أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ابراهيم علاء الدين - اغتصبوها وقالوا صامدة ..!!















المزيد.....

اغتصبوها وقالوا صامدة ..!!


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2536 - 2009 / 1 / 24 - 09:07
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لملمت ما تبقى من اشلائها ، وجائت لتجلس على بعض من ركام ما كان منزلها ,, تكورت على بعضها، دموعها الحارقة تبلل خدها وتنزل باردة على قدمها، تحرقها لوعتها، وترتجف عظامها من البرد، مشلوح قلبها في كل الارجاء، تعصف بها صور اطفالها الأربعة، احتضنتها صورة زوجها الممدة تحت الانقاض، ربت اخيها عادل على كتفها .. صبرا يا سميرة صبرا .. فها نحن صرنا شهداء.
وتضغط زوجة اخيها نائلة بكفها على كفها وتبكــــي .. تبكيييييييييي ... وتوصيها "ديري بالك على فداء" صغيرة في شهرها السادس تركتها وحيدة الا من هي وأمها العجوز، التي تركتها لاجئة في مدرسة الانروا. وبعض من بعض من كانوا اخوتها وعزوتها وكل حياتها.
على كومة من انقاض بيت كان عامرا قبل ايام ، جلست وحيدة يا اخوتها عادل ويوسف وعبدالله، جلست وحيدة يا خالد يا زوجها يا ابو اطفالها .. تبكي وتسأل .. لماذا تركتوني وحيدة .. من سيحميني بعدكم .. ولماذا اخذتم اطفالي الاربعة معكم، لماذا لم تتركوا لي واحدا يؤنس وحدتي، ويبدد وحشتي.
لماذا اخذتم معكم بؤبؤ عيني وليد، ومهجة قلبي هناء، وروح روح قلبي وفاء، وعمر عمري بهاء، لماذا اخذتوهم كلهم معكم ..؟ لماذا يا احبتي ..؟؟ ولماذا ذهبتم كلكم مرة واحدة وبسرعة ودون وداع هكذا وتركتموني وحدي اكابد الشقاء..؟
حتى انتي يا جارتي وصديقتي وحبيبتي، ذهبت وحدك .. فلماذا لم تأخذيني معك..؟ الم نكن ننزل الى السوق معا. ونذهب لزيارة جاراتنا ام وائل، وام حسام، وأم فراس، معا..؟ ونجلس سويا لنخبز الفطائر بالزعتر والسبانخ ، وتؤنسيني وتأنسين بي عندما تداهمنا الوحدة..؟؟.
وحيدة الا من همومها، ولوعتها وحسرتها على الغياب.. كلهم ذهبوا .. كلهم .. تجلس على بعض ركام بيت واسرة وعائلة ووطن تحدث نفسها ..
بصاروخ او اثنين او عشرة لم اعد اتذكر .. كل ما اتذكره انني سمعت صوت صاروخ يطلق قرب الجدار، نظرت كما اللصة من تحت ستارة النافذة، فاذ بثلاثة اشخاص يركضون بسرعة، صرخت على خالد .. وعادل ان اخرجوا .. اسرعوا بالهرب .. احملوا الاولاد.. "يلا يما" بسرعة .. لا اعرف لماذا كل هذا الصراخ .. ما الذي دفعني لحالة هستيرية .. ربما خوف الام على فلذات اكبادها .. ربما تشعر الام بالخطر قبل غيرها .. حملت بهاء وركضت للخارج .. صاروخ ضخم يسقط على منزل جارتي فريال، سمعت صراخا، ورأيت الحجارة والغبار يتطاير فيعم الارجاء ، لا اعرف الى أي اتجاه اركض، نظرت خلفي شاهدت زوجي يحمل وليد وهناء .. صرخت عليه، اين وفاء..؟ اين امي ..؟ صاروخ اخر رماني امتارا بعيدا عن المكان .. لا ادري ان كنت في صحو او غيبوبة، صرخت وصرخت ، الغبار حجب الرؤية عن عيني .. صمت في كل الارجاء.. اين بهاء .. نهضت .. ركضت باتجاه المنزل الذي اصبح ركام ..
كم بكيت وحدي ولطمت وحدي ولا اعلم من انتشلني وحطني في قسم العظام .
كلهم ذهبوا الا انا، كسيحة في قسم العظام ... لماذا ...؟؟
جائني بضعة رجال .. اصبري يا اختنا .. واحمدي الله، فقد ارتقى فلان وفلان وفلانه الى جنة الخلد..؟
صرخت بوجوههم .. واطفالي ..؟
قالوا : ان الاطفال احباب الله، انهم في جنة الخلد مع الملائكة والصديقين ..؟
صرخت ثانية من اعماق قلبي المكلوم .. اغربوا عن وجي انصرفوا، ومن قال لكم انني اريد اطفالي في الجنة ومع الملائكة والصديقين ..؟ انا اريدهم في جنتي .. اريد ان اعيش في جنتهم .. من قال لكم ان ترسلوهم الى الجنة..؟
بكيت وبكيت وبكيت .. ولكن ما نفع البكاء.. ؟؟
فماذا ينفع البكاء بعد ان تغتصب المرأة .. وقد اغتصبت عشرات المرات .. اليس الاغتصاب هو ان تجبر المراة على القيام بعمل لا ترغب القيام به.. فالاغتصاب ليس فقط فعلا جنسيا .. الا نقول الارض المغتصبة .. ونقول ان فلانا اغتصب حق فلان ، ونقول ان فلانا اخذ من فلان شيئا معينا غصبا عنه.
نعم انا اغتصبت والاف مثلي من نساء غزة، عندما اجبرن على القيام بعمل لم يرضين عنه ولم يستشرن به، ولم يؤخذ رأيهن، وبعد ذلك يقال لهن اصبرن اطفالكن بالجنة مع الملائكة والصديقين..!!
اغتصبني جيش الاحتلال بمحاصرته لي واطفالي واهلي .. اغتصبني عندما جوعني واطفالي واهلي، وحرم زوجي واخوتي من فرصة عمل لتوفير لقمة الخبز، اغتصبني عندما منع عني الماء والكهرباء والهواء والدواء، اغتصبني بجرائم القتل والغارات والقصف المتنقل على مدار سنوات.
كما اغتصبني من فرض علي شروطه وقوانينه وارادته، اغتصبني من احتكر قرار الحياة او الموت بالنسبة لي ولاطفالي واهلي واحبتي، اغتصبني من وضعني فريسة لنيران العدو دون ان يؤهلني لحماية نفسي واطفالي واحبتي، اغتصبني من لم يوفر لي سيارة اسعاف تنقذني وتنقذ اطفالي واحبتي، اغتصبني من جرني وشعبي الى معركة غير متكافئة مع عدو لا يرحم ، اغتصبني من جاء ليبلغني ان اطفالي في الجنة، وانني اصبحت أرملة وحيدة لا زوج ولا ابناء ولا اخوة ولا عزوة، اغتصبني من فرض على رؤيته وبرنامجه وسياساته، ومن اخضعني بالقوة والقهر لعنترياته وبطولاته الزائفة واستعراضاته العسكرية، ومهرجاناته الخطابية، اغتصبني من اعتقد انه بصورايخ ورقية يمكنه حمايتي واطفالي وجيراني واحبتي.
نعم اغتصبوني والله العظيم .. اغتصبوني كلهم المقاوم والمسالم اليميني واليساري المعتدل والمتطرف ، كلهم اغتصبوني وجردوني من كل حيلة، وحرموني من كل رأي، واودعوني مخزنا للاستيداع انتظر الموت، وقالوا صامدة .. ذبحوني وقالوا صامدة ، قتلوا اهلي وقالوا صامدة .. دمروا بيتي وقالوا صامدة .. قتلوا اطفالي وقالوا صامدة ..
وهل لا يكون الصمود الا بالموت ..؟؟
وما هي قيمة الصمود اذا ماتت الناس العزل تحت ركام منازلها..؟
وما قيمة الارض والوطن دون ناس احياء يرزقون..؟
وما قيمة الدين ذاته الذي يتغنون به دون ناس احياء يرزقون.
بكل استخفاف يرد البعض ليقول مواسيا .. لا توجد مقاومة دون ضحايا .. ويقولون لا تتحرر الاوطان دون تضحيات ..!! ويزيدوا بالقول ان الحرية تشترى بالدم .. وقال احدهم حتى لو ابيدت غزة عن بكرة ابيها فلن نستسلم.. وقال غيره حتى لو ضربت غزة بقنبلة نووية فلن تستسلم.. واخر ما سمعت انه لو تطلب تحرير فلسطين فناء الشعب الفلسطيني عن بكرة ابيه، فليكن ، فان ذلك واجب.
فما قيمة فلسطين بدون الفلسطينيين .. ؟؟ وما قيمة الجنة بدون ناس ..؟ الا يقال في الامثال "ان الجنة بدون ناس ما بتنداس" ..؟.
وفي كل الاحوال من يؤمن بان الانسان لا قيمة له .. وان الموت مسالة عادية .. وان الارواح رخيصة .. لدرجة الاستهانة بكل من ماتوا في حرب غزة، مقابل بقاء الرموز والقيادة قادرة على استخدام الميكروفونات والظهور على شاشات التلفزة ، فهم احرار.. ليموتوا كما يشاؤون ، وليذهبوا الى الجنة وقتما يريدون.. لكننا لا نريد ان نذهب معهم .. لا اريد لاطفالي ان يذهبوا الى الجنة معهم.. اريدهم قربي بحضني حولي، لماذا لم يرسلوا ابنائهم الى الجنة ويتركوا ابنائي، لماذا ابنائهم في دمشق وبيروت، وابنائي يموتون بقصف الصواريخ..؟.
الف سؤال في ليلة الموت جال بخاطري.. الى متى ساظل اغتصب، الى متى ساظل رهينة بيد المغتصبين من كل الانواع، الى متى ساظل عارية، جسدي مشاع لمن بيده السلاح، الى متى ساظل اجبر على ممارسة الزنا مع كل من يحسن فن الخطابة والدجل والكذب على الناس، الى متى ساظل غانية مفروض عليها الرقص في الجنازات وعلى المقابر، الى متى ساظل جارية لدى من يصرخ اكثر، ومن صوته اعلى، ومن لديه خبرة اكبر في فنون التجارة بدماء الناس، الى متى ساظل اسيرة الفاتحين الذين يفرضوا علي دينهم ومذهبهم وملتهم وحركتهم وحزبهم وجماعتهم .. الى متى والى متى .. ألف سؤال جال بخاطري في ليلة الموت...!!
والف آهة من اعمق اعماقي ذرفها قلبي كما الدموع، غضب يستعر في داخلي ، ثورة عارمة تتغلغل في مفاصلي ، كراهية شديدة لمن سلب مني اطفالي وزوجي واخواني، ودمر منزلي، وعائلتي وحياتي.

الملم نفسي ثانية لاذهب الى ملجئي الجديد مع والدتي في مدرسة الانروا، سابذل جهدي هناك بين الغلابا والمساكين امثالي، وادعوهم الى نبذ ثقافة الموت، وثقافة العنف، وثقافة الاغتصاب، واحرضهم على ثقافة الديمقراطية والتسامح والعدالة والانسانية، وساعلمهم كيف يتقنون ثقافة فن الحياة وينبذون ثقافة الموت.

ملاحظة : ملخص حوار هاتفي ضمن تقرير لوكالة الانباء العربية








#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولا تلقوا بانفسكم الى التهلكة .. يجب محاكمة حماس
- اهم من اعادة اعمار غزة .. اعمار بعض العقول..
- زعماء الانتصارات الوهمية من صدام الى هنية
- هزيمة منكرة لدول الممانعة في الدوحة
- عنوان واحد فقط للشرعية الفلسطينية
- نحن نموت وغيرنا يرقص على اشلائنا بمظاهرات وخطب رنانة
- امبراطورية قطر الصوتية العظمى ومؤتمر القمة
- لهذه الاسباب نوجه نقدنا الحاد لحركة حماس
- وحشية تسيبي ليفني ..وثقافة القتل والموت
- خالد مشعل يعدكم بالنصر ويطمئنكم أهل غزة بخير
- في كل ركن من بلاد العرب هناك صدام حسين
- حماس ترفض قرار وقف اطلاق النار .. لماذا ..؟
- القوة تحدد الحق والعدالة .. والضعف يصنع الموت
- دعوة السكان العزل الى المقاومة .. هي دعوة الى الموت بصمت.
- الخليفة أسامة بن لادن بن حمدان يدعو لتهجير فلسطينيي أراضي 48
- لا احب السجالات المشخصنة ولكن ..!!
- الحرب على القرار الوطني الفلسطيني المستقل
- ما هي الصلة بين الجبهة الشعبية الماركسية.. وحماس الاسلامية . ...
- المقاومة لا تعني ترك الشعب يموت بنيران العدو يا حماس
- الشيخ نصرالله يهرب من جنوب لبنان الى القاهرة


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ابراهيم علاء الدين - اغتصبوها وقالوا صامدة ..!!