أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - غزة والعرب















المزيد.....

غزة والعرب


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 06:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدأ الهجوم العسكري الإسرائيلي البربري على غزة وكالعادة، وكما بات معروفا، لم ‏تحرك الأنظمة العربية ساكنا، ولم يثر احد منهم ردود فعل تقليدية، بالصراخ والوعيد، ‏سوى الهامشيين ومن هم بعيدون عن خط المواجهة، كاليمن وليبيا.‏

‏ ولكن ما لغريب في صمت العرب هذا وقد تحرك الاتحاد الأوربي قبلهم وخرج بمبادرة ‏عملية ذات طابع إنساني تطالب بوقف مؤقت لإطلاق النار (48 ساعة). ـ مضحكة ‏عبارة وقف إطلاق النار هذه وكان هناك طرفين متعادلين يطلقان النار على بعضهما ‏وليس دولة غاصبة تهاجم بترسانة أسلحة حديثة شعب اعزل. ـ أقول ما لغريب في ‏الصمت العربي وقد سبقته سلسلة متصلة من الصمت وانعدام الاستجابة حتى ‏لأبسط أشكال الاحتجاج المعتادة، كالشجب والتنديد او بكليهما معا، على اعتداءات ‏لاتقل وحشية وانحطاطا من اعتداء غزة؟

‏ فقبل أكثر من عام هاجمت إسرائيل دولة مستقلة هي لبنان وهدمت عاصمتها ‏وسط صمت وتواطؤ عالمي وعربي والحجج هي ذاتها: ان إسرائيل تدافع عن نفسها ‏ضد الإرهاب، وهذا الإرهاب، ان صح توصيفها له، قد خلقته هي او ساعدت على ‏خلقه بوجودها وبفرض كيانها الغاصب في المنطقة.‏

‏ لكن صمت العرب لم يعد تعبيرا عن العجز والتخاذل، وفق نفس منطق الخطاب الذي ‏اعتاشت عليه بعض من هذه الأنظمة طويلا، وإنما هو مؤشر إضافي لمرحلة دخل ‏فيها العرب، أنظمة ونخب، مرحلة التواطؤ العلني والاشتراك المباشر مع إسرائيل ‏في اعتداءاتها وتنفيذ أجندتها. فإسرائيل كما بات معروفا، وبعدما نجحت، بتفوق، في ‏ان تجزئ وتفكك قوة خصومها في المنطقة، لتنفرد بأي طرف متى تشاء، لم تواجه، ‏في سنوات ما بعد كامب ديفيد، أي طرف من خصومها إلا بعد ان تحصل على نوع من ‏الترخيص والقبول، في الخفاء او العلن، من أطراف فاعلة ولها تأثيرها في المنطقة، ‏كمصر والسعودية، بالإضافة طبعا إلى الطرف المحلي المنتمي لهوية الطرف ‏المهاجم. هذا ما حدث في لبنان في حرب تموز 2006 فقد كان المستهدف سلاح ‏حزب الله و ما سمي بالمشروع الإيراني في المنطقة، حيث جاء الهجوم الإسرائيلي ‏وكأنه ينفذ أجندة محلية تبغي تحقيق إعادة توازن داخلية في لبنان، تقلص او تنهي ‏دور حزب الله السياسي. بمعنى ان تناغما واضحا قد حصل بين رغبات وأهداف ‏إسرائيل وبين رغبات خاصة لمعارضي حزب الله في لبنان. والحجة او السبب هو ما ‏يطرح بالعلن عن طموح إيران في دور إقليمي ورغبة في التمدد في المنطقة. ‏

‏ وما يقال عن الدور الإقليمي لإيران هو ليس أمرا جديدا في المنطقة. ففي الماضي ‏كان هناك حديث هستيري عن مساعي لمد نفوذ سوفيتي، وكانت منظمة التحرير ‏الفلسطينية قد راهنت عليه كثيرا. وهي قد بنت فعلا جزء كبيرا من قوتها المادية ‏بفضل الدعم والمساعدات السوفيتية السخية. وكان ذاك التقاء مصالح وليس تلاقي ‏أيدلوجي سياسي كما في بعض جوانبه فقط. فقد كان معروفا آنذاك ان المنطقة ‏تخوض حربا بالنيابة عن القطبين العالميين المتصارعين. وما حرب لبنان الطويلة إلا ‏فصل من فصولها. لكن في وضع حماس الآن، وليس الأمر نفسه تماما مع حزب الله، ‏وعلاقتها بالنفوذ الإيراني هو من وزن اقل. فإيران ليست قطبا عالميا وهي دولة ‏بقدرات محدودة، وكذلك ليست حماس منظمة التحرير الفلسطينية المدعومة بقوة ‏عالميا وعربيا. لذلك تسهل عملية فك تشابكات هذا التداخل في الأجندة وفك ‏طلاسم التمدد والإشارة إليه.‏

‏ ومن الواضح ان مشروع التمدد الإيراني يبدو أكثر إخافة لأنظمة المنطقة من أي ‏شيء آخر، أولا لخلفيته، باعتباره ذي طابع إسلامي يلقى قبولا لدى الشارع العربي، ‏ولخلفية الأنظمة نفسها المشحونة بقدر كبير من التوجس ألامني والقلق الطائفي. ‏فحتى العروبيون والبعثيون في العراق، مثلا، قد غيروا من موقفهم إزاء الاحتلال ‏الأمريكي بحجة مقاومة النفوذ الإيراني الأكثر خطورة، (ولكن هذا موضوع آخر له ‏تفصيلات مختلفة). ولهذا نشهد الآن نوع من التحشد المعلن وشكل من الاصطفاف ‏العلني هذه المرة مع إسرائيل ومن قبل مصر بالتحديد. فقد أعلنت ليفني( وزيرة ‏الخارجية) قرار مهاجمة غزة من القاهرة وليس من مكان آخر، ولم يكن غلق معبر رفح ‏طيلة فترة حصار غزة إلا جزء من عملية الهجوم على حماس وتفكيك قدراتها. وهذا ‏بالنسبة لإسرائيل، والى حد ما لمصر أيضا، لا يعني مقاومة النفوذ الإيراني ووقف ‏عمليات حماس العسكرية فقط، وإنما وبشكل أساس لإسكات أي صوت معارض ‏للمشروع الإسرائيلي او الرؤية الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية. فإسرائيل، ‏وهذا لم يعد سرا، أرادت، ولا تزال، من السلطة الفلسطينية ان تكون حزاما حاجزا ‏لها يجنبها مشاكل إدارة الضفة والقطاع المتعٍبة ويحميها بنفس الوقت منهما لكونهما ‏السكينة التي توخز خاصرتها على امتداد تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. ‏فإسرائيل أرادت ولا تزال من اتفاقات اوسلو ان تجعل من السلطة الفلسطينية جدار ‏حماية يقيها المواجهات. أرادت من السلطة الفلسطينية ان تكون جيش جنوب لبنان ‏بمواصفات جديدة، لهذا كانوا يلهجون وينحبون طيلة فترة إدارة الرئيس الفلسطيني ‏الراحل ياسر عرفات لشؤون السلطة الفلسطينية على عدم وجود شريك مؤهل ‏لعملية السلام. مع ان الرجل كان في منتهى المرونة بتعامله في حل المشكلة؛ وهو ‏بطبيعة الحال كان يبغي ان يستثمر اتفاقات اوسلو لأقصى مدى يحقق فيه مصالح ‏لشعبه، لكنه لم يستطع، رغم مرونته وحرصه على إنجاح عملية السلام والوصول ‏إلى حلول، ان يصل إلى أي اتفاق معقول مع الجانب الإسرائيلي، لان ما كانت تريده ‏إسرائيل، ولا تزال، هو شكل علني ومفصل من التفريط بكل الحقوق الوطنية ‏والقانونية للشعب الفلسطيني، وهي لا تريد الالتزام حتى باتفاق اوسلو وبنتائجه. ‏لهذا السبب وبسبب من وقوف الراحل ياسر عرفات عند حد لم يعد ممكنا تجاوزه، ‏ولدت حاجة ملحة للتخلص منه، فحاصرته إسرائيل طويلا وأخيرا استطاعت ان ‏تتخلص منه بتسميمه (وهذا حديث مؤلم وذو شجون).‏

نحن الآن أمام مرحلة جديدة باتت فيها الاصطفافات في المنطقة تأخذ شكلا مباشرا ‏وعلنيا تمتزج فيها مصالح إسرائيل الاستراتيجية مع مصالح الأنظمة العربية، ولن يكون ‏غريبا بعد الآن وقوف هذه الأنظمة والنخب التابعة لها مع إسرائيل ضد أي طرف في ‏المنطقة تريد إسرائيل تصفيته. بالأمس كان حزب الله واليوم حماس وغدا سيكون ‏طرفا آخر جديدا ستفرزه تطورات الصراع. ولكن هذا الصراع سوف لن ينتهي بالضرورة ‏كما تشتهي له أنظمة فاسدة متواطئة مع عدو غاصب ومستهتر، فللتاريخ منطقه ‏ولمسار الأحداث جدوله الخاص لهذا ستبقى، ولمدى طويل، الجبهة مفتوحة ‏وسيبقى الجرح نازفا.‏

‏31/12/2008‏



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذاء الزيدي ووجوه البعثيين
- لماذا اتحاد لكتاب الحوار المتمدن
- اتحاد كتاب الحوار المتمدن
- الحوار المتمدن رتوش في طريق التطور
- دكتاتورية مبطنة بحرير الديمقراطية
- عذرية البنادق
- صحوة اليسار
- بشتاشان بين نارين
- ورقة من شجرة الوطن
- كتّاب وكتابة الانترنيت
- الرسائل من كردستان الى الانترنت
- تمخض الجبل فولد القاضي رزكار محمد امين
- أمطار النار... عتبة مرتفعة في عالم الدراما العراقية
- في إنصاف سلمان رشدي
- نوشيروان مصطفى... سقوط ورقة التوت
- أحضان دافئة
- للحوار اخلاقه ايضا
- هموم انصارية
- مهزومون
- الحوار المتمدن / الواقع واحتمالاته


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - غزة والعرب