أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري - أحمد الناجي - صدام محطة مريرة لفظها العراقيون من ذاكرتهم ودفعوا ثمنها غاليا















المزيد.....

صدام محطة مريرة لفظها العراقيون من ذاكرتهم ودفعوا ثمنها غاليا


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 774 - 2004 / 3 / 15 - 03:35
المحور: ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري
    


كانت رؤية التمثال البرونزي الضخم لصدام وهو يتهاوى ثم يسحب على الأرض كالدمية الممجوجة بين أقدام جماهير بغداد المبتهجة التي استطاعت الوصول في تلك الظروف الصعبة إلى ساحة الفردوس يوم 9 نيسان 2003 نهاية مسيرة حافلة خطتها بضعة دبابات تحركت بروح المغامرة للشروع بانقلاب تأمري جمع بعض المهوسين بالحكم ثلة من العسكر وزمرة من البعثيين دخلوا الى القصر الجمهوري في 17 تموز 1968 وافترشوه حقبة ليست بالقصيرة قاربت على الثلاث عقود والنصف انقسمت الى ثلاث فصول بسبب فض الشراكات والاستئثار بالسلطة حيث انتقل الحكم سريعا بالتآمر نفسه الى حزب البعث دون العسكر ثم تحولت تدريجيا من سلطة الحزب الى سلطة الفرد ذلك الطاغية الذي حفر البئر بإبرة وتربع في غفلة من الزمن على عرش العراق وحكمه بالحديد والنار .
يمثل ذلك المشهد الرمزي بالنسبة لأكثرية العراقيين الانعتاق من براثن القهر والاستبداد والتخلص من كابوس جثم ردحا من الزمن على رقابهم وعاث في الأرض فسادا وتعسفا قتلا وتشريدا تلك هي النهاية البديهية للظلم والاستبداد ولكنها باتت بعيدة المنال في عقل العراقي وهو يمتلك كل الحق برؤيته في صعوبة تحقق تلك النهاية على المدى المنظور... فقد كان مثل هذا المنظر قبل أيام معدودة يعد ضرب من الخيال وحلم خرافي يحاذر العراقي الاقتراب منه ولكنه إستحال بين ليلة وضحاها الى حقيقة طالما تمناها العراقيون وسعى اليها الكثيرون منهم عبر تضحيات جسام ولا أظنه سيغرب عن ذاكرتهم اليقظة على المدى البعيد .
كان تحسس وقع ذلك المشهد على سائر العراقيين نوعا من الفنتازيا النادرة التي تأسر المشاعر كلها في آن واحد وتضعها في اتون المشهد المضحك المبكي ... أي سخرية هذه التي تحمل مفارقة لا تحتمل التوأمة ... أي تمازج هذا الذي ولد داخل الذات الهائمة كينونة متقدة من المشاعر المتناقضة العصية على الفهم والإدراك ... سعادة غامرة يصعب وصفها لا تتطابق مع الاماني المتحققة للتو تمتزج مع غصة مؤرقة لا ينجدك تجاوزها كل ذلك التقاطر من أحاسيس الفرح التي انهالت بغير حساب ... ولكن تأثير وقعه كان مختلف مأساوياً على الواهمين وصدمة كارثية لم يحسبوها بالقطع وربما أرادوا عدم تصديق ما رؤه بأم أعينهم بعدما زينت لهم الايام الخوالي مشروع صدام الشخصي في بناء دكتاتوريته وانجرارهم في ورائه دون روية وانسحب ذلك التباين على مواقف العراقيين واستدراك واقعهم لاحقا .
لقد كان سائر العراقيين يعون القادم من الأيام بعيون ثاقبة فهم ضحية هذه المواجهة الغير متكافئة ولم يتأتى موقفهم التلقائي الرافض للحرب العدوانية على بلدهم حبا بالدكتاتورية أو صدام بل لأنهم يدركون من خلال تجارب مضت هول كوارث الحرب ورعونة القائد الفذ في خوض غمار منازلات عبثية تأنف منها حتى البداوة يتراجع دوما في اللحظات الأخيرة بعد أول لذعة حمى من أوارها المشتعل دون الاكتراث لحجم التنازلات ولو كانت بأفدح الاثمان ما دام ظل مسمر على كرسيه الملعون ذلك هو حدود نصره المزعوم وهم في نهاية المطاف لا غيرهم سيدفعون ثمن هذه المخاطرة المحفوفة بالأهوال .
هولت سرعة انهيار النظام من حجم المفاجأة وعمقت حالة الذهول الذي اعترت العالم أجمع بما فيهم المتابعين من محللين سياسيين وإعلاميين ومثقفين ونزلت كالصاعقة على بعض الموهمين بقدرات صدام الخارقة وبالتأكيد تلك الهواجس يمتد صداها بشكل واسع عند كثرة من العرب ممن اختلطت عليهم حقائق الأمور وصدقوا ديماغوجية صدام على مدار حكمه ولم يعرفوا شيئاً عن الهوة الشاسعة بين الشعب والنظام وعزلته التي احاطها بهالة من الاكاذيب زينتها أبواق الاعلام المدفوعة الثمن وناموا أخيرا على تهريجات الصحاف برغد في أم المهازل ينتظرون نصرا مزعوما ولو في أخر المنازلة على مشارف أسوار بغداد الموعودين بها .
بدأ العدوان الأمريكي أو ما يسمى بالحملة الأمريكية لتحرير العراق فجر يوم الخميس 20 آذار 2003 وبعد ان مرت أيام معدودة من المواجهة الغير متكافئة بات الجميع يدرك ان في استمرار الحرب كارثة مهولة لا طاقة للعراقيين بها وصار أمر تحقيق أحلام (القائد البطل) نوعا من العبث وهل يدرك السراب تلك هي أوهام صدام التي صدقها وسعى بكل ما امتلك لكي يصدقها الآخرين عراقيين أو عرب .
الأسابيع الثلاثة لم تكتمل بعد وإذا بكل شي ينهار النظام والدولة... نعم سقط النظام واحتلت بغداد دون مقاومة تذكر ولكننا نحن غالبية العراقيين لم نشعر بالهزيمة بل ونحسب أنفسنا ضحية صناعها فقد كان الثمن غالياً ونحن المعنيين بسداده اليوم أو مستقبلا تلك هي الحقيقة التي لم يستطع أحد من غير العراقيين إدراكها ولن يستطع مادامت آلام الحروب وأثارها المريرة لم تطاله وسياط الجور والحصار لم تصل الى جسمه... نعم ذلك ما يعمق مأساتنا ويجعل الاجابة على تساؤلاتنا رهين بالنظرة القاصرة ... كيف يمكن للآخرين من غير العراقيين أن يقتربوا من الحقيقة وهي مغيبة عنهم عبر ماكنة الأعلام المأجورة التي تدور برحى تضليل وتزيف الحقائق تطبيلاً ودغدغة للمشاعر التي كانت تفرد حيزا واسعا لتزين وجه أبشع نظام ديكتاتوري عرفته الكرة الأرضية مقابل ان تقضم ما يغدق عليها السلطان من عطايا وهبات تنوعت وصارت برميلية اخاذه للألباب يدفعها الشعب العراقي مآسي وآلام وحتى في أقسى ظروف سنوات الحصار المريرة .
لاذ قائد الهزيمة وعرابها الكبير بالفرار وتسربل صناعها في جنح الليل بعدما خلفوا ورائهم تركة ثقيلة هي شعبا منهكا وبلدا مدمرا واحتلالا مقيتا ناهيك عن العديد من المعضلات والمشاكل السياسية والاجتماعية والنفسية والعرقية التي ستظل افرازاتها تطال أجيالنا القادمة .
لم يعد أمام سائر العراقيون بد سوى من اجترار الألأم ومكابدة الزمن المر فراحوا يحتضنون الوطن المدمر ويشلون جراحاتهم يضمدون ما يمكن ضماده صابرين على فقدان الأمن والأمان عل وعسى تنجلي الغمة ولو بعد حين يحدوهم الأمل بإعمار البلد يمنون أنفسهم باستعادة السيادة وإنهاء الاحتلال تركة صدام تلك (المكرمة السخية) التي شرعنتها الأمم المتحدة لاحقا والتي صار يزايد بها الكثيرون من العروبيين بما فيهم الذين صمتوا وساعدوا وباركوا وساهموا فيها وإبراء للذمم أقوالا دون أفعال صارت تتناثر الخطابات الرنانة والتحليلات السياسية المدغومة بالمصالح الضيقة من هنا وهناك وإستعرت بورصة المزايدات إلى أبعد حد تروج لها وتبثها وسائل الأعلام المختلفة فجاءت المواقف والتوجهات المتناغمة مع بعضها على وتيرة واحدة معبرة عن مصالح ضيقة تكفل مطامح أصحابها دون مراعاة كونها تقف بالضد من مصالح وآمال العراقيين في إرساء مشروع وطني عراقي ينهض بمهام المرحلة المعقدة المأزق التاريخي التي نعيشها والانكى من ذلك كله أنها تنطلق من أرضية عائمة فضفاضة في معاييرها تجتمع في كثير من القواسم المشتركة مع المشروع الضيق للديكتاتور المهزوم وبقايا أجهزته القمعية وتتوحد معه في تفريخ الرعب وأعمال العنف والإرهاب وإشاعة حالة اللااستقرار للعراق وما كان لتلك المواقف أن تتوحد في الأعمال الارهابية لولا تشكيلة القيم والمعايير التي صنعها فقه التنويم القسري عبر قنواته العلنية والخفية لسنين طويلة والتي لا زالت تستشري وتؤدلج بظلامية سوقية معهودة كي تشرعن مواقفها تبعاً للمصالح الانية والظروف المستجدة مغرمة باجترار التاريخ المليء بالتزوير والتحريف ترتكز في ذلك على أفكار ومفاهيم تعزف على وتر الطائفية والعرقية محروسة برعاية الكثير من الأجهزة الخفية والتنظيمات التي تسعى لتحويل العراق بالوقت الحاضر إلى ساحة لتصفية الحسابات ومرتعا خصبا لنشاطاتها المشبوهة فسعوا بذلك مسيرين ومستغلين ردود أفعال المفجوعين بسقوط النظام من بقايا أجهزة التسلط القهرية الذين شعروا بالهزيمة والمهانة الدائرون في فلك المصالح الذاتية التي فقدوها .
لقد جرى توظيف الكثير من الاموال والأدوات في مسعى حثيث لسحب مواقف الرأي العام العربي إلى خندق ما يسمى بالمقاومة دون النظر للظروف الموضوعية والذاتية للعراق والعراقيين مستغلة بذلك الطروحات القاصرة ومحدودية بعدها في استقراء الاولويات تعيد اجترار ما يختزن في ذاكرة المسلم والعربي من عقد العداء لأمريكا وتجيش العواطف فانسجم الشارع العربي مع هذا النسج وربما البعض منهم تقارب معها بنوايا طيبة إلا إن المدارك تبقى تدور في نفس المتاهة ولا تستطيع الخروج من إطارها الضيق والبعيد كل البعد عن الواقع فالنظر الى مجمل الوضع العراقي بالركون الى المسلمات الارث كحالة مجردة سوف يغيب عنها اعتبارات كثيرة يقف في مقدمتها بأن السياسة هي ابنة الواقع القائم والعمل السياسي لا يقاس بالنوايا مهما تزوق تسويقها وإنما بالنتائج على أرض الواقع وها هي حصيلة حقبة حكم صدام الطويلة ماثلة أمام أنظار الجميع ولو أن البعض لا يدركها وتلك مشكلته لأي سبب كان أو يحاول التغاضي عنها لأنه لا يستطيع اجتياز ارتهانه للمواقف المسبقة ولكن يمكن أن نوجز هذه الحصيلة بالمختصر المفيد... نظام شمولي مستبد لا يتورع من طحن الشعب في دولابه الدموي الرهيب بلا رحمة حكم بلدأ يمتلك كل مقومات التنمية والنمو لم توظف موارده البشرية والطبيعية بالشكل الامثل وبددت ثرواته دون اكتراث لقيم أو اعتبار لمبدأ حتى تضخمت الديون وفاقت على مئات المليارات من الدولارات بعدما جعل من العراقيين وقود حروبه العبثية مع دول الجوار لأكثر من عقدين من السنين تنوعت تداعياتها الشائكة واستشرت افرازاتها على مختلف الأصعدة .
ما ان تهدم ذلك الصرح الأسطوري وأنفتح الباب على مصراعيه بفعل عسكري فاقد للشرعية القانونية الدولية والأخلاقية لم يقو أحد حينها على درئه ... تنازع المتفيقهون واحتدم النقاش في باب تأصيل المجريات وهذا ديدنهم كي يجد كل موطئ قدم له في هذا الجسد المسجى تحت الشمس بعدما صارت قوات التحالف كما يحلو تسميتها للأمريكان وأعوانهم تجوب شوارع بغداد والمدن العراقية الأخرى ويرتعون بأرض العراق على هوائهم يسوقون بأدوات الموت والخوف ذات اللون الأخضر العشبي فرية فشل قبلهم القائد الانكليزي مود في تلميعها... هاجت النفوس ولعلعة الأصوات ترى تحرير أم إحتلال مقاومة أم إرهاب غافلين أو متناسين شعباً ينوء بثقل الظلم ردحاً من الزمن دون اكتراث لوقف النزيف المتدفق من دواخله لا يريد أن يبقى إلى الأبد أسيرا لجلاده .
شاط الكثيرون وشمروا عن سواعدهم يتصدر الجمع أصحاب التنظيرات والآراء المتهالكة بعد أن استفاقوا من أطغاث أحلامهم التي وزعوها هنا وهناك وهم في عجالة من أمرهم راحوا يغرفون من تنوم الفكر التغريبي ويأخذون من مداده المأزوم بالركود وهم كالعادة في حالة اغتراب قسري للنفس يفردون في ما يحبرون ويطنطنون متسع لا حدود له من العواطف على حساب العقل والمنطق غير آبهين باستجلاء الواقع لتنهال علينا بعد ذلك النظريات والمفاهيم من تلك الدوائر نفسها التي تتناسل فيها الأفكار الجامدة المغلفة بعقلية إقصاء الآخر وامتلاك الحقيقة دون الغير تبث شعارات التغيب المصنعة والمستوردة والتي لم ينفك الموهمون الحفظة عن ترديدها كالببغاوات وما هي إن قامت أو قعدت إلا معاول تهديم تطيح بآمال الشعب العراقي الجريح وتحيل أشلاء ما تبقى في هذا الوطن الى خردة متناثرة يعيث بها السماسرة بعدما أجاد المنهزمون وشذاذ الأفاق تأدية أدوارهم على أكمل وجه في أعمال التخريب والحرق والنهب تلك الأعمال الوصايا التي سوف تسعد (الرمز) وربما يحسب إنها تحفظ ماء وجهة المهان دون إعفاء قوات الاحتلال التي جاءت من وراء المحيط لتحقيق النزوات الستراتيجية من مسؤولية حصول ذلك في كل الأحوال .
كان اعتقال صدام متوقع في أي لحظة وهو حدث منطقي على ضوء مجريات الإحداث وكان الاهتمام على أعلى درجاته والترقب على أشده وخصوصاً بعد ذلك الكم الهائل من الرويات والقصص الممجوجة عن ظهوره هنا وهناك وعن أفعاله الرامبوية وأساليبه في التنكر والاختفاء ونشر هالة من الأكاذيب التي تستفز الفضول وخاصةً فضول العراقيون الشغوفين بمعرفة مآل الطاغية بعد أن سرق أحلامهم وعاش مرحلة طويلة مقيماً في ذاكرتهم وما عاد الان إلا ماض مقيت سوف تطوى صفحته تلقائيا شاء من شاء وأبى من أبى واعتقاله بدد بشكل نهائي مشاعر الخوف والرعب التي غرستها في نفوسهم بإتقان أجهزة القمع القهرية على مدار تلك الحقبة المعتمة لشدة قساوتها واتساع دائرتها فقد كانت جائرة من دون تمييز شملت العراقيين كافة دون استثناء طالت البشر والشجر والحجر ومهما تضاربت الأنباء والروايات عن اعتقال صدام فان الحالة البائسة التي ظهر عليها بعد ثمانية اشهر من التخفي والاختباء على شاشة التلفزيون وأن كانت للحظات معدودة لا تتجاوز الدقيقة ولمنظر لم يتخيله أحد من قبل كانت كافية لعكس صورة لا تقبل اللبس عن واقع فعلي لمهزوم من دون أقنعة يطيع أوامر سجانه دون تكلف لا يمثل إلا نفسه فقد ملامح قوته يتشح بالذل والمهانة أثر الاختباء في جحر الضب تحت الأرض طمعاً في البقاء حياً ولو إلى بعد حين لم يدرك لحظة أسره ولا حتى واحدة من وصاياه التحف المجللة ولا أيضا موقع زناد حزامه الناسف الأسطورة بالوصف وربما دون أن يفارق مخيلته في تلك الساعة هاجس العودة الى كرسي الحكم هذا الحلم الخبل الذي صار يعشش أيضاً في عقول البعض من أيتامه واستحال بيد البعض من المرتزقة الكتبة إلى سوط مسلط على رقاب العراقيين يستل بين الحين والآخر عبر العديد من وسائل الأعلام العربية المقروءة والمرئية والمسموعة والتي كانت تمارس دور تحريضياً لا يقبل اللبس حين قامت بنقل فحيح التوعد والتهديد خطابات المهزوم المنزوي في مغارته والأداء المريب للبعض من منتسيبيها من خلال حشر أنفسهم تحت غطاء المهنية الإعلامية وكأنه لاعب يحاول التأثير في الساحة يتنصل عن حياديته بدواعي السبق الصحفي فجرى الترويج بالمهنية المسفوحة ذاتها لأعمال العنف والإرهاب أيضا عبر تغطيتها في تقارير إخبارية تنث بين سطورها الطائفية المتعفنة ساهمت في تشكيل وولادة بعض من مصطلحات التفرقة بين العراقيين وهي قطعا لا يشرف سابغيها ستظل تنهش من وحدة العراق أرضاً وشعباً جراء التركيز عليها بتكرار تداولها وبثها عشرات المرات في اليوم الواحد تتناغم مع بث مقابلات أيتام النظام الذين لبس البعض منهم واجهات جديدة وصار اليوم يتباكى على العراق المحتل والشعب المظلوم ويتناغم كل ذلك عبر منهجية ترصد الأحداث بعناية فائقة تحرص أن تبرز أراء حشد من السياسيين والمثقفين العرب الذين يتم انتقاءهم بدقة متناهية ينزون بسيل من المزايدات النضالية التي وان علت الأصوات فيها تبقى قاصرة تجانب الحقيقة تتلمس الحال العراقي بعين واحدة لا تدرك بأن الاحتلال ابتدأ منذ أمد بعد أن رضخ (بطل التحرير) ووافق قسراً على ارتحال ثلث العراق عن الحكومة المركزية تحت خيمة القوات الدولية كملاذ آمن للشعب الكردي وما عاد بإمكانه تسير الطائرات في ثلثين من السماء العراقية مرغماً وخانعاً من جراء جرائمه البشعة الذي لا يتورع من ارتكابها ضد أبناء شعبه وأما اقتصاديات البلد فقد كانت مرهونة بيد لجنة المقاطعة وهي التي تتحكم بمقدارته ولست بصدد الحديث عن لجان التفتيش (الانسكوم والانموفيك) التي استباحت حتى غرفة نوم الرئيس (عبد الله المؤمن) بعد مماطلة غير مجدية .
أين كان عازفوا اليوم على نغمات الجهاد ومقاومة الاحتلال كل هذا الأمد الطويل الم يروا أو يسمعوا بأن العراق محاصر والعراقيون جراء ذلك يلوكون حبات الرمل مع الخبز ويلعقون جراحات القهر والظلم ويقصفون بالقنابل يومياً كل هذه السنين بقرار أمريكي بريطاني لا يمتلك الشرعية الدولية ... أين كانوا حينما قطع العراق الى مناطق على أساس خطوط العرض ولم يعد بإمكانه نشر أو تسيير أي منظومة عراقية من الدفاع الجوي في اراضيه... أين كانوا حينما أخل (صدام عز العرب) بالاستقلال والسيادة الوطنية العراقية عندما وافق الدخول إلى خيمة صفوان متشحاً بهزيمته النكراء ووقع طيعا على كل شروط الاستسلام المذلة ولا أحسب ظني يخيب على الإطلاق بأن البعض من المتصدرين المفوهين هذه الايام كانوا آنذاك في صف الأمريكان يشفطون من نعم تحرير الكويت ولم ينبس الواحد منهم حينها بكلمة حق عن أسباب الحصار الواهية التي جرعنا مرها أكثر من ثلاثة عشر عجاف وبان زيف مدعيها للملأ اليوم يتصدون بالتعكز عليها في استقتالهم بالوقوف ضد المشروع الوطني العراقي الذي نعلم جيدا وندرك أنه لا يمثل الطموح ولكنه يقينا يضع البلد على عتبة السكة الصواب لبناء دولة المؤسسات التي نروم... تساؤلات عديدة تعتمر في الصدور لا داعي لاسترسال بها لأننا لن نجد الإجابة عليها لدى هؤلاء القوم ولا حتى لدى أكابرهم بعد أن زاغت عيونهم برؤية (خيال الشكرة) مأسوراً بيد الأمريكان وأصيبوا بوهن وشرود في الذهن وبان الأسى عليهم وأحسوا بالذل للتو وكأنهم لم يتبرقعوا به من قبل فأماطوا اللثام عن وجههم الكالحة يتسابقون تصريحات ومقالات يبان استعارها بسهولة كي يحيلوا هذا الجلاد الذئب إلى ضحية ويلبسوه ثوب الحمل الوديع فتلمسوا له ببكائيات خبروها شتى الأعذار ومنها ما أقبحها تخديره أثناء الاعتقال وهم لا يدركون أنهم المخدرون وأن صحوا يوماً ما فسيجدون صدام محطة مريرة لفظها العراقيون وما عادت في ذاكرتهم بعد أن دفعوا ثمنها غالياً وانتهت إلى مزبلة التاريخ من غير رجعة .

أحمد الناجي
العراق



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد .. أي ذاكرة هذه التي تتوقد بعد كل هذه السنين
- الدم ينتصر على السيف


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري - أحمد الناجي - صدام محطة مريرة لفظها العراقيون من ذاكرتهم ودفعوا ثمنها غاليا