أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد صالح - ظلال الخطيئة الرشيقة














المزيد.....

ظلال الخطيئة الرشيقة


جهاد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2537 - 2009 / 1 / 25 - 06:18
المحور: الادب والفن
    



بعد ثمانية أشهر على تداول ديوانه الشعري في الأسواق الأردنية ظهرت موجة غضب عارمة من دار الإفتاء في الأردن ليصادر الديوان من المكتبات وليتهم الشاعر ( بالإساءة إلى الدين الإسلامي ) ويصبح مرهونا بالقتل والنبذ الاجتماعي في مجتمعات جاهلية أسيرة الثبات واللاتطور.
هذه هي حكاية الشاعر الأردني ( إسلام سمحان - 27 عاما) الذي أثار ديوانه ( برشاقة ظل) الصادر عن دار فضاءات في عمان 2008 . ضجة داخل المملكة الأردنية لاحتواء الديوان على ( إيماءات ودلالات) اعتبرها المفتي العام - نوح القضاة- ( مسيئة إلى الذات الإلهية والملائكة والرسول الكريم) ، وهكذا تحول شاعرنا المحلق في خيالاته إلى كافر ومعاد للدين. الشاعر دافع عن أفكاره وقصائده وذاته الشعرية الحرة، بالمزيد من القصائد والشعر الذي يعشق الحياة فقط.
برشاقة جسده وإيماءات لغته العذبة.. البسيطة.. يقف فتى الكلمات المتمردة على تخوم التابويات المحيطة بمجتمعاتنا الشرقية، ليرفع وشائج القصيدة عاليا، يجتاز جسر العبور إلى الجنة ، رغم أنه يدرك أن من تحت قدميه نار قد تحرق جسده وظلاله وأوراقه المترعة بالحب والمرأة والمثالية العاطفية والنزق في تصوير المشهد.
إحدى عشرة قصيدة تناوبت على صهوة الورق في اشراقة حياتية سلسة،لتخرج إلى نافذة الأمل،حلما طفوليا بنضج برتقالة الظل وتفاحة الغواية التي اختصرت لغات الشاعر ضمن رشاقة الأصابع والفكرة والحبر. تراتيل القصيدة حاولت أن تجذب العيون إليها مهما كانت النتائج،لكنها لم تخلو من إمضاءات روحانية لامست روح كاتبها:
تلقفتني رموش عينيك- ذبت..- أنا العابد النافر من أزيز رصاص الحب.. ما تبت-.
لكن الرغبة الظالمة التي تهيمن على الروح ونزوعها والجوع إلى عوالم المرأة، بالقلب والجسد والشهوة والحلم، طغت على هيكل المعاني وأسقطت الشاعر في لغة الوجد والهيام والتضرع الموحش بالغربة:
كنت ترفرفين بكامل جسدك فوق الشوك - تشتهين موت غشاء الحكمة - وتحلمين بفمي السكران في العشية - سأترك زنابقك المجففة للريح - سأترك السحاب الممتلئ بالتبغ - يلتقطه أحد المارة في ظروف مشوهة ومرتجفة-.
خبز وملح وجرح في المشاهد الشعرية ،هي انكسارات ذاتية عكست الجرح النازف في جسد الشاعر وقصائده، لتصرخ المعاني في وجه الريح والشمس ولتكون الأمكنة والأزمنة عناوين ورسائل بريدية
( للحزن اليتيم) :
وجهي كنائسيّ - الصمت.. رائحتي أول الشتاء - لي رهبة الموتى وزيتون المقابر - كان اتساعي دليل ضياعي-.
وقد ضاع بالفعل شاعر الاتساع في رهبة الكتابة والاحتراق بين اللغة الشعرية والأعراف الاجتماعية وقوانين القبيلة التي لايمكن كسرها،فكيف له أن يكسر وقد تم تكفير ( ميكي ماوس) :
رصيف البار ليس له كفوا أحد - النبي يقرأ فنجان السماء - فنجان القهوة تقرأه نساء النبي - أنا إنجيل حب وصلاة - وسحاب شقي فض بكارة يده- ومضى في شتات -.
هذه الصور الشعرية والمعاني المجازية في دلالاتها الباطنية البيضاء ، أحرقت ظلال الشاعر وأصبح خارج المدارات كلها على الأرض وفي الغيم وتحت لهيب الشمس،رغم أنه كان يمارس حقه الإنساني والمواطني في ( حرية الرأي والتعبير) ونسي أصحاب الفتاوى والتفسيرات تحت ظلال الإسلام السياسي المهيمن من حولنا، أنه هناك عقاب رباني في آخر الحياة،وكل يحاسب مثقال ذرة ما بين خيره وشره،والقانون الالاهي هو الغالب على الفتاوى الأرضية الضبابية.
كلمات الديوان والقصائد تناوبت على طقوس شعرية تلازمت في فقاعات مطرية،رسمت وجهها اختلاجات الروح وظلال المرأة ،التي فرضت سطوتها ورائحتها على الذات والمعاني والانحناءات،ليكون الديوان أشبه بجسدين وروحين لذكر وأنثى،يحتويان على مفردات الحياة المختزلة،من فرح وحزن وأمل ولحظات يومية دقيقة،بنهاراته وليله الماجن،وليسقط الجميع في رعشة الظلال التي تنسخ الأشياء بمسمياتها، ولتشكل بالنهاية رشاقة لكائن بظلال متعددة،حاولت أن تطفو بأي شكل كان على سطح الماء، وأن تنسلخ عن كل شيء وتخترق الزجاج الملوث والملون وليصير الشاعر والديوان والحريات الشعرية في قفص الاتهام:
على قلق أمحوني ، لأكتبني من جديد - على قلق أغمض عينيّ - الصورة واضحة تماما - سأثبت العدسة-.
ظلال ارتطمت بوجع الأعماق في سبيل الأنا والوجودية ،لترتد وتصطدم بقوة شهية نزغت بعيدا،لتنكسر الظلال البلورية الخائفة على رصيف شارع بلا نهايات :
برشاقة ظل كنت لا أرى - خفيفا كأزرار قميص صيفي- القحة انسابت كذبابة - لم يعرفوني - والجسد المسجى مثل دقيقة انتظار - كان في الأمس..أنا-.
هو المختبئ في انكساراته وفقاعات الهواء الأليمة والمليئة بالنشوة وإغراءات الجسد والروح والجنوح نحو ( الأنثى)، يقف بهامته ليكون شلالا مائيا ينسكب في تراب الخطيئة ( عرفا) والجنونية الإبداعية
( شعرا) وليقرر أن يسير رغم ما سيقال وقيل عنه وفيه،وهو العارف بكينونة الأمور والحواجز الاجتماعية الصلبة،وأنه يسير على ( جمر الذكورة الطافح)،وقد يحترق مع فراشاته في شعره،ولتطفئ الأضواء من حوله.فقد حكم عليه أن يكون في الظل... في العتمة...في النار:
لسمائك كل النجوم - التي تتناثر نمشا على وجهي - وجهي رمل العرّافة وأدواتها- لسمائك كل المناديل المطرزة بماء البكاء- بكاء النرجس على ناياتها المذعورة - لسمائك خلاخيل النسوة العابرات-على جمر ذكوري- وبيضتا حمامة مطفأة- عندما تتضح الملامح بعد الخريف،ستنكشف عورة المصلوب تحت الثلج- وتجيء الغربان من أرض لا حياة فيها-.
وهكذا يظل الشاعر الذي كفروه في شعره،في غمار (جنون الكلام وطقوس الحرية) ليجد نفسه( بفتوى) داخل زقاق ضيق،ينتعل حذاءا مهترىء... لايجد سماءا لأحلامه وأمانيه ، ولا مكانا لحريته الإنسانية داخل هذه الأرض.فمن ينصف الشاعر وشعره في هذا الزمن الرديء.
جهاد صالح: صحفي وشاعر سوري. بيروت
[email protected]



#جهاد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة الأخيرة
- الانسانية والحرية في المعاناة الشعرية
- رعشة نار
- أوباما المحاور في الارض الساخنة
- معارضة بياقات بيضاء
- سوزان عليوان وانكسارات الحزن في طريق واحد
- رهانات وانتصارات من ورق
- دولة القانون
- فدوى الكيلاني...قصائد تعشق عبق النرجس الكردي
- الشاعرة اللبنانية: سامية السّلوم.. تتحرر من صمت الذاكرة إلى ...
- حينما أشعل إبراهيم يوسف قناديل الروح في كتاب الادّكارات
- الطورانية التركية بين الأصولية والفاشية
- في اليوم العالمي للطفولة: أطفال سوريا .. ضياع واحتراق ومصير ...
- الحرية لرجال يصنعن الأوطان
- جمانة حداد ليليت المتمردة على قوانين الوجود والحياة
- مشاركة المراة في العملية السياسية ودورها في صناعة القرار
- حوار مع الشاعر إبراهيم اليوسف
- إبراهيم اليوسف رسول الكلمة الحرة ......الجريئة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد صالح - ظلال الخطيئة الرشيقة