أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - إسرائيل تريد إلقاء مسئولية أمن غزة على »الناتو«.. وعبء الاقتصاد على الاتحاد الأوروبى.. ومصر















المزيد.....

إسرائيل تريد إلقاء مسئولية أمن غزة على »الناتو«.. وعبء الاقتصاد على الاتحاد الأوروبى.. ومصر


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2530 - 2009 / 1 / 18 - 08:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


»الاقتصاد« ليس بعيدا عن »السياسة« فى هذه الحرب الوحشية التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة، بل هما متداخلان ومتشابكان، وقد حاولت الدولة اليهودية أن تستخدم كلا منهما لخدمة الآخر فى السنوات التى سبقت هذا العدوان الغاشم الذى لم يتقرر فجأة وإنما جاء نتيجة تخطيط مبيت منذ سنوات.
وإذا أردنا أن نمسك ببداية خيط هذا التداخل بين الاقتصاد والسياسة فيما يتعلق بالممارسات الإسرائيلية الاستعمارية إزاء قطاع غزة، والضفة الغربية بطبيعة الحال، فإننا سنجد هذه البداية تعود إلى الأيام السوداء لهزيمة يونية 1967. فمنذ احتلال القطاع ــ والضفة ــ فى أعقاب »النكسة« انتهجت إسرائيل سياسة اقتصادية هدفها جعل اقتصاد المناطق المحتلة بلا قاعدة إنتاجية مستقلة، بل أن يكون هذا الاقتصاد خادما للطلب فى السوق الإسرائيلى.
وظل هذا هو واقع الحال حتى اتفاقات أوسلو وما أعقبها من انسحاب إسرائيلى من الضفة والقطاع، وقيام ما أسميناه بــ »السلطة الوطنية الفلسطينية«.
وتحدثت دوائر عالمية وعربية وفلسطينية عن »أحلام« تطور الاقتصاد الفلسطينى فى الأراضى الفلسطينية »المحررة«. لكن كل هذه الأحلام سرعان ما تبخرت، بل تحولت إلى كوابيس.
فليس صحيحا أن الاقتصاد الفلسطينى بدأ رحلته مع المعاناة بعد الصعود السياسى لحركة »حماس« فقط، وإنما بدأ قبلها. بل إن فوز حماس فى الانتخابات التشريعية كان هو ذاته رد فعل شعبى ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث كانت البطالة وقتها تتجاوز 60% من إجمالى القوى العاملة، وكانت 61% من الأسر الفلسطينية تعيش تحت خط الفقر البالغ 350 دولارا فى الشهر للأسرة الواحدة »حسب الأونكتاد«، كما ارتفع معدل التضخم إلى نحو 20%، وتراجعت قدرة المواطنين الفلسطينيين على تأمين قوت يومهم.
وفاقت اتفاقات أوسلو أزمة الاقتصاد الفلسطينى، حيث زاد اعتماده على إسرائيل وتبعيته للاقتصاد الإسرائيلى، نتيجة بروتوكول باريس فى إبريل 1994 ــ فى إطار اتفاق أوسلو ــ والذى زاد من ارتباط الاقتصاد الفلسطينى بالاقتصاد الإسرائيلى فى إطار اتحاد جمركى، ولو غير كامل، وأيضا نتيجة لما نص عليه هذا البروتوكول من أحقية الحكومة الإسرائيلية فى التحكم بالتحويلات الموجهة للسلطة الفلسطينية بالإضافة إلى تحكمها فى مستحقات »السلطة« من إيرادات الجمارك وضريبة القيمة المضافة وحقوق المقاصة، التى تشكل أحد الموارد المهمة للموازنة الفلسطينية.
يضاف إلى ذلك أن هذه الاتفاقات أدت إلى زيادة اعتماد الاقتصاد الفلسطينى على »المانحين«، أى »المساعدات« الأجنبية، وبطبيعة الحال فإنه لا توجد فى السياسة الدولية أعمال خيرية أو مساعدات لوجه الله وإنما كل مليم وكل سنت يكون مشروطا بألف شرط وشرط.
وبعد أن فازت »حماس« فى الانتخابات وانتقلت من المعارضة إلى الحكم زادت الأوضاع الاقتصادية سوءا. فحركة حماس حصلت على هذه الشعبية الواسعة التى أوصلتها إلى مقاعد الحكم لأسباب متعددة منها معارضتها لاتفاقات أوسلو. لكن كراسى الحكم التى وصلت إليها مصنوعة بحبر هذه الاتفاقات وأموال الدول المانحة التى لم تقدمها إلا بشروط كثيرة من بينها الصلح مع الدولة اليهودية والاعتراف بها والخضوع لمشيئتها.
وكان هذا هو أحد التناقضات الذاتية التى واجهتها »حماس« من اللحظة الأولى لأن تسلمها للسلطة يجعلها ــ شاءت أم أبت ــ وريثة لمسار أوسلو. وكان عليها أن تأخذ نصيبها من هذه »التركة« أو تدفع الثمن.
وكان دفع الثمن هو ما حدث.. وبدأ »الحساب« بلغة الاقتصاد قبل أن يصل إلى لغة السلاح والحرب الوحشية.
وكان السلاح الاقتصادى المفضل لدى الإسرائيليين هو سلاح الحصار والتجويع. واتخذ هذا الحصار مسارا متدرجا فقد تزامن مع فوز حماس بالانتخابات التشريعية، ثم جرى تشديده بعد عملية »الوهم المتجدد« فى 25 يونية 2006 التى أدت إلى أسر الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط، أغلى جندى فى العالم.
ثم ازداد الحصار صرامة وقسوة، وأصبح دوليا وعربيا أيضا وليس إسرائيليا فقط، بعد الانقلاب الذى قامت به حركة »حماس« وانفرادها بالسلطة فى غزة. حيث قامت إسرائيل بإغلاق المعابر الستة التى تربطها بقطاع غزة، وهذا يعنى منع دخول المواد الخام اللازمة للصناعة، مما أدى إلى إغلاق 3500 مصنع ومشغل وتشريد 120 ألف شخص يعملون بها، وسد الطريق أمام الصادرات الزراعية التى يتم إنتاجها فى غزة، ومنع خروج رجال الأعمال الفلسطينيين للالتقاء بنظرائهم الفلسطينيين فى الضفة الغربية، أو حتى فى إسرائيل، علما بأن قطاع غزة يحتاج يوميا إلى 600 طن من القمح و72 طنا من الأرز و43 طنا من الزيوت و6 أطنان من الشاى و230 طنا من الألبان.
إنه الخنق الكامل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لكن ذلك لم يكن كافيا لإسرائيل، بل إنها ذهبت أكثر من ذلك إلى إلغاء الكود الجمركى لقطاع غزة، وهو ما أدى إلى إيجاد أوضاع اقتصادية خطيرة، نظرا لأن الكود الجمركى هو بمثابة رقم دولى يتم من خلاله السماح بمرور البضائع عبر الأراضى الإسرائيلية. وهذا الكود الذى يمثل جزءا من اتفاقية باريس الاقتصادية هو الذى يسمح للمستوردين الفلسطينيين باستيراد أى سلعة، وبإلغائه أصبح ذلك مستحيلا مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة.
وأكثر من ذلك أعلن أكبر بنكين فى إسرائيل مقاطعتهما للبنوك الفلسطينية.
وبالتوازى مع ذلك قرر الاتحاد الأوروبى تجميد المساعدات الهزيلة التى كان يقدمها للفلسطينيين عقابا لهم على ممارسة حقهم الديموقراطى وانتخاب »حماس«.
وبصرف النظر عن أن هذا القرار الأوروبى يمثل عقابا جماعيا للفلسطينيين ومشاركة مباشرة فى حرب التجويع التى يتعرض لها سلفا، فإنه زاد الطين بلة. وبالنتيجة تقدر الدراسات أن إعاقة التصدير من غزة إلى الخارج أدت إلى خسائر فى المواد الغذائية فقط تزيد على 3 مليارات دولار، وخسائر فى قطاع النسيج والملابس الجاهزة بالقطاع بنحو 3 مليارات دولار أخرى، هذا غير الخسائر فى باقى القطاعات الصناعية، إضافة إلى تضرر قطاعات مياه الشرب والصرف الصحى التى تدهورت إلى الحد الذى يهدد بكارثة بيئية وصحية.
ومحصلة ذلك كله أن أكثر من مليون شخص من إجمالى عدد سكان قطاع غزة الذى يبلغ مليونا ونصف المليون، أصبحوا يعتمدون على مساعدات الوكالات »الإنسانية« الدولية والمؤسسات الاجتماعية، وهذا مجرد مؤشر واحد على انهيار الاقتصاد فى غزة بالكامل.
وعلينا أن نضع هذه الصورة القاتمة فى أذهاننا ونحن نستمع إلى مطالبة أهل غزة الملحة بفتح المعابر، وإنهاء الحصار، لأنها ببساطة هى شرايين الحياة، إذا أغلقت أصبح الاستمرار على قيد الحياة من رابع المستحيلات.
وكان هذا هو الوضع قبيل العدوان الإسرائيلى الوحشى الأخير على غزة، وقبيل رفض حماس تجديد »التهدئة«.
والواضح من العرض السابق أن إسرائيل تستخدم الاقتصاد كسلاح سياسى ضد الفلسطينيين لاجبارهم على الركوع وأن هذا السلاح الاقتصادى لا يقل فتكا وبشاعة عن الأسلحة النارية.
أضف إلى ذلك أن إسرائيل تستخدم هذا السلاح الاقتصادى، بوحشية، لتحقيق هدف آخر هو اجبار الفلسطينيين على »الخروج« من هذا الجحيم الذى لا يطاق.. والمكان الوحيد المتاح الذى تترك الدولة اليهودية الباب مواربا له هو سيناء المصرية.
وعلينا أن نتأمل ما قاله أفيجدور ليبرمان وزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلى من »أن المعاناة فى غزة لم تعد من مشاكل الدولة اليهودية، وينبغى نقل المسئولية الأمنية فى قطاع غزة إلى حلف شمال الأطلنطى (الناتو)، ونقل المسئولية عن الاقتصاد والحاجات الإنسانية إلى الاتحاد الأوروبى«، بينما يفضل مسئولون إسرائيليون آخرون أن يتم إلقاء عبء غزة على عاتق مصر.
وعلينا أن ننتبه إلى تلك النوايا المبيتة وألا نستهين بها.. كالعادة.
وربما يكون تأمل هذه البنية الاقتصادية لقطاع غزة التى ربطتها إسرائيل أولا بالاقتصاد الإسرائيلى وجعلتها تابعة تماما له، ثم دمرتها بالكامل فى عدوانها الوحشى الأخير، الذى دمر »اقتصاد الأنفاق« ضمن ما دمر وهو الاقتصاد الذى قام على تهريب الاحتياجات الضرورية لمجرد البقاء عن طريق حفر شبكة من الأنفاق من رفح الفلسطينية إلى رفح المصرية.. ربما يكون عنصرا إضافيا من العناصر التى نضعها فى اعتبارنا أثناء مراجعتنا المطلوبة لاستراتيجية »الدولتين« ــ دولة فلسطينية إلى جانب الدولة اليهودية ــ والأسس الموضوعية لهذه الاستراتيجية.
فهل توجد مقومات اقتصادية حقا لدولة فلسطينية، وهل توجد ــ بالأحرى ــ مقومات اقتصادية لـ »إمارة« إسلامية حمساوية فى غزة ودويلة »فتحاوية« فى الضفة الغربية، أم أن ذلك يقودنا إلى التفكير فى استراتيجية نضالية بديلة.. بعد ما ذقناه من ذل وهوان، وبعد كل ما تعرض له الشعب الفلسطينى من مذابح ومجازر وآلام تنوء بها الجبال؟!




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرر من الأوهام
- التوافق الوطنى المفقود.. فى مواجهة زلزال غزة
- مفارقات دبلوماسية!
- إزالة آثار عدوان غزة
- يا رجال الإعلام العرب.. اتحدوا
- إعادة النظر فى كعكة «السلطة» المسمومة
- نحن أفضل من أمريكا وأحسن من الغرب .. ولو كره الكافرون!
- فقه الأولويات: إسرائيل هى العدو الآن .. يا عرب
- فضيحة تغريم جابر عصفور
- دبرنا يا وزير الاستثمار .. السطو على -قلب- القاهرة!
- -عيد- الفساد!
- عالم ما بعد الولايات المتحدة
- حذاء -منتظر الفرج-!
- عشاء -علمانى- .. مع أمين عام منظمة المؤتمر -الإسلامى-
- من الذي يريد تعطيل القطار الهندى؟
- اليمين المصرى يرتدى قمصان الشيوعية الحمراء!
- نقيب النقباء .. كامل زهيرى
- هل يشكل طه حسين حكومة الأمل؟!
- اكتشافات كامل زهيرى الرائعة
- رغم الاحتفالات بالمئوية: فضيحة ثقافية تهدد الفنون الجميلة


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - إسرائيل تريد إلقاء مسئولية أمن غزة على »الناتو«.. وعبء الاقتصاد على الاتحاد الأوروبى.. ومصر