أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....15

محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 2518 - 2009 / 1 / 6 - 09:54
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

إهداء إلى زوج الرفيق / الفقيد عرش بوبكر، المناضل الطليعي الذي كرس حياته في التفاني في تعليم أبناء الكادحين.

إلى تلاميذه في ربوع هذا الوطن.

إلى رفاقه الذين لا زالوا على قيد الحياة.

من أجل الوفاء إلى الرسالة التربوية التي وقفت وراء انفراز ثلة من المناضلين الأوفياء من الذين قضوا، ومن الذين لازالوا على قيد الحياة.

محمد الحنفي





المدرسة العمومية، والتطور الديمقراطي للمجتمع:.....2

وانطلاقا من تنوع وظيفة المدرسة العمومية، تبعا لتنوع التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية، بسبب التطور الذي تعرفه التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية، ونظرا لجنوح كل تشكيلة إلى المحافظة على قيمها، وإلى ديمومة استمرارها، فإننا لا نجد مدرسة عمومية واحدة فيظل نفس التشكيلة، بقدر ما نجد أنفسنا أمام مدارس عمومية متنوعة:

1) مدرسة عمومية تقليدية، تسعى إلى المحافظة على القيم، والتقاليد البائدة، التي أفرزتها التشكيلات الاقتصادية، والاجتماعية البائدة، والتي لا زالت تنبعث بشكل، أو بآخر، تحت اسم الاهتمام بالتراث، أو إحياء التراث، كما هو الشأن بالنسبة للبلدان ذات الأنظمة التابعة، والتي لعب فيها الرجوع إلى التراث وسيلة للتعبير عن الذات الاجتماعية، ووسيلة لتحقيق وحدة الشعب ضد الاحتلال الرأسمالي، بسبب صيرورة ذالك التراث معبرا عن خصوصية الهوية الوطنية، والشعبية، ضد القيم الوافدة مع الاحتلال الأجنبي.

2) مدرسة عمومية تقليدية / دينية، صارت مهمتها هي المحافظة على القيم الدينية السادة في بلد معين، ومن منطلق أن الدين هو مصدر كل شيء، وإعداد الإنسان لتقبل الخضوع المطلق للقوة الغيبية، التي تقف وراء ذلك الدين، ولإعادة إنتاج نفس السلطة الدينية القائمة في المجتمع، والتي تتحول إلى سلطة اجتماعية، وقانونية في نفس الوقت، بسبب اعتماد المرجعية الدينية مصدرا من مصادر التشريع. وهذه المدرسة، وبهذه الوظيفة، تصير وسيلة لتكريس السلطة التي تعتبر نفسها دينية، تحكم باسم الدين، وتعتبر نفسها مختارة من قبل القوة الغيبية التي تقف وراء وجود هذا الدين، أو ذاك، كما كان حاصلا في أوربا قبل قيام الثورة الفرنسية، وكما هو قائم في البلدان ذات الأنظمة التابعة.

3) مدرسة عمومية تكون مهمتها إعادة إنتاج نفس القيم الطائفية، القائمة على أساس عرقي، أو لغوي، أو ديني، أو عنصري، أو قبلي. وهذه المدرسة، ومن هذا النوع، تحرص على تكريس القيم الطائفية كواقع قائم، يجب عدم تجاوزه على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى تصير الطائفية سائدة فوق كل اعتبار، حتى وإن أدى ذلك إلى تفكيك وحدة المجتمع.

4) مدرسة عمومية تهتم بكل ما يجرى في المجتمع، وتسعى إلى أن تكون مدرسة للجميع، بقطع النظر عن الانتماء العرقي / القبلي، أو اللغوي، أو الديني، وتهدف إلى تحقيق وحدة المجتمع، عن طريق إنتاج القيم المؤدية إلى ذلك، من منظور الطبقة التي تسود، وتحكم. وهذه المدرسة ذات الطابع المثالي، غالبا ما تتحول إلى مدرسة لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة، عن طريق إعادة إنتاج القيم التي تناسبها.

وهذا التنوع في التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية، وفي المدارس العمومية، لا يمكن أن نستنتج منه إلا ارتباط المدرسة بالتطور الذي تعرفه المجتمعات البشرية، وفي نفس الوقت، بالتخلف الذي تعرفه نفس المجتمعات، وعلى جميع المستويات، كما أنه لا يمكن أن نستنتج منه إلا غياب الديمقراطية في المدرسة العمومية، في معظم الأنظمة التي عرفها التاريخ البشري؛ لأن كل نظام يريد من المدرسة العمومية أن تعمل على إعادة إنتاج نفس العلاقات الاقتصادية، والاجتماعية القائمة..

وإذا وجدت هناك ديمقراطية، فان هذه الديمقراطية تتناسب مع طبيعة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية، كما هو الشأن بالنسبة للديمقراطية الليبرالية، التي تتناسب مع النظام الرأسمالي الليبرالي، وديمقراطية الواجهة، التي تتناسب مع النظام الرأسمالي التبعي.

والتشكيلة الوحيدة التي تصير فيها المدرسة العمومية مدرسة ديمقراطية، هي المدرسة العمومية القائمة في ظل قيام تشكيلة اقتصادية، واجتماعية / اشتراكية، لأن مهمتها تتحول إلى إنتاج القيم الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وسعيا إلى إنضاج الشروط الفارزة للتشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية الشيوعية، التي تصير فيها المدرسة العمومية فعلا مدرسة ديمقراطية قولا، وفعلا، وإشرافا؛ لأن هذه المدرسة لا تعيد إنتاج نفس القيم، بقدر ما تصير قيمها المنتجة متطورة، تبعا لتطور الواقع، وسعيا إلى جعلها متفاعلة مع الواقع المتطور باستمرار، ومع الإنسان المجسد لذلك التطور، مما يجعلها في خدمة المجتمع، ويجعل المجتمع حريصا على أن تقوم بدورها المطلوب منها، من أجل إعداد الأجيال إعدادا متطورا باستمرار، حتى يتحملوا مسئوليتهم في حكم أنفسهم بأنفسهم.

وما دامت المدرسة العمومية غير قائمة بدورها في المجتمع المغربي، فإن على الشعب المغربي، بقيادة أحزابه الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، أن يناضل من اجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، حتى يصير المجال مناسبا لتحول المدرسة العمومية المغربية إلى مدرسة ديمقراطية منتجة لقيم الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية في تطورها، حتى تلعب دورا كبيرا، وأساسيا، لصالح أبناء الشعب المغربي.

فهل تعي الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية المغربية، أهمية دور المدرسة العمومية الديمقراطية؟

وهل تسعى إلى قيام ممارسة ديمقراطية حقيقية في المجتمع؟

هل تعمل على تحويل المدرسة العمومية إلى مدرسة ديمقراطية؟

#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات