أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد العزيز حسين الصاوي - الناصريه، والبعث ايضا، كظاهره غير قوميه















المزيد.....

الناصريه، والبعث ايضا، كظاهره غير قوميه


عبد العزيز حسين الصاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2511 - 2008 / 12 / 30 - 07:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في اطار تفاعل نقدي مع مسودة " مشروع النهوض العربي " المطروح للنقاش من قبل مركز دراسات الوحده العربيه طرح صاحب هذا المقال السؤال التالي : هل يمكن تحميل الناصريه وقيادة عبد الناصر مسئولية إخفاقها الديموقراطي؟ واعطي إجابة بالنفي رغم إقراره بأن عبد الناصر بالذات وطاقمه القيادي كان صاحب القرار النهائي ورغم تعييبه للمسوده بأن تقديرها للاثار السلبية لهذا الاخفاق اقل كثيرا من الواقع. جري تبرير هذه الاجابه بأن : " الظروف المصريه والدوليه التي نشأت فيها التجربة الناصريه واكسبتها ملامحها المحدده ليست من صنع هذه القياده كما ان التعامل معها بغير الطريقة التي تعاملت بها معها لم يكن ممكنا في السياق المصري بالذات حيث انبثقت أداة التغيير من الجيش وبرزت فيها شخصية ذات خصائص زعاميه استثنائيه. هذه الظروف هي : الاولوية المشروعه لقضية التنميه في علاقتها بالعدل الاجتماعي، الصراع حول هذا المحور ومحور التحرير الوطني المصري وغير المصري مع النموذج الغربي وثالثا جاذبية النموذج الاشتراكي الشيوعي كمصدر دعم في هذا الصراع وتجربة بدت ناجحة في حينها للتنميه والعدل الاجتماعي. المصدر الثاني لوجاهة السؤال هو ان كافة التجارب العربيه لاسيما البعثيه، وايضا في اليمن الجنوبي والجزائر وليبيا وعدد من دول العالم الثالث الاخري، تقولبت بنفس الملامح."
هذه المتابعه للموضوع محاولة لتجذير عملية النقد والنقد الذاتي للتيار القومي العربي يجدر استهلالها، تمشيا مع روح هذا التوجه، بتجريد هذا المصطلح من إدعاء يوحي به. فالحقيقة هي ان هذا التيار، كما هو الحال مع التيار الاسلامي، يمثل تأويلا سياسيا فكريا للرابطة القوميه وليس الرابطة القومية نفسها إذ تحيل هذه الي الانتماء القومي العربي في حد ذاته شاملا جميع العرب بدون فرز فكري او سياسي. علي هذا الاساس فأن المصطلح السليم الذي ينطبق علي الناصرية وحزب البعث هو " تيار القوميه / العروبه السياسيه ". اما صلب هذه المحاوله فهو إعادة النظر في التجربة الناصريه بما يعتبرها ظاهرة مصرية من حيث الجوهر مخالفا بذلك الاجماع السائد في اوساط العروبه السياسيه الي درجة ان مسودة " مشروع النهوض العربي " اعتبرتها تجسيدا للمرحلة الثانية في النهوض العربي. المحاججة التي يستند عليها هذا المقال ملامحها موجودة في الفقرة السابقه. فالقول بأن أداة التغيير انبثقت من الجيش كان معناه حكماً انعدام تعددية الرأي لتنافيه مع التكوين الانضباطي للعقلية العسكريه. وهي خاصية لم تضعف بمرور الزمن وتحول العسكريين الي مدنيين لان النظام الجديد كان عندها قد استقر علي نمط واحدي القياده بما يتجاوز اي نموذج عربي اخر بسبب الجاذبية الشعبية الصاعقة لجمال عبد الناصر. جانب الخصائص الزعامية الذاتية كان متوفرا فيه بكثرة : قوة الشخصيه، الذكاء ، قوة الاراده وفيما يتعلق بنقاء السيره وحتي الشكل الخارجي : طول القامه، العينان النافذتان، الوسامة الرجوليه. هناك ايضا توفرُ مقومات الجانب الصناعي او الأصطناعي في هذه الزعامه من حيث مصادر الترويج والتركيز التي لم تتوفر لاي نموذج اخر : بالاضافة للتقدم الكبير للاذاعة والصحافه وصناعة السينما المصريه بالمقارنة لبقية الاقطار العربيه كانت هناك شعبية المطربين/ات المصريين كمصدر قولبة فعال للرؤية والمشاعر الشعبيه فضلا عن الوزن الخاص للثقافة والمثقفين المصريين الذين انحازوا غالبا، إكراها احيانا، الي النموذج الناصري. التقاء هذه العناصر الثلاثه رفع عبد الناصر الي مرتبة نصف الاله في الخيال الجمعي المصري والعربي مااستحال معه تفاعل قيادته مع المحيط السياسي الا بشروطه. والحال ان " قومنة " القيادة الناصريه سياسيا وفكريا، أي تطوير رصيد وعيها القومي السياسي المكتسب من التجربة الشخصيه الي المستوي الذي يخلع عليها صفة الممثل لهذا التيار اعترضته عقبتان اساسيتان. الاولي هي ان سقف قومنة الحركة السياسية المصرية عموما كان منخفضا لان مكوناتها كانت بالاساس وطنية مصريه وامميه اسلاميه او شيوعيه لذلك فأن اتصال عبد الناصر المتعدد الوجوه بها لم يفد كثيرا في هذا الصدد. فرغم ان مصر كانت الحاضن الرئيسي للثقافة العربيه بمختلف ضروبها فكرا وادبا وفنا إحتمي بها وازدهر فيها كثير من منتجيها المشرقيين الهاربين من الجور العثماني الا ان مولد ونمو تيار العروبة السياسيه كان سوريا- لبنانيا–عراقيا وليس مصريا. من هنا فأن العلاقة الفلسطينية القويه بتحرك ضباط ثورة 23 يوليو ضد القصر والاستعمار البريطاني كانت ذات ابعاد مصريه داخليه اساسا.
كذلك فأن امكانية قومنة القيادة الناصريه من مصدر اخر وهو العلاقة الوثيقة التي نشأت بينها وبين اهم الحركات القوميه المشرقيه وهو حزب البعث العربي الاشتراكي بعد انتصارها المدوي في حرب السويس عام 56 لم تتحقق لسببين الاول هو بروز الاختلافات في طبيعة الطرفين وعقلية منتسبيهما بين حزب وسلطه حاكمه عندما دخلا مجال العمل التطبيقي في وحدة مصر وسوريا عام 59 فأنحدرت نحو العدائية بسرعه. السبب الثاني هو تراجع مستوي القومنه في البعث نفسه بأنزلاقه التدريجي نحو الفصل بين الوحده العربيه والديموقراطيه بحيث انخفض مستوي القومنه في الفضاء السياسي العربي عموما. فالوحده كهدف مميز لتيار القوميه/ العروبة السياسيه باعتبارها ركنا رئيسيا في تأويله للرابطة القومية بين العرب كأساس للنهضة الشامله، مستحيلة دون توفير اطر سياسيه وغير سياسيه للمشاركة الطوعية للنخب والجمهور العام في العمل من اجلها. وفيما يشبه ظاهرة التماهي مع العدو اذا استحال التغلب عليه المعروفة في علم النفس، فأن النصر الساحق الذي حققته الناصريه علي البعث في المعركة بينهما بسبب شعبيتها المنعدمة النظير حتي هزيمة 67 أفضي الي تخلي البعث التدريجي عن الموروث الديموقراطي في تجربته كحركه سياسيه عبر فهم قاصر لمأخذه علي الناصريه بهذا الخصوص ينحصر في كونها عسكرية المنشأ. الاستطراد المنطقي والعملي لهذا الفهم البعثي القاصر كان الاستجابة لمجموعة العوامل المشار اليها سابقا ( اولوية التنميه مع العدل الاجتماعي، نجاح النماذج الاشتراكيه الخ .. الخ ) بما أدي الي الفصل بين العدل الاجتماعي والسياسي لمصلحة الاول ومن ثم الدخول في تجربة السلطة من باب الانفرادية مع الاحتياط فقط ضد الهيمنة العسكرية عليها. هذا ماحدث بعد الانقلابين البعثيين في 8 فبراير عام 63 في العراق وبعد ذلك بشهر في سوريا، واستغرق البعث فكريا بعد ذلك في جهود مركزة لتطوير المحتوي الاشتراكي لفكرة الوحدة العربيه بدلا من الديموقراطي وهو ماانتهي به الي نفس الموقع الناصري : نموذج دوله شموليه تحقق انجازات مادية لمصلحة القواعد الشعبيه لاتلبث ان تستولي عليها البيروقراطية المتضخمه والطبقة الجديده ناخرة في عظم أجهزتها السياسيه وغيرالسياسيه.
وبما ان البعث كان اقرب الي تجسيد مواصفات التيار القومي السياسي من الناصريه بحكم طبيعته كحزب وظروف نشأته الشامية فأن انعدام قدرته علي التجاوب مع الحاجة الي التجديد الديموقراطي عندما حان اوانه بعد ماجري للمعسكر الاشتراكي نتيجة طغيان الاعتبارات السلطويه علي الحزبيه، كان معناه نهاية التيار وبقاء فكرة الوحده العربيه رهينة إعادة تأسيسها ديموقراطيا. والمفارقة هي ان الناصريه التي كانت مصرية الجوهر رغم تأثيرها القوي عربيا حتي علي البعث نفسه ، كما ذكر سابقا، دافعة اياه نحو جوهر عراقي وسوري غير قومي، احتفظت بصفة الممثل للتيار لدي بعض النخب العربيه انعكاسا لبريق صورة قائدها في الذاكرة الجمعيه لاسيما في لحظات تأزم الوضع العربي حين يشتد الحنين الي زمن فتوة النموذج الناصري الذهبي وفوران الاحساس بالرابطة القوميه. وفي هذا كما في انعدام قابليتها للاستيحاء المستقبلي الا كروح ومقاصد عامه، تبقي التجربة الناصريه شبيهة بالاسلام فهي لم تكن ظاهرة مصريه فقط وانما وليدة التقاء نادر بين لحظة تاريخية مصرية معينه وشخصية مصرية استثنائيه حققت أقصي مايمكن تحقيقه في زمن كانت فيه الديموقراطيه شأنا ثانويا لدي قوي التغيير في كل العالم. وعلي ذلك فأن محاولة قسر النموذج الناصري علي الامتداد الي زمن حاضر مختلف جذريا كما تفعل بعض نخب القوميين السياسيين ستؤدي الي تغليب السلبي علي الايجابي في الارث الناصري وتحويله الي رصيد لحركات متخلفه كما يبدو جليا الان في تحالف تلك النخب مع الاسلاميين الماضويين الذين يحاولون نفس الشئ : قسر التعاليم الاسلاميه علي الخروج من اطارها التاريخي.



#عبد_العزيز_حسين_الصاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة اليسار مع ابطاله الجدد
- ليس اوكامبو وانما جاريث ايفانز و ال R2P
- من تاريخ البعث في السودان -حسن احمد عبد الهادي
- اضاءات تاريخيه: محجوب الشيخ البشير
- حول تقرير الحزب الشيوعي السوداني: اكتوبر 64 كثوره مضاد للديم ...
- كتاب - مرجعات نقديه للتجربة البعثية في السودان-
- ماالذي يجعلك استثناء ك ذكريات وتأملات سودانيه فيما خص الوحده ...
- حكاية مارادونا وشافيز واليسار الجديد- القديم
- السودان : من يخشي التدخل الخارجي ...الحميد ؟
- عن فرج بن غانم وشئ من التاريخ
- الانتقال الديموقراطي : الوسيلة قبل الغايه
- تقرير الحزب الشيوعي العراقي : صوت للعقل
- اخضرار قناة الجزيره وشيوعيون وبعثيون
- اخضرار الجزيره وشيوعيو وبعثيون سودانيون
- نحو مخرج من نفق الازمات : التفكير في المحرمات
- حزب الله : انتزاع الهزيمة من جوف النصر ؟
- جزئيات مكمله لسيرة محمد ابو القاسم حاج حمد


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد العزيز حسين الصاوي - الناصريه، والبعث ايضا، كظاهره غير قوميه