أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - وثيقة مجلس الحكم الدستورية : باطلٌ كلُّ ما بُنيَ على باطل !















المزيد.....

وثيقة مجلس الحكم الدستورية : باطلٌ كلُّ ما بُنيَ على باطل !


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 771 - 2004 / 3 / 12 - 07:30
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


وثيقة ملغومة : بكثير من الصخب وقليل من الشفافية أعلن رجال مجلس الحكم المعين من قبل سلطات الاحتلال يوم الاثنين الثامن من آذار عن نجاحهم في الاتفاق على صيغة توفيقية لما سمي " قانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية " . والواقع فإن ما تسرب حتى الآن من ردهات وكواليس المفاوضات الماراتونية لا يمكن تسجيله كانتصار لامع للدبلوماسية العراقية إذ أن دبلوماسية عراقية ذات آليات واستراتيجية تفاوضية مستقلة وقائمة على ثوابت الوطنية العراقية وليس على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية لا وجود لها . وقد يقول قائل حسن النوايا إن العبرة في النتائج الجيدة التي توصل إليها مجلس الحكم وليس في الأسس التي شكل عليها هذا المجلس ذاته والتي يمكن الالتفاف عليها مستقبلا وخلال مواجهة مع الاحتلال . وللرد على هذه المقولة يمكننا التذكير بأن المجلس لم يتوصل من تلقاء نفسه وبجهوده المستقلة والخاصة إلى هذه الصياغات بل هو أوصِلَ إليها بقوة الدفع والضغوطات التي مارسها الحاكم بريمر ومستشاروه الذين كانوا يحركون البيادق على رقعة الشطرنج من خلف الستار .
وللتدليل على صحة هذا الرأي وعلى أن هذه الوثيقة ملغومة وخطيرة يمكن التذكير بثلاثة أمور متعلقة بهذا الموضوع وهي ، أولا الفيتو الذي أعلنه الحاكم الأمريكي المدني بول بريمر قبل أن تنطلق المفاوضات على الوثيقة الدستورية فيما يتعلق بموضوع مصادر التشريع وعلاقة الدين بالدولة ، وثانيا يمكن التذكير بقرار حسم موضوع شكل الدولة الاتحادي " الفيدرالي " مصحوبا بفقرة خاصة تمنح للمحافظات ذات الأغلبية الكردية الثلاث ( السليمانية وأربيل ودهوك ) حق الفيتو على العملية الدستورية في العراق وبما يرضى الأحزاب القومية الكردية وثالثا وأخيرا نجاح الاحتلال و أصدقائه اللبراليين وبمشاركة مريبة من بعض الإسلاميين الشيعة في إلغاء هوية العراق العربية والاكتفاء بفقرة هزيلة تقول بأن ( الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية ) أما هوية العراق كبلد عربي وكمهد للساميين الأوائل حتى قبل العرب فقد ألغيت بدعوى وجود أقليات إثنية وكأن العراق هو البلد الوحيد في العالم الذي يضم أقليات غير عربية إلى جانب أكثر من ثمانين بالمائة من العرب !
الاستنجاد بالمرجعية : لقد جاءت المحاولة الأخيرة لخمسة من أعضاء المجلس المنتسبين إلى الطائفة الشيعية تأخير التوقيع على الوثيقة الدستورية الاحتلالية لتكرس مجموعة من الأهداف أهمها : ترسيخ المرجعية الدينية النجفية بشخص السيد علي السيستاني كطرف فاعل ومهيمن في العملية السياسية أو في الحد الأدنى وفي الجوهر كمعين وسند لمجموعة الخمسة ذاتها ضد خصومهم الحاليين والمستقبليين وفي هذا المسلك إضرار بالغ بالمرجعية النجفية وإخراج لها من دورها الوطني العام في إطار مجابهة احتلال الأجنبي وتحويلها إلى قوة حزبية رمزية يستعين بها هذا الحزب أو ذاك ضد من يريد في صراعاته الداخلية . أما الهدف الثاني لجماعة الخمسة فكان إحراج الطرف الحزبي الكردي وانتزاع تنازلات اللحظة الأخيرة منه والمتمثلة - كما راج قبل التوقيع بساعات - بتعديل يشترط أن تكون أغلبية الثلثين الرافضة للدستور في ثلاث محافظات (غير متجاورة ) لتفادي الاتفاق على الأساس العرقي وقد أُفشِل هذا المسعى وتم التوقيع على الوثيقة كما هي ودون تعديلات إطلاقا بعد أن رفضت الأحزاب القومية الكردية وبدعم من بريمر أن تتراجع عن موقفها . أما الهدف الثالث لمجموعة الخمسة فقد كان الهيمنة على الساحة السياسية داخل الطائفة الشيعية واحتكار نطاقها الميداني والتعبوي والتحول إلى "الناطق الرسمي والوحيد " باسمها ولا يبدو أن هذا الهدف قد تحقق منه شيء ، ليس لأن لبعض أعضاء مجموعة الخمسة علاقات بالبنتاغون أقوى من علاقاتهم بغيره فحسب بل لأن جسما سياسيا طائفيا محضا لا ماضي له في العراق ولا مستقبل.
لقد تم التوقيع اليوم على هذه الوثيقة المثقلة بالصفات، غير أن من أهم صفاتها هو أنها مؤقتة لأنها لن تكون إلا كذلك أي كما هو الاحتلال مؤقت ، وبمجرد أن يطوي الاحتلال خيامه سيطوي الموقعون على الوثيقة الاحتلالية أوراقهم ويلحقون به .
معركة الغد : غير أن تاريخ التجارب الاحتلالية لا يسير بهذا الشكل المستقيم المتواتر . فالاحتلال سيحاول أن لا يخسر مكتسباته المتحققة فعلا أو تلك التي في المتناول ولهذا فهو سيعمد إلى الانسحاب العسكري والسياسي المكشوفين والبقاء بصيغة يتم الاتفاق عليها فيما بعد مع نظام ستشرف سلطات الاحتلال ذاتها على ولادته وترعرعه .ومن أهم متطلبات تحقيق هذه الاستراتيجية حسم موضوع الاتفاقيات الأمنية التي ستمنح المحتل القواعد العسكرية والمتعلقات الأخرى في شكل اتفاقيات ثنائية مع النظام القادم إلى السلطة في العراق وهذه ستكون واحدة من معارك الغد الكبرى في العراق والتي لا يمكن خوضها دون استراتيجية سياسية متماسكة ووطنية وليس ثمة ما هو أفضل وأكثر راهنية الآن من شعار المجلس التأسيسي الوطني المستقل عن الاحتلال والقائم على أساس التوافق لا على أساس المحاصصات الطائفية والعرقية وعلى أساس الاستقلال عن الاحتلال ومناهضته .
لقد طرح هذا الشعار / البرنامج من قبل التيار الوطني الديموقراطي العراقي ( تجمع من اليسار الديموقراطي الوطني ) بعد عدة أيام من سقوط العاصمة بغداد وأكد أهميته أكثر من مصدر من هذا التيار لوسائل الإعلام العربية والعالمية . وكان من جملة البواعث الدافعة لتبني هذا الشعار هو أن خبرة الشعوب أكدت عبر التاريخ أن الدولة - أية دولة كانت – حين تنهار بسبب كارثة طبيعية أو هزيمة في حرب يعقبها احتلال على أن السيادة الوطنية تعود إلى شكلها البدائي البسيط أي أنها تعود إلى ممثلي التجمعات السكانية الذين يشكلون ما يشبه الجمعية التأسيسية التي أملتها الظروف الطارئة لتقود عملية بناء الدولة الجديدة وتجسيد السيادة الوطنية عبرها . وهذا ما حدث بالضبط فبعد انهيار النظام وهرب واختفاء قياداته وانهيار كافة مرافق الدولة استولى الغزاة على السيادة والسلطات الفعلية التشريعية والتنفيذية والقضائية ثم شكلوا مجلسا محدود الصلاحيات جدا وأشبه بمجلس للمستشارين يساعد سلطات الغزاة على تسويق سياسات الاحتلال ذاتها وهنا بالضبط رفع شعار المؤتمر التأسيسي الوطني المستقل والعام وبذلت جهود كبيرة من قبل عدد من التنظيمات والشخصيات العراقية التي تمثل الطيف السياسي العراقي الثلاثي التقليدي أي التيار اليساري والتيار الإسلامي والتيار القومي العروبي إضافة إلى ممثلي الأقليات الإثنية في البلاد .
ثابتان رئيسيان : ولقد كانت كل الأمور قابلة للنقاش في هذا المشروع ، الشعار ، المبادرة إلا ثابتين لا مساومة ولا نقاش فيهما :
الثابت الأول هو أن يكون المؤتمر التأسيسي مستقلا تماما عن الاحتلال ومؤسساته وسلطاته ورموزه .
الثابت الثاني هو أن المؤتمر سيشكل على أساس المواطنة ومبادئ المساواة والحرية وعبر صيغة التوافق الوطني وليس على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية .إن انعقاد المؤتمر التأسيسي سيكون البرنامج السياسي الواقعي والممكن للعمل المقاوم ولكنه سيكون أيضا معركة أخرى وكبرى بكل المقاييس ينبغي كسبها وإنقاذ العراق وشعبه وهويته وخيراته من أشرس وأخطر احتلال في تاريخ العالم المعاصر
وماذا بعد: إن كون الوثيقة الدستورية الاحتلالية مؤقتة يعني أيضا أنها مرتبطة بالجدول السياسي والعسكري للمحتل ثم أن كونها مؤقتة لا يعني إنها ستتغير مستقبلا بأخرى ثابتة ومختلف عنها نوعيا بل هي ستكون الهيكل العظمي الذي سيشاد عليه النظام السياسي لأصدقاء الاحتلال منذ الآن وأكثر من ذلك فهذه الوثيقة المؤقتة ستكون حكما وفيصلا في النزاعات المستقبلية بين الفرقاء .
لقد كان احتلال العراق أمرا باطلا قانونا وكل ما سينجم أو ينتج عن هذا الاحتلال سيكون باطلا قانونا أيضا وفق القاعدة الفقهية المعروفة والقائلة (باطل كل ما بني على باطل) ولقد انتزع بريمر المسلح بترسانة أمريكا كلها تواقيع خمسة وعشرين سياسيا عراقيا على وثيقة دستورية لا تساوي ثمن الورق الذي طبعت عليه فهل سيستطيع انتزاع صمت وخنوع خمسة وعشرين مليون من العراقيين على نظام عميل قادم ؟



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور -بريمر - ولد فاطساً ، والفيتو الكردي سيواجه فيتو في مث ...
- المبسط في النحو والإملاء الدرس الثامن والثلاثون : المنصوب عل ...
- تحالف الأمر الواقع بين الاحتلال الأمريكي والإرهاب السلفي يحص ...
- المبسط في النحو والإملاء .الدرس السابع والثلاثون : المفعول ف ...
- المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس السادس والثلاثون : الم ...
- العراق - الأمريكي - يزحف نحو النموذج الطائفي اللبناني !
- بين الانتخابات الفورية والحكومة العميلة : نعم للمؤتمر التأسي ...
- بين الانتخابات الفورية والحكومة العميلة : نعم للمؤتمر التأسي ...
- المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس الخامس والثلاثون : الم ...
- المبسط في النحو والإملاء الدرس الرابع والثلاثون : المفعول لأ ...
- العبقرية هي الصبر !عبارة قالها بودلير وكابدها عبد الرحمن مني ...
- تنظيم القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وتحديات المرحلة ...
- تنظيم -القيادة المركزية- للحزب شيوعي العراقي وتحديات المرحلة ...
- المبسط في النحو والإملاء الدرس الثالث والثلاثون : المفعول به
- اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بين عارين :الجزء الثان ...
- جناح اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بين عارين : الجزء ...
- الاعتداء المدان على مقر الحزب الشيوعي -اللجنة المركزية - لن ...
- المبسط في النحو العربي والإملاء .الدرس الثاني والثلاثون : ال ...
- تفجير -الأحد- استهدف اجتماع -الاثنين- مع الأمم المتحدة :كوفي ...
- الصداميون والسلفيون الطائفيون وجهان لعملة قمعية واحدة : على ...


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - وثيقة مجلس الحكم الدستورية : باطلٌ كلُّ ما بُنيَ على باطل !