أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مشرق الغانم - الحصان الميت .. قصة للدانماركي يعقوب ستيرموسه














المزيد.....

الحصان الميت .. قصة للدانماركي يعقوب ستيرموسه


مشرق الغانم

الحوار المتمدن-العدد: 2530 - 2009 / 1 / 18 - 05:53
المحور: الادب والفن
    



ترجمة مشرق الغانم
كان من الضروري والواجب أيضاً,أن يدفن هذا الحصان,الذي مات منذ فترة طويلة على ما يبدو.
هذا ما همس به الشيخ والطفل,بعدما صدمهما مشهد تعفن وإنتفاخ الحصان.
كان الحيوان نصف المتعفن,ملقياً في قعر الوادي,ويبدو أن فارساً ما قد تركه هناك,
لكي يلقى هذا المصير.
ولكن لم يره أحد ماشياً.
لقد توارى عن الأنظار منذ أسابيع عديدة.ومع هذا ما زالا ينتظران, الشيخ والطفل ,
كانا جالسين على مدار الوقت,منذ شروق الشمس الى هذا المساء.الخيَّال الذي ابتلعته
الريح,كأنه ذاب بعيداً عند حافة العالم,هناك بقيا مسمّري النظر خلف غيابه الغامض,
على أمل مرير بالرجوع.
من القمة أعلى سفح الوادي,كانا يجوبان بنظرهما المرتفعات والمنخفضات,في السهل المترامي الأطراف,الذي يمتد فوق التلال,بينما يتراءى لهما بين الحين والآخر
خَيَال قامة إنسان,هي في الواقع جذع شجرة محروق.
الشمس ما زالت معلقة ً,مثل عليل متورم العينين,من الجهة المقعرة لدرع السماء,
حيث ينبسط شعاع إحتراقها.
أولى الغيوم بدأتْ تبين في الأفق,ولولاها لكانت السماء عادية جدا ً مثلما هي,زرقة
خفيفة وحلم هادئ.
شئ ثقيل من حقيقة,هنا إذ تجتمع الأحلام والآمال في شئ واحد.
ولكن أحداً لم يره ماشياً.
ولم يترك أثراً سوى هذا الحصان الميت.
الشيخ والطفل كانا قد عزما منذ وقت,على أن يحفرا قبراً,بينما الشمس تعلن عن مقدم
المزيد من الغيوم.السماء التي كانت تسلب العقل بألوانها المدهشة,أصبحت ملطخة ً
ببقع كأنها الرماد.وهذا ما دفعهما بقناعة مطلقة أن يحفرا في أسفل السفح.
لم يتبق من جسد الحصان,سوى جلده وبقايا فخذ,بعدما قضى في هذا الوادي.
ذباب كثيف يتطاير حول بقايا الحصان.بينما الشمس تصبُّ حرارتها على الفطيسة
بدون إنقطاع.لذلك ليس ثمة داع لهذا التأخير,وليست هناك فائدة,من هذه الإطالة في عملية الدفن إلى هذا الحد.
قطرات المطر الأولى بدأت تنث,ضئيلة وواهنة,وقد كان هذا كافياً بأن يزيح القشرة
الخفيفة لأرض الوادي.
الشيخ والطفل شرعا بأذرعهما يحفران في الطين,وبأكفهما إنهمكا يزيحان
التراب الذي بدأ يتطين.
الكف تلو الكف.حتى غدت الحفرة واسعة بما فيه الكفاية.وبجهدهما الذي فاق قدرتهما,تمكنا أخيراً من سحب بقايا الحصان إلى قاع الحفرة,وأودعاها إلى القبر
البليل,الذي غُطيَ بكتل التراب والأعشاب.
بينما كان المطر يهطل بغزارة.توقف الأثنان برهة من الزمن وتأملا المكان بأسى,
ثم أدارا ظهريهما إلى القبر ومضيا صعودا ً.
المطر ما زال يعصف.ومن القمة التي وصلا إليها للتو,والتي كانت تشرف على
سفح الوادي,من هناك مدا بصريهما عبر القرية التي كان يغسلها المطر المدرار.
لكن متى سيعود ذلك الخيَّال ؟
فلم يره أحد ماشياً .
السماء كانت تصرخ مطراً,عاصفة من نيران الطلقات.ثقيلة من شدّة السقوط,ومبللة
من الألم.كانت الريح تُجَمّدُ الخدود وحبات البَرَد تجلد الوجه,دون جراح,إنما تذوب
مُلهبةً قشعريرة الجلد,صوت المطر يصمُّ كل شئ,فيما الشيخ قد سمح لرؤيته أن تمسَّ السماء.
كان هنالك شخص يردد مع نفسه بصوت خفيض:
أهي دائماً هكذا ؟
ثم مسك يد الطفل ولاذا بعيداً في الوادي..
لا أحد رآه ماشياً
ولا أحد أيضاً رآهما ماشيين .
إنشقت السماء والمطر يهطل عاصفاً.الأرض كأنها ذابت. ببطء أصبح الوادي ممتلئاً
بالمياه الموحلة ..
لكن أحداً لم يرَهما ماشيين .
في الأخير كان الفيضان قد جرف الحصان الميت المقبور,الذي لم يبق منه سوى نصف جمجمة ضاحكة باتجاه الغيوم السوداء .
أهي دائماً هكذا ؟


*يعقوب ستيرموسه كاتب دانماركي.
______________________
[email protected]



#مشرق_الغانم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث قصائد أيضا ً
- طائر الأرق
- ثلاث قصائد
- ذهب الرخاوة
- تقاسيم
- طيور الأرق
- المحكوم بالإعدام
- قصيدة
- كل هذي الفضاءات لا تتسع لصرختي
- إنبهار الأعمى
- قصائد


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مشرق الغانم - الحصان الميت .. قصة للدانماركي يعقوب ستيرموسه