أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - النظام الرسمي العربي ما بعد غزة يضيع بين استراتيجيات متباينة















المزيد.....

النظام الرسمي العربي ما بعد غزة يضيع بين استراتيجيات متباينة


عصام الياسري

الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 03:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النظام الرسمي العربي ما بعد غزة يضيع بين استراتيجيات متباينة

عصام الياسري


لم تأت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، دون سياقات محلية وإقليمية ودولية منها: الأزمة المالية العالمية وتفاقم انهيار السوق والصناعة الغربية واضطراب الساحة السياسية، جرى التشاور بشأنها مع بعض الأنظمة العربية التي انساقت بسبب ضغوط الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية للهرولة وراء تغطية الحرب، لتأمين مصالحها المشتركة، اسْترَاتيجياً وسياسيا واقتصادياً. كذلك البحث عن مخارج للحد من احتمالات انهيار بعض الأنظمة واتساع معاداة الهيمنة الأجنبية في المنطقة. فضلاً عن هدف إجراء تغيير سياسي في غزة بسبب الصراع المحتدم على السلطة، نَمّ عن تآمر سلطوي فلسطيني ـ إسرائيلي، وتواطؤ عربي لاجتثاث حماس تماماً وفتح الباب واسعاً أمام عباس وشلته للسيطرة على القطاع بالقوة وتأمين مركز القرار.

ولأجل كسب الأصوات في الحملة الانتخابية والوصول للسلطة، عمدت الأحزاب الإسرائيلية التي وجدت في تداعيات حرب 2006 وانتصار المقاومة اللبنانية، سبباً لرد الاعتبار سياسياً وعسكرياً، إلى تأجيج الصراع بين الفصائل الفلسطينية وتشديد الحصار ومن ثم القيام بالعدوان لتسخيره انتخابياً بحجة الدفاع والقضاء على صواريخ المقاومة الفلسطينية التي تهدد أمن الإسرائيليين الأكذوبة.

وفي أروقة الإدارة الأمريكية كثر الحديث عن وضع اِسْترَاتيجيًّات جديدة للشرق الأوسط وأفريقيا، بعيدة المدى. اقتصادياً تتجه نحو نفط الشرق وغاز أقصى الشمال الآسيوي، والسوق المالي الهائل لدول وسط وجنوب شرق آسيا وأهمه السوق الصيني والماليزي، الذي يقلق الغرب ويجعله يحد أسنانه لمواجهة الأزمة المالية العالمية التي غيرت موازين القوى بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والعالم العربي.. سياسياً فإنها تعاني من أزمة مستفحلة غير قادرة على مواجهتها تعرض مصالحها في المنطقة للخطر، سيما وأن الوضع المتأزم في العراق من بعد احتلاله عام 2003 وعزله عن محيطه العربي، بات مقلقاً لها ولحلفائها الحكام العرب اللذين يجدون أنفسهم بين المطرقة والسندان، خائفون من نمو حجم المعارضة السياسية. الأمر الذي جعلهم يراهنون على نجاح مخطط الحرب على غزة والقضاء على المقاومة ووضع حدٍ للإرهاب الذي يعانون منه، كعامل مساعد لتأمين سلطانهم.

وبعد مرور اثنين وعشرين يوماً على العدوان الإسرائيلي على غزة وسقوط أكثر من 1300 شهيد وأكثر من 5450 جريحاً، وتحويل غزة إلى مدينة أشباح تعرضت إلى أكثر من 2500 غارة جوية بربرية ألقت أكثر من 10 آلاف طن من المتفجرات الخطيرة والمحرمة دولياً، غير كميات القصف المدفعي والدبابات. انفض اجتماع القمة الاقتصادي العربي في الكويت بإصدار بيان هزيل ومتأخر لامتصاص نقمة الشارع العربي والعالمي ومواجهة قرارات مؤتمر الدوحة للتضامن مع غزة الذي نال الاستحسان وانعقد قبل قمة الكويت بأيام بعد مدٍ وجزر في مواقف دول ما يسمى بالمعتدلة.

ما يسترعي الانتباه أن بيان غزة الصادر على هامش قمة الكويت الاقتصادية لا يتضمن آلية واضحة لتنفيذ ما جاء من تطلعات لإعادة أعمار غزة، بعيداً عن الضغوط الدولية وتأثير أصحاب القرار في النظام الرسمي العربي "المعتدل" بين مزدوجين، ولا يستقرئ بموضوعية ضمان حق المقاومة في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، أو الاتجاه حقاً نحو مقاضاة إسرائيل وإحالة قادتها للمحكمة الدولية على أنهم مجرمو حرب، وتحميلهم مسؤولية ما اقترفوه من مجازر بحق الشعب الفلسطيني، خاصة وأن ذلك أصبح مطلباً أممياً وعربياً من الناحية القانونية والإنسانية.

فإلى أين يتجه النظام الرسمي العربي إذن، في ظل هذه الأوضاع وبعد كل هذه النكبة؟ وهل ثمة مخارج حقيقية يمكن أن تؤطرها قمم الجامعة العتيدة؟.. يقول المثل العربي: الشبعانُ يَفُتُ للجائع فَتَاً بطيئاً، بمعنى من لا يهتم بشأنك ويأخذ مأخذك لا يمكن أن يشعر بقسوة محنتك ويطمع لعونك. هذا هو أمر قادة العرب، فهم إن حلوا عن صمتهم فمواقفهم على دارج الحال في السر وفي العلن لا تتعدى سلعة مستهلكة لا نفع فيها لرفع الحيف عن الأمة، وإن عملوا فإن ذلك إلا من باب حفظ ماء الوجه ومن ثم العودة عن كل التزام أساء كارِه ما عَمل.

هذا واقع حكامنا باختصار رغم ما يدعوه زوراً من إخلاص للأمة والمجتمع، فكم في الحشر بين مُريد ومُراد.. مشهد انفعال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى قبل انعقاد قمة الدوحة ودخول العدوان على غزة أسبوعه الرابع، كان مثيراً للغاية، يعكس صورة النظام العربي وحقيقة مواقفه المتقلبة وغير المسؤولة. حين صرح بأنه منزعج ومحبط من الموقف العربي، وأنه سيعلن قريباً عن موقفه في اجتماع رسمي. توقع المراقبون أنه سيعلن استقالته والكشف عن جميع العورات والمساومات التي حصلت أثناء العدوان ليجلل صمود الشعب الفلسطيني بكرمه الوطني، سيما وأنه تحلى بمواقف وطنية وقومية مشرفة حينما كان وزيراً للخارجية المصرية، كسته الرفعة والاحترام أينما حل. لكن الأمين العام عاد وتراجع عن إعلان موقفه، والسبب بقى مجهولاً. فهل ثمة ضغوط قد حصلت؟ أم أن خيار "الجوكر" هو الذي قاد للاحتفاظ بالمنصب الذي يُجَل ماله وجاهه ولا يقطف بسهولة؟. يا لها من خيبة، كاد الديك أن يبيض، لكنه عاد فصم على مخرجه، ليفوت علينا فرصة معرفة أسرار سكوت الزعماء العرب على إبادة الشعب الفلسطيني في غزة وجعل مصيره قاب قوسين أو أدنى.

ومَن لا يعرف بأن النظام الرسمي العربي يعاني من مأزق، ولا يجرؤ على التفكير باتخاذ قرار عربي موحد يضع نهاية للحرب على غزة أو حل غيرها من المعضلات التي تواجه الأمة ومصالحها. فهل من المعقول أن لا تعتبر الحرب سبباً لعقد قمة، كما جاء على لسان الفيصل الذي أضاف ليس المهم عقد قمة، المهم ماذا ستتخذ القمة؟. غريب!، إذا كان الفيصل لا يعرف ماذا ينبغي أن يتخذ، فمن ذا الذي سيعرف إذن؟. وإذا كل هذه الحرب وكل هذه المجازر الجماعية والدمار، لم يكن سبباً لتحرك العرب لعقد قمة واتخاذ كل ما يلزم لإنهائها بسرعة. متى يريد الفيصل التحرك إذن؟. بعد أن ترمي إسرائيل أول قنبلة ذرية لها فوق غزة كما لوّح بعض قادتها على ذكر جريمة هيروشيما.

أن هذا النظام المتهري أخلاقياً وسياسياً وعسكريا، والمتخم بسبب تراكم كنوز المال والمجوهرات لديه، أصبح جزءاً من المشكلة وليس طرفاً في الحل. وأن جامعة الدولية العربية "ونحن لا نريد الدخول بتفاصيل تأسيسها النتن، وهي أسوأ منظمة في العالم، لا تحتمل حل النزاعات بين أطرافها، ولا تستطيع الدفاع عن مصالح أعضائها وصد أي عدوان يقع عليها. لم تعد أي فائدة لها وبها بقدر ما أصبحت كالجنازة الهامدة التي تنتظر البحث عن طريقة مقبولة لتشييعها بشكل لائق بها.. دون استرجاع الذاكرة لملء الفراغ العربي الذي عانى منه الشعب الفلسطيني قبل وأثناء الحرب على غزة وتركه يقاوم لوحده. انفضَّت قمة الكويت عاجزة أمام تركة ثقيلة، لكنها اتخذت قرارات في المجال الاقتصادي والاجتماعي، ورصدت أموالاً طائلة لمشاريع كبيرة لا يعتَقد أحد أنها لصالح الطبقات المسحوقة في العالم العربي بقدر ما تكون مشاريع استثمارية سيساهم في تمويلها أصحاب رأس المال العرب وشريكهم الاحتكار العالمي. لينعم أصحاب الجلالة والفخامة وحاشيتهم على حساب الملايين من الجياع على امتداد هذا الوطن العتيد، فيما المواطن العربي لا يملك إلا هامش التأمل في تلك الكروش التي تهتز على إيقاع قهقهة أصحابها وهم يصولون ويجولون في مآدب القمم المترفة.. يبقى ماذا ينتظر الشعب العربي والفلسطيني على وجه التحديد من أعضاء جامعة الدول العربية ومن قممها المبجلة والخاوية من كل مضمون.. على من يجد نفسه معنياً، أن يتقدم لرأس النظام في بلاده، يلتمسه تبادل الأدوار ل 24 ساعة فقط مع ضمان حسن النية وأجر الثواب، وعليه أن ينتظر رد الفعل طالما في الانتظار عافية.

عصام الياسري
31 كانون الثاني 2009



#عصام_الياسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية للمجهولين أبطال الصحافة والإعلام اللذين يعملون بمهنية و ...
- الروائي العراقي صبري هاشم يحلق بعيداً إلى كبد السماء.
- عوالم جميل الساعدي في تركة لاعب الكريات الزجاجية.
- العمل على إنهاء المجازر وقتل الأبرياء والصحفيين في العراق وا ...
- محمود درويش: هزمتك يا موت الأغاني في بلاد الرافدين
- وقائع في كواليس أمسية شعرية في ألمانيا
- إشكاليات الجالية العربية في المهجر.. أفكار وحلول !!
- مغتربون منفيون.. أم هم حصان طروادة
- ماذا جنى المغترب في يوم الاحتفاء باغترابه
- المتأدلجون الجدد
- ديتر آبلت .. موهبة ألمانية أحب الشرق وحلم باحتضان رمال صحرائ ...
- اذا ما توقفت الحضارة تاثر الغناء
- الجاليات العربية في المهجر بين النقد اللاموضوعي والاقصاء
- الحروب أحد أسباب تراجيديا الصراعات النفسية عند الأطفال..
- هل يعيد النظام الجديد في العراق إلى الأذهان فكرة صدام الخطير ...


المزيد.....




- رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما ...
- زلة لسان جديدة.. بايدن يشيد بدعم دولة لأوكرانيا رغم تفككها م ...
- كيف تتوقع أمريكا حجم رد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟.. مصدرا ...
- أمطار غزيرة في دبي تغرق شوارعها وتعطل حركة المرور (فيديو)
- شاهد: انقلاب قارب في الهند يتسبب بمقتل 9 أشخاص
- بوليتيكو: المستشار الألماني شولتس وبخ بوريل لانتقاده إسرائيل ...
- بريجيت ماكرون تلجأ للقضاء لملاحقة مروجي شائعات ولادتها ذكرا ...
- مليار دولار وأكثر... تكلفة صد إسرائيل للهجوم الإيراني
- ألمانيا تسعى لتشديد العقوبات الأوروبية على طهران
- اكتشاف أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام الياسري - النظام الرسمي العربي ما بعد غزة يضيع بين استراتيجيات متباينة