أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - التجاني بولعوالي - خيار المقاطعة الاقتصادية، نموذج مطاعم الماكدونالدز















المزيد.....

خيار المقاطعة الاقتصادية، نموذج مطاعم الماكدونالدز


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 2527 - 2009 / 1 / 15 - 08:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


إن خيار المقاطعة الاقتصادية يعتبر في الظرف الحالي، الذي يعاني فيه المسلمون من الوهن السياسي والعسكري، أنجع وسيلة لمواجهة الأعداء، لا سيما العدو الصهيوني، علما بأن اليهود عبر التاريخ يؤمنون أكثر من غيرهم من الشعوب بتأثير البعد الاقتصادي على حياة الإنسان، لذلك نراهم وقد انخرطوا في مختلف ميادين التجارة والمال والاقتصاد والأسواق، وأي كساد يصيب نشاطهم التجاري، إلا ويرون فيه انقراضا أو تراجعا لنفوذهم وتأثيرهم الذي يمتد إلى ما هو سياسي وفكري وإعلامي، ما دام أنهم يملكون القوة المادية التي يستحوذون بها على تلك المجالات الحيوية والمصيرية.
لذلك نرى أن الصهاينة يتوجسون خيفة من أي مقاطعة اقتصادية لأنشطتهم التجارية والمالية من قبل المسلمين، الذين يشكلون أضخم سوق شرائية واستهلاكية في العالم، التي تدر أرباحا خيالية على كل مستثمر فيها، مما جعل الشركات العالمية العملاقة المتعددة الجنسيات، وأغلبها يملكها أو يديرها اليهود، تتجه في العقود الأخيرة إلى مناطق العالم الإسلامي، إلى درجة أن عواصمها ومدنها الكبرى أصبحت لا تختلف عن مثيلاتها في أوروبا وأمريكا، كما أنها استنسخت استنساخا! هكذا فإن من شأن تلك المقاطعة أن تخلق تهديدا ملموسا للوجود الصهيوني على أرض فلسطين المستلبة، ما دام أنه يقتات على مداخيل وعوائد تجارته المربحة الموجهة إلى المسلمين، ومساعدات الشركات اليهودية العالمية التي تقدم للكيان الإسرائيلي في شكل ضرائب أو تبرعات، لأن أي كساد يعتري تلك التجارة، إلا ويربك أصحابها من يهود وغربيين متعاطفين معهم، ويدفعهم إلى مراجعة حساباتهم من جديد، وسوف يكتشفون بالتأكيد قيمة السوق الإسلامية وأهميتها الاقتصادية لهم، مما سوف يحملهم على التفكير في العديد من الحلول، التي تمكنهم من الخروج من ذلك المأزق الاقتصادي العارم.
إن التاريخ يشهد على مكر اليهود وخداعهم، وهم يوظفون هذا السلوك في مختلف معاملاتهم اليومية والتجارية والسياسية وما إلى ذلك، وبمجرد ما بدأت تعلو أصوات المقاطعة الاقتصادية، سواء للشركات التي تورطت دولها في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، أم للتي ثبت دعمها المادي للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة، رأينا أن ذويها عمدوا إلى استخدام الحيل وذلك بتغيير اسم المنتوج، أو عدم ثبت المكان الذي يصنع فيه، أو غير ذلك، وتقديم التبريرات على أن شركاتهم لا تدعم آل صهيون، وأنها ضد ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، بل ومنها من يشارك في مظاهرات منددة بالعدوان الصهيوني، ويشارك في أنشطة مساندة للقضية الفلسطينية، وما إلى ذلك.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى مطاعم الماكدونالدز الأمريكية التي تنشط في معظم بقاع العالم، ويثبت أكثر من مصدر بأنها تدعم المشروع الصهيوني، وقد وجدت هذه المطاعم في العرب والمسلمين خير مستهلك لمنتوجاتها، حيث يعتبر أبناء المسلمين من الجيل الأخير أكثر من يقبل عليها في المدن الغربية الآهلة، ولم يقتصر الأمر على الغرب فقط، وإنما تعداه إلى دول العالم العربي والإسلامي، التي اجتاحتها موجة هذه المطاعم ذات الوجبات السريعة واللذيذة، وقد صارت تنبت كالفطر في أغلب المدن العربية والإسلامية. ولم ينج المغرب من هذه الظاهرة، حيث أسست هذه المطاعم في الكثير من مدنه الكبرى، فأصبحت ملاذا دافئا لشريحة عريضة من المواطنين والشباب، مما جعلها توسع من نفوذها ونشاطها الاقتصادي، فغدونا نسمع بين حين وآخر، أن مطعما جديدا للماكدونالدز فتح أبوابه في هذا الحي، أو في هذه المدينة!
هكذا فإن العدوان الصهيوني الأخير على غزة، وما خلقه من أجواء متشنجة وساخطة، تجلت في مختلف المظاهرات الحاشدة المنددة بالكيان الإسرائيلي، وما تبلور أثناءها من دعاوى إلى المقاطعة الاقتصادية للشركات الغربية الداعمة لإسرائيل، وعلى رأسها الشركات التي تمارس أنشطتها التجارية والمالية داخل المغرب، وتعتبر مطاعم الماكدونالدز واحدة منها، هذه الحالة الطارئة سوف تدفع، لا محالة هذه المطاعم إلى التحرك والحفاظ على نفوذها في الواقع المغربي، لأجل ذلك فقد أصدرت تصريحا تثبت من خلاله أنها لم تخصص، كما كان رائجا، مداخيل مطاعمها ليومي السبت والأحد لدعم إسرائيل. كما أن متحدثة باسم هذه المطاعم أوضحت لجهات إعلامية مغربية أن "هذه الأخبار غير صحيحة بالمرة وكل ما يتم الترويج له حول هذا الموضوع مجانب للصواب". وقد جاء في موقع جريدة هسبريس الإلكترونية المغربية أنه "يتوقع مهتمون أن تطلق "ماكدونالدز" حملة واسعة للدعاية للقضية الفلسطينية في المغرب، تشدد فيها على مساندتها لكفاح الشعب الفلسطيني وتنديدها بالمجازر التي ترتكبها إسرائيل، من أجل مواجهة الكساد الكبير الذي قد يلاحق محلاتها بسبب حملة المقاطعة التي تتبناها جمعيات وهيئات مغربية والذي من المنتظر أن يلقى تجاوبا شعبيا عارما".
إن تحرك هذه المطاعم بهذه الصيغة، يكشف عن دهاء أصحابها الذين يزعمون أنهم مغاربة كسائر إخوانهم العرب يساندون القضية الفلسطينية، أليس هذا قمة السخافة، لا سيما وأن الجميع يدرك أصل هذه المطاعم وحقيقتها، التي إن كان أصحابها مغاربة، فلماذا فضلوا أن يستعملوا هذا الإسم الدعائي البراق، عوض اسم آخر، يستعيرونه من البيئة المغربية أو من المعجم العربي أو حتى الأمازيغي، أحبا في صاحبه، أم سعيا إلى مزيد من الشهرة والرواج، ثم أتسمح القوانين الدولية الاقتصادية والاستثمارية بتوظيف هذا الإسم ذي الشهرة العالمية الساحرة التي لا تقاوم، علما بأن استخدام أي اسم لمنتوج (ماركة) عالمي مشهور، دون ترخيص يثبت حق الاستخدام، يعرض صاحبه للمتابعة القضائية والعقوبة المادية، فما بالك ومطاعم الماكدونالدز التي طبقت الآفاق!
إن ثمة أكثر من معطى يثبت بأن شركة الماكدونالدز باتت تشكل قوة رأسمالية احتكارية ضخمة، فمطاعمها تغطي 119 دولة في العالم، بـ 30 ألف مطعم تستخدم أكثر من 160 ألف عامل، يوجد منها في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي 247 مطعما، وأكثر من ذلك فإن الشركة تملك جامعة أسست سنة 1961 بولاية ألينوي، وفتحت جامعة جديدة ضخمة في مدينة شيكاغو، أطلقت عليها جامعة (الهمبرغر)، لها فروع في العديد من دول العالم كالبرازيل وبريطانيا واليابان واستراليا وهونغ كونغ، تستقطب طلابا من مختلف الجنسيات بما في ذلك العربية والإفريقية، تدرس لهم علم (الهمبرغر) أو (الهمبرغرلوجي)، ويتخرج من الجامعة سنويا حوالي 5800 طالب، حيث بلغ عدد المتخرجين منذ تأسيس النواة الأولى للجامعة سنة 1961 إلى أكثر من 73 ألف طالب! أما بالنسبة إلى مبيعات مطاعم الماكدونالدز الإجمالية، فقد بلغت سنة 2003 حوالي 17 مليار دولار! وتنضوي مطاعم الماكدونالدز المغربية تحت رئاسة مارفين ويلي، رئيس فروع ماكدونالدز في الشرق الأوسط وأفريقيا وأسيا، الذي يشرف على نحو 2800 مطعم، منتشرة في 25 بلدا. (للمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على مقال: "الهمبرغر لوجي" علم جديد يقرب بين مفاهيم الشرق والغرب، لمحمد الشافعي، منشور في جريدة الشرق الأوسط، الاثنيـن 12 شعبـان 1425 هـ 27 سبتمبر 2004 العدد 9435).
من هذا المنطلق، فالتصريح الذي يقول بعدم ضلوع مطاعم الماكدونالدز المغربية في دعم إسرائيل، لا محل له من الإعراب في السياق الحالي المطبوع بتداعيات العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة، فذلك النفي يظل غير منطقي، وغير مقبول، لأنه إن كان يبرئ ذمة تلك المطاعم على الصعيد المغربي، فإنه لا يبرئ ذمتها على المستوى الغربي والعالمي، ثم إنه إن كان يثبت أصل أربابها المغاربة، فإنه لا ينفي أصلها الأمريكي المتصهين. ورحم الله تعالى من صاغ هذا المثل، الذي وإن قيل في سياق مغاير، فإنه قد يسري، بشكل أو بأخر، على هذه الحالة: هذا الشبل من ذلك الأسد! أليست إذن مطاعم الماكدونالدز المغربية هذه شبلا، من ذلك الأسد الذي هو شركة ماكدونالدز الأمريكية العملاقة.



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف العرب من العدوان الإسرائيلي بين غضب الشعوب واستجداء الأ ...
- موقع العالم العربي والإسلامي من مجتمع المعرفة
- كيف يمكن للدولة المغربية أخذ العبرة من فيضان الدريوش؟!
- الإسلام بين الغرب الأيديولوجي والغرب الحضاري
- موقع العرب من شبكات المعرفة
- كتاب الانترنت الجدد ومثقفيه هم خوارج الثقافة العربية/حوار
- الإسلام والأمازيغية؛ نحو فهم وسطي للقضية الأمازيغية
- انتصار الحق في مواجهة نبي الشر!
- رسم كاريكاتوري يشعل غضب مسيحيين هولنديين
- قطار التحول لم يقلع بعد في المغرب!
- طقوس الهزيمة
- وثيقة اعتراف في حضرتك
- ثنائية الأسطوري والواقعي في أنطولوجيا الحب
- الشباب الهولندي ذو الأصل المغربي على قمة هرم الإجرام!
- زْزْزْزْزْزْزْزْ...
- عندما يصبح الشعب مجرد قطيع ضال!
- عن العولمة ومجتمع المعرفة وأزمة المجتمعات العربية ج2
- عن العولمة ومجتمع المعرفة وأزمة المجتمعات العربية
- التعليم عن بعد.. الإعلام عن بعد؛ رهان المستقبل الواعد
- إلى متى يستمر إقصاء الإسم الأمازيغي؟


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - التجاني بولعوالي - خيار المقاطعة الاقتصادية، نموذج مطاعم الماكدونالدز