قراءة سريعة في رواية- همس الظلال-

نسب أديب حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2504 - 2008 / 12 / 23 - 02:30
المحور: الادب والفن
    

صدرت في شهر تشرين الثاني_نوفمبر_ الماضي في القدس رواية "همس الظلال" للكاتب المقدسي عيسى عيسى القواسمي وهي رواية جميلة وممتعة يظهر فيها عامل الاثارة والتشويق جليًا، لغتها سلسة وأحداثها مـرنة، تثري القارئ.
استخدم الكاتب اسلوب الراوي الكلي في السرد، فقد أتتنا الرواية على لسان البطل الذي يقيم في مدينة القدس، وولد عام 1961، وتجري أحداث الرواية في فترة الانتفاضة الاولى.
يخبرنا البطل من خلال الاسترجاع الفني عما مرّ به في طفولته من أحداث اذ ترك هو وعائلته بيتهم الذي كان قريبًا من حائط البراق، واختبأوا في قناة، ومن ثم انتقلوا للسكن في منطقة أخرى ص 174.
يصحب القارئ البطل في ثلاث علاقات له مع فتيات غير عربيات:
1ـ إيرين: تخبره أنها فرنسية تقوم بدراسة عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، يرافقها مدة ثلاثة أشهر بين القدس وتل أبيب. يطلعنا على علاقات طيبة بين بعض اليهود والعرب (وخاصة اليهود الشرقيين الذين أتوا من الدول العربية)، يظهر هذا في شخصية شمعون وأم شوشانا.
يصل البطل في علاقته مع ايرين حتى العلاقة الجنسية، ويظن أنها كانت بداية قصة حب، إلا أنها تسافر الى فرنسا. أما هو الذي كان ينوي السفر الى رومانيا لدراسة طب الاسنان، فقد مُنع من السفر لأسباب مجهولة.
2ـ شوشانا: العلاقة الأقوى بين العلاقات الثلاث. هي زميلته في عمله بالفندق (بعد سفر ايرين)، تبدأ علاقته معها بمشاحنة وتوتر بعد اكتشافها أنه عربي. لكن سرعان ما تتطور العلاقة، فيظهر لنا جليًا ان شوشانا وبعد أن تعرفت على شخصيته تجاوزت مسألة القومية والدين الى حد بعيد فوقعت في حبه. يظهر لنا صراع داخلي عندما تتجه هي الى الجيش الاحتياطي، وهو يغامر بحياته ليقدم المساعدات الى السكان المحاصرين في بيت لحم، فتحميه وتتوسط له عند الجيش حتى يتم تمرير المساعدات. ويتم تقديم شوشانا الى القضاء العسكري.
إ البطل في علاقته مع شوشانا يعاني ويحاول التحكم بمشاعره اتجاهها، لأنه يرى ارتباطه بها مستحيلا، ورغم هذا يزورها في بيتها وتقدم له جسدها.
يترك عمله في الفندق بعد أن راح يمتلئ بالجنود والضباط ،وينتقل الى عمل آخر. تمر فترة دون لقاء شوشانا ثم يذهب ليسأل عنها في الفندق ، ويتبين أنها تعرضت لحادثِ طرق ٍ مريع. يجدها في مستشفى هداسا في غرفة العناية المكثفة، وبعد صراع مع الموت، تسلم الروح.
أثناء تواجده بين أهلها يعلم عن مدى حبها له الى درجة أنها كانت تفكر في اعتناق الاسلام، هو الذي لم يصرح لها بحبه.
3ـ ليللخ: شقيقة شوشانا يتعرف عليها عن قرب في المستشفى. هي شخصية كثيرة الحركة والتسرع، عملت صحفية سابقًا، خارجة من علاقة حب فاشلة. يلفت انتباهها اهتمام البطل بأختها فأعجبت به وحاولت استمالته أكثر من مرة، لكنه تحكم بذاته هذه المرة، ومنع نفسه من الانجراف بعلاقته معها.
يشرح لها فلسفته في الحياة ونظرته الى الواقع الذي يعيشانه باختلاف انتمائهما ونظرتهما الى الامور، ثم يحاول أن يكشف لها الجانب الآخر البعيد عنها وعن معرفتها، فيصطحبها الى مخيم شعفاط لترى معاناة الجانب الاخر. وهناك يتجلى لها الأمر وتقرر أن تعود الى الصحافة.

في نهاية الرواية يظهر لقاء بين الفتيات الثلاث وقراره النهائي. فإنه علم أن ايرين قد خانته لأنها كانت تعمل مع المخبارات ، وهي من تقف وراء منعه من السفر، أمام ليللخ فرغم أنه يكتشف طيبتها ورقتها ويتمكن من توجيهها الى طريق أصح من ذاك الذي كانت تسلكه، لكنه يفضل أن يبقى وفيا لمحبوبته شوشانا التي رحلت دون أن يعلم أنه بلغ في نفسها كل ذاك المبلغ.
من خلال الرواية يطرح الكاتب موضوع التعايش بين العرب واليهود، وامكانياته فيما لو أتيح مجال للحوار وللتعرف عن كثب كل على الطرف الاخر. فيظهر شوق شمعون اليهودي الذي أتى من الاسكندرية الى موطنه السابق، كذلك أم شوشانا التونسية والتي كانت قد وقعت في حب شاب تونسي قبل قدومها، مما جعلها تتفهم علاقة ابنتها بالبطل، واحتواءه والاهتمام به لاحقًا. كذلك شمعون الذي يحاول أن يحمي البطل من محاولة شاب يهودي قتله، أثر حصول عملية تفجيرية بحافلة في تل ابيب. ونلحظ كم تطورت علاقة البطل بشوشانا بعد الحوار وتبادل وجهات النظر، وكان أمينًا صادقًا نحو وطنه فلم يغفل وطنه وتاريخه ويتناساهما بسبب حبه، بل أن العكس هو ما حصل.
أيضًا يوجد طرح للكاتب حول بعض العرب الذين تقع عليهم الخدمة العسكرية الاجبارية في الجيش الاسرائيلي مثل أبناء الطائفة العربية الدرزية، و البدو. يظهر هذا بوجود محققين درزيين في الفندق( عاطف وسالم) وأربعة جنود بدو (ص 69)اذ يقول( تعرفت من خلال عملي في الكفيتريا على العديد من أفراد حرس الحدود والشرطة، وإثنين من المحققين الدروز يعملان في المسكوبية. كان الحديث يدور باستمرار فيما بينهم عن أخبار الانتفاضة وحِدَتها.. كان سالم في العقد الثالث من العمر، شاب أسود البشرة ممتلئ الجسم، كبير الوجه ودائم الشكوى، على خلاف عاطف الشاب الدرزي الآخر وهو محقق أيضًا. كان هادئًا ومتزنًا، يحاول دومًا إفراغ همومه عبر الكأس) لا يطلعنا الكاتب عن اسباب شكوى سالم وهموم عاطف، ثم يستمر( ومن ناحية أخرى، كان هناك أيضًا أربعة جنود من حرس الحدود، بدو من منطقة النقب. كثيرًا ما كانوا يترددون على الكافتيريا للترويح عن انفسهم بعد يومهم الشاق في المدن الفلسطينية وملاحقاتهم لأطفال الحجارة..) في العبارة الأخيرة يظهر لوم الكاتب، ولكن فيما عدا ذلك يأتي طرحه للموضوع حياديًا دون أن يظهر رأيه تمامًا في الأمر، سوى وجود حواجز بين البطل وبينهم ص92 ، عند حديثه مع المحقق عاطف وبعد أن طلب مساعدته، فينصحه عاطف بالابتعاد عن المشاكل ويطلب منه ألا ينسى هذا، فيرد البطل "لن أنسى أنك محقق".

#نسب_أديب_حسين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات