أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم عبد مهلهل - قراءة الباطن الروحي ( للمغربي ) شكسبير وتنظيم القاعدة...















المزيد.....

قراءة الباطن الروحي ( للمغربي ) شكسبير وتنظيم القاعدة...


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 04:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان هاملت الذي صنعهُ وليام شكسبير مدفوعاً بعقدة الانتماء إلى الأمومة ، ولهذا كان يصدر الهذيان اكثر مما يصدر من قول العقل . وهو إنسان مضطرب أراد فيه الكاتب أن يرينا مرحلة متقدمة من نمط حياة لم يتم تناوله قبل في الفكر الغربي ، فقد كانت فنتازيا الروحانيات وهيمنة الفلسفة المثالية والموعظة الدينية تسيطر على ثقافة تلك العهود منذ أبي قراط وحتى جملة هاملت الشهيرة : أكون أو لا أكون ، تلك هي المعضلة.
لم يطور أحدهم في ثقافة الخطاب المسرحي ، والذي هو خطاب الحياة بعد شكسبير إلا في بدايات القرن العشرين عندما اعترفت المذاهب الجديدة والعلوم النفسية الحديثة لفرويد وبياجيه ويونغ أن شكسبير كان يكتب في مرحلة ذهنية استشراقية لمتحولات العصور القادمة ، وتم تفسير إرهاصات هاملت وعذاباته بأنها إرهاص الأزل في جانبه الأسري ..مثلما فسرت ملحمة جلجامش بأنها بقيت تمثل والى اليوم في رغبة الإنسان لنيل الخلود والعمر الدائم ، ومن آثارها قيام بعض أساطين المال في اليابان بوضعهم في مجمدات ثلجية بعد موتهم كي لا تتفسخ أجسادهم في أمل بأنه ذات يوم سيكتشف الإنسان ذلك الشراب السحري الذي يديم العمر والذي بحث عن جلجامش ووجده ولكنه فقده في قيلولة.
هذا الهذيان الحكيم الذي أبتكره شكسبير نشأ من خلال القلق والصراع الذي شمل الكثير من مسرحياته كما في الملك لير وماكبث وعطيل مثل التحول في منظور الرؤية إلى الواقع الاجتماعي بذكاء متفرد خلصهُ من رقابة الكنيسة ومحاكم التفتيش ، حتى أن أحدهم قال : لو أن غاليلو غلف طروحاته حول الأرض ودورانها في مسرحيات كما فعل شكسبير لتخلص من عقاب الكنيسة ومحاكم التفتيش.
أعتقد أن الباطن للكاتب الإنكليزي كان لا يحيا في الزمن المعاش ، كان يقرأ في ذاكرة التاريخ بشكل استشراقي ويضع نفسه في موقع المغير لثقافة الذات من خلال الذهاب إلى الثقافة الأبعد ومنها الثقافة الشرقية ، حتى أن البعض بسبب ما كان ويعتقد من أن الثقافة الأوربية الحديثة هي وريث لما نقله العرب لأوربا عن طريق بغداد والأندلس وابن رشد والرحالة الأوربيون والمستشرقين والسفراء العرب في الدواوين الأوربية ومنهم ابن خليكان. حتى أعتقد البعض بأن شكسبير ليس سوى رجل مغربي يدعى ( شيخ زبير ).
بالرغم من استحالة تصديق وحقيقة هذا المعتقد لكننا نضع فقط آلية للتفكير الشكسبيري وعند شخصية هاملت المصنوعة من رد الفعل والمفاجأة والاصطدام بالمشهد الجديد الذي صنعه خيانة الأم والذي اعتبر بأن الشهوة قد تقود المرأة لتنسى أمومتها وهو ما عده شكسبير موتاً للكثير مما يعتقده مقدساً حتى في ما يهم بناء الدولة التي كان فيها هو أميرا . ولكنه أمير يتعذب.
أنا هنا أشتغل على خطاب هاملت في مقاربة روحية مع خطاب آخر لرجل ظهر في التلفاز وادعى انه أمير من جماعة القاعدة والجهاد في المغرب العربي.
كان الرجل وسيماً ، لكن في باطن الجفن قسوة مفتعله وغضب يبررها رعشة يديه وهو يقرا خطاب الوعيد للأنظمة المغاربية ويقول بأن عقابهم وعقاب الله آت إليهم بواسطة مجاهدين لا يعرفون سوى ما ينطق به الله والبندقية ومفتاح التفجير.
احتفظت بصورة هذا الشاب ( المغربي ) وبذهنية التصور الباطني اكتشفت مقدار القلق الذاتي الذي كان يعيشه في حياته جراء مفارقات الوضع الاجتماعي في بلاده مثل البطالة والجوع والتسول والمخدرات وأشياء آخر لم تزل معالجاتها بعيدة من قبل الدولة لأسباب تعود إلى البيروقراطية وقلة الموارد والفساد الإداري والأستأثار والخطاب السياسي القائم على خداع العامة في الأمل الموعود.
وحتماً نتاج هكذا أوضاع يأتي القلق الشاذ لمثل هذا الشاب الوسيم ليصبح مشروعا هائلاً للتطرف والقتل بما يعتقده انه صناعة لدولة الخلافة ، وحتما هو وغيره ممن يعتقدون بأن العالم لم يعد يستحق سوى هكذا نوع من العقاب ، ولكنه عندما يختلي مع نفسه سيخضع لذات الصراع والقلق الذي عاشه هاملت عندما فكر في اختيار لحظة ومكان الانتقام.
هكذا قلق عند الشاب المغربي أو هاملت يفسرهُ العلم النفسي الحديث بأنه نتاج للمتغير الحضاري السريع والهائل والذي لم يترك مساحة للتفكير والتأمل والمفاضلة . لقد هبت دبابات العولمة مرة واحدة على الشرق لتكتسح كابول وبغداد ومعها أتت متغيرات التقنية والفضائيات واباحة المشهد حتى في نشرات الأخبار ،فكان رد الفعل السريع ليس ما حدث في البرجين بمنهاتن ، بل في انشطار هذا الرد إلى خلايا جهادية من فرط غضبها وغيضها تذبح وتقتل حتى الأطفال والدمى. فتحول الصراع الفردي عند هاملت بالرغم من اختلاف الدافع إلى صراع عام ، صراع صدام حضاري كلف الشرق وخصوصاً ( العراق ، أفغانستان ، الجزائر ، الصومال ) الكثير من الضحايا الأبرياء ، وقاد ذات القلق الروحي والتأريخي عند البعض إلى استفحال صراع جديد كما في العراق هو الصراع المذهبي والطائفي والذي كاد يدمر كيان الدولة العراقية في عام 2006 بعد تفجير مرقد الأماميين علي الهادي والحسن العسكري ( عليهما السلام ) في مدينة ( سرى من رأى ).
وفي ذات الوقت كلف مصدر العولمة أمريكا الكثير من الضحايا ، ولكنها لاتقارن بالعدد والمعنى بضحايا تلك الدول التي كانت المصد الأول لانتشار هذه الظاهرة وبعضها كان بؤرة لنمو مثل هكذا جماعات.
هاتان الصورتان قد يعتقد البعض أن في الجمع بينهما مفارقة وربما هي غير حقيقية ، لكن القراءة النفسية للشخصيتين تضعنا في المنظور ذاته ، فجميع ردود الأفعال الكبيرة تأتى من القلق الروحي الكبير ، وهو وحده قادر ليدفع البعض إلى القيام بالممارسات الخارجة عن تفكير العاقل كتفجير الجسد في حزام ناسف.
لم يكن هاملت انتحاري حين قرر الانتقام ولكنه كان وليد بداية انفلات الذات جراء الألم المصنوع من تصرف القريب والحبيب ،وربما هذا ينطبق على الشاب المغربي وغيره من الشباب الذين يدفعهم هاجس حب الدين والقومية لينتخوا ويعبروا الحدود بخلسة وينظموا إلى دولة الزرقاوي أو أبو قتامة المصري أو أي أمير فضل لقاء نبيه بعد ركعتي صلاة ، ومن ثم تفجير نفسه في سوق شعبي.
أن المشهدين رؤيا لواقع حضاري لا يغيرهُ سوى العقل المقاوم والعلمي. وهذا صعب صناعته في ظل متغيرات القلق الروحي في الذات المستلبة بسبب الضغط الإعلامي والنفسي للكرة الهائلة (العولمة )التي تمشي كما جيوش الإسكندر وتسحق كل شيء ، استقلالنا وخواطرنا وبدائيتنا وفطرتنا وشرابي الماء التي تعودت أن تسقي ظمأ فقراءنا في قيظ الصيف.
واقع لا نسيطر عليه بمليون مقال .بل إننا هنا رهن البداية الجديدة في نشوء رد الفعل المناسب ، وحتما هذا الرد لن يبني رؤاه على ذات الانفعالات النفسية التي عاشها هاملت .
فعلى المقاوم أن يسيطر على قلقه قبل أن يبدأ خطوة البحث عن افضل الطرق لأبعاد سرف الدبابات عن أتلاف اسيجة الحدائق في بلاده.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد مجيد يا أهل ناحية الحَمارّْ ....
- طالما .. العراق حيٌ ..فأنت الحي وليس فلوريدا...
- قيصر والعراق وحبة التين
- الحسين ( عليه السلام ) ، وغاندي ( رحمهُ الله ) ، وكارل ماركس ...
- أشراقات مندائية
- شيء عن السريالية ، والغرام بالطريقة التقليدية...
- الفصيحُ لايشبه الصفيح .. وحنيفة لايشبه الصحيفة ....
- من أمنيات الترميذا يوشع بن سهيل
- الصابئة المندائيون وسوق الشيوخ وتشريفات القصور الرئاسية...
- ميثلوجيا العدس
- التاريخ الوطني لشركة أحذية باتا...!
- الانتحاريُ الجَميلْ ..وجَنتهُ التي عَرضُها السَمواتُ والأرضْ ...
- طلبان كابول ، وشرطي من أهل السويج ...
- فلفل أحمر .. وكحل تحت عيون نادية لطفي ...
- خذ من عينيَّ قصيدتكَ .. وأشعلْ قمراً في البابِ الشرقي...
- كم كانت أحلامنا جميلة ..!
- أعلان ضد الأفلام الأباحية ( وهَتك الجسد )..!
- سعر برميل النفط في 1 شباط 2009
- البصرة .. الأقليم والبهارات وحسين عبد اللطيف..
- طارق بن زياد ، وصديقة الملاية...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم عبد مهلهل - قراءة الباطن الروحي ( للمغربي ) شكسبير وتنظيم القاعدة...