أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سليم يونس الزريعي - المقاومة : تباين المفاهيم















المزيد.....

المقاومة : تباين المفاهيم


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 2546 - 2009 / 2 / 3 - 05:59
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يمكن القول أن مفردة المقاومة قد أخذت بعدا مفهوميا أحادي الجانب لدى بعض القوى السياسية ولدى المواطنين في فلسطين والوطن العربي ، ذلك الفهم الذي ينحصر في المقاومة في جانبها العنفي ( العمل العسكري ) ليس غير ، في حين أن المقاومة هي فعل شامل يتجاوز ذلك إلى كل أشكال الفعل التي تندرج في إطار رد الفعل الرافض للواقع المفروض ، أيا كان شكله ، وهو هنا واقع طارئ وعدواني ، ضد إرادة الفرد والمجموع أو أولئك الذي يقعون ضمن حدود هذا المتغير .

وفعل المقاومة هنا هو نقيض فعل العدوان ومن ثم هو رد فعل "شَرْطي " عليه، ولأنه كذلك فإن المقاومة تحدد أبعادها وآليات عملها وأساليبها شروط الواقع القائم في الزمان والمكان ، ومحددات المعادلة الجديدة للصراع ، ولذلك فإن هذه الشروط من شأنها أن تنوع أشكال النضال سواء منها المقاومة التي تندرج تحت ما يمكن أن يطلق عليها مقاومة الفعل الإيجابي ؛بأشكالها المختلفة العنفية وغير العنفية ، وكذلك المقاومة في مفهومها السلبي ، التي تندرج في إطار الرفض للعدوان وجودا ونتائجا .

وإنه لمن مجافاة الواقع أن ينحصر مفهوم المقاومة في جانب واحد منها ، وهو العمل المسلح منها فقط ، وإذا كان فعل المقاومة المسلح هو بمثابة تظهير لفعل وأساليب وأشكال المقاومة الأخرى ، إ أنه لا يمكن تجاهل أن الفعل العنفي في شكله المسلح هو أسلوب مقاومة أنضجته مجموع أشكال المقاومة الأخرى باعتباره نتاجا لتلك السيرورة ، كنقلة نوعية في إطار المواجهة بين العدوان ورفض العدوان .

ومن ثم فإن الحديث عن المقاومة يجب أن يأخذ المقاومة بأبعادها الشاملة الذي يتجاوز شكلا منها وإسباغه على أسلوب محدد بذاته منها ، بحيث يختزل جميع الأشكال الأخرى في شكل واحد ـ الأمر الذي يخرج الأشكال الأخرى من دائرة الصراع ، والتي هي في جوهرها أشكال من الغنى والتنوع ما كان للشكل العنفي من المقاومة أن يكون بدونها ، لأنه بدونها سيكون عبارة عن فعل معلق في الهواء ليس أكثر ، وهنا تبرز أهمية قراءة ووعي فعل المقاومة في مفهومه المعرفي العام والشامل .

وإذا كانت المقاومة العنفية بمستوياتها المختلفة والتي يمثل فعل الكفاح المسلح شكلها الأرقى ، فإن تكامل أشكال النضال في إطار الصراع مع العدو تحدد منسوبه وشكله جملة الظروف الموضوعية والذاتية ، التي تحكم معادلة الصراع القائم ، ذلك أن أشكال المقاومة الأخرى ، هي التي تحفظ للصراع ديمومته باعتباره دفاعا عن الذات والوجود في لحظات تراجع منسوب فعل الكفاح المسلح (العنفي ) كليا أو جزئيا ، لأسباب تتعلق بالعامل الذاتي والموضوعي ، كون العامل المقرر في ذلك هو شرط اللحظة ، التي لا يمكن فصلها عن سياقها التاريخي في الماضي والحاضر والمستقبل .

وعلى أساس هذا الوعي بالمقاومة كمفهوم وممارسة ، يمكن القول أن النضال الفلسطيني قد مارس هذا النوع من المقاومة على مدى قرن من الزمان ، وإن كان قد جرى في لحظات تاريخية معينة ، إعلاء شأن أحد أساليب تلك المقاومة على بقية الأشكال باعتبارها المظهر العام ، دون أن يتم وعي أهمية المزاوجة الإيجابية الخلاقة لتلك الأشكال والأساليب في نسق كفاحي قادر على تحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال بعيدا عن تغليب شكل ما بعينه ، واعتباره الطريق الوحيد لإنجاز تلك الأهداف ، لأن ذلك يعتبر تنازلا مجانيا عن حق ممارسة أحد أشكال النضال ، الأمر الذي يعني التفريط في أحد ممكنات القوة دون مبرر .

ولعل المثال الذي قدمه أبناء الشعب الفلسطيني الذين صمدوا في مواجهة الاقتلاع عام 1948 إلا شكلا من أرقى أشكال النضال ، ليجسدوا بذلك المقاومة ؛ بأن تحدوا قسوة الواقع آنئذ عبر الحفاظ على الذات التي هي في جوهرها مقاومة ، من خلال ممارسة فعل البقاء في مقابل النفي والاقتلاع ، عبر الحفاظ على الهوية والمقاومة " البيولوجية " ( التناسل ) ؛ الذي بات يعتبره العدو الصهيوني في حساب المستقبل وبعد ستة عقود بمثابة " قنبلة ديمغرافية " قد تفجر كيانه من الداخل .

وكون الصراع طويل ومفتوح ارتباطا بطبيعة الهجمة الصهيونية ، التي هي في جوهرها هجمة استعمارية إحلالية ،هدفها نفي الوجود الفلسطيني ليحل محله وجود آخر لمجموعة بشرية ليس بينها من رابط سوى هذا المشروع الإحلالي ؛الذي يستهدف اقتلاع الفلسطيني من أرضه ودياره ، بل والسطو على تاريخه وتراثه ، وتزييف تاريخ ليس له وجود في الواقع ، وهو ما أكده المؤرخ اليهودي شلومو زند ،من أن حكاية وجود شعب يهودي؛ هي مجرد خرافة تم اختلاقها ، ولذلك فإن حضور الذاكرة والأفكار هي جزء أساسي في فعل النضال لمواجهة هذا العدوان باعتبارها من صميم المقاومة .

ولعل السؤال من بعد هل يمكن لطرف فلسطيني بعينه أن يدعي احتكار المقاومة عبر تبنية أحد أشكالها ؟ نستطيع القول هنا ؛ أن هناك خلطا مفاهيميا ضارا ذلك الذي يختصر المقاومة في العمل العنفي المسلح على أساس أنه الشكل الوحيد ,لأنه أكثرها بروزا ، نتيجة فعله التأثيري المباشر ، في ظل وجود الأشكال الأخرى ؛ التي تتسم ببطء فعلها كونه ذو طبيعة تراكمية ، إلا أنها مع ذلك هي التي تؤسس لأي نقلات نوعية ، قد تعطي للفعل العنفي أبعاده ونتائجه الملموسة ، ومن ثم نتائجه النهائية ، ومن ثم فإن وضع أشكال المقاومة وكأن هناك تناقضا مع بعضها البعض يشكل قصورا في وعي جوهر المقاومة ، التي هي رد فعل طبيعي على الفعل العدواني ، وهو الفعل الذي هو مجموع كل تلك الأشكال الإبداعية التي يبدعها المجموع الشعبي في إطار رفضه للعدوان .

فالمقاومة العنفية ليست عملية فعل مستمر متصل لا يتوقف ، بل إنها تسير في خط بياني قد يصعد في مرحلة وقد يهبط منسوبها في فترة أخرى ، ارتباطا بشروط المعركة التي تجري بين طرفين ، والتي قد يحكمها في بعض اللحظات شروطا غير مواتية ، أو حتى شرط الضرورة النضالية في أطار موجبات المقاومة ، وإن كان الخط البياني في سيرورته العامة يبقى صاعدا ، والذي لا يجب بأي حال في أي فترة من الفترات قراءة أي فعل مقاوم ارتباطا بفترة ما ، دون قراءة التجربة التاريخية للمقاومة في كليتها ، واعتبار المقاومة في اللحظة الراهنة هي بالضرورة نتاج التراكم الكمي لكل تلك التجربة الطويلة من الفعل العنفي الذي ابتدأ مع بداية العدوان ، أي بداية الغزوة الصهيونية على فلسطين.

فالتاريخ عبارة عن حلقات متصلة ، لا يمكن ممارسة الفصل القسري أو الكيفي لبعضها عن بعضها الآخر ؛ لأن ذلك يمثل قراءة تعسفية ، كون أي تجربة نضالية بنجاحاتها وإخفاقاتها هي ثروة ؛ من الإجحاف أن يجري التفريط فيها ؛ على قاعدة أن المقاومة قد بدأت عند هذا الطرف أو ذاك في اللحظة التي قرر فيها أن يكون جزءا من العملية النضالية جابا ما قبلة من تجارب نضالية لا زالت مستمرة ، ذلك أنه لو لم يبدأ الأولون بالمقاومة ؛ فإنها ما كانت لتكون بهذا الغنى والحضور الآن ، فالتالي يبني على من سبقه بصرف النظر عن تقييم تلك التجربة .

ويبدو نوعا من الدعاية التي تصل حد " التضليل " ترويج ثقافة تنكر تجارب ووجود الآخرين ، بأن يقصر فعل المقاومة على الفعل العسكري وحده على أساس أنه الشكل الوحيد في عملية المواجهة المفتوحة مع العدو بكل أبعادها الإنسانية ، خاصة إذا كان العدوان كالذي يمثله الكيان الصهيوني ، كونه عدوان فريد من نوعه، لم يجربه أي شعب من الشعوب من قبل ، كونه يمارس في الواقع والفكر لنفي وجود الشعب الفلسطيني ، الأمر الذي يتطلب مقاومة تستجيب لشروط هذا الواقع ، ليس من أجل منعه من تحقيق أهدافه ، بل من أجل هزيمة هذا المشروع الإحلالي الذي تم بناءه على نظرية خرافية ليس لها سند من لتاريخ .

ومن ثم فإن الحاجة تصبح ماسة لدى ليس القوى السياسية الفلسطينية والعربية فحسب بل ولدى المواطن الفلسطيني والعربي ، بأن يتم وعي المقاومة اعتبارها كل ذلك ،وأن لا يجري التعامل مع أي شكل منها باعتباره نقيضا لشكل أو للأشكال الأخرى ، طالما أن الصراع مع العدو يقوم على علاقة مستمرة من النفي والنفي المضاد ، وفيما نعتقد أنه من هنا نبدأ



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربات في نتائج المحرقة
- اختيار أوباما تغيير تاريخي .. ولكن
- حماس تختزل المشروع الوطني في إمارة غزة
- حماس: إنتاج التضليل
- يسار امريكااللاتينية : نافذة للحلم والأمل
- سوريا : صلابة القلعة من الداخل هي كلمة السر
- العرّاب خدام : تغيير المواقع
- الفوضى والفلتان : فتح تعاقب فتح
- فتح وحماس : - الذات - بين الخوف والتضخيم
- فتح وحماس : -الذات - بين الخوف والتضخيم
- حماس : بين مصداقية الفعل والقول
- دموع شارون والقطعان : وحملة العلاقات العامة
- الخروج من الجغرافيا : على طريق الخروج من التاريخ
- الإرهاب الصهيوني : يوحد المشهد الفلسطيني
- ما أروعكم ياأطفال وطني
- خطاب الجماعات الإسلامية : بين الواقع والمتخيل
- الانكفاء من غزة : والفرح المؤجل ..
- القوى الديمقراطية : ودور يبحث عمن يقوم به
- حماس : والكلمة الأعلى
- قضايا الحل النهائي : والسير معصوبي الأعين


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سليم يونس الزريعي - المقاومة : تباين المفاهيم