أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - العلمانية بين خصومها وانصارها















المزيد.....

العلمانية بين خصومها وانصارها


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 2547 - 2009 / 2 / 4 - 08:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العلمانية هي اليوم اكثر المصطحات شيوعاً وانتشاراً ، وكذلك جدلاً وتطبيقاً بين دعاتها والمتبنين فكرتها، وبين الإسلاميين الذين يرونها مخالفة للدين والدستور الإسلامي، حيث أن الدين الإسلامي قد شرع كل شئ لمقتضيات الحياة، وبين في القران الكريم والسنة النبوية الشريفة، ما يؤسس لحياة الإنسان ، من تطور واستمرارية ونهوض بمتطلبات الحياة، وكيفية التعامل مع القضايا الجوهرية والمصيرية التي تواجه الإنسان وقد وضعت له منهجاً خاصاًَ وطريقاً معبداً ، للحيلولة دون الوقوع بمأزق ومعضلات يصعب حلها.
ولذلك يرى الإسلاميون بأن العلمانية تحد واضح للإسلام، ومخالف في الوقت نفسه لتعاليم الإسلام الواضحة ،وكل من خالف الشريعة ودستورها المقدس، يجب على المسلمين عدم الالتفات اليه، والانصياع الى اوامره ، كونه يسعى الى هدم الدين وطمس تراثه، وحث الناس على تركه . اما العلمانيون فقد قالوا بعكس هذا الرأي تماما، حيث يرون ان الدين نابع من العلمانية، وان العلمانية هي أساس الدين، بل أن هناك قواسم مشتركة مابينهما، حتى ان بعضهم قد وضع كتاباً اطلق عليه اسم ألدين العلماني وهو الدكتور عبد الكريم سروش، قد يرى هذا المفكر وسواه من العلمانيين : ان هناك التباس وعد م فهم لمصطلح"العلمانية" بشكله الصحيح والايجابي يقول الدكتور عبد العليم محمد "لا يقتصر مفهوم العلمانية على فصل الدولة واستبدال الأساس الديني بين الفرد والدولة بأساس يقوم على حقوق المواطنة، بالمعنى الدستوري القانوني وانما يمتد ليشمل مشروعاً تاريخياً قد يبدأ بأبسط المبادئ، ولكن ليستوعب التغير الحاصل في طبيعة مجتمعاتنا منذ دخولها في اطار التعبية الاقتصادية والسياسية للغرب. فحقوق المواطنة لاتقتصر فقط على حقوق التعبير الحر والاختيار المطلق للعقيدة والتعبير عنها ، وانما كذلك حقوقه الاجتماعية في الاقتصاد والثقافة والسلطة، أي حقوقه في إطار انتمائه الاجتماعي في إطار الاستقلال الوطني والاقتصادي عن التبعية للغرب".(1)
معنى العلمانية :
كلمة العلمانية(secularism) مشتقة من الأصل اللاتيني(secuium) ويعني الفريق او الفئة، وقد جرى تداول هذه المفردة بمعنى العالم الدنيوي قبل العالم الروحاني والمعنوي في البلاد التي كانت يقطنها البروتستانت. اما في البلدان التي كانت تسكن من قبل الكاثوليك، كفرنسا، فقد راج استعمال مفردة(Laicite) بمعنى العلماني والعلمانية، وهي كلمة مأخوذة من كلمتين يونانيتين هما : (Laos) وتعني الشعب، وaikos)) وتعني عامة الناس في قبال رجال الدين(2).
وفي تعريف آخر ان " العلمانية تنسب على غير قياس الى العالم او العالمية (secularism) وهي نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض كل صورة من صور الإيمان الديني والعبادة الدينية, وهي اعتقاد بأن الدين والشؤون الاكليركية ـ اللاهويتة والكنسية ـ والرهبنة لا ينبغي أن تدخل في اعمال الدولة وبالأخص في التعليم العام".(3)
ويعرفها بعضهم بقوله" هي النظام الذي يضع عاجزاً فاصلاً بين القطاعين ـ الروح الزمن ـ أي نظام لا يحترم هذا الفصل سواء ترك القطاع الزمني يطغي على القطاع الروحي، او القطاع الروحي على القطاع الزمني لا يمكن أن يسمى علمانياً".(4)
وبتعبير أكثر دقة فأن العلمانية هي جملة من التدابير النظامية والقانونية، جاءت وليدة الصراع الطويل والشديد بين السلطتين والدينية والدنيوية في اوربا، واستهدفت فك ألاشتباك بينهما، واعتماد فكرة الفصل بين الدين والدولة، بما يضمن حياد الاتجاه الديني، أي دين، ويضمن حرية الرأي الفكري والعقيدة الدينية، ويمنع رجال الدين من اعطاء آرائهم وتوجهاتهم صفة مقدسة باسم الدين ومن ثم فرضها على الأفراد والمجتمعة والدولة(5). فالعلمانية ـ إذن ـ فكرة غربية مصطلحاً ومضمونا ً، وقد وفدت الى ثقافتنا العربية والإسلامية، حتى سادت وانتشرت واتسع اطارها ليشمل المثقفين بكل اتجاهاتهم في عالمنا العربي، وقد اصبح هذا المفهوم له مساس في حياتنا اليومية والعملية، ويشغل حيزاً كبيراً من افكارنا ويمس الواقع السياسي الذي تتطلع اليه النخبة.
والعلمانية من وجهة نظري هي افضل من يدير دفة الحكم في كافة بلدان ودول العالم، وذلك للحيلولة دون أن يتسيس الدين كما تسعى في ذلك بعض الدول الكبرى فيسقط الدين من اعين الناس، وذلك بسبب الضغوطات التي يمارسها بعض رجال الدين الذين تصدوا للسياسية، والعمامة تعلو هاماتهم في البرلمانات، فصار خلط واضح وما عاد يتميز رجل الدين من رجل السياسة، وهذه طامة كبرى. وعلى رأي احد الكتاب، أن رجل الدين المسيس عندما يتصدى لشغل منصباً كبيراً في الدولة ويحصل أن عاث فساداً ماليا ًاو أداريا فقدمت شكوى ضده، فأن الرجل هذا يقول لك انه: يطبق حكم الله تعالى، وانك بشكوتك هذه قد اعترضت على الله.
السياسة تحتاج الى كذب ومراوغة وخداع، وذلك تماشياً مع الواقع المفروض والطريقة التي يتبعها معظم السياسيين ورجل الدين يجب ان يكون ارفع واسمى عن الكذب والمراوغة، إذ انه يسقط في وجه الناس، ولم يبق له أي اعتبار، لذلك فأن الإمام على بن ابي طالب(ع)، عندما وصلته اخبار معاوية، وان الناس تصفه بالحنكة والمقدرة في السياسة، قال" والله مامعاوية بادهى مني، لكنه يغدر ويفجر" وهل السياسة إلا غدر وفجور اذن والحال هذه ـ فأن الدين لا ينسجم مع السياسة، وان السياسة مع الدين لاتقوم لها قائمة. اذكر على سبيل المثال ان احد رجال السياسة من العرب قال بالحرف الواحد من خلال قنوات التلفاز: أن شيعة العراق ولائهم لإيران وعندما عوتب على كلامحه هذا، ظهر في اليوم التالي وقال: لا اقصد كل الشيعة. ويعتقد بعض الباحثين بان العلمانية احتوت على جانب مشترك جامع للمعاني والمسارات المتعددة، وهذا المعنى الجامع عبارة عن الاعتقادات بعدم مرجعية الدين بالقياس الى مرجعية سائر المصادر المعرفية الاخرى ـ فهناك ، في المجتمع والأمور العقلانية والسياسية والتقنية، جهات لايمكن ، بأي وجه من الوجوه، القبول فيها بسلطة فكرية ورمزية(غيبية).للدين، ومن ثم فالدين ليس مرجعاً أساسيا في الحياة البشرية ، بل هو مرتبط بدائرة العبادات ومجال الأفراد الخاصة، وحرية الاعتقاد بالدين ، وان كانت حقاً إنسانيا ن فانه لايمكن ـ ((اعتماداً على النواحي التشريعية للدين ـ نقد الحقوق والحريات العامة للبشر المبنية على رؤية علمانية غير دينية. (6) .
وبالرغم من أن" العلمانية" كانت ـ في البداية ـ برنامجاً بمجال التعليم وتنظيم الامور الاجتماعية والسياسية الا انها وبمرور الزمان وتطورها التصاعدي، تبدلت الى رؤية كونية خاصة تملك نظرة جديدة الى العالم والإنسان، وتحمل تصوراً حديثاً للانسان ومنابعه المعرفية وكذلك غاياته واهدافه في الحياة(7).
مستقبل العلمانية :
دعاة العلمانية يتنبئون بان مستقبل العلمانية سوف يكون مزدهراً ، وانها في النهاية سوف تنتصر على الانساق والظواهر السياسية والفكرية، باعتبارها حافز ناهض وقوة كامنة، تصلح للحكومات الناجحة التي تدير كافة اشكال الدولة، حيث يكون تأثيرها على الشعب ايجابي ويعطي اوليات وحوافز ، تثمر في النهاية الى رضا الجميع وحضوة الكل، كونها لاتفرض على احد قيود واصفاد على أي عمل اوفكرة، حتى كان هذا العمل يشمل القضايا العقائدية او الفكرية ، بمعنى انها لا تتدخل في ممارسة المواطن في تبني قضايا جوهرية او مصيرية، عكس الحكومات الإسلامية تماماً، حيث تحضر هذه الأخيرة كثير من القضايا والأمور التي تراها غير لائقة ولامنسجمة مع أطروحات الإسلام، وقضاياه الجوهرية. فهي تمنع ذلك من باب الحرام والنهي، ناسية او متناسية بان هناك اقليات من الديانات الأخرى، كالطائفة المسيحية على سبيل المثال، او الايزيدية وغيرها من الديانات الأخرى. ولهؤلاء معتقداتهم وطقوسهم الخاصة، فيجب والحال هذه ، أن يمارسوا تلك الطقوس والمعتقدات من دون قيود وملابسات، تجعلهم يشعرون اذا ما احسوا بالضغط على حرياتهم بأنه مضطهدين ومبعدين، وان حريتهم منتهكة، وهذا ما يأباه العقل ويرفضه المنطق ولاتقره الإنسانية ولاحقوق الانسان. لذلك فالعلمانية تسعى الى رضا الكل واسعاد الجميع واعطاء مساحة واسعة من الحريات .وان ذلك طبعاً أي العلمانية الحقيقية لا المزيفة التي تستند الى ايديولوجيا مريضة وافكار شاذة لا تقيم أي وزن للانسان، وتحاول اقصاء كل افكار ناهضة واطر واسعة تخدم قضايا الانسان وتصب في جوهره. فهي بذلك لا يطلق عليها تسمية علمانية حقة، بل هي دكتاتورية بغيضة. وفي الاونة الاخيرة لاحظنا بعض الاسلاميين صاروا يميلون الى العلمانية، وهذه بحد ذاتها خطوة جيدة ونقطة ضوء اذا ما توسعت سوف تنير دياجي التفرد والسيطرة من قبل فئة لا تؤمن بالتعددية، وتؤمن بامور ضيقة، لكنها تعد هذه الامور من جوهر الإسلام وقضاياه المصيرية، بل هي الدين كله وقد امرت به الشريعة.




الهوامش
1-مجلة"المنار" العدد 50 شباط 1989 ، ص 89.
2-العظمة، عزيز، العلمانية من منظور مختلف، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1992ص 18.
3-البهي، الدكتور محمد، الاسلام في حل المشاكل المجتمعات الاسلامية، ص2، 1978، القاهرة مكتبة وهبة.
4-العيسمي، شبلي، العلمانية والدولة الدينية ، ط ا ولى بغداد 1986 ص18.
5-المصدر نفسه.
6-العظمة ، عزيز، العلمانية من منظور مختلف، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ، 1992ص18.
7-الواعظي، احمد، الدولة الدينية ، منشورات الغدير ط اولى بيروت 2002، ص 69.





#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الحوار
- الحرية والمساواة في فكرالكواكبي
- عيد الحكومة
- العولمة ومستقبل الانسان
- العراق في ظل ايديولوجيا الحزب الواحد


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - العلمانية بين خصومها وانصارها