أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - ابتسام يوسف الطاهر - دوائرنا المستحيلة














المزيد.....

دوائرنا المستحيلة


ابتسام يوسف الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2532 - 2009 / 1 / 20 - 09:32
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


في العراق اليوم الكثير من المسئولين يدينون الفساد الاداري ويشيدون بالقرارات التي أُريد منها تحسين الوضع المادي والاجتماعي للمواطن.. لكنهم بنفس الوقت يرفضون الاشارة للسلبيات او الحديث عن الفساد الاداري من قبل الصحفيين او غيرهم من المواطنين من خلال وسائل الاعلام من صحافة او فضائيات.. ويدعي البعض منهم انهم مستعدون لسماع شكاوى المواطنين والعمل على تحسين الوضع والقضاء على السلبيات. ولكن واقع المؤسسات والدوائر لم يشهد أي تغيير بل يزداد سوءا، فلم تصدر أي قرارات او تستحدث أي آليات لمتابعة سير العمل بها او محاسبة المقصرين ومعاقبة المرتشين اومن لا يقوم بعمله بالشكل المطلوب ..
فقد صدرت قرارات ايجابية كثيرة يشعر معها المواطن بنهاية رحلة العذاب الذي لازمه عقود وامتد لاجيال كان يأمل ان يجنبها مامر به من مصاعب ومصائب وكوارث انسانية، او يشعر معها بأن صبره قد عوض خيرا.. ولكن.. حين يصطدم بواقع تنفيذ هذه القرارات والحلقة المفرغة التي يدور بها بين الدوائر المعنية، يتأكد ان مصائبه مزمنة لاعلاج منها الا بعملية استئصال تشمل كل مناحي الحياة المشوهة وليس حزب البعث وحده!!
فعلى سبيل المثال المهجرين والمهاجرين والمنفيين كل هؤلاء وعدوا بتعويضهم خيرا.. اعادتهم لوظائفهم واحتساب مدة حرمانهم من الوطن والاهل كخدمة لاغراض التقاعد.. وانقاذهم من التشرد والتهجول بين مساكن الايجار بمنحهم قطعة ارض في أي مكان من الوطن ليشعر معها بالاستقرار والأمان.. وأرامل الشهداء وعدوا برواتب تقاعدية وان كانت بائسة قد تشكل اقل من نصف واحد بالمائة من تقاعد اعضاء البرلمان..! الذين لا ندري لماذا تدفع لهم الملايين بالكيلوات مع ان أغلبهم لم يقدموا الخدمة المرجوة منهم ولا نراهم الا زاعقين مهرجين ولم يصدر عنهم قرار شافي بصالح المواطن الذي المفروض انهم ممثلين عنه بمجلس البرلمان..هل من المنطقي ان يصل تقاعد البرلماني لأكثر من 30 مليون!!؟ بينما تقاعد الارامل لا يتعدى المئتان؟ والتي لا تفي اجرة السكن شهريا!!؟ المشكلة انه حتى هذه المئتين لا تصلهن الا بعد نضال مرير وصبر كصبر الحمير وصراع مع موظفين بلا ضمير!! ولشهور وسنين ورحلات مكوكية تضطر المواطن للتقتير على نفسه واولاده او يستدين!!
فحين يقسو عليك الدهر وتدخل اي دائرة او مؤسسة من اياها.. ينتابك الاحساس بالغثيان والهلع وانت تشاهد انه لا وجود لأبواب تطرقها فليس هناك غير نوافذ مغلقة دوما ويتطلع المراجعون من قضبان تغلفها اسوأ من قضبان السجون التي نراها بالافلام، لان سجوننا محرومة حتى من هكذا قضبان..
يتدافع المواطنون نساء ورجال شبابا وعجائز لعلهم يصلوا الشباك، وبعد صراع مهين ومرير يصلون القضبان ليصطدموا بغرف قذرة خالية الا من بضع كراسي ولا وجود لموظف يشغلها، والمكاتب علاها الغبار والاهمال ، وأوراق مهملة متناثرة على الارض، تلك الأوراق التي ركضت شهورا للحصول عليها ومررت بعشرات الشبابيك لتحظى بتوقيع احدهم عليها لتجدها مركونة او مرمية على الارض باحدى الزوايا..لا أحد تسأله ولا أحد يسألك (كيف أساعدك؟) ولا حتى (نعم ..ماذا تريد؟) لا أحد يسمع نداء امهاتنا "عيني فدوة ..ماكو احد يسمع؟" وان حالفك الحظ ومر من امامك شبح موظف، فأنه يتجنب التطلع لك لئلا يفتضح جهله، فيجند ذكائه بجواب واحد (معاملتك مو يمنا..ارجع للدائرة التي اتيت منها) ويهرب دون ان يسمع رجائك "كنت هناك وهم أرسلوني لكم....هذه المرة العاشرة!!" بطبيعة الحال الدائرة الاخرى لا تختلف عن غيرها ، فالمواطن اشبه بكرة قدم يتقاذفها موظفوا تلك الدوائر الذين هم اسوأ من أي فريق لاعبيه غير محترفين ولا يعرفون اللعب كفريق ولا يعنيهم فوز فريقهم. فالموظفون لم يمروا بأي فترة تدريبية ولا يعرفون شيئا عن القوانين او القرارات التي تتغير بين حين وآخر، لا يعرفون عن الوظيفة غير أنها وسيلة لإشباع رغبة التسلط والتحكم بالناس، الأمر الذي اعتادوه في العقود السابقة، او محاولة للاغتناء السريع الغير مشروع من خلال ابتزازهم للمواطن فيما اعتادوه من رشاوى يفرضوها ليضاعفون رواتبهم غير مبالين بمعاناة الاخر مادام ليس هناك من يحاسبهم او يعاقبهم على جرائمهم التي اقلها إهانة المواطن إضافة لسرقة أموال الدولة والشعب من خلال الرشاوى والرواتب التي يتقاضوها مقابل تهربهم من المسؤولية وتضييع وقت الدولة والمواطن..
بعض المراجعين افترشوا الأرض الجرداء بانتظار الأمل المفقود فليس لهم القدرة على التفريط بالجهد الذي بذلوه للوصول لتلك الدائرة والاموال التي صرفوها ليعودون بخفي حنين.. البعض نفذ صبرهم وصاروا يشتمون ويسبون ولا يسمعهم غير الذين مثلهم ينتظرون.. ومنهم تمكن منه اليأس وانسحب بعد صرخات لم يعبأ بها المدير الذي لا وجود له ولا الموظف الذي يتلذذ بتعذيب واهانة من هم بحاجة لخدماته دون اي احساس بتعذيب الضمير ولا اي شعور بالذنب فهو لم يخطر بذهنه ان الدولة تدفع له راتبا مجزيا لقاء خدمته لهؤلاء المواطنين.
فقد صارت معظم الدوائر والمؤسسات الخدمية ليست مستحيلة فقط بل كابوسية والموظفون اشبه بالسجانين .. وكما عبر احد المراجعين انهم اشبه "بعقاب من الله لا يلجأ لهم الا من لا حيلة له". فصار لكل منا قصة مع احدى الدوائر تلك، قصة سريالية اشبه بقصص زكريا ثامر، سواء كانت مؤسسة اعلامية او طبية او خدمية ابتداءا من المجالس البلدية لدائرة الهجرة والمهجرين وغيرها . فلا تملك الا ان تخرج محبطا مهزوما لا أمل لك الا بعربة تجوب بها الشوارع الخربة تبيع اللبلبي او الشلغم، الذي تراه اكثر حفاظا على كرامتك من كل (التشلْغم) الذي تجده في تلك الدوائر.

2009







#ابتسام_يوسف_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استغلال المسئولون لصبر المواطنين
- رواية خضر قد والعصر الزيتوني، وجائزة نوبل
- لماذا الكامل شياع؟
- ثقافتنا الاجتماعية
- من ستنتخب أيها العراقي؟
- ناقوس الخطر يدق! فهل حياة لمن ننادي؟
- هل السيد مقتدى ضحية لتياره؟
- ماذا تريد التيارات (الهوائية)?
- البرلمان العراقي وحصان(ة) طروادة
- عام كهرباء وضياء
- تراثنا من اساطير الحضارات العراقية
- لن تأتي حياة
- حلم جبار
- هل يصلح موزارت ما أفسده الارهاب
- مستقبل العراق مرهون بوحدة شعبه
- ما الخطورة التي تشكلها جبهة التوافق !؟
- في يوم مشمس
- هدية اسود الرافدين لشعبهم، شئ من الفرح
- التهديد الامريكي بفوضى بلا حدود
- ابنتي والعراق والشاعر سعدي يوسف


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - ابتسام يوسف الطاهر - دوائرنا المستحيلة