أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - بالرقص... يقشّرون أوجاعَهم!














المزيد.....

بالرقص... يقشّرون أوجاعَهم!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2549 - 2009 / 2 / 6 - 09:43
المحور: المجتمع المدني
    


فى مقالى السابق، الذى بكيتُ فيه جمالَ مصرَ القديمَ حتى الستينيات الماضية، الذى اِستُبدِلَ به الآن قبح على الأصعدة كافة، البصرية والسمعية والفنية والسلوكية والفكرية والبيئية والسياسية، عاتبنى بعضُ الأصدقاء لقولى إن الراقصةَ فى أفلامنا القديمة كان راقيةً سلوكًا ولفظًا، قبل أن تدهمَ مصرَ تلك السوقيةُ التى نخرتِ الشارعَ المصريّ، الذى كان بالأمس أحد أجمل شوارع العالم. قالوا فى تعليقاتهم، بالموقع الالكتروني لجريدة المصري اليوم، إن الرقصَ ابتذالٌ وعهرٌ! وتساءلوا كيف لكاتبةٍ مثلي، جعلتِ المرأةَ والارتقاءَ بها قضيتَها الأولى، أن تقول إن الرقصَ فنٌّ راقٍ؟!
والحقُّ أن لا شيءَ رفيعٌ فى ذاته أو مبتذلٌ. الرقيُّ والابتذالُ يحصلان من كيفية تناول هذا الشيء، وأسلوبية صناعته. كلُّ فنٍّ حقيقيّ هو بالضرورة راقٍ، وكلُّ زائفٍ هو ركيكٌ ومبتذلٌ، ولو كان يجسّدُ الفضيلةَ ذاتَها. ذاك أن الفضيلةَ تأبى أن تمرَّ إلا عبر الحقيقيّ، والعكس صحيح.
فالفنُّ التشكيليُّ، مثلا، منجزٌ إبداعيٌّ إنسانيّ. سيكون راقيًا حين يخرج من ريشة فنانٍ حقيقيّ، ويكون ركيكا مبتذلا حينما يتطاولُ عليه مُدّعٍ لا يعرفُ أسرارَ اللون والفضاء والخط. اللوحةُ التى تصوّرُ امرأةً عارية، لن تكون مبتذلةً بسبب مضمونها الذى قد يراه السلفيون باخوسيًّا إباحيًّا، لكنها ستكون ألفَ مبتذلةٍ إذا ارتكبتها ريشةٌ ضحلةٌ غيرُ موهوبة. وإلا فكيف نصنِّفُ لوحات أوجست رينوار؟ لم ير أحدٌ من نقاد التشكيل فى العالم فى نساء رينوار العاريات أيَّ لونٍ من الإثارة أو الابتذال. بل على النقيض من ذلك، حُسبَت له براعتُه فى تجسيد براءةِ حواءَ ورقيِّ أنوثتها. ذاك أن ريشتَه المدهشةَ تجبرُ عينَ المُتلقى ألا تتوقفَ عند العُريّ، بل تخترقه إلى حيث الجوهر الفاتن الشفيف للأنثى فى أجلى مستويات صفائها الروحيّ والجسدي. هنا فنٌّ حقيقيّ. ومن ثَم هنا رقيُّ وعلوّ. الشيءُ ذاته ينسحبُ على الفنون كافة، مثلما ينسحب على الرقص، بكلِّ ألوانه. أصدقاؤنا الغاضبون الذين لم يروا فى الرقص إلا صدورا وخصورا، لم ينظروا إلا إلى القشرة التى تحمى جِذْعَ الشجرةِ من الرطوبة والحشرات. لكن فتنةَ الرقص، تكمنُ فى نَسْغِه الخبىء، المُحاط بألفِ سياجٍ لا يقدرُ على اختراقِها إلا عينٌ مدربةٌ على تعاطى الفنِّ وتقديره. من قُدّر له أن يزورَ شعوبَ أمريكا اللاتينية يعرفُ كيف حَلَّتْ تلك البلادُ الفقيرةُ مشاكلَها الوجوديةَ، بل الاقتصاديةَ بالرقص. تصوروا أن بلدًا فقيرا مثل فنزويلا دخل موسوعة جينيس بوصفه الشعبَ الأكثرَ سعادة فى العالم! رأيتُ بعينى كيف يكدّون بالنهار، وبالليل يقشّرون عنهم أوجاعَهم بالميرينجى والسالسا والسامبا! واذكروا معى كيف وظّف هنريك إبسن رقصةَ التارنتيلا الإيطاليةَ فى «بيت الدُّمية» ليمهّدَ لصفقة بابٍ هزّت أركانَ الدنيا، لتعلنَ أن المرأة ليست دُميةً، بل كيانٌ راقٍ بديع يستحق أن يُقَدَّس. واذكروا أيضًا تانجو التى رقصها آل باتشينو فى «عطر امرأة» وهو كفيف، ليعلّمنا أن الرقصَ مُهذِّبٌ الروحَ. وانظروا كيف جعل يوسف شاهين الرقصَ يعالجُ أدرانَ النفس، فى فيلم عن العلاّمة ابن رشد. ثم انظروا الآن إلى نيللى كريم، كيف رسمتْ تابلوهاتٍ فادحةَ العذوبة على موسيقى «انت عمري» لعبد الوهاب. صنعت الباليرينا النحيلةُ برقصتها لوحةً شرقيةً غربيةً رعوية بدويةً هنديةً أسبانيةً. فى ثلاثِ دقائقَ قدّمت لكَ العالمَ. العالمَ الأجملَ الذى لم نره بعد.المصري اليوم 2/ 2/ 2009



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجميلةُ التي تبكي جمالَها
- صخرةُ العالِم
- يُعلّمُ سجّانَه الأبجدية في المساء، ويستسلم لسوطه بالنهار
- حين ترقصُ الأغنيةُ مثل صلاة
- من أين يأتيهم النومُ بليلٍ!
- هنا فَلسطين!
- لا يتكلمُ عن الأدبِ مَنْ عَدِمَه!
- سارة
- المرأةُ، كبشُ الفداءِ اليسِرُ
- لِمِثْلِ هذا يذوبُ القلبُ من كَمَدٍ
- أغنيةٌ إلى فينسينت
- هذه ليستْ تفاحة!
- هذه هي الكواليس، سيدي الرئيس
- أنا مؤمن والمؤمن مُصاب، بس انتم لأ!
- ليلةُ غفران
- ليلةٌ تضيئُها النجوم
- الرغيفُ أمْ القيثارة؟
- أنتِ جميعُ أسبابي!
- خلسة المختلس
- العصافيرُ ستدخلُ الجنة


المزيد.....




- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - بالرقص... يقشّرون أوجاعَهم!