أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - هوشنك بروكا - مسعود بارزاني: كردستان في الإتجاه الخطأ















المزيد.....

مسعود بارزاني: كردستان في الإتجاه الخطأ


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2528 - 2009 / 1 / 16 - 09:33
المحور: القضية الكردية
    


أثارت تصريحات رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني التي أدلاها لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" مؤخراً، ردود فعلٍ شعبيةٍ ورسميةٍ، عربيةٍ وأعجميةٍ كثيرةٍ.

التصريحات "النارية" هذه، جاءت "تهديداً" مباشراً لعراق بغداد، ممثلاً برئيس حكومتها نوري المالكي، حيث أعلن فيها الرئيس بارزاني بأنه "سيعمل على فصل الإقليم عن العراق في حال تعديل الدستور العراقي بشكلٍ يقوي صلاحيات الحكومة المركزية، واستمرار ما اسماه بتسلط وانفراد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في اتخاذ القرارات داخل الحكومة العراقية متهمًا اياه بـالانجراف نحو الحكم الاستبدادي، والتقرب إلى القوميين العرب. واضاف ان المالكي يعمل على تطهير قوات الأمن العراقية من الأكراد، محذرًا من انه اذا استمر بما قال انها محاولاته لإجراء تعديلات على الدستور وتغيير روح عراق ما بعد صدام حسين فمن الممكن أن ينظر الأكراد في إعلان استقلالهم عن العراق"(إيلاف، 13.01.09).

هذا التصريح/ التهديد، يذكرنا بتصريحٍ "ناريٍّ" آخر للبارزاني، أطلقه في 26 فبراير 2007، على قناة العربية، "هددّ" به تركيا قائلاً: "اذا اعطى الاتراك الحق لانفسهم بالتدخل في شأن كركوك والتركمان فلنا الحق بالتدخل بشؤون شعب كردستان في تركيا".
وهو الأمر الذي أدى، تاريخئذٍ، إلى ردة فعل تركيةٍ عنيفة، جاءت على لسان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان، قائلاً: "يجب أن يكون الاكراد العراقيون حريصين للغاية في انتقاء الكلمات... والا ستسحقهم هذه الكلمات.. بارزاني تجاوز حدوده ثانية".

وبغرض التخفيف من حدة التوتر بين أكراده وتركيا أردوغان، سارع الرئيس جلال طالباني إلى الإعتذار لتركيا، معرباً عن "أسفه لتلك التهديدات التي أطلقها الرئيس بارزاني ضد أنقرة".

هذا التصريح الداخل في "العاطفي"، والخارج على السياسة، بإعتبارها "فناً للممكنات"، جلب للبارزاني، في حينه، ولكردستانه، الكثير من وجع الرأس، ووجع الموقف، ووجع الكلام الذي لا ينبت منه سوى الكلام، فضلاً عن وجع كردستان الموجوعة أصلاً.

تركيا قصفت كردستان ولا تزال.. تدخلت في كركوك، ولا تزال..وصنعت التركمان على مقاسها، ولا تزال..ولكن السياسة الممكنة، تركياً، التي "سمحت"، ولا تزال، لدولة كبيرة وقوية تملك ثاني أكبر جيش في الحلف الأطلسي، كتركيا، بأن تتدخل في كردستان(التي سيطاردها الأتراك حتى لو كانت كردستاناً على القمر، كما صرّحت تركيا الرسمية مراراً) وشئونها ودخولها وخروجها، كيفما تشاء، لاتسمح السياسة ذاتها، كردياً، بكل تأكيد، ل"شبه دولة" ككردستان، بأن ترد على تركيا، حتى بربع "تدخل مضاد"، أو ربع "حرب مضادة"، كما أعلن الرئيس بارزاني، في "تصريحٍ مضاد" له، لم يؤتِ سوى بصب المزيد من "النار المضاد" في "زيت السياسة المضادة".

اليوم، بعد حوالي سنتين من ذات الخطأ، أعاد البارزاني "التصريح الناري" الخطأ ذاته، محوّلاً وجهته من أنقرة إلى بغداد(ه)، التي يحكمها، ككردي، ب"رئيسٍ للجمهورية، و"نائبٍ لرئيس الوزراء"، و"52 نائبٍ"(من أصل 275) في البرلمان وخمسة حقائب وزارية، فضلاً عن مخصصاتٍ محاصصاتٍ أخرى، متفق عليها، بين أطراف المثلث الحاكم لكل العراق: الشيعي+السني+الكردي.

لا يُنكر، أنّ المالكي يريد في الآونة الأخيرة، حكم العراق بدستورٍ "معدّل"، ينتصر فيه للمركز(بغداد) على الأقاليم. فهو يقولها علناً، أريد للعراق أن يكون "عراقاً قوياً"، "يحكمه المركز ولا تضعفه الفيدراليات". فالدولة الإتحادية، حسب المالكي "لا تعني حكومات فيدرالية قوية في ظل حكومة مركزية ضعيفة..بل على العكس..فالفيدراليات لن تستمر من دون دولة مركزية قوية"، على حد قوله.
المالكي، يعني بكلامه هذا، الأكراد وإقليمهم بالدرجة الأساس، وهو الأمر الذي أدى إلى بروز "قلق كردي" إزاء مستقبل كردستانهم، التي يريدون لها أن تكون "إقليماً عراقياً قوياً" في عراقٍ قوي، كما يصرّح القادة الكرد، في كل مناسبة.

هذا الخلاف المستمر على طبيعة العلاقة بين "المركز والأطراف"، هو الخلاف الأساس الذي حالَ، حتى الآن، دون وصول بغداد وهولير إلى حلولٍ مرضية وناجعة، للملفات الساخنة التي لا تزال عالقةً بين العراقَين المتنازعّين، أهمها قضية كركوك، وحصة الإقليم الكردي في الميزانية، وموزانة البيشمركة، والعقود النفطية المبرمة بين هولير وشركات أجنبية، والتي تعتبرها بغداد "غير دستورية".

إلى هنا، تبدو "قضية كردستان" كإقليم عراقي "داخلية"، يمكن الوصول إلى حلول "داخلية"، عبر "العقل الداخلي"، لكل الداخل العالق، في عراق الداخل، بين العرب وأكرادهم الداخليين.

إلا أنّ تصريح البارزاني الأخير، حوّل وجهة القضية الكردية في العراق، من "قضية داخلية" إلى "قضية خارجية"، ومن قضية كردستان ك"إقليم" و"داخل" في العراق، إلى كردستان كقضية "دولة مستقلة"، "منفصلة" عن العراق، و"خارجة" عليها.

لا شك، أن الكرد(كل الكرد) كأمة يتجاوز تعدادها ال40 مليون نسمة، لها كل الحق في أن تقرر مصيرها بنفسها، وأن تستقل في كردستانٍ أو "كردستاناتٍ، تجمع جهاتهم المشتتة بين أربعة دول، هي سوريا، العراق، إيران وتركيا، وهو حقٌ أكثر من مشروع لشعبٍ مشروع، ومتفقٌ عليه، في الصكوك والمواثيق والمعاهدات الأممية، ذات الشأن.

ولكن الحق شيء، وإمكانية "تحقيق" هذا الحق شيءٌ آخر، تماماً.

في آخر رسالةٍ مفتوحةٍ له، قبل أسبوعين، بعثها بمناسبة الأول من الزمان الجديد، من السنتين الميلادية والهجرية، إلى "الأوساط العربية الشعبية والرسمية من أجل إزالة الإلتباسات في الفهم وتعزيز التفاهم المشترك"، تحدث البارزاني مطولاً عن "نعمة" الإتحاد الإختياري الفيدرالي، و"ديمقراطيته الإنسانية المزدهرة الفذة"، قائلاً: "ومما يبعث على الإرتياح أن الطرفين إنتهيا الى التعايش السلمي على اساس إتحاد إختياري ديمقراطي حر مزدهر، وذلك على أساس الإعتراف الدستوري والقانوني والسياسي بحق شعب كوردستان في إدارة شؤونه على اساس هذا الإتحاد الفدرالي. وهي تجربة ديمقراطية إنسانية فـذّة يقدمها العراق الجديد، بعد تحرره من الدكتاتورية والسياسات الشوفينية، وستكون منارة لشعوب ودول الشرق الإسلامي".
وبعد سرده لتاريخ "الأخوة العربية الكردية"، وعلاقات "الشعبين الأخوين"،"التأريخية والثقافية وإلإجتماعية والدينية" والتي "امتزجت بطموحات وأهداف سياسية مشتركة من اجل الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية، طالما جرى الحديث عنها"، ختم البارزاني كلامه "الأخوي" هذا، ب"ضرورة" العيش المشترك للشعبين، في عراقٍ، إتحاديٍّ، إختياريٍّ، فيدراليٍّ، واحدٍ، راهناً، أو في الممكن الراهن من السياسة الراهنة، في الأقل.

هذا الكلام الواقعي، في الراهن الموجود من العراق الواقع، هو في رأيي، عين العقل، أو خير عقلٍ لخير عراقٍ، الآن، بعربه وأكراده وسائر مكوناته وأقلياته الأخرى.

فما الذي تغيّر من العراق في غضون أقل من أسبوعين، ليغير الرئيس بارزاني رأيه في قضية الموجودين من الأكراد في العراق الموجود، من قضية "كردستانٍ في ومع العراق"، إلى قضية "كردستانٍ مستقلةٍ خارجةٍ عن العراق"؟

من حق البارزاني، بالطبع، أن ينتقد المالكي وحكومته، ككردي من وإلى عراق الداخل، وأن يصفه بالصفات "الديكتاتورية" وأخواتها، كما يشاء، ولكن هذا لا يبرر ركوبه ل"ديكتاتورية مماثلة"، بحق مستقبل كردستانه، وبالتالي زج أكراده في "قرارٍ ديكتاتوري" مغامر، أو طريقٍ مسدودٍ مجهول العواقب.
من حقه، أن يطالب، متوافقاً مع نسبة أكراده في العراق، بالمزيد من العبور الكردي إلى بغداد، وبالمزيد من اليد العليا والسلطة الفعلية فيها، ولكن هذا لا يعني "تهديد" بغداد ب"هوليرٍ" لا تستطيع إلى ما صرح به البارزاني سبيلاً.

كردستان، ستبقى حلماً جميلاً، يراود أكرادها، في كل جهاتها المشتتة قاطبةً، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، ولكن هذا الحلم، لن يُعبر ولن يوصل إليه، كردياً، بهكذا "تهديداتٍ عابرةٍ"، يمكن قراءتها، في سياق "الغضب السياسي"، أو "سياسة الغضب"، أو كضربٍ من الكلام الغاضب في جبهة الكلام المضاد.
تصريح البارزاني الأخير، هذا، والذي وُصف على مستوى البعض الحكومي في بغداد، ب"الإنتحار السياسي"، يمكن قراءته، بإعتباره "كلاماً غير مناسبٍ في المكان والزمان غير المناسبَين"، وبالتالي "كلاماً نارياً" لتسخين الشارع الكردي، وتصويبه نحو جبهة "الخطر الخارجي"، لإلهائه عن "الداخل الكردي المستفحل"، لا سيما وأن الكرد في شوراعهم ، كغيرهم من "شعوب الشوراع" الجارة، يفكرون بقلوبهم، ويعملون في السياسة بحناجرهم، ويمشون على عقولهم.

ما أطلقه البارزاني من تهديدٍ ل"بغداد" ب"هولير"، أو تهديد ل"العراق العربي"، بخروج "العراق الكردي" عليه، وبالتالي الإنفصال عنه، هو في الراهن من العراق، كلامٌ في "السياسة الخطأ"، نحو "كردستان الخطأ".

كردستان الآن، داخل العراق، هي شبه دولة داخل دولة معلومة، برئيس معلوم، وبرلمان معلوم، وحكومة معلومة.
أما كردستان المستقلة، فيما لو وقعت، في القادم من العراق، كما يريد لها تصريح البارزاني الأخير، أن تخرج على العراق، وتنفصل عنه، فستكون على الأغلب، دولةً مجهولةً، ستدفعها "الجهات العدوة" الجارة إلى أكثر من مجهول.

كردستان في اليد، أفضل من ألف كردستان على الشجرة.



#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد مشعل: سياسة طهي الدين
- دول الشوارع
- فلسطين المحتلة مرتين
- د. النابلسي من -الإخوان الجدد- إلى -المعتزلة الجدد-(2/2)
- د. النابلسي من الإخوان الجدد إلى المعتزلة الجدد(2/1)
- -ثقافة- الحذاء
- الباحثون عن ذواتهم
- وماذا عن فوق كردستان كساد الفساد؟
- نيجيرفان البارزاني في فخ القرضاوي
- الأردوغانية: كذبة -تركيا العدالة- الكبرى
- الأكراد الحمر
- أمريكا المعتدية وسوريا المتعدّية
- تركيا أتاتورك و-أتاكُرد- كردستان
- عراق الأكثريات الديكتاتورية
- سجن الدنيا في الدين..لماذا؟
- سلام الأسد، الناقص والضعيف
- طرد العراق من العراق
- كذبة كردستان العلمانية!
- قف لنبكِ
- جمهورية المعتقلات -الطيبة-


المزيد.....




- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...
- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين
- بعد إدانتهم بـ-جرائم إرهابية-.. إعدام 11 شخصا في العراق
- السعودية وقطر تُعلقان على تقرير اللجنة المستقلة بالأمم المتح ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - هوشنك بروكا - مسعود بارزاني: كردستان في الإتجاه الخطأ