أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - كريم الهزاع - حنا مينه : مصداقية الخطاب السياسي تتراجع















المزيد.....

حنا مينه : مصداقية الخطاب السياسي تتراجع


كريم الهزاع

الحوار المتمدن-العدد: 2532 - 2009 / 1 / 20 - 08:59
المحور: مقابلات و حوارات
    


مصداقية الخطاب السيا سي تتراجع

إتحادات الكتاب العرب ناطقة باسم السلطة ... ولاخير فيها ...

لا ثقافة من دون غرض . . حتى الثقافة المعادية للبشرية . . . ؟

كل الآداب تتراجع أمام الرواية لأنها نمط حياة

حاوره : كريم الهزاع

حنا مينه من الروائيين العرب الذين لهم إسهامهم المتميز ، الذي شاع منذ الخمسينات حتى الآن ، وهو من مواليد 1920 ولا يمكن التحدث عن الرواية السورية أو تناولها من دون التوقف عند إبداعه وإسهاماته ، فهو رائد الرواية في سورية ، ويعد واحدا من كبار كتاب الرواية العربية الحديثة ، منذ كتب روايته الأولى " المصابيح الزرق " التي نشرت الطبعة الأولى منها في القاهرة عام 1954 ، وهي الرواية التي سار فيها الكاتب على درب الكتاب الواقعيين عندما كانت الواقعية في ريعانها ، وتمثل قطباً من الأقطاب الجاذبة للكتاب والروائيين في العالم العربي كله ، والروائي العربي حنا مينه كتب مجده العربي على جدران معاناته اليومية وتجربته الشخصية مع الحياة ، وعلى الرغم من أنه بدأ الكتابة منذ الخمسينات ، إلا أنه يرى ما كتبه " قطرة من بحر" ويؤكد هذا الروائي العربي الكبير أن الأدب صورة الأديب ، والإبداع انعكاس أصيل وصادق عن أعمال الأديب وهواجسه .

ولأن كل من يقرأ له يرى صورته هنا أو هناك في فصول روايته . . كان لقاءنا مع الروائي العربي الكبير للتحدث في أغلب همومنا العربية وقضايانا الأدبية . . . وكان هذا الحوار :

الثقافة المضادة :

* أستاذ حنا مينه ، يرى البعض في الوسط الثقافي بأن المسيطرين يفرضون طريقتهم في التفكير والتعبير باعتبارها الطريقة الشرعية ، لا بالعنف الظاهر بل بالعنف الرقيق ، ألا ترى معي أن ذلك نفي للآخر ؟ والصحيح بأن يكون هناك ثقافة وثقافة مضادة للتفعيل والديمومة ؟

- لا أحد يستطيع أن ينفي أحدا ، والفكر التقدمي يجذر في الأرض العربية بحيث لا يمكن اقتلاعه أبداً ، إن فكرة العدالة الاجتماعية لم تهطل مع المطر ، ولا جاءت مع أشعة الشمس أو ضياء القمر ، بل نبتت من أرضنا ، من أرض الشعب العربي ، وصار الآن عمرها ما يقارب الثمانين عاماً وأكثر ، وخلا هذه المدة ، ضربت عروقها جداً في الساحة العربية ، ولا مجال وليس في مقدور أحد أن يقتلع هذه العروق الضارية عميقاً في حياتنا الاجتماعية . ثم أتساءل إذا كانت الرأسمالية لم تحقق جزءً بسيطاً في العدالة الاجتماعية ، فكيف لها أن تحل المشاكل البشرية الآن ؟ . إن المجاعة تعدت تخوم أفريقيا إلى البلاد العربية . هناك سبيل لحل مشاكل الفقر والمجاعة في العالم ، وكل الجائعين ، والمشردين ، كل الذين ينامون في الأدغال والبراري في وقت القيظ ولذعة البرد الشديدة ، فكيف لهؤلاء العيش كبشر ولو في الحد الأدنى من المستوى المعيشي ؟ . هناك طريق واحد مهما تجاهلناه ، ومهما غيبناه ، ومهما لعبت الأضاليل للرأسمالية في أمريكا وأوروبا وأنحاء العالم ، وهذا الطريق هو طريق تحقيق العدالة الاجتماعية ، هذا الحلم الإنساني من البدء وحتى الأبد . إن بعضهم أقاموا المآتم لسقوط تجربة واحدة في الاشتراكية ، هي تجربة الاتحاد السوفيتي ، وظنوا أن الاشتراكية بعد هذه التجربة لا نهوض لها ، ولكن لنقرأ الصحف ولنسمع الإذاعات ، ولنشاهد شاشات التلفزيون وهي تبث يومياً أخباراً عن تقدم الفكر الاشتراكي في كل انتخابات تجري أمام هذا الواقع ، ماذا في وسع مفكري ، مؤدلجي ، ومؤرخي الرأسمالية التي دخلت مرحلة التفسخ والانهيار ، ماذا في وسع هؤلاء أن يقولوا للعاطلين عن العمل ، وللجائعين ، وللأطفال الذين يموتون بالملايين كل عام ؟ . إننا في أدبنا وفكرنا ، نعطي دلالة الحدث الأدبي والفني ، في هذه الدلالة قدر من الأيديولوجية التي تبشر بالأمل ، وبأن العدالة ستتحقق مهما يطل زمن تحققها ، وأن الرأسمالية لو تستطيع أن تحل المشاكل البشرية لما كان هناك الفكر الاشتراكي . أو أنظمة اشتراكية باقية مثل الصين وفيتنام وكوبا ، ولكانت مشاكل العالم قد انتهت ، إن الذي أوجد الفكر الاشتراكي هو الرأسمالية ، لأنه بشر بنهايتها في القريب أو البعيد ، وإن انهيار تجربة اشتراكية واحدة لا يعني أبداً انهيار الاشتراكية كفلسفة أقامت دولاً أنظمتها الملائمة لهذا الزمن ، والتي ستكون ملائمة لكل الأزمنة . نحن أيديولوجيون ؟ . نعم ! . ولكن غيرنا أيديولوجي بقدر أكبر ، والفارق الوحيد بين أيديولوجية تبشر بالعدالة وبين أيديولوجية تخدم استغلال الإنسان للإنسان .

المرأة العربية والنضال :

* الكاتبة العربية تحاول أن تعايش البيئة ومعاناة مجتمعها إلا أنها في كل مرة تنكسر ؟ برأيك لماذا ؟ هل لأنها لم تناضل من أجل حقوقها ؟

- أنا لا أرى في هذا القول أو الكلام إلا تعميماً قسرياً يجانب الحقيقة ، فبين نساء كاتبات نساء مناضلات من خلال القلم ، بعد أن قدمن الدليل على أنهن يناضلن ويتابعن النضال من خلال الجسد أيضاً . هناك كاتبات ينطبق عليهن هذا السؤال ، وهناك نساء كاتبات يتمردن على هذا السؤال ويقدمن الشهادة بعد الشهادة على أنهن المناضلات والمكافحات بالجسد والروح والكلمة من أجل المستقبل الأفضل الأجمل .

اللامنتمي في الثقافة :

* يميل الخطاب البرجوازي في الثقافة إلى تقديم الاهتمام بها بوصفها منزهة عن الغرض ، ما رأيك بهذه المقولة ؟

- ليس من ثقافة من دون غرض ، فكل ثقافة لها قول يقال ، وحتى الثقافة المعادية للبشرية لها قول ضد البشرية ، مهما يكن مضمراً ، وهذه المقولة تذكرني بتاريخ مضى عليه زمن ، وتجاوزه بعيداً جداً ، أي أن هذا القول في المحصلة ، يتحدث عن مسألة " الفن للفن " وعن الأبراج العاجية ، وزمن هذه المقولات قد فات منذ أمد طويل ، وأصبحت أضحوكة الآن ، فإذا تنطع أحد لإحيائها ، فأنه لا يفعل سوى ارتكاب حماقة من الدرجة السيئة ، وبالنسبة لي ، لا أرى في وقتنا الحاضر أثر لأصحاب مثل هذه الحماقات أو مثل هذه المزاعم الجوفاء التي ترمدت في موقد الزمن الغابر .

القصة والرواية :

* ما رأيكم بوضع الرواية والقصة الحالي مقارنة بالفنون الأخرى ؟

- هناك القصة وهناك الرواية ، ولا يجوز الخلط بين القصة وبين الرواية ، فالرواية بما أنها حياة ، فإنها تتقدم ، بينما القصة هي لقطة مفردة من الحياة ، تتراجع . وليس فقط القصة وحدها التي تتراجع أمام تقدم الرواية ، بل الشعر والمسرحية وكل الأدب النثرية .

الثقافة والخطاب السياسي :

* الممارسات الثقافية المطروحة الآن ، هل لها استراتيجيات ثابتة ، إذا كانت الإجابة بنعم ، فما هي ؟

- نعم ، للثقافة التي تروم الطليعية استراتيجية واضحة معروفة مشهورة ومتطورة ، ولذلك فإن علينا أن نفرق بين ثقافة وثقافة ، فثقافة النخبة تتراجع ، وثقافة الشعب تتقدم ، وهذا الزمن ، في وقتنا الراهن ، أصبحت فيه الثقافة في مقدمة المسرح الفكري ، بينما تراجعت إلى حد بعيد مصداقية الخطاب السياسي . إن المقولة الآن في وقت التراجع في الوضع العربي ، هي الثقافة وليس السياسة ، وعلى السياسيين أن يأخذوا مصداقية خطابهم في الثقافة ، وعلى السياسيين أن يتعلموا من المثقفين ، لأن مقومات الثقافة لا زالت صالحة للتداول وللتنوير لإحداث النهضة المنتظرة ، وإيقاف الجزر في الوضع العربي تمهيد للمد الآتي . رأينا في العقود الأربعة التي مرت على أرض العرب ، أن السياسة لم تفعل سوى تمزيق الوطن العربي ، وجعله جزراً متباعدة متنافرة متحاربة ، بينما الثقافة العربية حافظت على وحدتها رغم كل هذه العوامل الضارة جداً .

إتحادات الكتاب :

* ما الذي يجب أن يُفعل لكي تكون هناك رابطة للكتاب العرب ، وهل مشاعة الثقافة ينبغي التخلي عنها ؟

- إتحادات الكتاب المنتشرة في الوطن العربي لا خير فيها ولا نفع منها ، لأنها تنطق باسم السلطة التي تغذيها بالمال والمناصب والمقرات ، ومقابل ذلك كله تجعلها تنطق باسم هذه السلطات لا بـأسم الشعب ولا العدالة ولا الحق والخير والجمال . وفي هذه الحال يفكر الكتاب العرب في أن يؤلفوا رابطة أدبية في كل بلد عربي ، وأن يتوصلوا مستقبلاً إلى رابطة عربية واحدة موحدة ، تلعب دوراً نشيطاً فعالاً في نشر الثقافة الصحيحة الصادقة غير المشوهة على اختلاف أشكالها .

النقد والمذاهب الأدبية :

* مارأيكم بالمدارس النقدية المطروحة الآن على الساحة ؟ وهل تخدم الإبداع ؟

- هناك مدارس أدبية ونقدية مثل البنيوية والعبثية والإنمائية ، وهذه كانت لها الغايات نفسها مع اختلاف الأساليب ، والوضع الآن لم يتغير ، لأن هذه المدارس التي تغيب الحقيقة ، كعادة متعمدة لن تصل إلى غايتها ، لأن هذه الغايات أصبحت مكشوفة ، ولا تخدم الإبداع في كل أشكاله ، لكونها صراعات ثقافية ، هي كالفقاعات تظهر وتنطفئ زمناً قصيراً .

الأدب والأخلاق :

* هل من الضروري جداً أن يكون الخطاب الأخلاقي ملازماً دائماً للخطاب الثقافي والفني على وجه التحديد ؟

- هذا السؤال قديم جديد ، وهناك مدارس أدبية وفنية فصلت ما بين الأدب والفن والأخلاق ، الآن الأخلاق ترتبط بالصدق ، وكل ما هو صادق يرتبط في الوقت نفسه – سواء تعلق الأمر في الكتابة أو الحياة أو بكل تجليات الكلام – في المواضيع التي يتطرق إليها ، وفي السلوكيات التي يسير في طريقها الإنسان . طبعاً هناك أخلاقيات سيئة ، كاذبة ، فاجرة في أيامنا هذه ، أيام المجتمعات الاستهلاكية والتي عنوانها العريض :

النفعية بكل ألوانها ، وهذه الأخلاقيات البعيدة عن الحق وعن الشرف وعن الاستقامة الإنسانية ، تزحف علينا في الوقت الحاضر ، كما يزحف الاقتصاد المعولم ، وكما تزحف السياسة المتفردة ، التي نصبت أمريكا نفسها سيدة واحدة موحدة على سدتها .

* وإلى متى تدوم ؟

- في رأيي أن هذا لن يدوم طويلاً ، ونحن لا نتطلع إلى عودة الاتحاد السوفييتي كما كان ، ومن العبث التعلل بذلك ، لأنه مخالف لمبدأ الصيرورة والضرورة ، إن ما نريده من روسيا الاتحادية بعدد سكانها الضخم وإمكاناتها الاقتصادية والدفاعية ، ومخزونها من جميع أصناف الأسلحة ؛ أن تنهي تبعيتها للولايات المتحدة الأمريكية ، وأن تستعيد سيادتها ، وهذا ما يحدث الآن ، وعندما تصبح روسيا الاتحادية والدول الصغيرة المنضمة إليها سيدة نفسها ومالكة لقرارها ومبتعدة عن كل تبعية لأمريكا وسواها ، فسيكون في هذا نفع كبير للبشرية ، لأن روسيا الاتحادية ستكون في هذه الحال ، بحكم الجغرافية والتاريخ ، دولة أوروبية تعطي الاتحاد الأوروبي قوة كبيرة وزخماً شديداً ، يجعل أوروبا تقف بوجه أمريكا وتنهي أسطورة هيمنتها المطلقة وتفردها الوحيد في العالم .

الفعل وراحة الضمير :

* والآن بعد كل هذا المشوار هل فعلت كل ما يجب أن يُفعل ؟

- في جوابي أقول أنا لم أفعل كل شيء ككاتب ، ولست في هذا وحدي ، فليس من إنسان يصل إلى حد الكمال ، لأن بعد الاكتمال يكون اغتيال الطموح ، ومن الصدق أن نقول أننا جميعاً ، ومهما تكن عطاءاتنا ، لم نقدم إلا الجزء اليسير مما لدينا ، أو ما يجب أن نقدمه لوطننا وشعبنا ، ولأن هذا اليسير شيئاً يذكر ، فهذا يدعو إلى راحة الضمير ، ومن هنا فأنني كروائي أشعر براحة الضمير حيال كل ما قدمته في سبيل حرية الوطن وسعادة الشعب ، وإذا كان في الأمر متسع ، سأتابع الطريق الذي بدأته ، ولن يكون هناك نكوص أو تراجع أو فتور في النضال لأجل العدالة الاجتماعية التي نذرت لها نفسي كما نذر إليها غيري من الأدباء والفنانين الذين يمشون في الدرب الوعر نفسه الذي أمشي فيه نحو الغاية المرجوة . وفي الواقع ، فإن المتغيرات الدولية أحدثت شروخاً عميقة في نفوس الناس من أرجاء كرتنا الأرضية ، وإذا ما تكلمت عن الوطن العربي كجزء من هذا العالم ، وكبقعة جغرافية من هذه الكرة الأرضية ، فإنني أقول للذين تعبوا من النضال ، إننا نعذركم فيما أصابكم من إحباط ، والذين يريدون العودة لبيوتهم وأزواجهم وأولادهم ، بعد طول تشرد وغياب ، يستحقون هذه العودة . كما نقول للذين يئسوا ، نحن نعذركم في يأسكم هذا ، ولا نطلب منكم جميعاً إلا شيئاً واحدا : أن تعذرونا إن كنا لم ولن نيأس ، وسنواصل طريق الكفاح ، لأنه طريق العدالة التي دونها ستبقى البشرية معذبة ، ثاقبة ، عارية ، حافية ، مجرحة الروح ، مدماة القلب والمشاعر .

البحــــــر :

* هل كتبت كل شيء عن البحر ؟ أم ما زال لديك الكثير الذي لم تكتبه عنه ؟

- كتبت حتى الآن ثمانية روايات عن البحر ، " الشراع والعاصفة ، الياطر ، ثلاثية البحر : حكاية بحر ، الدقل ، المرفأ البعيد " ورغم ذلك لم أقدم إلا مقدمة حكاية البحر ، والذين سيأتون من بعدي وما أشك في هذه ، سيكونون أقدر على كتابة كتاب البحر ، ومن الغريب أن أدب البحر في العالم ، أدب له قيمة كبرى وقد وجدت أن الأدب العربي القديم يكاد يكون خالياً من الإبداع العربي البحري . هناك في الأدب العربي القديم حديث ، كلام أو حكايات حول الإبحار من اليمن إلى بحر الصين ، وهكذا ، وهناك من شبه السفينة في الخليج العربي أو في دجلة والفرات بالناقة ، وشبه الماء بالصحراء ، يعني لم يكن هناك إفتراق في الكلام عن البحر ، بعيداً عن التشبيهات التقليدية التي لا تشكل شيء من أدب البحر . وفي الأدب العربي الحديث ، هناك بعض الأعمال الروائية والقصصية والسينمائية التي تتحدث عن البحر كشاطئ صيد سمك وإلى أخره ، أما معاناة البحر في اللجة وفي الأبعاد القصية ومجابهة العواصف ، ليس في أدبنا العربي الحديث هذا الحيز اللازم لمثل هذا الأدب ، ولأني كنت حمالاً في المرفأ وأنا يافع ، ثم بحاراً على المراكب في موانئ المتوسط فقد أردت أن أعبر عما عشته ورأيته ، وكان هذا التعبير الروائي وكانت الحفاوة بمثل هذا الأدب كبيرة جدا لأنها فتحت عالماً واسعا هو عالم الماء الذي هو أكبر ، واليابسة إذا انفصلت عنه وهي الأصغر ، وسأقول شيئاً عن الأوربيون وغيرهم ، فهم يهتمون جداً في أدب البحر ، لذلك ترجمت روايتي الشراع والعاصفة هذه التي أطلق النقاد عليها اسم قصيدة البحر أو ملحمة البحر ، ترجمت إلى الأيطالية في عام 1993 م وفي نفس العام نالت جائزة أفضل رواية ترجمت إلى الإيطالية .

المضمون والشكل :

* يقول بعض النقاد أنك غيرت في المضمون ، وليس في الشكل ، فما هو ردك على ذلك ؟

- موضوع أنني غيرت في المضمون ولم أغير في الشكل ، فأظن أن المضمون هو ما يتطلب الاهتمام ، ولي تجارب كثيرة ، أنا لا أعير ما يقال عن الحداثة والحداثوية كثير الاهتمام ، ولكن في كل رواية أكتبها هناك الجديد ، وهناك الاكتشاف للمناطق المجهولة .

الكوابيـــس :

* بعد كل هذا المشوار الطويل مع الكتابة ، هل استطاعت الكتابة أن تخلصك من كل الهواجس ؟

- في الواقع هواجسي لا تنتهي ، وهذه ليست هواجس ، هذه كوابيس ، أنا حيث ما ذهبت أبدو إنساناً سوياً ، ولكن في الحقيقة لست بالإنسان السوي ؛ لأن في رأسي يعيش الأبطال والأحداث التي لم أكتب عنها بعد ، هم يريدون أن يروا النور كما رآه الذين كتبت عنهم . وفي الوضع الذي أنا فيه حاولت أن أهرب من شخصيات الروايات التي لم أكتبها بعد ولم أفلح ، لأن هذه الشخصيات في رأسي ، في الدماغ ، وهو الذي يدفع إلى الحركة ، لأن المجنون يركض أحياناً ، لماذا ؟ كي يتخلص من جنونه غير مدرك أن جنونه يركض معه ، وأنا حاولت التخلص من الشخصيات الروائية التي تعيش في رأسي ، ووقعت في نفس الخطأ ، لأن هذه الشخصيات ركضت معي ، وقفت معي ، نامت معي ، قامت معي إلى أن وصلت إلى حالة مقلقة جداً . . ذات مرة ، دخلت غرفتي في لكي أنام ، حاولت ، بعد منتصف الليل سمعت ونة طنين ، فلم أستطع أن أنام ، فوضعت القطن في أذني ، وازداد الطنين الذي أعاني منه ، فجاء شخص وقال لي :

- ليس هناك من طنين .

قلت : كيف ؟

- قال : أنا لا أسمع .

- قلت : أنا أسمع .

- قال : عد إلى النوم وتمنّ لي ليلة سعيدة .

لقد اكتشفت أن هذا الطنين من الداخل وليس من الخارج ، ولا سبيل لإيقافه .

المقـــدس :

* ما هو مفهومك للمقدس ؟ . وكيف تتعامل معه ؟

- ليس من شيءٍ مقدس تماماً إلا الأنبياء والرسل والكتب المقدسة ، أما ما عدا ذلك ، فكل هالة من القداسة إذا ما أتشح بها إنسان كغيره ، قابل أن يناقش في قداسته ، لدينا أشياء كثيرة نعتبرها في موروثاتنا محرمة ، تحيطها القداسة . وكل الحريات قد لا تكفي لكاتب واحد . إن لعمر بن الخطاب قول شهير : لا تقسروا أولادكم على عاداتكم ، فقد خلُقوا لزمان غير زمانكم . وإذا ما كان في الماضي وفي التقاليد مقدساً لا يمس ، لا يناقش ، لا يعترض عليه ، لا يتحاور في أمره ، أصبح الآن قابلاً للنقاش والحوار ، وفي كل شيء ومنه التراث وإياه أعني ، فليس هناك في حياة الإنسان ما هو مقدس غير قابل للطرح وللعرض وللنقاش مهما يكن مع أو ضد .

الرقابة وحرية التعبير :

* تقول أن الحرية لا تكفي كاتباً واحداً ، هل هذا يعني أن لديك أعمالا في الأدراج لم تر النور وبسبب الرقابة ؟

- في الوطن العربي ، رغم كل هذه الأشياء التي تعرقل أو تعيق حرية التعبير ، لم تمنع أو تستطيع أن تحول دون أي كاتب عربي ورغبته في التعبير عن نفسه شعراً أو نثراً ، هناك كتب تمنع أحياناً ثم يسمح لها ، تدخل بطريقة أخرى ، ورغم كل هذا الوضع الذي قلت أن فيه الحريات لا تكفي كاتباً واحداً ، فأنني أقول ، ليس من كاتبٍ عربي له مؤلفات في الأدراج لم يعمل على طباعتها أو إخراجها إلا أن تكون دينية أو تراثية دينية ، أما الإبداع العربي من الشعر والمسرح والنثر والرواية ، فإن كل ما كتب وجد طريقه إلى النشر بطريقة أو بأخرى ، أي بمعنى أن الفكر لا تقام دونه سدود ، لأنه يعمل على تحطيم كل هذه السدود .









#كريم_الهزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عروس السفائن .. لن ينطق الحجر
- في فهم التناقض والدعوة للحوار
- محاولة فهم للمرونة الاقتصادية
- إسماعيل فهد إسماعيل : الرواية العربية عالمية متجاوزة .. مشكل ...
- إلى متى سنظل خارج التاريخ؟
- نوافذ القلب الموتور - نصف دزينة من القصائد
- أشلاء أوروفيوس
- جدل الحجاب
- مفهوم النص بين الالتباس والإزاحة
- قصيدة التفاصيل - قراءة في ديوان - مظاهرة شخصية - ل : صلاح دب ...
- فلينزع الحجاب
- القراءة بعين واحدة
- الكويت والعالم في عطلة عيد الأضحى
- بورصة الملف النووي الإيراني
- هل سيكتب الكتاب الإليكتروني مرثية الرقيب؟
- هل سيتّبع أوباما سياسة تجويع الوحش؟
- جاري يا حمودة
- تربية الذباب
- أزمة الاقتصاد العالمي ونمط التفكير الديني
- أشجار قليلة عند المنحنى.. لن تموت


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - كريم الهزاع - حنا مينه : مصداقية الخطاب السياسي تتراجع