أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - السفير مختار لماني والمواطنة العراقية!















المزيد.....

السفير مختار لماني والمواطنة العراقية!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2550 - 2009 / 2 / 7 - 08:59
المحور: حقوق الانسان
    


السفير مختار لماني والمواطنة العراقية!
عبدالحسين شعبان
2009-02-02
يمتاز الدبلوماسي المغربي مختار لماني، الذي عمل سفيراً لمنظمة المؤتمر الإسلامي لسبع سنوات في الأمم المتحدة بحذاقة عالية وخبرة كبيرة وحساسية شديدة إزاء استخدامه المصطلحات، فطيلة العام الذي قضاه في العراق، وضع مسافة محددة وواضحة بينه وبين جميع الأطراف في الحكومة ومعارضتها، بين القوى المنخرطة في العملية السياسية أو ممن يتحفظ عليها أو يرفضها، لذلك لقي احترام وتقدير جميع الأوساط لصدقيته وتنزّهه عن الغرض وحرصه على إيجاد توأمات ضمن حدود الممكن للخروج من النفق المظلم الذي وصلت إليه أوضاع البلاد، لاسيما التطهير المذهبي والعرقي واستشراء مظاهر العنف والإرهاب والقتل على الهوية، إضافة إلى مشكلات الاحتلال ذاته والوجود العسكري الأميركي، وما تركته السياسات الخاطئة والضارة ليس على صعيد أوضاع الحاضر، بل على صعيد أوضاع المستقبل.
لقد حمل الدبلوماسي «المغامر» قلبه معه وجاء إلى بلاد الرافدين غير آبه بالمفخخات والمتفجرات والعبوات الناسفة والعدائية لدى البعض إزاء العرب والعروبة، مجرداً من أية رغبات ذاتية أو خاصة، سوى حبّه للعراق وأهله وانتمائه إلى هذه المنطقة، فقبل منصب سفير جامعة الدول العربية، وجرّب حظّه بالعمل المتفاني (باعتراف الجميع) عسى أن يفلح في الوصول إلى مساهمةٍ في وصل ما انقطع أو لحم ما تمزق، أو إيجاد حلول تسهم في تعزيز المواطنة وتتعامل معها أساساً في عراق المستقبل.
ولعل فكرة المواطنة التي كانت عنواناً لتحرك لماني في العراق لها أكثر من دلالة: الأولى، أنها موضوع راهني، وأصبح مطروحاً على بساط البحث، لاسيما في ظل التجاذبات الكثيرة التي حوله داخلياً وخارجياً، وبحكم الاصطفاف والاستقطاب الذي كرسه بول بريمر في صيغة مجلس الحكم الانتقالي العام 2003 وما أعقبه من تقسيمات طائفية ومذهبية وإثنية؛ والثانية لأن هناك التباساً نظرياً وعملياً بشأن فكرة المواطنة، لاسيما في مواقف الجماعات والتيارات الفكرية والسياسية والدينية والقومية المختلفة، الأمر الذي يحتاج إلى تكريسها والدعوة لها بديلاً عن مبدأ المحاصصة والتقاسم الوظيفي؛ والثالثة، أن إشكالية المواطنة بدأت تحفر في أساسات الدولة والهوية، خصوصاً بعد الاحتلال، الأمر الذي يجعل من الضروري إدارة حوار فكري ومعرفي حولها، وطالما حاول لماني باتصاله مع الجماعات والتنظيمات والزعامات المختلفة من العرب والأكراد والتركمان والكلدوآشوريين، والمسلمين والمسيحيين والصابئة واليزيديين وغيرهم، إضافة إلى رؤساء العشائر والقبائل، أن يشركها في صلب القضايا ذات الاهتمام وصولاً للمشترك الإنساني القائم على أساس اعتماد الهوية العراقية؛ أما الرابعة، فعلاقة المواطنة بفكرة حقوق الإنسان، خصوصاً بمبدأ المساواة وحق المشاركة وقضايا العدالة، وبشكل خاص عندما وصلت مهمة لماني إلى طريق مسدود في العراق، قرر على مضض تقديم استقالته لعدم وجود إمكانية ولو بحدها الأدنى لمواصلة مشواره المغامر.
لكن لماني الذي عشق المغامرة والحرية قرر أن يعود إلى العراق من بوابة أخرى هذه المرة، وهي بوابة المجتمع المدني ليواصل التحدي الذي قرر اختياره رفيقاً له، لاسيما وأن هناك قضايا إشكالية يعتقد أن دوره ما زال قائماً ليسهم في إيجاد حلول ومعالجات ومصالحات حقيقية بشأنها وعلى أساس مبدأ المواطنة، خصوصاً أن العراق عانى طويلاً، وما زال، من سياسات خاطئة واستبدادية وحصار دولي جائر وحروب وقوانين غليظة وغياب دور المجتمع المدني.
هكذا بدأ نشاطه مجدداً بصياغة تقرير عن «الأقليات في العراق» بدعم من إحدى المنظمات الكندية ذات الصدقية العالية وفي بلد لم يكن شريكاً في الحرب، خصوصاً بعد لقائه بالأحزاب والقوى السياسية وبعشرات من الشخصيات السياسية ذات الوزن المؤثر وعدد من الملَكات الثقافية والفكرية والقومية والدينية، سواء خلال وجوده في العراق طيلة عام تقريباً (2006–2007) ثم زياراته إلى كردستان العراق ولقاءاته بعدد من العراقيين بمن فيهم مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، إضافة إلى شخصيات في عمان ودمشق وبيروت والقاهرة وغيرها. وخلال اللقاءات العديدة مع لماني، وللأمانة التاريخية، لمست منه ثلاث قضايا:
الأولى: موضوعيته وعدم انحيازه لصالح طرف ضد طرف آخر، حتى وإن كان لديه وجهات نظر أخرى أو لا تتفق مع بعض الأطروحات بلا أدنى شك، مثل الأطروحات الطائفية أو العشائرية أو الجهوية أو الدينية المتعصبة أو غيرها، إلا أنه ظل يستمع ويحترم الجميع ويقدر دورهم.
الثانية: احترامه لجميع القوى والتيارات السياسية والفكرية والدينية والقومية ووضعه مسافة مناسبة من الجميع، دليل حياديته ورغبته في أن يكون وسيطاً مستقيماً ونزيهاً وأن يصل إلى النتائج المرجوة لتعزيز الوحدة الوطنية العراقية القائمة على مبدأ المواطنة.
الثالثة: انحيازه للعراق وحبه لشعبه وصداقاته مع جميع أطرافه وشعوره أن العراق الواحد الموحد، يمكن أن يعزز ويعمق التداخل والتفاعل الفسيفسائي الموزاييكي بين أغلبياته وأقلياته، بين أديانه وطوائفه، وبين تياراته الفكرية والسياسية، لاسيما إذا اتسم بالتعايش بين جميع المكونات، وعدم الرغبة في التحكم أو تقديم ما هو خاص على ما هو عام، وقد سبق له أن أكد ذلك في لقاءات تلفزيونية وصحافية، سمعتها وقرأتها على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، فلماني لم ينسَ أن هناك حقوقاً لتكوينات عراقية كانت مهضومة أو تعرضت إلى الانتهاك، الأمر يدفعها بل يلح عليها أحياناً، للحصول على ضمانات لاحترامها، مع وجود رغبات لدى البعض في تجاوزها، للحصول على مكاسب أو مزايا في ظل الأوضاع المنفلتة.
إن سعة أفق الدبلوماسي وتمرسه في العمل الفكري والحقوقي، وقراءاته للمستجدات والمتغيّرات، وانسجاماً مع المعطيات الكثيرة، هي التي تقف وراء تقديمه تقريره الأثير «الأقليات في العراق»، الذي ينبغي أن يُنظر إليه في إطار فكرة المواطنة، التي يسعى إلى تفعيلها وتعزيزها، بحيث تكون مواطنة عضوية، تستوعب الأقليات باحترامها وتأمين حقوقها ودورها المتفاعل مع الأغلبيات التي ينبغي عليها أن تؤمن من جهتها العلاقة المتساوية والمتكافئة مع الأقليات، على أساس المواطنة، وهذا الأمر يحتاج هو الآخر إلى حوار جاد ومسؤول من أطراف عراقية أولاً وأخرى عربية ودولية أكاديمية وفكرية وثقافية وسياسية.
وإذا كان لماني قد استقال من وظيفته كممثل وسفير لجامعة الدول العربية بسبب عدم توفر المستلزمات الأولية لنجاح مهمته كما قال في حينه، فإنه لم يستقل من مهمته الإنسانية، تلك التي جعل عنوانها رغبته في تعزيز وتفعيل المواطنة العراقية من خلال بحث معمق في قضايا وحقوق الأقليات وهو ما تذهب إليه الأمم المتحدة في إعلان حقوق الأقليات الصادر عام 1992.
فحسب لماني هناك نحو 15 أقلية لبلاد ما بين النهرين، لاسيما بتعاقب الحضارات، ويشير إلى معاناتها، خصوصاً حملة النزوح والتهجير، حيث اضطر نحو %90 من الصابئة إلى ترك منازلهم ونحو %60 من المسيحيين، الأمر الذي يسهم في تدمير النسيج المجتمعي، فضلاً عن حياة المنافي القاسية لأوساط عراقية واسعة، لاسيما من الطبقة الوسطى والكفاءات العلمية.
وقد سبق للسفير لماني أن حذر من الاختراقات الإقليمية، وكان يرى ضرورة عقد مؤتمر دولي تحت إشراف دول كبرى لم تشترك في الحرب على العراق، حيث سيكون له إيجابيات عديدة، مع الأخذ بنظر الاعتبار دور الأمم المتحدة وبمشاركة من جميع المنظمات الدولية المعنية، خصوصاً بتوفر فرصة جادة للحوار بين جميع العراقيين دون إقصاء أو تهميش أو عزل سياسي وتحت أي أسباب، خصوصاً وقد تكون الفرصة سانحة بمجيء رئيس أميركي جديد، سبق أن أعلن في برنامجه الانتخابي استعداده للانسحاب من العراق خلال فترة 16 شهراً، الأمر الذي لو توفرت إرادة عراقية ودولية، لأمكن معه ضمان استقلال وسيادة العراق وإعادة بنائه ضمن مسؤولية المجتمع الدولي، وقد يكون مثل هذا المؤتمر مقدمة لمعرفة لتبادل الآراء واستمزاج وجهات النظر وصولاً إلى ما هو مشترك وعلى أساس مبادئ المواطنة واحترام حقوق الإنسان.


- جريدة العرب القطرية العدد 7540 الإثنين 2 فبراير 2009 م ـ الموافق 7 صفر 1430 هـ






#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة الكويت والمجتمع المدني
- الأكاديميون العراقيون: أليس في الصمت شيء من التواطؤ؟
- ثلاثة مخاطر أساسية تهدد الإعلاميين!
- غزة من شارون إلى أولمرت: حسابات الحقل والبيدر!
- عملية «الرصاص المنصهر»: غزة و«الثأر المبرر»!
- الانتخابات العراقية: الدستور والطائفية!!
- غوانتانامو والعدّ العكسي!
- غزة: أمتان ... بل عالمان!
- مواطنة بلا ضفاف!!
- الإعلامي والحقوقي ومن يعتمر القبعتين
- مغزى كلام بوش
- العراق وشرنقة الفصل السابع
- سريالية عراقية!
- حقوق الإنسان.. إشكاليات أم معايير؟
- ماذا يريد سانتا كلوز من أوباما؟
- حكم القانون ... من أين نبدأ؟!
- هل يتمكن أوباما من إغلاق جوانتانامو؟
- حقوق الإنسان بين التقديس والتدنيس!!
- «نفاق» حقوق الإنسان.. وقفة تأمل!
- جائزة التسامح


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - السفير مختار لماني والمواطنة العراقية!