أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - طلال شاكر - انقلاب8 شباط الدموي..1963 بداية تاريخ لرحلة ..الموت..والدم.. والعذاب.. والخراب..!؟















المزيد.....

انقلاب8 شباط الدموي..1963 بداية تاريخ لرحلة ..الموت..والدم.. والعذاب.. والخراب..!؟


طلال شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 2551 - 2009 / 2 / 8 - 09:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في ذلك الشتاء المرير من عام 1963 كان العراقيون على موعد مشؤوم مع بداية تاريخ دامي سيقلب الموازين الفكرية والسياسية والاجتماعية لبلدهم ويعبث بمسقبله ويدميه ويخربه عقوداً مضنية. كان انقلاباً مسعوراً بقيادة وتدبير وتأمر اقلية متعصبة حاقدة وهي خليط من فئات وانحدارات اجتماعية متناقضة في افكارهاومسلكها وانتمائها أسمترأت العنف والانتقام والثأر المنفلت والارهاب المفتوح للوصول الى غاياتها وأهدافها تحت راية القومية كمشروع سياسي برؤية فكرية وسياسية متطرفة من خلال تواطئها وتنسيقها مع قوى أجنبية وأقليمية وعربية استشعرت خطراً من النظام الجمهوري ونهجه الرافض لنفوذها والمهدد لمصالحها . كان التحالف السياسي الذي قاد الانقلاب في اساسه اتفاق وتعاقد بين كيانات وكتل سياسية وشخصيات اهمها حزب البعث، القوميون العرب، (وعسكريون محافظون) واسلاميون متطرفون ومغامرون انتهازيون، ولكن الذي تحمل المسؤولية الحاسمة في صنع هذا الانقلاب وقيادته هو حزب البعث ومناصريه..لقد اظهرت تجربة الانقلاب وسلطته التي دامت 9 اشهر بشكل مباشر وفعلي ضيق الافكار القومية وسطحيتها وعجزها وتخبطها في التعامل الاولي مع فكرة الدولة والمجتمع، وظهر أن الانقلابيين لايملكون برنامجاً وطنيا لقيادة الدولة المجتمع وراهنوا بأندفاع مفرط على مرتكزات العنف والقسوة كخيارين وارادة لاخضاع المجتمع وقد سخروا اجهزة الدولة لتحقيق غاياتهم ولسحق خصومهم السياسين وتصفيتهم فكريا وجسدياً وبالذات الشيوعيين الذين تلقوا ضربات قاصمة وأمتلاًت بهم السجون والمعتقلات وعوملوا بوحشية فاقت بدرجات حجة (مقاومة الثورة) الذي تذرع به الانقلابيون لتبرير اجرامهم، فالكثير من القياديين والكوادر والمناصرين تمت تصفيتهم لاحقاً خارج ظروف المقاومة التي كانت في جزء منها أندفاعا شعبياً عفوياً انخرطت فيه جماهيرواسعة للذود عن الزعيم عبدالكريم قاسم وجمهورية تموز..لقد ارست تجربة انقلاب شباط النزعات القومية المتشدة في احتكار السلطة، ورفض الاخر، وتغييب المختلفين سياسين معهم، وتحطيم مفهوم الحركة الوطنية الذي كان في العهود السابقة عنوانا لنشاط وطني متعدد الاتجاهات والافكار..احزاب منظمات، شخصيات، قيم. ثقافة وطنية ، تقاليد، صوت سياسي، تعددية سياسية... وكان هذا الاجراء هو الاخطر الذي لم تستطع تخطي اثاره وتداعياته القوى السياسية العراقية عقوداً طويلة، ومنهياً بذلك الارث السياسي العراقي ومرتكزاته الحية في البلاد، كما لجأت الى تحطيم مرتكزات القانون والقضاء وقايضته بالمحاكم الصورية والاحكام التعسفية بالموت خارج القانون وخارج حتى المحاكم الشكلية التي اصطنعوها، وحلت مليشيات الحرس القومي محل القوى الرسمية في تنفيذ اهداف الانقلابيين في الملاحقة والقتل والتعذيب دون اي غطاء قانوني اوعرفي ودون اي وازع أخلاقي أو انساني، فأرتكبت مجازر وانتهاكات وتعديات يندى لها الجبين ويخجل منها التاريخ. لقد استخدمت سلطة 8 شباط التجربة القمعية وبأجراءاتها واًساليبها السالفة للنظام الملكي في مكافحة خصومه السياسيين بصورة اشد وبأرادة سياسية جامحة، فكان الانهاء السياسي والتصفية الجسدية واعتقال النساء بشكل جماعي واستخدام التعذيب المدروس في اخذ الاعترافات وفرض البراءة السياسية والفصل من العمل وقتل ضحاياهم ودفنهم في مقابر مجهولة وبسرية تامة ، كما وشنوا حرباً شوفينية ضد اكراد اقليم كردستان العراق رغم تأييد واعتراف ومباركة القيادة الكردية انذاك لانقلابهم ، وسعوا الى نثر بذور الطائفية ونزعاتها المهلكة وتأصيل فكرة ومفهوم المناطقية والعشائرية لصالح مكون اجتماعي ومحافظات بعينها وأذكاء النظرة الدونية بحق مكونات اخرى من منطلق سياسي وأجتماعي متعالي، واستبدل مفهوم المواطنة الحرة بعبودية الولاء العقائدي المطلق للحزب ولقيم البداوة والتخلف ، وسحقت الحقوق الشخصية للمواطنين من خلال الاعتقالات والانتهاكات الكيفية واحتقرت كل قيم التسامح والشهامة والعفو والرحمة ونكلت بخصومها بقسوة بالغة خارج نطاق الاقتصاص والعدل القضائي ولاقى مؤسس الجمهورية العراقية الشهيد عبد الكريم قاسم معاملة مشينة وموقفاً غيرلائقا لايستحقه محارب نبيل واجه وتلقى رصاص جلادية بشجاعة ورجولة سامية عندما جرى بكل دونية رفع رأسه من شعره والبصق بوجهه وهو جسد لاحياة فيه وبملابسه العسكرية في نقل تلفزيوني حي دون خجل أوحياء أو ذرة من احساس انساني..؟ هذه هي كانت اخلاق وسلوك قيادة انقلاب شباط البعثية وهذه كانت رسالتهم الهمجية الاولى لشعبهم وامتهم...!؟ و كان هذا في اليوم الثاني للانقلاب وبنفس الخسة والدناءة جرت تصفية قادة الحزب الشيوعي تحت التعذيب الهمجي بعد ان فشلوا في اخضاعهم وكسر صمودهم.... ولم يكتف دعاة الحرية والاشتراكية بماصنعوا من مأسي وويلات فقاموا برد الاعتبار لبقايا الاقطاعيين وملاكي الاراضي المستبدين والظلمة الذي انتزعت ثورة الرابع عشر من تموز حيازاتهم غير المشروعة من الا راضي الواسعة وتوزيعها على فقراء الفلاحين، وواصلت سلطة شباط سعيها المحموم نحو تصفية المكتسبات الاجتماعية بألغاء القوانين المناصرة للشغيلة وألكادحين كقوانين الضمان الاجتماعي والتشريعات النقابية التقدمية كمااوقف العمل بقانون رقم ..80 الذي اعاد للعراق حقوقه النفطية من الشركات الاحتكارية الاجنبية ... لقد اختطت سلطة شباط البعثية لتجربتها مفهوم احتكار العمل السياسي والسلطة السياسية وأقصاء الاخر كمدخل لتنفيذ المشروع القومي المزعوم وغدرت بأقرب حلفائها القوميين الذين شاركوها الانقلاب وغدو من ضحاياها .. لقد فتحت تجربة شباط الطريق أمام المغامرة السياسية والعسكرية وبنت ثقافة المؤامرة وتدبير المكائد وأفساد الذمم وأصلت ثقافة البطش والعنف والاغتيال السياسي والاكراه والديماغوجية والكذب والتزوير والمال في الوصول الى الغاية السياسية دون اي اعتبارات او قيم اجتماعية متوازنة، وليس صدفة ان يطلق الرئيس الاسبق العراب أحمد حسن البكر لاحقاً على انقلاب شباط الذي صادف في التقويم الهجري يوم الرابع عشر من رمضان تسمية (عروسة الثورات)، لانها التجربة الرائدة الاولى في وصول حزب البعث الى السلطة والتي حينذاك ضمنت تصفية الخصوم والمنافسين السياسيين على السلطة مستقبلاً وبخاصة الشيوعيين والوطنيين ومن الجيش تحديداً.. وهذا ماتحقق فعلياً وهو مامهد عملياً لنجاح انقلاب 17 تموز68 ومن هنا كان مغزى الاشادة وهذا التوقير (لثورة) كانت في المعيار السياسي مهزومة وفاشلة لكنها كانت التجربة الذي استند على ارثها الفكري والسياسي المشروع البعثي اللا حق.. الذي بنى مشروعاً سياسياً قائماً على الاستخدام الوحشي لقوة السلطة برؤية عقائدية وسياسية متطرفة وبقيادة دكتاتور دموي متخلف..ان التجربة البعثية في17 تموز1968هي الوليد السياسي
والفكري والاجتماعي لانقلاب وتجربة ومكائد ومؤامرة 8 شباط1963 بكل ماتعنيه الدلالة من معنى وقصد مباشر. وعندما نستذكر هذه التجربة الدموية ونعيد روايتها بعد مرور 46 على قيامها، فأننا نرسم البدايات التاريخية الملموسة كدرس وعبرة وفهم الظروف والكيفية التي نما فيه العنف وانفلت الى هذه الحدود المرعبة.. بوصفها بداية تشكل ثقافة الاستخدام الوحشي للقوة كرؤية ومنهج عقائدي والذي بدأ به ومارسه لاول مرة في تاريخ العراق الحديث حزب سياسي من خلال السلطة بتخطيط وارادة سياسية واعية هو حزب البعث العربي الاشتراكي..لقد سقطت سلطة وتجربة حزب البعث الاولى بعد 9 اشهر من قيامها تحت وطأة تناقضات داخلية سياسية حزبية وعزلة ورفض شعبي لها، وكان لانتفاضة معسكر الرشيد في 3 تموز وتباين الموقف منها اثراً مهماً ساعد على تأجيج الاحتدامات والتناقضات في جسم سلطة البعث وعجل في المواجهة العسكرية بين اجنحتها المتصارعة فسقطت في 18تشرين 1963 يلاحقها الخزي والعار ولعنة التاريخ على اثر انقلاب قاده الغادرالدموي عبد السلام عارف... لم يستفد البعثيون الذين عادوا الى السلطة ثانية في 1968من فشل تجربة شباط ونهجها الدموي وفكرها القوماني المتطرف، بل كرروه وزادواعليه وساروا على ذات النهج المشين الذي استولد لهم دكتاتوراً وسلطة ارهابية في خدمته وادخلوا العراق في حروب، ومعضلات، واستعبدوا العراقيين بالاكراه العقائدي والعنف المنظم وسلموا العراق في 2003 مدحورين خاسئين الى غير رجعة.. خراباً. محطماً. وشعباً. مقهوراً. وقيماً. مهدورة. في النهاية تهاوى البعث وفكره ونهجه ومشروعه الى قاع مزبلة التاريخ مدحوراً اثماً، متهماً، قاتلاً ..اما الشهداء من ضحاياه فهم أعزة وشرفاء وابطال في ضمائر العراقيين.....

طلال شاكر سياسي وكاتب عراقي



#طلال_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة الطب النبوي..ودجل المروجين له..؟
- فروسية وثقافة النعلْ...لاتصنع بطلاً..ولاقضية..؟
- بلاغ اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ... ومداخل ...
- احاديث المدينة..ديوان جديد لقصائد تتراقص حزينة على شفاه الشا ...
- يوم انتفض اللواء 432 في جبهة زين القوس 1982 .....
- أما اَن للشيعة ان ينتفضوا على غربتهم..!
- مناقشة وتأمل في رؤية الامين العام للحزب الشيوعي العراقي وشعا ...
- القيادة الكردية... بين خلل الرؤية... وخطل الحسابات..!؟
- السيد مسعود البارزاني الحرب الاهلية الحقيقية ستندلع اذا جرى ...
- ألراي الحر.. لايستدع كل هذا التبرم والضيق من الدكتور كاظم حب ...
- رسالة الدكتور كاظم حبيب المفتوحة الى السيد مسعود البارزاني.. ...
- المادة..140 ..لاتحل مشكلة كركوك... بل المادة.... تفاهم عراقي ...
- الاحتلال.. والمقاومة.. والتحرير ..عناوين.. لخطاب سياسي متناق ...
- الاسلام العراقي يقود العراق نحو الهاوية
- القوة الصماء في عهدة قائد ملهم
- التاسع من نيسان 2003 تاًملات في اطلالة تاريخ
- حسن العلوي ابن حقيقته
- سر الرجولة التي أثبتها صدام للشيخ أحمد زكي يماني
- صالح المطلك ينوح على صروح الدكتاتور.
- حين توارى رئيس جمهوريتنا الطالباني في منتجع دوكان


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - طلال شاكر - انقلاب8 شباط الدموي..1963 بداية تاريخ لرحلة ..الموت..والدم.. والعذاب.. والخراب..!؟