أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبد العزيز حسين الصاوي - الدراس النيكاراجوي حول كيفية ترويض الغول الامريكي















المزيد.....

الدراس النيكاراجوي حول كيفية ترويض الغول الامريكي


عبد العزيز حسين الصاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2519 - 2009 / 1 / 7 - 07:15
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


احد ضحايا عملية التدمير الاسرائيلي المنهجي لغزه هو الترتيب المنطقي لهذا المقال المعد قبل فتره مكونا من جزئين، بتقديم الثاني علي الاول . وفق الترتيب الاصلي يشرح الجزء الاول تفصيلا الكيفية التي عبر بها مزيج الالتزام الوطني والعقلانيه لدي قيادة "جبهة الساندينستا " ذات الخلفية الماركسيه في نيكاراجوا عن نفسه في المواجهة الناجعة للضغوط الامريكية الهائله مستثمرا الامكانيات التي تنطوي عليها الديموقراطيه. حتي خلال مرحلة الثورة المسلحه ( 1972- 1979 ) في هذا البلد الصغير الفقير الموارد علي مرمي حجر من امريكا، تجلي هذا التوجه في حرص قيادة دانيل اورتيقا للجبهة علي توسيع قاعدتها الاجتماعيه والسياسيه بالتحالف مع جهات كانت مرفوضة بالمنطق الماركسي واليساري السائد وقتها. وبعد نجاح الثورة المسلحه ، بدعم من كوبا والاتحاد السوفيتي ايضا، واجه اورتيقا المحاولات الامريكية المحمومه لاسقاطه عن طريق التخريب والحصار الاقتصادي والعسكري بأدخال اصلاحات سياسيه ذات افاق ديموقراطيه. هنا ايضا اثبت مزيج الوطنية المحكومة بمقتضيات العقل المتيقظ نجاعته فقد ابطل هذا التوجه السلاح الدعائي ضد نظام الثوره في الغرب والولايات المتحدة نفسها محدثا اختراقات لمصلحة نيكاراجوا حتي في الكونقرس، بينما اغلق جبهتها الداخلية في وجه الاختراق الامريكي بفتحها امام الجميع. اقصي ماأمكن للمحاولات الامريكيه تحقيقه هو اسقاط اورتيقا في الانتخابات الرئاسية الثانيه عام 1990 ولكن بقاءه متمسكا بالخيار الديموقراطي، بينما ظل حزبه تحت قيادته يشكل معارضة ديموقراطية بناءه موسعا قواعده، مكنه من العودة للرئاسة عام 2007 بعد دورتين.
واضح ان قيادة الساندينستا ادركت منذ وقت مبكر ان العنف ليس هو الوسيلة الوحيدة لتعديل وضع توازن القوي لمصلحتها مهما كانت بشاعة ارتكابات العدو وان من الممكن ممارسة صراع ناجح ضده بوسائل سلميه، فللعنف وقته وللسلم وقته وأيضا لمزيج مدروس بينهما. لذلك فأنها لم تتعامل مع الخيار الديمقراطي كمنتوج استعماري بورجوازي منطلقة من فهم جامد للماركسيه، بالعكس ادركت ان طبيعته المفتوحة والشفافه تجعله منفذا لاستخدامه ضد الحكومة المعينه فيصبح وسيلة لغزو العدو في عقر داره. وقد بلغ من ايجابية التمسك بهذا الخيار ان الادارة الامريكية وقتها ( رونالد ريجان 81-89 ) وجدت نفسها محاصرة من قبل المعارضة في الكونقرس بحيث اضطرت الي اللجوء لوسائل غير قانونيه لتمويل المعارضة المسلحة للساندينستا فيما عرف بفضيحة ايران – كونترا قيت. والاشارة هنا هي الي حادث التسليح الاسرائيلي- الامريكي لايران -الخميني عام 86-87 ببيع اسلحة امريكية الي ايران عن طريق اسرائيل وتحويل العائد الي المعارضة المسلحة المدعومة امريكيا.
مقارنة هذا النموذج النيكاراجوي بالادارة العربية للصراع ضد امريكا والغرب عموما فيما يتعلق بالقضايا المحلية الخاصة ببعض الاقطار وتلك التي تحظي بقدر من الاجماع فوق- القطري او القومي مثل القضيتين الفلسطينية والعراقيه، توضح الفرق الكبير بينهما. علي الاختلاف الكبير بين الانظمة والمعارضات العربيه فأن الجامع المشترك بينهما فيما يتعلق بهذا الموضوع هو عدم استثمار تركيبة النظام السياسي الامريكي والاوروبي لمصلحتها ومرد ذلك الجامع الاخر المشترك بينها وهو طبيعتها غير الديموقراطيه التي تفقدها المرونة اللازمة لذلك وتجعلها عاجزة عن فهم كيفية اشتغال الالية الديموقراطيه. اذا تركنا امر الانظمة جانبا لانها الاقل تأثيرا في تشكيل الوعي العام ومعظمها اصلا لاصراعات له مع امريكا، فأن حركات التحرير العربيه او المقاومه واهمها في فلسطين والعراق وكذلك حزب الله اللبناني، تقودها عقائديات اسلاميه وهذه، في احسن الاحوال، تعطي تطبيق ماتعتبره احكاما وتعليمات اسلاميه اولوية علي الديموقراطيه مما يشكك عميقا في حقيقة التزامها بها وفي اسوأ الاحوال تعتبرها منتوجا غربيا كافرا كما هو الحال عند البنلادنيين بخلفيتهم في الجماعات السلفيه المتصاعدة الوزن.
هذه العقائديات هي التي تحدد عمليا وفي الواقع السائد منذ فتره اسلوب المقاومه وتوقيتاتها وليس بعض القوي غير الاسلامية القومويه واليسارويه المتحالفة معها. لاسباب متعدده من اهمها الهزائم المنكرة التي تعرضت لها الانظمة والحركات السياسية الموصوفة بالعلمانية والتقدميه، انتفت الامكانية التي تنطوي عليها لتغذية العقلية العربيه بالمزيج السليم بين الانفعال الساخن والبرود الموضوعي. بذلك انفتح الطريق واسعا لسيادة الغوغائية والعنف اللفظي والفكري- السياسي وعندما زج فيه العنصر الديني نتيجة تصاعد جاذبية الحركات الاسلاميه، اصبح مجرد الحديث عن اختلال توازن القوي لمصلحة اسرائيل والولايات المتحدة الامريكيه مما يقتضي استخدام اساليب صراعية غير عنفية اذا توفرت امكانيتها مقولة انهزاميه، اما العقلانية فهي الاستسلام بعينه والواقعية وقوعيه،امعانا في تحقيرها، وكلها مجللة بشبهة العماله لامريكا وموصومة بالخيانة الوطنيه. وهي مصيدة تقع فيها الان بعض الاطراف التي نصبتها للاخرين. فقيادتا بشار الاسد وحسن نصر الله، علي سبيل المثال، لن تبقيا بمنجاة من تساؤلات الفلسطينيين حول سر هدوء جبهة الجولان وصمت صواريخ حزب الله اذا استمر الهجوم الاسرائيلي البشع، وهي تساؤلات مكتومه الان استجابة لظروف قيادات حماس،.
لامكان، إذن، عربيا حتي الان للدرس النيكاراجوي حول المعني السليم والمنتج وطنيا للصراع ضد امريكا والغرب، شريان حياة الكيان الصهبوني، وهو كونه صراع مصالح وليس اديان او حضارات وكونه يخاض ضد نظام ديموقراطي مما يفسح للاسلوب السلمي مكانا الي جانب العنف في استراتيجية ادارته. اتجاهات السياسات الامريكية تجاه القضية الفلسطينيه وغيرها بوصلتها الوحيدة هي ماتعتبره مصالحها الوطنيه اقتصاديه كانت او مواقع استراتيجيه. حتي اذا تداخلت اعتبارات دينية- ثقافية في السياسات الامريكية كما يتمثل في وزن اليمين المحافظ ضمن ادارة جورج بوش الحاليه، فأن تعرضها للنقد المستمر والجذري من الصحافه وهيئات المجتمع المدني يحد من تأثيرها ويلغيه تماما علي المدي الابعد. علي ذلك فأن المصالح الامريكية رغم انها ثوابت مشتركة في خطوطها العريضه بين الجمهوريين والديموقراطيين الا انها يمكن ان تتغير او تتعدل اذا وصل التفاعل بين الضغوط الداخلية والخارجية حدا يهدد هذه المصالح تهديدا جديا. وكلما كانت رسالة التهديد اسرع في الوصول الي الرأي العام الامريكي بأستغلال الطبيعة المنفتحة للنظام السياسي كلما كان التغيير اسرع واكبر حتي اذا اخذنا في الاعتبار نفوذ المركب العسكري- الرأسمالي، اضافة لنفوذ اللوبي الصهيوني في الحالة الفلسطينية.
الانتفاضة الفلسطينية الاولي ( 87-93 ) كانت اقدر علي ايصال الرساله من الانتفاضة الثانيه ( 2000- 2008 ) لان اسلوب الاعتصامات والاضرابات والتظاهرات الشعبيه لقي استجابة واسعة لدي الرأي العام الغربي لكونه مقبولا بالمعايير الديموقراطيه كما ان مواجهة العنف الاسرائيلي بالحجارة فقط ساهم في ذلك بأبراز طابعه الوحشي. اما انتفاضة التفجيرات الاستشهاديه بقيادة الحركة الاسلاميه التي لاتميز بين المدنيين والعسكريين فقد افقدت الفلسطينيين كافة المكاسب السياسية التي حققوها حتي ان الاتحاد الاوروبي شارك امريكا في اعتبار حركتي حماس والجهاد منظمتين ارهابيتين واستعاد اليمين الاسرائيلي الذي كان يحتضر شارعيا وسلطويا اثناء الانتفاضة الاولي، حيويته واصبح القوة الكبري في اسرائيل يقتل ويدمر ويحاصر يوميا دون رادع حقيقي مرتفعا الي ذروة جديده خلال الايام القليلة الماضيه.
ماأحوج المقاومة الفلسطينية والعراقيه واللبنانية للنظر الي التجارب الاخري وماأحوجنا نحن الذين لاتلسعنا نار الاحتلال والعنف الا من خلال شاشة التلفزيون ان نلفت النظر اليها غير مكتفين بالدعم المعنوي. بالاضافة لتجربة جبهة الساندينيستا في نيكاراجوا هناك تجربة " الاتحاد الوطني الافريقي A N C " التي تماثلها في كونها شهدت صراعات داخلية ضد تيارات العنف الاعمي قبل ان يصل بها تيار التوازن بين العنف والسلم بقيادة مانديلا الي بر الامان. وماأحوج هذه المقاومات لصم اذانها عن تأييدنا لها فهو علي حسن نيته لايفلح الا في زيادة اندفاعها علي طريق لن ننفعهم فيه لاننا، عربا ومسلمين، سنبقي عاجزين عن شكم جموح امريكا واسرائيل الا اذا تعلمنا اولا كيفية محاسبة قياداتنا السياسية الحاكمة والمعارضه بتنمية سلوكيات العقلانية والديموقراطيه. عندئذ فقط نصبح قوة ضغط هائل ومستمر لمصلحة المقاومات بدلا من سلوكنا الحالي : هيجان عاطفي مؤقت يحقق فيه بعض مثقفينا وسياسيينا امجادهم المنبرية الفضائية وغير الفضائيه بينما يعود سواد الناس الي رصيف السياسه وهوامشها في انتظار صفوف الشهداء الجدد.




#عبد_العزيز_حسين_الصاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناصريه، والبعث ايضا، كظاهره غير قوميه
- محنة اليسار مع ابطاله الجدد
- ليس اوكامبو وانما جاريث ايفانز و ال R2P
- من تاريخ البعث في السودان -حسن احمد عبد الهادي
- اضاءات تاريخيه: محجوب الشيخ البشير
- حول تقرير الحزب الشيوعي السوداني: اكتوبر 64 كثوره مضاد للديم ...
- كتاب - مرجعات نقديه للتجربة البعثية في السودان-
- ماالذي يجعلك استثناء ك ذكريات وتأملات سودانيه فيما خص الوحده ...
- حكاية مارادونا وشافيز واليسار الجديد- القديم
- السودان : من يخشي التدخل الخارجي ...الحميد ؟
- عن فرج بن غانم وشئ من التاريخ
- الانتقال الديموقراطي : الوسيلة قبل الغايه
- تقرير الحزب الشيوعي العراقي : صوت للعقل
- اخضرار قناة الجزيره وشيوعيون وبعثيون
- اخضرار الجزيره وشيوعيو وبعثيون سودانيون
- نحو مخرج من نفق الازمات : التفكير في المحرمات
- حزب الله : انتزاع الهزيمة من جوف النصر ؟
- جزئيات مكمله لسيرة محمد ابو القاسم حاج حمد


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبد العزيز حسين الصاوي - الدراس النيكاراجوي حول كيفية ترويض الغول الامريكي