أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح سليمان عبدالعظيم - واقع التنظير في العلوم الاجتماعية والإنسانية














المزيد.....

واقع التنظير في العلوم الاجتماعية والإنسانية


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2541 - 2009 / 1 / 29 - 09:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يواجه العالم العربي ضعفا واضحا في التنظير على مختلف التخصصات سواء أكانت تنتمي إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية أو إلى العلوم التطبيقية. فالمتأمل للكثير من المفاهيم على مستوى العلوم الاجتماعية والإنسانية على سبيل المثال لا الحصر يجد أنها تنتمي لماكينة الإنتاج المعرفي الغربي أو غيره من المناطق الجغرافية الأخرى مثل آسيا وأميركا اللاتينية. فالمفاهيم المرتبطة بنظريات التبعية والتنمية والعولمة وحوار- صراع الحضارات والحداثة وما بعد الحداثة وتحليل الخطاب كلها أو معظمها منتجات لم يسهم العالم العربي فيها بشيء وإن أعاد اجترارها بدرجات متفاوتة من الخطأ والصواب.
ورغم أن حالة الضعف هذه ليست وليدة اليوم فقط، حيث تعود إلى عقود بعيدة، فإن الواقع العربي الآن يكشف عن ضعف حاد في التنظير على كافة مستويات المنتجات المعرفية المختلفة. وتظهر حالة الضعف واضحة بدرجة كبيرة إذا ما قارنا المنتج المعرفي الغربي بمثيله العربي. ولا يتعلق الأمر هنا فقط بالمنتجات المعرفية التي ترتبط ببنية المجتمعات الغربية فقط، لكنه يتعلق أيضا بتلك المنتجات وثيقة الصلة بالمجتمعات العربية ذاتها، والتي يتفوق فيها المنتج الغربي على مثيله العربي. فالملاحظ الآن أننا نعتمد التنظير الغربي عن مجتمعاتنا العربية في معظم إن لم يكن في كل البحوث العربية المعاصرة. وإذا كان هذا جائزا إلى حد ما في البحوث التطبيقية المتعلقة بالطب والهندسة والزراعة والجوانب التكنولوجية الأخرى فكيف يمكن تقبله بالنظر للبحوث الاجتماعية والدراسات الإنسانية المتعلقة ببنية المجتمعات العربية والجوانب الخاصة بثقافاتها. فمن المفارقات اللافتة للنظر أننا نتعرف على مجتمعاتنا العربية في بعض الأحيان من خلال المنتجات الغربية، كما أننا ندرك تحولاتها المختلفة من خلال التشريح الغربي لها. لا يعني ذلك أن كل التنظيرات والتحليلات الغربية تتسم بالدقة والمصداقية تجاه مجتمعاتنا؛ فالكثير منها يتسم بالغرضية ناهيك عن الاستعلاء والرغبة في الهيمنة والحط من كرامة الشعوب العربية.
وتوجد أسباب عديدة لحالة الضعف المرتبطة بالتنظير العربي يمكن تناولها على النحور التالي. تعد حالة الخوف التي تنتاب المفكر العربي من التنظير من أهم أسباب تراجع العلوم الاجتماعية والإنسانية في عالمنا العربي. ولا ينبع هذا الخوف عن جوانب نفسية أو مرضية تتعلق بالمفكر العربي بقدر ما تنبع من بناءات فكرية وأكاديمية قائمة على الهيمنة والتبعية والتقليد لا تشجع على الإبداع ولا تحض عليه. ولعل ذلك ما يدفع العديد من الكتاب والباحثين إلى تقليد أساتذتهم من جانب والاستمرار على ما تعورف عليه أكاديميا وفكريا من جانب آخر. فالتنظير حالة تستدعي القدرة على النقد والتمرد، وهو ما ينتفي إلى حد كبير عن الأجيال العربية الحالية من المفكرين والدارسين. وتؤسس حالة الخوف هذه لنوع من الدونية الأمر الذي يدفع المفكر أو الدارس إلى تصور أنه لن يضيف شيئا إلى المعرفة أو الواقع وأن إعادة ما كتبه غيره أسلم وأكثر سهولة ويسر.
ويرتبط بما سبق أيضا انتشار الواقع السياسي الاستبدادي في الكثير من الدول العربية، وهو واقع يحجر على تطور وتقدم العلوم الاجتماعية والإنسانية على السواء. ويدفع هذا الواقع المفكرين والدارسين إلى اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر فيما يكتبون، خصوصا إذا ما تعلق الأمر ببعض الموضوعات الحساسة مثل الديمقراطية والإصلاح السياسي ونقد التراث. فالتنظير يحتاج إلى مناخ منفتح يقبل بالمقولات المغايرة للمتعارف عليه، ويضمن لمروجيها الحرية والأمن والأمان، وهو ضد ما يحدث في عالمنا العربي على طول الخط.
ويرتبط بما سبق أيضا هيمنة التيارات المحافظة على شعوب المنطقة التي تعيق طرح توجهات نظرية جديدة مخالفة للمتعارف عليه. ومن الملاحظ هنا تلك العودة الارتدادية في العالم العربي نحو الاتجاهات المحافظة التي انتكست بالواقع العربي عما كان عليه الحال إبان عصر النهضة أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. وتقيد هذه التوجهات المحافظة عناصر الدفع المطلوبة نحو التنظير وإنتاج بنيات تقدمية مغايرة للواقع الاجتماعي العربي. ومن الملاحظ هنا أن بعض الأقليات في عالمنا العربي، والتي كانت تدفع دائما نحو تبني الأطر النظرية الأكثر تقدمية، باتت الآن لا تختلف في توجهاتها المحافظة عن الأغلبية المحيطة بها، ناهيك عن نبرة الاستعلاء والتوحد بالغرب السائدة في خطابها المعاصر.
وإذا كانت السياقات العربية السياسية والاجتماعية تدفع باتجاه قمع التنظير والتضييق عليه، فإن المفكرين والدارسين أنفسهم يتحملون مسئولية كبيرة في تقليص التنظير وتحجيمه. فمن الملاحظ ذلك القصور المعرفي المرتبط بالأجيال المعاصرة والتكاسل عن الاطلاع على التراث العربي في مجال تخصصاتهم ناهيك عن التراث العالمي المعاصر. وهو ما يدفع باتجاه الاستسهال في النقل عما هو متوافر في الساحة العربية، حيث ندخل في تلك الحالة المعروفة بالقص واللزق، والتي لا تمت بأية صلة لعملية الإبداع المعرفي والنظري. كما أن الكثير من المفكرين والدارسين أصبحوا أكثر تسرعا في طرح نتاجاتهم الفكرية بغض النظر عن مستواها المعرفي، وعما تقدمه من طروحات نظرية تحليلية جديدة. ولعل ذلك ما يفسر تلك الأعداد الكبيرة من الكتب المنسوبة للكثير من الكتاب والمفكرين والدارسين والتي لا تقدم شيئا حقيقيا نحو فهم الواقع العربي المعاصر ودفعه نحو الأمام.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة أميركا في العالم العربي
- محمود أمين العالم: مناضل من الزمن الجميل
- البلطجي والضحية والمتآمرون!
- استهجان المقاومة في غزة!!
- لماذا لن يحدث سلام مع إسرائيل؟
- تجسير الفجوة بين المثقفين!!
- هل لدينا أجيال جديدة؟!
- ثقافة -الإيمو-
- -عايزة أتجوز-
- عبء التاريخ
- صورة الذات
- المعنى العميق للثقافة
- المعارك الصحفية في عالمنا العربي
- حالة القوات العسكرية الأمريكية اليوم
- آليات العزل وحكايات الكلب الأجرب!!
- سيناريو انهيار الأقصى
- التمييز العنصري ضد المسلمين في أمريكا
- بنية التواطؤ
- الاتساق الفكري
- أحوال مصرية


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح سليمان عبدالعظيم - واقع التنظير في العلوم الاجتماعية والإنسانية