقد لا يكون المنتقد موجودا ولا يستطيع دراسة الانتقاد والدفاع عن موقفه اذا كان الانتقاد خاطئا والاعتراف بالخطأ اذا كان الانتقاد صائبا.
لذا فان اغراض وفوائد الانتقاد غير المباشر تختلف عن اغراض وفوائد الانتقاد المباشر.
فما الغرض من انتقاد خطأ وقع قبل عشرات السنين؟ الغرض منه ليس تصحيح الخطأ كما كان الامر في الانتقاد المباشر وانما غرضه عدم الوقوع بخطأ مماثل حاليا، في الظروف الجديدة التي يعيشها الناقد.
وبما ان المنتقد لم يعد قادرا على دراسة الانتقاد ومعالجته معالجة صحيحة كما كان الامر في الانتقاد المباشر فان تحديد صواب او خطأ الانتقاد يجب ان يتخذ طابعا تاريخيا. فمن الناحية التاريخية اما ان يكون الخطأ مستمرا او يكون الخطأ قد صحح. وحين اتكلم عن الخطأ والتصحيح هنا فانا اتكلم فقط عما اعتبره الناقد خطأ وليس ما اذا كان الخطأ خطأ حقا. اذ قد يكون الناقد على خطأ وما اعتبره الناقد خطأ قد يكون صائبا.
كيف يقرر التاريخ صواب او خطا الانتقاد غير المباشر؟ يقرر التاريخ ذلك بالنتائج التي ترتبت اما عن استمرار الخطأ او عن تصحيح الخطأ. فالنتائج التاريخية السالبة او الموجبة هي التي تحدد ما اذا كان الانتقاد صحيحا او خاطئا.
لكي اشرح هذه القرارات التاريخية لا اجد الا وسيلة ايراد امثلة من الانتقادات غير المباشرة والنتائج التي نجمت عن استمرارها او تصحيحها تاريخيا.
اول مثال هو موضوع دكتاتورية البروليتاريا. فقد اصر ماركس وانجلز ولينين وستالين والاممية الشيوعية وفهد على ضرورة قيام دكتاتورية البروليتاريا كشرط لبناء المجتمع الاشتراكي. وقد افلحت دكتاتورية البروليتاريا الاولى في التاريخ في تحقيق مجتمع اشتراكي في الفترة من ثورة اكتوبر حتى ١٩٣٣ حيث امكن ان يتحقق بعد الانتهاء من القضاء على الفرع الزراعي من الطبقة البرجوازية، الكولاك او البرجوازية الزراعية التي كانت اخر عائق في سبيل بناء المجتمع الاشتراكي. واحرزت دكتاتورية البروليتاريا نجاحات لا يمكن ان تحلم بانجاز مثلها اكثر الدول الراسمالية تقدما وبمدة قصيرة لا تتجاوز ثلاثة مشاريع السنوات الخمس.
ولكن كاوتسكي وامثاله والاممية الثانية وحتى مؤلفا كتاب فهد يعتبرون هذا الاصرار على دكتاتورية البروليتاريا خطأ. اذ هم يعتقدون ان دكتاتورية البروليتاريا ليست شرطا ضروريا لبناء المجتمع الاشتراكي. وطور كاوتسكي نظرية الامبريالية العليا التي مفادها ان الامبريالية في تطورها تؤدي الى الاشتراكية، وهو ما اعتبره الباحثان صحيحا مقابل نظرية لينين حول دكتاتورية البروليتاريا. وقد تخلى الاتحاد السوفييتي عمليا عن دكتاتورية البروليتاريا صباح وفاة ستالين ورسميا في المؤتمر الثاني والعشرين الذي الغى رسميا دكتاتورية البروليتاريا على اساس انه لم يبق في الاتحاد السوفييتي من يعارض الاشتراكية وحولوا دكتاتورية البروليتاريا الى دولة الشعب كله. وادعوا انهم بذلك يقيمون اشتراكية ذات وجه انساني. كذلك تخلت اغلب الاحزاب الشيوعية في العالم عن شعار دكتاتورية البروليتاريا وفي اوروبا مثلا نشأ ما يسمى بالاوروشيوعية او الشيوعية الاوروبية التي تخلت ليس عن شعار دكتاتورية البروليتاريا فحسب بل عن اللينينية ايضا. وكان الحزب الشيوعي العراقي احد هذه الاحزاب التي تخلت عن شعار دكتاتورية البروليتاريا منذ برنامج الكونفرنس الثاني سنة ١٩٥٦ او قبل ذلك منذ اعلان باسم عن ميثاق جديد الغى به الميثاق الوطني الاول.
فكيف يقرر التاريخ صحة او خطأ الاصرار على دكتاتورية البروليتاريا من قبل ماركس وانجلز ولينين وستالين والاممية الشيوعية وفهد او قرار التخلي عن دكتاتورية البروليتاريا؟ ان التاريخ يقرر ذلك بمقارنة الانجازات التي حققتها دكتاتورية البروليتاريا والانجازات التي حققها التخلي عن دكتاتورية البروليتاريا. ففي الاتحاد السوفييتي حققت دكتاتورية البروليتاريا مجتمعا اشتراكيا وحققت الانتصار على جحافل النازية. بينما ادى التخلي عن دكتاتورية البروليتاريا الى اعادة الراسمالية بابشع صورها الى الدول التي نشأت عن تفكك الاتحاد السوفييتي. أضف الى ذلك ان الاشتراكية لم تتحق في اي مكان او بلد في العالم بعد التخلي عن دكتاتورية البروليتاريا ولم تتحقق نظرية كاوتسكي التي زعمت بان الامبريالية في تقدمها تتحول الى الاشتراكية. وقد سنحت الفرصة لوصول احزاب الاممية الثانية الى السلطة في بلدان متعددة فلم تستطيع هذه الاحزاب تحقيق واحد في الالف مما حققته دكتاتورية البروليتاريا. ونحن نعيش اليوم حكما "اشتراكيا" وصل حزب العمال البريطاني، احد احزاب الاممية الثانية، فيه الى السلطة. فما الذي حققته هذه الاشتراكية؟ اننا نعيش اليوم عصر احتلال بريطانيا مع اميركا بلدانا مثل افغانستان والعراق وهي في طريقها الى مواصلة الاحتلالات التي تفرضها الولايات المتحدة على العالم.
هنا يتضح الفرق بين الانتقاد المباشر والانتقاد غير المباشر. فالباحثان عاشا في المانيا في فترة تراجع الاشتراكية وظنا انهما عاشا في فترة دكتاتورية البروليتاريا. ولهذا نسبا المساوئ التي شاهداها في المانيا واوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي الى دكتاتورية البروليتاريا. اي انهما لم يفلحا في دراسة دكتاتورية البروليتاريا في ظروفها الحقيقية وانما درساها وفقا للظروف الجديدة التي نشأت عن التخلي عن دكتاتورية البروليتاريا.
اصر ماركس وانجلز ولينين وستالين والاممية الشيوعية وفهد على ضرورة وحتمية وجود حزب واحد فقط يمثل الطبقة العاملة في كل بلد. فهل هذا صحيح ام خطأ؟ ان الحزب اللينيني البلشفي (وهنا ارجو ملاحظة ان الباحثين يتهمان ستالين ببلشفة الحزب الشيوعي، وهو شرف عظيم لستالين لو انه كان حقا هو الذي بلشف الحزب الشيوعي. ولكن هذا الشرف لا يعود له بل يعود الى لينين. فقد بلشف لينين الحزب الاشتراكي الديمقراطي في المؤتمر الثاني سنة ١٩٠٣ حين لم يكن ستالين حاضرا فيه) هو حزب يهدف الى قيادة الطبقة العاملة في المهمة التي وضعها التاريخ على عاتقها، مهمة القضاء على النظام الراسمالي وتحقيق المجتمع الاشتراكي ثم الشيوعي. ولكي يستطيع الحزب قيادة الطبقة العاملة كلها مع حلفائها في هذه المهمة الصعبة يجب ان تتاح له فرصة توحيدها. فاذا وجد في البلد حزبان او اكثر تسمي نفسها احزابا ماركسية يعني ان هذين الحزبين او هذه الاحزاب تختلف احدها عن الاخر، اي ان لها سياسات مختلفة. اذ لو كانت هذه الاحزاب كلها ماركسية حقا وهدف الحزب الماركسي هو واحد لا يتغير لشكلوا حزبا واحدا ولما كانت هناك ضرورة لوجود اكثر من حزب واحد. ولكن وجود عدة احزاب تمثل الطبقة العاملة معناه ان كل حزب يحاول قيادة الطبقة العاملة وفقا لسياسته واهدافه. وفي هذه الحالة لا يمكن تحقيق توحيد الطبقة العاملة وقيادتها مع حلفائها في ثورة تطيح بالنظام الراسمالي وليس كما يقول الباحثان "واذا علمنا بان تأليه الدور المتميز والحاسم لشخصية السكرتير العام وقدسيته وعصمته عن الخطأ هي من السمات البارزة في الحزب البلشفي، نرى بان فهدا قد بدأ بالخطوة الاولى في سبيل بلشفة الحزب ... " (ص ١٩٦-١٩٧). فالباحثان يعتقدان ان بالامكان وجود عدة حركات ماركسية في ان واحد. ففي صفحة ٢٤٧ جاء حول التيار الماركسي او الشيوعي: "وجدت في اطار هذا التيار المجموعات التالية: الحزب الشيوعي العراقي، وحزب هيوا وحزب وحدة النضال وحزب شورش ورزكاري كورد وحزب الشعب كما برزت في فترة لاحقة جماعة النجمة وفي ١٨٤٦ تشكل حزب التحرر الوطني وعصبة مكافحة الصهيونية" . كل هذه الاحزاب في عرف الباحثين تشكل التيار الماركسي او الشيوعي، اي كلها احزاب ماركسية او شيوعية. وهذا في عرف الحزب البلشفي وعرف لينين وستالين والاممية الشيوعية وفهد خطأ فاحش. وقد يكون سبب التوصل الى امكانية وجود هذا العدد الكبير من الاحزاب الماركسية او الشيوعية هو عدم معرفة ما هي الماركسية او عدم الاعتقاد بان الماركسية نظرية علمية.
الماركسية هي علم القوانين الطبيعية التي تتحكم في حركة المجتمع الانساني. وهذه القوانين مستقلة عن ارادة الانسان نشأت منذ نشوء اول جماعة انسانية في تاريخ الكرة الارضية وتحكمت في حركة المجتمع بدون ان يفلح الانسان في اكتشافها الى ان اكتشفها ماركس وانجلز فكان اكتشافهما هو الاشتراكية العلمية تمييزا لها عن سائر النظريات الاشتراكية التي انتشرت في اوروبا في ايام كارل ماركس ثم اطلق عليها انجلز اسم الماركسية. واستمرت هذه القوانين تفعل مفعولها بعد اكتشافها وما زالت حتى يومنا هذا وستبقى ما دام هناك مجتمع بشري على الارض شئنا ام ابينا. والفرق بين السلوك البشري قبل اكتشاف هذه القوانين وبعدها هو ان المجتمع كان يتحرك وفقا لمفعولها بصورة غير واعية قبل اكتشافها فاصبح في مقدور المجتمع ان يسير حسب مفعولها بصورة واعية بعد اكتشافها. والماركسي هو الانسان الذي يستطيع ان يحدد الاتجاه الذي تفرضه هذه القوانين في اللحظة المعينة ودفع المجتمع في هذا الاتجاه. وبما ان الاتجاه الذي تفرضه هذه القوانين في المجتمع في لحظة معينة هو اتجاه واحد فقط فلا يمكن ان يكون ماركسيان يدفعان المجتمع في اتجاهين مختلفين في الوقت ذاته. وعلى هذا الاساس قرر معلمو الماركسية والاممية الشيوعية وفهد وجود حزب واحد فقط يوجه الطبقة العاملة في الاتجاه الصحيح في البلد الواحد. فليس كل حزب يسمي نفسه ماركسيا او شيوعيا هو فعلا حزب ماركسي او شيوعي. وهذا يذكرني بالمثل الشعبي العراقي "مو كلمن سخم وجهه صار حداد". ولكن الباحثين يعتبران ان من الممكن وجود عدة احزاب ماركسية اي عدة ماركسيات جنبا الى جنب وهذا ما دفعهم الى انتقاد لينين مثلا عن موقفه تجاه كاوتسكي على اساس ان كاوتسكي كان الماركسي الاول بعد ماركس وانجلز. وهذا حقيقة ثابتة واكبر دليل على ذلك ان مخطوطات ماركس التي لم يستطع انجلز نشرها سلمت الى كاوتسكي وهو الذي حقق اصدار الجزء الرابع من كتاب الراسمال في ثلاثة مجلدات باسم نظريات القيمة الزائدة. ولم ينكر لينين على كاوتسكي هذا المركز بل اعترف به. كان كاوتسكي القائد المعترف به للاممية الثانية ولكنه كان من ابرز قادة الاممية الثانية الذين انحازوا في الحرب العالمية الاولى الى البرجوازية. ففي ١٩١٢ اتخذت الاممية الثانية قرار الحرب ضد الحرب ولكن حين اندلعت الحرب لم تنفذ الاممية الثانية قرارها وانحاز كل حزب من احزابها الى برجوازيته في الحرب بحجة الدفاع عن الوطن. فاصبحت احزاب الاممية الثانية تحارب بعضها بعضا خلال هذه الحرب. كان معنى هذا تخلي كاوتسكي عن الماركسية ولهذا شن لينين هجومه على كاوتسكي في مناسبات عديدة واشهرها كتابه كاوتسكي المرتد. وفي هذا الكتاب اقتبس لينين من كاوتسكي الماركسي للرد على اراء كاوتسكي المرتد. فهل لينين هو الملام لانه انتقد كاوتسكي ام ان كاوتسكي هو الملام لانه تخلى عن الماركسية؟
وعلى النطاق المحلي انتقد الباحثان فهد انتقادات كثيرة ومنها قوله في المحكمة "كنت وطنيا قبل ان اكون شيوعيا وحين اصبحت شيوعيا اصبحت اكثر مسؤولية" ولكن الباحثين لم يضعا انفسهما في موقع فهد للحكم عليه. كان فهد واقفا امام المحكمة التي اتهمته بانه تخلى عن وطنيته حين اصبح شيوعيا واصبح عميلا لدولة اجنبية. فما كان عليه الا ان يؤكد للقاضي عن شعوره الشخصي بان الشيوعية لم تضعف وطنيته بل عززتها. فهل هذا يستوجب من الباحثين انتقاد فهد؟ وهل كان على فهد في راي الباحثين ان يسكت عن الرد على القاضي او ان يعترف بانه تخلى عن وطنيته حين اصبح شيوعيا؟ وهل هذا يستوجب ما جاء في الصفحة ٢٥٧ من الكتاب "ولابد في نهاية هذه الفقرة ان نشير الى بداية المقتطف من محاكمة فهد حول الوطني والشيوعي. يشوب الانسان شعورا (الخطأ النحوي للباحثين) بأنه اذا ما قرأ هذا النص اي وطني عراقي غير شيوعي سيشعر وكان الشيوعي يريد ان يقول له: انا اكثر منك شعورا بالمسؤولية ازاء الوطن وقضايا الشعب من جهة، كما ان الشيوعي، عندما يقرأ هذا النص سيشعر وكأنه اكثر وطنية من الانسان الوطني الاخرغير الشيوعي من جهة اخرى. وهذه المقارنة كانت وما تزال تثير الناس من غير الشيوعيين، اذ انها لم تبق في هذا الاطار فحسب، بل اصبح الشيوعي يشعر وكأنه اكثر عمقا ووعيا واكثر صوابا في افكاره وسياساته من الاخرين وانه يمتلك الحقيقة كلها بفعل نظريته العلمية."؟ أترك للوطنيين غير الشيوعيين وللوطنيين الشيوعيين الجواب على هذا السؤال.
يوجه الباحثان انتقادا الى النظام الداخلي او الى فهد واضعه حول مبدأ المركزية الديمقراطية اي اعتماد مبدأ خضوع الاقلية لقرارات الاكثرية. "ولكن هذا المبدأ لا يعتمد خضوع الاكثرية للاقلية في قرارات القيادة المركزية للحزب فحسب، بل ويمنع على الحزبي ان يطرح وجهة نظره الخاصة، اذا كان ضمن الاقلية، خارج اطار خليته او هيئته الحزبية او التبشير بها، رغم التزامه وتنفيذه لقرار الاكثرية، اي لا يسمح هذا المبدأ للاقلية بالتعبير عن رأيها او نشره او التصريح به، اذ يعتبر ذلك ضمن عملية الاخلال بالمركزية الديمقراطية وبوحدة الارادة والعمل في الحزب الشيوعي، وان ذلك سيدفع بالحزب الى فوضى فكرية ويعرقل عمليا تنفيذ القرارات. ويفترض تنفيذ هذا المبدأ بما لا يتعارض مع العمل السري." (ص ٢٣٣)
ان الباحثين لا يشرحان للقارئ كيف يلتزم عضو الاقلية بقرار الاكثرية وينفذه وفي الوقت نفسه يبشر بآرائه الخاصة. فهل يعني الالتزام بقرار الاكثرية وتنفيذه الموافقة عليه او معارضته في التصويت في الخلية فقط ام يعني ان الالتزام بقرار الاكثرية وتنفيذه التبشير به والدعاية له ليس خارج الخلية فحسب بل في المجتمع كله لاجتذاب الناس الى الحزب استنادا الى قرار الاكثرية؟ فهل يقوم عضو الاقلية بالدعاية لاراء الاكثرية ثم تبيان رايه الشخصي بمخالفته في الوقت ذاته؟ للعضو الحزبي ان يبدي رأيه في خليته او هيئته الحزبية ولكن الالتزام بقرار الاكثرية يعني نشره والتبشير به خارج اطار الخلية او الهيئة الحزبية. فهل التبشير براي الاكثرية والتبشير براي الاقلية في الوقت ذاته لا "يدفع بالحزب الى فوضى فكرية ويعرقل عمليا تنفيذ القرارات"؟ أترك للقارئ الاجابة على ذلك.
يقتبس الباحثان قول فهد "ان الحزب ليس هدفا بحد ذاته بل هو الاداة الفعلية والوسيلة الضرورية لتحقيق الاهداف التي يناضل من اجلها" (ص ٢٣٣) ومن هذا ينجم ان من حق الحزب ان يضع "المستلزمات الجوهرية في مثل هذا الحزب ليتسنى له اداء مهمته بحيوية عالية" (ص ٢٣٣)
وقام الحزب في وضع هذه المستلزمات التي يتطلبها تنفيذ مهامه واحدى هذه المستلزمات كما يراها الحزب هي المركزية الديمقراطية وخضوع الاقلية لقرار الاكثرية. والحزب منظمة اختيارية من حقها ان تضع شروط القبول في عضويتها سلفا فمن وافق عليها دخل الحزب ومن رفضها فليس ثمة ما يجبره على دخول الحزب. وهذا حق كل منظمة وكل ناد وكل مؤسسة. فاذا قبل شخص شروط عضوية الحزب واصبح عضوا فيه عليه ان يلتزم بها والا أخل بها. واذا اراد الاخلال بها فالباب مفتوح امامه لترك الحزب وانذاك لا يوجد من يطلب منه عدم ابداء رايه والتبشير به بكل حرية او الانتماء الى منظمة ليس من مستلزماتها خضوع الاقلية لقرارات الاكثرية. ولذا فان من يخل بالشروط التي قبلها قبل دخول الحزب يعتبر مخلا "بالمركزية الديمقراطية وبوحدة الارادة". هل في ذلك اي ظلم او قسر في ان يقوم الحزب بطرد العضو الذي اخل بالتعهد الذي اخذه على نفسه للحزب قبل دخوله فيه؟
ولكن لقرارات الاكثرية ايضا شروطها. وقد اشار فهد في "حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية" اليها، حين بحث موضوع الاقلية الصائبة والاكثرية الخاطئة. ولم الاحظ اشارة الباحثين الى هذا الموضوع. فحسب رأي فهد يوجد صواب وخطأ في قرارات الحزب الشيوعي. فما هو مقياس الخطأ والصواب؟ ان المقياس الوحيد هو الماركسية. فاذا كان قرار الاكثرية مخالفا للماركسية كانت الاقلية المتمسكة بالماركسية هي الاقلية الصائبة. فالاقلية التي تبني موقفها على الماركسية هي الصائبة رغم كونها الاقلية العددية وان الاكثرية هي الخاطئة رغم اكثريتها العددية. واورد فهد مثالا تاريخيا على الاقلية الصائبة والاكثرية الخاطئة.
كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي بقيادة لينين جزءا من الاممية الثانية، او الاممية الاشتراكية. وكان موقف الاممية الثانية لدى اندلاع الحرب العالمية الاولى مخالفا للماركسية، ومخالفا لقرارها الماركسي الذي اتخذته سنة ١٩١٢ ، قرار الحرب ضد الحرب. وكان الحزب الاشتراكي الروسي بقيادة لينين الحزب الوحيد الذي تمسك بقرار الاممية الثانية لسنة ١٩١٢ فعارض الحرب واعتبرها حربا عدوانية ورفع شعار اسقاط حكومته المشتركة في الحرب. فكان قرار الحزب الاشتراكي الروسي بقيادة لينين قرار الاقلية الصائبة. فانفصل حزب لينين عن الاممية الثانية ودعا الى تشكيل اممية جديدة تتمسك بالنظرية الماركسية خلافا للاممية الثانية التي تخلت عن الماركسية. ورغم ان احزاب الاممية الثانية الاخرى كلها اعلنت شعار الدفاع عن الوطن وتجميد الاممية الثانية الى ما بعد الحرب اتخذ اشخاص منها موقفا ماركسيا فعارضوا الحرب وامتنع النواب منهم عن المصادقة على الميزانيات الحربية مما ادى الى اعدامهم وهؤلاء كانوا اقلية صائبة. كما تشكلت اثناء الحرب احزاب استجابت لدعوة لينين ولكنها لم تكن من القوة بحيث تحقق ما حققه حزب لينين من اسقاط البرجوازية واستلام السلطة منها.
وليسمح لي القارئ بان اتجرأ فابحث عن تجربة شخصية للاقلية الصائبة والاكثرية الخاطئة. فبعد ثورة ١٤ تموز حين اطلق سراحنا من السجون طلب الحزب من المتبقين من اعضائه اليهود اعلان اسلامهم من اجل البقاء اعضاء في الحزب. وامتثل بعضهم لطلب الحزب فبقوا اعضاء في الحزب الشيوعي. ولكني كنت منذ اللحظة الاولى ضد هذا الطلب وتمردت على طلبه. وعلى نفس الاساس الذي اعتبره لينين واعتبره فهد اساسا لتمييز القرار الصائب عن القرار الخاطئ، اي الماركسية، اتخذت قراري. فاليهودي كالمسلم والمسيحي والصابئي لم يتخذ ديانته بارادته بل لانه ولد في عائلة يهودية او مسلمة او مسيحية او صابئية. وحين اصبح كل من هؤلاء ماركسيا لم يعد يتمسك باي من هذه الديانات. ولكن الطلب من اليهودي ان يطلب رخصة من الله عن طريق امام الجامع بان يعلن بانه امن بان الدين الاسلامي خير الاديان لكي يبقى شيوعيا، طلب لا علاقة له بالماركسية وهكذا كان قراري هو قرار الاقلية الصائبة ولو انني كنت الوحيد فيها وكان طلب الحزب قرار الاكثرية الخاطئة.
يؤكد الباحثان انهما ساهما طويلا في تمجيد فهد وتقديسه واعتباره اسطورة ومعصوما عن الخطأ الى ان تخلصا من كل ذلك واخذا على عاتقهما انتقاد فهد فيما يريانه من اخطائه. وهذا حقهما اذ ان الانتقاد حق مطلق لا قيود فيه. ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو متى استطاع الباحثان ان يؤمنا بقدسية فهد ومعصوميته عن الخطأ؟
ان تمجيد فهد او تقديسه اذا احب الباحثان انتهى في الواقع في فترة قيادة بهاء الدين نوري (باسم) التي انتهت سنة ١٩٥٣. ولا ادري ان كان الباحثان يتذكران تلك الفترة من حياة الحزب الشيوعي. فقد رفع اسم باسم الى اعنان السماء في تلك الفترة. ولم يكن باسم يتحلى بشيء من التواضع بحيث يرى في فهد قائدا خاصا بل كان يرى انه فاق فهد وتعداه. وكان من ابرز ما فعله في هذا الصدد انه الغى الميثاق الذي اقره مؤتمر حزبي بجرة قلم ووضع بدلا منه ميثاقا لم يكن يحتوي على اية صفة من صفات ميثاق فهد. ولكن فهد فرض نفسه على الحزب والشعب بكفاءاته وشخصيته وقيادته. وما ان اعتقل باسم حتى اختفى اسمه وظهر وكأنه قزم امام فهد الماركسي الكبير. وبعد فترة قيادة باسم اصبح تمجيد فهد تجارة يتاجر بها الحزب ولا يستفيد من تجارب قيادة فهد واراء فهد وانجازات فهد. واذا تتبعنا المقالات التي تظهر اليوم بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس الحزب نرى اكبر برهان على هذه التجارة. فجميع المقالات تبدأ بالتحدث عن فترة قيادة فهد للحزب ومحاربته للانتهازية وارائه الصائبة وقيادته الحكيمة بحيث ان الحديث عن فترة فهد يستغرق ٨٠% من المقال. وبعد التحدث قليلا عن ثورة تموز يكتفي الكاتب بعبارات عامة لا محتوى لها كاستمرار مكافحة الانتهازية واستمرار قيادة الحزب الصحيحة بدون ذكر اي حدث معين منذ ١٩٦٣ وحتى تحرير العراق على ايدي الجيوش الاميركية البريطانية وسبب ذلك يرجع الى ان ليس للحزب ما يستطيع ان يفخر به في هذه الفترة ولا يستطيع ان يذكر شيئا من مواقفه السياسية في هذه الفترة لانها كلها مواقف يخجل الحزب نفسه من ذكرها. وكل ما يفخر به هو عدد الضحايا والشهداء. فتقديس فهد ينبغي ان يكون الاستفادة من برنامجه وسياسته وارائه وتجربته في القيادة. ولكن الحزب ترك كل هذه الامور ولم يبق سوى التمجيد الكلامي باسم فهد. لذا فان تمجيد فهد لم يعد الان سوى سلعة تجارية يبيعها الحزب لقاء خدع الناس به واجتذابهم اليه. ويبدو لي استنادا الى اعمار الباحثين ان التقديس الذي مارساه هو من هذا النوع وليس التقديس الحقيقي لفهد ولقيادته.
وردت في الصفحة ٤٩٣ من الكتاب الفقرة التالية:
"لم يكن الحزب الشيوعي العراقي وحده يواجه بعض المصاعب الجدية في إطار الحركة الشيوعية العالمية، بل شاركته جميع الاحزاب الشيوعية في العالم، التي كانت لها علاقات بالحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي والاممية الشيوعية، اي بالمدرسة الماركسية ـــ اللينينية، ومن ثم بالمدرسة الستالينية. ويبدو لنا بان من حق الجميع ان يناقشوا اليوم هذه المسائل بحيوية عالية وبحرية تامة ومسؤولية كبيرة ودون تعقيدات او تقييدات وحرج او تردد، اذ ان الهدف منها استخلاص الدروس من الماضي غير البعيد، من الماضي الذي ما يزال يعيش في الذاكرة، الماضي الحاضر في الفكر والممارسة والموجه لهما احيانا غير قليلة، الماضي الذي تؤلهه وتتمنى عودته نسبة غير قليلة من الشيوعيين، هذا الحنين الى الماضي الذي لا ولن يعود، ولكن في مقدوره ان يكون بدروسه نافعا للحاضر والمستقبل. وتزداد حاجة الانسان وحنينه الى الماضي عندما يعيش اوضاعا اكثر صعوبة واكثر ترديا في مختلف المجالات." (ص ٤٩٣)
انها حقا لنصيحة بالغة الاهمية يجب ان نستفيد منها لدى دراسة الاوضاع المتردية التي نعيشها في الحاضر. والشعب العراقي يعيش اليوم اقسى هذه الاوضاع المتردية، اوضاع الاستعمار المباشر والاستعباد الامبريالي والحرب العالمية الثالثة ورغبة الولايات المتحدة في عولمة راسمالها عن طريق استعباد العالم كله. فما هو الوضع الحالي من حيث موضوعنا الاساسي، موضوع الحركات الماركسية او الشيوعية؟
اذا درسنا اوضاع الحركات الماركسية بالطريقة التي درس فيها الباحثان اوضاع الحركات الماركسية في فترة قيادة الرفيق فهد نرى ان العراق زاخر اليوم بالحركات الماركسية. فهناك الحزب الشيوعي العراقي الذي حقق شعار الجبهة العريضة التي ساهمت في تحرير العراق من حكم صدام بالتعاون مع الامبريالية الاميركية والبريطانية وهو يناضل ضمن هذه الجبهة لتحرير العراق من الامبريالية الاميركية والبريطانية عن طريق النضال من الداخل تحت قيادة بريمر لتحقيق الاستقلال التام في نهاية حزيران القادم. وهناك الحزب الشيوعي ـــ الكادر الذي يؤمن بماركسية الايمان بالله، والحزب الشيوعي العمالي الذي يؤمن بماركسية منصور حكمت، والحزب الشيوعي ـــ القيادة المركزية الذي يؤمن باشتراكية بدون دولة، وهناك الحزب الشيوعي الكردي الذي خصخصه سكرتيره العام فجعل من ادبيات الحزبين الشيوعي العراقي والكردي شركة خاصة تدر عليه الارباح الطائلة، وهناك حزب انبثاق العمال الشيوعي الذي لا اعرف شيئا عن برنامجه، وهناك الاممية الرابعة التروتسكية. ولا ادري ان كان حزب جلال الطالباني يدخل ضمن الحركات الماركسية كما ادخله الباحثان ضمنها في عهد قيادة فهد. ولا ادري كم من عشرات الاحزاب الموجودة في الساحة السياسية العراقية حاليا يدخل ضمن الحركات الماركسية. وهناك العشرات من الاحزاب الوطنية التي يجب التعاون معها بطريقة غير طريقة فهد و"عباراته النابية". فهناك مثلا حزب المؤتمر بقيادة احمد الجلبي وحزب اياد علاوي الذي اطلق عليه الشاعر الشيوعي سعدي يوسف اسم جزار ١٩٦٣ وهناك الحزب الملكي الهاشمي والاحزاب والمرجعيات الاسلامية الخ.. وكلها احزاب وطنية تهدف الى تحقيق استقلال العراق من هذا الاستعمار الجائر وتوجيهه في الوجه التي تقتضيه مصالحها. لذا فان احدها يجر بالطول والاخر يجر بالعرض ويصدق القول هنا اذا كثرت الملاليح غرقت السفن. فهل يعتقد الباحثان ان بالامكان تحقيق وحدة الحركات الماركسية هذه وتحقيق جبهة وطنية تضم كافة الاحزاب الوطنية لغرض تحرير العراق؟ وهل يستطيع الحزب الشيوعي العراقي الذي تخلى عن الماركسية وتخلى عن سياسة فهد والاممية الشيوعية ولينين وستالين ان يحقق شيئا من هذا القبيل؟ لا ادري ان كان عراقي واحد يستطيع الاجابة على هذا السؤال بالايجاب.
فماذا يحتاج العراق الحاضر استنادا الى خبرة الماضي اذن؟ ان الشعب العراقي يحتاج اليوم الى فهد اخر، الى حزب لينيني بلشفي وستاليني اذا شاء الباحثان. الى حزب يستطيع ان يوحد الطبقة العاملة العراقية والفلاحين ويميز بين الاحزاب الوطنية والاحزاب الرجعية ذات المصالح المرتبطة بالمصالح الامبريالية. الشعب العراقي يحتاج الى حزب يفضح السياسات الانتهازية وغير الماركسية المنتشرة حاليا في الساحة السياسية. الى حزب يعترف بان العراق قد اجتاز مرحلة الثورة البرجوازية منذ ثورة تموز وفقا لميثاق فهد الوطني وان يضع هدفه الاساسي الهدف الذي حدده فهد، هدف القضاء على نظام الحكم البرجوازي الموالي للامبريالية الاميركية البريطانية وتحقيق دكتاتورية البروليتاريا، حزب يكافح جميع الحركات الانتهازية ويقضي عليها بنفس الطريقة التي اتبعها فهد.
وليست هذه الحاجة مقتصرة على الشعب العراقي وحده بل هي حاجة جميع شعوب العالم التي تريد التخلص من هذا الغول الاميركي الذي يريد استعباد العالم كله عن طريق حربه العالمية الثالثة. فالشعوب بحاجة الى اممية اخرى اشد مراسا واكثر خبرة من الاممية الشيوعية توحد الاحزاب البلشفية في الصراع الهائل الذي تحتاجه الشعوب من اجل تحررها.
فاي الطرق ستسير بها الشعوب ومنها الشعب العراقي؟ اتسير في الطريق التي ينصح بها الباحثان ام بالطريق الثورية الحقيقية التي لا يمكن تحرر الشعوب بدونها؟
حسقيل قوجمان
٢٣ آذار ٢٠٠٤



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتفال الاول بعيدنا الوطني الجديد
- من وحي كتاب فهد (الحلقة التاسعة) فهد الستاليني
- مرحلة الثورة الاشتراكية وموعد اعلانها
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثامنة) الجبهة الوطنية والنضال ضد ا ...
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السابعة) العقيدة الجامدة
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة) الستالينية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الخامسة) الميثاق الوطني
- من وحي كتاب فهد، الحلقة الرابعة - احتكار الماركسية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثالثة) ثورة اكتوبر
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثانية)العبودية المقيتة
- من وحي كتاب فهد - الحلقة الاولى
- المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي
- زوار موقعي الاعزاء
- جواب على رسالة ! حول الحزب الشيوعي الاسرائيلي
- لماذا مادية ديالكتيكية؟
- رسالة مفتوحة من حسقيل قوجمان الى آرا خاجادور
- ديمتروف والانتقال السلمي الى الاشتراكية
- حينما يصبح البتي برجوازي شيوعيا
- سياسة الاحلاف والجبهات بين الماركسية والانتهازية
- عبادة الشخصية بين المادية والمثالية


المزيد.....




- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من وحي كتاب فهد (الحلقة العاشرة) الانتقاد، اغراضه وفوائده