أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أيمن رمزي نخلة - أمي منتقبة














المزيد.....

أمي منتقبة


أيمن رمزي نخلة

الحوار المتمدن-العدد: 2515 - 2009 / 1 / 3 - 00:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شعر بكياني وشخصيتي حين أجد نفسي بين بقية خلق الله في التجمعات العامة. ركبت بالأمس مواصلة عامة من التي تقل البشر على اختلاف نوعياتهم. يشعر الجميع بقلة قيمته وانعدام انسانيته وسط الزحام. حين لا تجد متنفس للهواء وسط كم من الروائح الأدمية التي تشبه معسكرات الاعتقال، وقتها تعرف مشاعر الأسماك المجففة في المعلبات المحفوظة. حين يختلط الحابل بالنابل، وتشتبك الحامل بالعجوز، ويتدحرج الصغير على الكبير، وقتها تعرف مشاعر مكونات طبق "الكشري" في فمك وتحت ضروسك بين فكي المطحنة.

مشاعر متضاربة ومتشابكة وأحاسيس مختلفة بين البرودة والحرارة تعج بها وسائل المواصلات العامة. وفي خضم فوران عقلي بالاستمتاع بحركات "كشري" البشر الأسماك، وملاحظة تقلباتهم في مطحنة المواصلة، شاهدت هذا المنظر البديع الذي تعجز الأقلام عن تصويره، ولا يمكن حتى لكاميرات التصوير المتحركة أن تنقله كواقع متحرك في وسط جبال الرمال البني أدمية المتحركة!!!

وفي وسط هذا الطوفان من المشاعر وتقلبات الأمزجة واختلاف وتباين العقول ومجاري الأفكار، شاهدت أم منتقبة لا يظهر من كيانها البشري أي ملامح من ملامح البشر الطبيعيين. كانت هذه الأم المنتقبة تحمل طفل لا يتعدي عمره العامين. كانت الأم المنتقبة تتحدث لطفلها من خلف النقاب القماشي السميك، بحروف هامسة، لأن معتقدها أن صوت المرأة عورة، كانت كلماتها غير واضحة المعالم لأن النقاب القماشي يحجب اتجاه الصوت الطبيعي. لم يكن هناك تواصل بين الأم المنتقبة وابنها الرضيع الذي تحمله، غير تلك القطعة من القماش التي تشبه الأسلاك الضيقة الحاجزة بين السجين وأسرته حين ياتوا لزيارته، وقتها لا يعرف السجين ولا أسرته ماذا يريد كل منهما من الآخر. مجرد كائن حي خلف القضبان والأسلاك الحاجزة يتحدث مع بقية عائلته.

هذه بعض مشاعر الطفل الرضيع الذي كان يتحدث ويناغي أمه من خلف النقاب. وفجأة ظهرت في صورة تقلبات وسيلة المواصلات سيدة أخرى لم تكن منتقبة ولكنها طبيعية، شعرها الحريري ينسدل على رأسها مثل شعر الطفل تماما، وجهها له ملامح محددة ظاهرة للطفل الرضيع ابن السيدة المنتقبة، فم السيدة ذات الشعر واضح فيه اسنان بيضاء، لها ابتسامة معبرة يستطيع أن يراها هذا الطفل الرضيع الخارج للحياة يريد الإنطلاق متحرراً من قطعة القماش السوداء العديمة الملامح.

انطلق الطفل مبتهجاً أمام طبيعية السيدة الطبيعية ذات الشعر والإبتسامة الحرة الصافية بعيداً عن الصورة القاتمة لقطعة القماش التي ليست لها معالم.
ابتهج الطفل لمجرد الإبتسامة الظاهرة من السيدة ذات الشعر بعيداً عن الصورة ذات اللون الأسود الواحد الذي لا ينم عن أي مشاعر أو أحاسيس.

كان لسان حال الطفل الرضيع: آه يا أمي المنتقبة. خلقنا الخالق على أحسن تصوير. الإنسان الطبيعي متعدد الألوان والأشكال. الإنسان الطبيعي يمتلك أحاسيس ومشاعر، يجب أن يعبر عنها، فالميت فقط هو الذي لا يملك حرية التعبير عن مشاعر الغضب أو الفرح أو الألم أو الإعجاب.
آه يا أمي المنتقبة، أين وجهكِ الجميل؟ أين ابتسامتكِ؟ أين مشاعركِ وأحاسيسكِ الإنسانية؟ أين إنسانيتكِ يا أمي المنتقبة؟

آه يا أمي المنتقبة،
ألم يخلق الخالق الإنسان عارياً بدون ملابس؟
لقد كان الإنسان، وهو عارياً تماماً، على أحسن تصوير.



#أيمن_رمزي_نخلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحافة تحت الإرهاب الأمني والديني.
- الحوار المتمدن سيعيد للإنسان العربي إنسانيته
- مَن المسئول عن الصعيد؟
- عبادة جماعية وتحرش جنسي جماعي
- حول اتهام القرآنيين بازدراء الأديان.
- دوائر التكفير
- دعوة للهجرة بعيداً عن التخلف.
- رسالة إلى المتدينين المحترمين
- صراع فاروق حسني الديني والثقافي
- حتى لا تعود الذكرى الرمضانية لإهانة الإسلام.
- كيف يكون الفساد تجسيداً للوحدة الوطنية؟
- لماذا اللحن المتواصل لكراهية إسرائيل؟
- يا فاروق ارتدي حُلة البهاء لتعلوا بها فوق الجهلاء.
- البهائيون: أمل وورود بلا حقوق.
- هناك يعبدون البقر
- صناعة الفتنة الطائفية
- الزوجة الزلزال.
- الأزهر قام بواجبه: الجنسية أو الحرية الدينية.
- أين سخونة جمال وأنوثة المرأة المصرية؟
- رسالة إلى الرئيس مبارك للإفراج عن كريم عامر.


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أيمن رمزي نخلة - أمي منتقبة