أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نعيم عبد مهلهل - عيد ميلاد مجيد يا أهل ناحية الحَمارّْ ....














المزيد.....

عيد ميلاد مجيد يا أهل ناحية الحَمارّْ ....


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 2510 - 2008 / 12 / 29 - 09:26
المحور: حقوق الانسان
    


هنا في أوربا ، وفي خلسة من النجمة المستيقظة سينسل ( سانت كروز ) أو كما يسميه أبناء الأهوار العراقية ( بابا نوئيل ) عبر النوافذ العلوية لغرف الأطفال ، بدلته حمراء ولحيته بيضاء وكيسه المليء بالهدايا ، ويضعها قرب وسائد النوم وهو يتمنى لهم ميلاداً مجيداً ليوم ولد فيه السيد المسيح ، فقط لينثر بذرة الخير على الأرض وتنمو وردة السلام ..
من بيت لحم في فلسطين إلى وسادة مريم أصغر بناتي ( 5 ) أعوام يمضي هذا الشيخ الطيب في طرق كلها ثلوج وسرف دبابات ومصائد الغام وطرق لم تزفت بعد واحياء صفيح لجياع وقرى من القصب والطين وفيلات فارهة في منتجعات أثرياء الرحمة ليصل إلى هذه المدينة الهادئة في الريف الألماني ويسأل عن سومرية بريئة هجرها مزاج الزمن المتحاصص وغياب الشعور بالراحة وأنت ترتدي القميص الملون ليهديها قطع من نساتله الشهيرة ودبهُ القطني السمين وقبلة إنسانية ليس فيها شهوة هؤلاء الذين يختطفون الطالبات الجامعيات في بغداد ويفعلون ما يفعلون ببأس البرابرة وبراءة المغول وتشريع ما شرعه الله في نفوسهم المريضة وبالتالي يطلبون الفدية والدية وربما إذا كانت المختطفة غير مسلمة يجبرونها على نطق الشهادة ،فيصير العرس نوراني والمختطف الطيب يصير مثل فاتح ومبشر وقديس.
هذا ليس خيالا أو افتراء ، فالقصة منقولة عن لسان فتاة جامعية اختطفت في شارع الصناعة قرب الجامعة التكنولوجية في بغداد وقبل عيد الميلاد بأسبوعين.
تقع ناحية الحَمارّْ في منطقة هور الحمار ضمن المساحة الإدارية لمحافظة ذي قار ــ جنوب العراق ( 360 كم بغداد ) ، وهو واحد من اكبر الأهوار العراقية يلتقي شمالا بمسطح مائي مع هور الحويزة في الجانب الإيراني عبر امتداد هور الجبايش ، وعاش هذا المكان تاريخا مضطربا منذ اقدم العصور بسبب التكوين المجتمعي المنعزل لسكان الأهوار ، ولهذا كانوا ومنذ الأزل بعيدا عن أي خدمة حضارية ومدنية ، ولكن هذه العزلة صنعت شعباً عنيداً احب حياته وطقوسها ونال القناعة الأزلية بأن ماياتي به الله هو ما تقدره قناعة الروح ولهذا كانت تفتك بهم الأمراض ويموتون بصمت وقناعة ، وحتى شظايا المدافع منذ الدان العثماني إلى مدافع النمساوي لم ترهب فيهم لحظة الوجود ،لكن وجودهم اهتز مرة واحدة عندما صدر الأمر الرئاسي ( الموقر ) بتجفيف هور الحمار ، وهو أعلان رسمي وعلني في اغتيال طبيعة والذهاب بها قسرياً إلى الانقراض حتى صار في قناعة أحدهم أن تصبح الأهوار مثل الديناصورات منقرضة ولا تعود إلى الحياة أبدا ، وصار الحنين إلى صورة سمكة الشبوط مثل ذلك الذي يحن إلى أغاني الشباب وذكريات عشق الصبا.
أهل ناحية الحَمارّْ بسبب شمول عالمهم برحمة الموبايل والصحون اللاقطة التي علت سطوح بيوت الطين والقصب في منظر لا يخلو من المفارقة أن تدخل روتانا وأغنياتها الساخنة بيوت أولئك الفقراء صاروا يشاهدون العالم كله وهم ممددون على سوابيط القصب ، ولا يهمهم لسع البعوض ووخمت ( الشرجي ) الرطب عندما يحتدم الحوار حول العراق في برنامج صاخب كالاتجاه المعاكس.
لقد فتح العالم لهم نوافذه ، ولكن هل استفادوا من محاسن العولمة وإشراقة ابتسامة المذيعات والإعلانات الخرافية عن تسويق عطر فرنسي أو فرشاة أسنان .؟ اعتقد انهم بسبب تراكم قرون الفطرة والعزلة مازالوا مشدودين إلى تلك البهرجة ، وبعضهم صار يترك علف جاموسته لأجل أن يكمل قصة الوسيم ( مهند ) في المسلسل التركي المدبلج ، وربما صاروا يحلمون كما خلق الله في العالم المتمدن بأن يأتي إليهم سانت كروز بهدايا الميلاد المجيد. لكن بابا نوئيل يخاف على نفسه من مخاطر الطريق والفتاوى ، وأشياء كثيرة قد يعتقد فيها مدير ناحية الحمار مثلا أنها تفتح عيون أبناء المدينة فيكثر الطالب والمطالب ، وعليه أنا نفسي تمنيت لرجل الثلج أن يذهب هناك ، فكان رده : يتمنى قبل الهدايا أن تتحسن أوضاع الناس هناك ، يشربون الماء الصالح للشرب ، وتصلهم الكهرباء ، تعبد الطرق وتبنى المدارس والمراكز الصحية ، فليس من المعقول أن يملك ابن ناحية الحمار احدث جهاز موبايل وهو يسعل في الصيف والشتاء ومازالت آثار البلهارزيا ظاهرة عليه ، ومازال طاعون الماشية يهدد جواميسهم وما يقتاتون عليه.
ربما الدولة مثل بابا نوئيل تفكر بإنقاذ هكذا عالم وضعته اليونسكو ضمن محمياتها الدولية ،وعليه ينبغي أن تصير هي المعمر لهذه الناحية وغيرها من مدن الأهوار ويصبح السيد وزير الدولة لتمنية الأهوار هو بابا نوئيل ، لتكون هداياه بدلا من النساتل والدببة والعصافير ، مدارس حديثة ومرافق سياحية ومشاريع أعمار ،أهمها مجمعات سكن لا يدخل من نوافذ بيوتها البعوض والحرمس ورائحة روث الجواميس.
هذا الشعب الأزلي ، والذي صمد مع حضارته كل هذه العصور ، يحتاج مني أنا وسانت كروز والأمين العام للأمم المتحدة التقدير والثناء ...



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طالما .. العراق حيٌ ..فأنت الحي وليس فلوريدا...
- قيصر والعراق وحبة التين
- الحسين ( عليه السلام ) ، وغاندي ( رحمهُ الله ) ، وكارل ماركس ...
- أشراقات مندائية
- شيء عن السريالية ، والغرام بالطريقة التقليدية...
- الفصيحُ لايشبه الصفيح .. وحنيفة لايشبه الصحيفة ....
- من أمنيات الترميذا يوشع بن سهيل
- الصابئة المندائيون وسوق الشيوخ وتشريفات القصور الرئاسية...
- ميثلوجيا العدس
- التاريخ الوطني لشركة أحذية باتا...!
- الانتحاريُ الجَميلْ ..وجَنتهُ التي عَرضُها السَمواتُ والأرضْ ...
- طلبان كابول ، وشرطي من أهل السويج ...
- فلفل أحمر .. وكحل تحت عيون نادية لطفي ...
- خذ من عينيَّ قصيدتكَ .. وأشعلْ قمراً في البابِ الشرقي...
- كم كانت أحلامنا جميلة ..!
- أعلان ضد الأفلام الأباحية ( وهَتك الجسد )..!
- سعر برميل النفط في 1 شباط 2009
- البصرة .. الأقليم والبهارات وحسين عبد اللطيف..
- طارق بن زياد ، وصديقة الملاية...
- القاصة السورية ماجدولين الرفاعي ...نصوص لها طعم الورد


المزيد.....




- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نعيم عبد مهلهل - عيد ميلاد مجيد يا أهل ناحية الحَمارّْ ....