أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سامح سعيد عبود - النظريات الماركسية ليست كقوانين نيوتن















المزيد.....

النظريات الماركسية ليست كقوانين نيوتن


سامح سعيد عبود

الحوار المتمدن-العدد: 2525 - 2009 / 1 / 13 - 09:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



ربما تكون النظريات الماركسية هى الأكثر اقترابا من الحقيقة الاجتماعية من بين الكثير من النظريات الاجتماعية، لكنها لن تبلغ هى أو سواها ، ما اقتربت به قوانين نيوتن الشهيرة فى الفيزياء من حقائق الحركة الميكانيكية، و برغم أن لهذه القوانين حتميتها ويقينيتها و دقتها عند مستوى السرعات البطيئة للأجسام، إلا إنها تفقد الحتمية واليقينية والدقة عند حركة الأجسام بسرعات تقترب من سرعة الضوء. التى تفسرها نظرية النسبية العامة والخاصة.
وبناء على ذلك فإن التعامل مع قوانين التطور الاجتماعى الماركسية كما لو كانت قوانين نيوتن هو من قبيل تحويل الماركسية لدين يقوم على الإيمان وعدم قابليته للدحض، أكثر مما يقوم على المعرفة وقابليته للدحض كما ينبغى لكل علم أن يكون.
الحقيقة أنه لا توجد علاقة مؤكدة وحتمية ودقيقة بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج ، والدليل على ذلك هو أن علاقات عبودية وشبه عبودية مازالت قائمة فى شتى بقاع العالم حتى الآن برغم التطور المذهل فى قوى الإنتاج، حيث تسجل منظمة مكافحة العبودية أن هناك أكثر من 30 مليون عبد فى العالم، يتركزون فى بعض بلاد الجنوب، ورغم أن القوانين والمواثيق الدولية تجرم العمل الجبرى والمجانى، فإنه ظاهرة واسعة الانتشار عبر العالم سواء فى مركزه المتقدم أو فى أطرافه المتخلفة، وهو ما تسجله الكثير من المنظمات الدولية بما فيها منظمة العمل الدولية، وأن بلدا مثل الولايات المتحدة لم تقض على العبودية حتى أواخر القرن التاسع عشر ، فى زراعة القطن و التبغ بولايات الجنوب والتى كانت تستخدم أرقى ما عرفته البشرية من وسائل إنتاج زراعية ، لا تختلف عن ما كانت تستخدمه المزارع الرأسمالية أو التعاونية فى ذلك الوقت.
الغريب أنه بالرغم من أن ما تم ذكره حقيقة شائعة، فقد تبنى ومازال يتبنى الملايين من البشر ذلك الربط الحتمى بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، كما لو كان أحد قوانين نيوتن ، ويبررون بناء على ذلك الإيمان الغيبى، فشل الثورات العمالية فى الأجزاء الأكثر تخلفا فى العالم، وتبنيهم الرؤية الإصلاحية والليبرالية بناء على ذلك ، و استبعادهم لإمكانية تجاوز الرأسمالية الآن، وهو ما استبعده أنا أيضا باعتباره احتمال ضعيف، لا على سبيل اليقين، وهو استبعاد ليس لهذا السبب تحديدا،بل نظرا للضعف المزرى للقوى الاجتماعية القادرة على انجاز هذا التجاوز، وفى نفس الوقت المستوى الهائل من القوة والامكانيات التى تملكها القوى صاحبة المصلحة فى استمرار الوضع على ما هو عليه، فالأمر هو أمر توازنات قوى طبقية.
أن من يستبعدون طرح تجاوز الرأسمالية الآن بناء على مسألة تخلف قوى الإنتاج يتغافلون عمدا عن حقيقة موضوعية أخرى، هى أن البشرية وصلت إلى مستوى من التقدم العلمى والتكنولوجى، ما يتيح لها وفرة حقيقية تقضى على الندرة فى العالم، لو تم تنظيم الإنتاج لإشباع الاحتياجات الاستعمالية الفعلية للبشر، بدلا من استنزافهم فى صناعة السلاح وغيرها من الأنشطة الضارة بالبشر، ويتيح هذا التقدم الموقوف حصرا لرفاهية النخب الحاكمة، القضاء على انقسام البشر لمن يعملون معظم ساعات اليوم وطوال عمرهم، وبين من لا يعملون أو يعملون أعمال تافهة يمكن الاستغناء عنها، ولكن ما يخلق الندرة و البطالة مقنعة وغير مقنعة، ومن ثم الجوع فى العالم هو أن الإنتاج من أجل التبادل والربح الرأسمالى يهدر تلك الإمكانية لصالح قلة تتركز فى يديها الثروة والسلطة.
وما ينفى العلاقة الحتمية بين وسائل الإنتاج وعلاقات الإنتاج هو أن مصنع يعمل بنفس النوعية من الماكينات، وبنفس العدد من العاملين، يمكن أن يملكه شخص، يملك فى نفس الوقت العاملين فيه وهذه علاقة إنتاج عبودية ، أو أن يجبرهم على العمل لصالحه جبرا أو مجانا ، وهذه علاقة إنتاج إقطاعية، أو مقابل أجر فى علاقة تفاوضية بين الطرفين، وهذه علاقة إنتاج رأسمالية، كما يمكن لهذا المصنع أن تملكه الدولة وتقوم بتشغيل العاملين فيه مقابل أجر وفق علاقة إذعان، يخضعون فيها لشروط العمل التى تحددها الدولة، وهذه علاقة إنتاج بيروقراطية، كما يمكن أن يملك هذا المصنع العاملين فيه، وأن يديروه لصالحهم وهذه علاقة إنتاج تعاونية. ويمكن أن يملك المجتمع المصنع وأن يديره العاملون فيه لصالح المجتمع، و هذه علاقة إنتاج اشتراكية، وكل هذا وارد الحدوث ليس فقط على مستوى صناعة السلع بل وفى الزراعة وتقديم الخدمات، الفرق الوحيد بين هذه الحالات سوف يكون فى مستوى إنتاجية هذا المنشئات، حيث سوف تتناسب طرديا مع درجة الحرية لدى العاملين بالمنشأة، فتزداد كلما زادت درجة الحرية، و تقل كلما قلت درجة الحرية. وهذا قانون أكثر حتمية ويقينية ودقة من قانون الربط الميكانيكى بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج ، وهو ما يمكن التأكد منه بالتجربة والممارسة وليس فقط من الاستنتاج النظرى، الذى اكتفى بتبنيه البعض.
ذلك أن المجتمعات البشرية وعبر تطورها وبرغم وجود نفس المستوى من وسائل الإنتاج، عرفت العديد من علاقات الإنتاج المتجاورة، قد يكون بعضها سائد ومتحكم فى غيره من العلاقات ، وبعضها هامشى ومحكوم بغيره من العلاقات، وهذه العلاقات الإنتاجية المتجاورة، تكتسب وضع السيادة أو وضع الهامشية، بسبب عدة عوامل متفاعلة فى البنية الاجتماعية بمجملها، لا عامل مستوى وسائل الإنتاج فقط كما تتمسك بذلك الرؤى الماركسية الأحادية الجانب.فقد توزعت قوى العمل فى كل مجتمع طبقى عرفه التاريخ المكتوب بين العبيد والأقنان والعمال المأجورين والمنتجين الأحرار، كما كان القطب المواجه لهم يتوزع هو أيضا بين ملاك عبيد واقطاعيين و رأسماليين وبيروقراطيين ، والفرق كان يكمن فى النسبة التى يمتلها كل منهما فى المجتمع ، ومدى أهميته وموقعه من التحكم والهامشية.
فوفقا للتطور الاجتماعى الحالى يمكن لنا أن نلاحظ وجود أنماط إنتاج متعددة ومتجاورة ، بيروقراطية ورأسمالية وسلعية بسيطة و عائلية وفردية وتعاونية، فضلا عن أنماط العمل الجبرى الشائعة فى الاقتصاد السرى، وهذا يقسم المجتمع لطبقات وشرائح اجتماعية عديدة لكل منها رؤاها ومصالحها، ويفاقم من هذا التنوع إنقسام الاقتصاد إلى رمزى وحقيقى من ناحية ، و إلى رسمى وسرى من ناحية أخرى، ومن ثم فإن النظرة التبسيطية التى تقسم المجتمع لبرجوازية وبروليتاريا فقط تتغافل عن التنوع المذهل فى تركيب المجتمع الطبقى. و هى نظرة ناتجة عن رؤية التاريخ باعتباره انتقال من نمط إنتاج معين لنمط إنتاج آخر، بسبب التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، وليس باعتباره تحول نمط إنتاج من السيادة إلى الهامشية أو العكس، أو نشوء نمط إنتاج أو فناءه فى لحظة تاريخية معينة.
http://fasail.blogspot.com/



#سامح_سعيد_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطفال لينين على صواب
- التاريخ وهم نضيع فيه حاضرنا ومستقبلنا
- انحطاط الرأسمالية فى مصر كنموذج لانحطاطها فى العالم
- الطبقة العاملة تستيقظ من جديد
- الحرية والضعف البشرى
- سر صمود الرأسمالية
- نهاية نقابة المنشأة
- العمال تحت نيران القمع
- هوامش على إضراب 6 إبريل (1)
- اللاسلطوية ليست عقيدة و لا يوتوبيا
- إلى البروليتاريا الفلسطينية . حماقة النخب لن تأتى لكم بالعدا ...
- القيمة فى العمل(3) ماركسيون قوميون ضد الطبقة العاملة
- القيمة فى العمل(2) يحرمون القمار و يحللون المضاربة
- القيمة فى العمل(ا) يحرمون الربا و يحللون فائض القيمة
- المنزل ينهار و نتجادل فى وضع لوحة على الجدار
- كيف نقاوم ارتفاع الأسعار؟
- أصول النضال العمالى
- الحكام بين المستورد و المحلى الصنع
- الاستثمار فى الدين والغيبيات
- لماذا مالكولم إكس؟ وليس مارتن لوثر كنج


المزيد.....




- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سامح سعيد عبود - النظريات الماركسية ليست كقوانين نيوتن