أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - صباحكم أجمل/ وأنا الطير المشرد والأقاح















المزيد.....

صباحكم أجمل/ وأنا الطير المشرد والأقاح


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 2549 - 2009 / 2 / 6 - 06:58
المحور: الادب والفن
    


بوابة المسجد الأموي من سوق الحميدية

بعدسة زياد جيوسي


[url=http://www.servimg.com/image_preview.php?i=132&u=12018225][img]http://i61.servimg.com/u/f61/12/01/82/25/dscf2810.jpg[/img][/url]


صباحكم أجمل/ وأنا الطير المشرد والأقاح

يوميات دمشقية 3

بقلم: زياد جيوسي

هي رام الله والعشق الذي لا يفارقني، الدروب والياسمين المتعربش على الجدران، هوائها العليل الذي يحمل في نسماته كل عبق الوطن من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق للغرب، حملتها معي في جولتي الدمشقية لمدينة أعشقها وأبعدني الزمن عنها عقوداً، فما أن أنهيت جولتي في الشام، حتى كنت أسارع بعد إنهاء عملي في عمّان بعد عيد الأضحى مع الأسرة والأهل للعودة بشوق، فلم يتح لي التجوال فيها ومعانقتها والتفيء تحت شجرة بركة إلا يوماً واحد. لأصبح بعدها طريح المشفى وأنتقل لعمان لمواصلة العلاج، ومع كل الألم لم تستطع رام الله أن تغيب يوماً عن القلب والروح، كما لم تغب الشام يوما رغم مرور العقود والسنوات، وما أن تحسنت بشكل معقول حتى كنت أهمس لطبيبي الفنان الرائع: هلا سمحت لي بزيارة رام الله ولو لأيام؟ فلن يتم شفائي إن لم أتنشق عبق ياسمينها، إن لم أعانقها وتسدل شلال شعرها الأسود على أكتافي، ومن بين شلاله أتأمل قمر وجهها المنير، فرق قلبه لهذا العاشق لمدينة، فسمح لي بالسفر لأسبوع وأعود لمواصلة العلاج، فمازجت بين عشق رام الله ودمشق وحب نابلس، حين تجولت فيها بعد محاضرة مطولة ألقيتها حول استخدام الرمز في النقد السينمائي و الأدبي، فهي المدينة التي حرمت منها بسبب الاحتلال سنوات طويلة، وفي أحيائها القديمة ولهجة أهلها المميزة أشعر أني في الشام، وكان الجمال يتدفق حين تناولت وصحبي الغداء في مطعم فندق الياسمين، فتذكرت مطعم البيت الدمشقي في الشام، فنمط البناء متشابه والياسمين بعض من الجمال الذي ينثر في الفضائات بعض عبقه والجمال.

بين ياسمينات رام الله وجماليات نابلس كنت أستعيد ذاكرة الأيام الدمشقية، الأيام التي كانت في نهاية تشرين الثاني من العام الفائت، ولتشرين دوما كان في الماضي ارتباط خاص بالشام، فهو يسكن تلافيف الذاكرة وعبق الروح، فتذكرت أني كرست اليوم الرابع من زيارتي لمخيم اليرموك، تجولته بالكامل سيرا على الأقدام مع زوجتي، وكم كنت سعيداً بلقاء العديد من الأصدقاء والأحبة، ومن جمعني وإياهم التاريخ السابق، ومن جمعني بهم القلم والأدب، وكنا قد استقبلنا في الصباح الكاتبة السورية الرائعة أماني ناصر، وكان لقائنا الأول مواجهة بعد معرفة طويلة عبر القلم والأدب ومواقع الشبكة العنكبوتية، ففوجئت بحجم اللطف والخلق الذي تحمله روحها، وسعدت بلقائها كما سُعدت بها زوجتي، ولوقت لم نشعر به مع القهوة تمتعنا بالحوار الأدبي والفني، ولم تغادرنا إلا بموعد في اليوم التالي لنجول فيه برفقتها أحياء دمشق وأسواقها.

ما أجمل الشام، فكيف حين يلتقي الجمال مع عشق قديم وراسخ في القلب، هكذا شعرت في اليوم الثاني ونحن نجول أحياء دمشق القديمة برفقة الكاتبتين أماني ناصر ونزهة الحج، وشعرت بالصفاء الروحي وأنا أصلي بالمسجد الأموي، وأقرأ الفاتحة على روح صلاح الدين الأيوبي في مقامه، وعبق التاريخ في المدرسة العزيزية وقلعة دمشق، أحياء دمشق وأسواقها، المسكية والقباقبية والساروجة والمرجة وأحياء كثيرة مذهلة بالجمال، مذهلة بعبق التاريخ، ولم نشعر بالتعب حتى جلسنا في العصر في مقهى جميل وقديم يحمل اسما جميلا هو النوفرة، فارتحنا كثيرا وجلنا رئة أسواق الشام، سوق الحميدية بزواريبه وتقاطعاته وأقسامه، فمن حسن الحظ أنني وزوجتي برفقة فتاتين من بنات المدينة، يعرفنها جيدا ويمتلكن الروح المشرقة ككاتبات وحسن الضيافة وجمالها كدمشقيات أصيلات.

لم نفترق إلا بعد تناولنا العشاء جميعاً في مطعم البيت الدمشقي، فقد بلغ منا التعب مبلغه، والرغبة بالطعام ازدادت للمأكولات الدمشقية الطيبة، فكانت جلسة جميلة حفلت بالروح المرحة للكاتبة والصديقة أماني ناصر ومقالبها المرحة بالطيبة نزهة، وودعناهم على أمل لقاء آخر ونحن نشعر بالامتنان لهذه الجولة والنهار الجميل، وأكملت وزوجتي المسير، ورغم التعب لم نشعر بالرغبة في العودة للبيت، فتجولنا في الشوارع متمتعين بالنسمات الدمشقية الناعمة، ولم نعد إلا متأخرين لليرموك بعد أن تناولنا بوظة بكداش الشهيرة، فألقينا حقائبنا، ونزلنا نجول في شارع اليرموك وصفد وغيرها إلى وقت متأخر بعد منتصف الليل لنعود مرهقين جدا لكن الفرح يجتاحنا.

الجمعة كان اليوم التالي، حتى العصر بقينا في المخيم حيث صليت الجمعة في مسجد يحمل اسم مدينة صفد الفلسطينية المغتصبة، لنخرج ونجول في شوارع دمشق شبه الخالية بحكم العطلة الأسبوعية، ونحتسي القهوة في مقهى هافانا، وأكتب هناك كماً من الملاحظات على ورق استعرته من المقهى، لنكمل طريقنا في المساء إلى نادي الصحفيين لحضور حفل تكريم لشعراء فائزين، وكم سُعدنا هناك حين فاجئنا الصديق الصحفي والإعلامي مؤيد عبد القادر والصديقة الكاتبة الرائعة ماجدولين الرفاعي، بالإعلان عن وجودي وتكريمي، فاندفق الدم إلى وجهي خجلا من هذه المفاجئة دون أن ينسى أن يشير وهو ابن الرافدين أنني درست في بغداد وشربت من مياه دجلة، وكان الفرح حين سلم عليّ عدد كبير من الكتاب الذين يعرفوني واعرفهم من خلال القلم، وسعدت أيضا بكم من الكتب التي أهدوها لي مع حروف منبثقة من أرواح محلقة، ومنهم على سبيل المثال الشاعر منذر عبد الحر، انتصار سلمان، مادلين اسبر وغيرهم الكثير، وفرحنا بلقاء الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد الذي التقيته مرة في بغداد، والفنان الرائع جميل الروح رائع الصوت سعدون جابر، وذكرته بلقائنا الأول في عام 1974 وسهرتنا في حديقة الجنينة في بغداد، وأغنية طيور الطايرة التي غناها بتلك الفترة، إضافة للشاعر السوري أحمد جنيد، وآمل أن يسمح لي الوقت بالكتابة النقدية عن بعض من هذه الروايات والقصص والدواوين الشعرية الجميلة، لنكمل السهرة بعد الحفل على عشاء أصرت الأخت الغالية ماجدولين على دعوتنا وأبنائها إليه، فكان عشاء رائع مع أناس رائعين، وكانت الياسمينة المتعربشة على الجدار خلفي تمنحنا جميعا جمالا يزيده القمر المنير في السماء فوقنا.

هي الشام جلتها وروح طيفي برفقة لم تفارقني، حروفي الخمسة تسكب الجمال شذاً وعبقاً، وعمّان وبغداد ترافقني، ورام الله تسدل شعرها الجميل على أرواح المدن وروحي، فأجلس في هذا الصباح العمّاني بعد أن حضرت من رام الله بالأمس، أجلس إلى شرفتي متأملا السماء الصافية التي تشتاق للغيم والمطر، أحتسي قهوتي وحروفي الخمسة تشاركني بها، أستمع لشدو فيروز:

"أصوات أصحابي وعيناها ووعد غد متاح، كل الذين أحبهم ذهبوا رقادِ واستراحوا، فأنا هنا جرح الهوى، وهناك في وطني جراح، وعليك عيني يا دمشق فمنك ينهمر الصباح، يا حب تمنعني وتسألني متى الزمن المباح، وأنا إليك الدرب والطير المشرد والأقاح".

عمّان 4/2/2009


*****

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.comhttp://www.arab-ewriters.com/jayosi



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع كلام غير مباح للقاصة ميسون أسدي
- صباحكم أجمل غزة وجراح في القلب
- الذاكرة المثقوبة حقل من الألغام
- صباحكم أجمل/ سائليني يا شآم - يوميات دمشقية 2
- لوحة ذكريات الروح للفنان: د محمود صادق
- صباحكم أجمل آه يا شام - يوميات دمشقية1
- صباحكم أجمل / سماح.. يا بلد
- من وحي -خميلُ كَسَلِها الصّباحيّ-
- صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا
- زياد جيوسي بذاكرته يوثق اللحظة في الصورة
- صباحكم أجمل الطيبة ورفقة وطن ومطر
- صباحكم أجمل/ أرصفة رام الله والعشاق
- هذيان صباحي
- وداع الأم الياسمينة بقلم: خالد محاميد
- صباحكم أجمل وداعا يا أمي.. أيتها الياسمينة
- الرواد وكارفان وذاكرة السينما
- سمر حزبون: إبداع العدسة والجسد
- صباحكم أجمل حنين وذاكرة
- صباحكم أجمل شام يا ذا السيف
- سعاد.. للقاصة: عدلة شداد خشيبون


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - صباحكم أجمل/ وأنا الطير المشرد والأقاح