أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربحان رمضان - الوليمة















المزيد.....

الوليمة


ربحان رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 2504 - 2008 / 12 / 23 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


بمناسبة قدوم أعياد الميلاد

"وليمة يتيمة لم ينساها عبدول المشكوك في أمره "
قررت زوجة العبدول (المشكوك في أمره) أن تدعو صديقهم الحاج عبدي الذي حج وتاب إلى ربه قبل ارتكاب المعصيات على احتفال رأس السنة الميلادية القادم ، فقد ساعده الحاج عبدي في صياغة اسمه على الورق بعد أن احتفلوا جميعا عنده لمرتين على التوالي .
اتصلت زوجة الحاج عبدي بزوجة العبدول تدعوها لشرب فنجان قهوة ، ولما حضرت السيدة عبدول حسب الوعد المحدد فقدمت لها السيدة صاحبة البيت ، قطعة حلوى وشراب وقليل من النبيذ .
لم تشرب السيدة عبدول النبيذ لأنه محرم في شريعة الدين الجديد الذي انضمت إليه مع زوجها مؤخرا في سبيل الحصول على مساعدات مادية وقرار اللجوء السياسي معتقدين (هي وزوجها ) أن هذه الكنيسة ستؤمن لهم اللجوء مع راتب شهري محترم ..
تناولت قطعة حلوى ، وشربت عصير فاكهة ، لكنها لم تشرب فنجان القهوة الذي قدمته لها مضيفتها محتجة بآلام في المصران الغليظ لأن الشاي والقهوة محرمتان أيضا ًفي شريعتها ..
كانت زوجة عبدول (المشكوك في أمره) جادة في طرحها للديانة التي اعتنقتها مع زوجها مؤخرا ً سيما وأنها تتفق مع بخله وبرامجه الاقتصادية المقبلة، التي لم تسمح له ظروفه بتحقيقها .
قالت موجهة الحديث لمضيفتها : " الله " أرسل نبيه يوسف في أمريكا ليهدي الهنود الحمر ، ومن هناك انتشرت ديانة المسيح الصحيحة إلى أصقاع الدنيا ..
- وماذا عن احتفال رأس السنة لهذا العام ؟ لم يبقى إلا أشهر معدودة وسيأتي العيد . مع من ستحتفلون هده المرة ؟ المضيفة سألت زوجة العبدول الذي أصبح مرشدا لتلك الديانة الجديدة رغم أن اسمه لا يوحي بذلك.
* سنحتفل في البيت مع أفراد العائلة ، وأنت ِ ؟
- في البيت ، مع الأولاد .
* تعالي نحتفل معا ً ، لم أعد غيرك ِ حتى الآن ، مارأيك ِ ؟
- بكل سرور ، اتفقنا ..
بعد أشهر حان يوم الميلاد ، وقبل العيد بأسبوع خرجت المضيفة وزوجها الحاج عبدي يبحثان عن شجرة عيد ميلاد كبيرة ، خضراء .. وبعض لعب صغيرة تعلق بين أغصانها ، وقطنا ً يمثل الثلج المتساقط في أعياد الميلاد .
اشتريا لوازم كيك العيد التي تعودت أن تصنعه سنويا ً ... ترش عليه بشارة جوز الهند ، وتضع في داخل الكعكة قطع نقود صغيرة وقصاصات ورق تكتب عليها أماني ترجو من الله تحقيقها ، تغلفها بورق السولفان وتعجنها مع السميد والسكر والفانيلا ..
اشترت جوزا ً ولوزا ً وزبيب...وبقلاوة من بقالية التركي التي يؤمها غالبية أفراد وعائلات الجالية المسلمة في المدينة ، إضافة إلى بعض مسيحيي الشرق الأوسط .
اشترت أيضا سمكة كبيرة من أكبر بقاليات البلدة، وشموع قررت أن تضيئها على أرواح موتاها وأموات زوجها الذي يشاركها الاحتفال مع أن ليست له علاقة بالدين البتة..
أحضرت زجاجة النبيذ من القبو ، كانت أمها قد أهدتها إياها لما زارتها منذ سنتين في المساء ، وضعت المأكولات على الطاولة ، وزجاجة النبيذ ، ومملحة الطعام ، ورأس ثوم ، وفليفلة ، وكبيس خيار ، وحلاوة طحينية . ..
تحلقا حول الطاولة ، ابتدأت في الصلاة إلى ربها طالبة منه المغفرة والرزق الوفير ، وسيارة ماركة V W ، وتلفزيون 120 بوصة ، ولما حاول زوجها قراءة الفاتحة على أرواح موتاه تذكر أنه غير مسموح له قراءة القرآن في وجود زجاجة الخمر التي تتخذ مكانا إستراتيجيا في منتصف الطاولة ، مما دعاه أن يشعل شمعة ويدعو الله أن ينورها عليه وعلى موتاه في قبورهم ...
في الأسبوع التالي لعيد الميلاد حضرت السيدة ذاتها لتستقبل العام الجديد بالفرح .. أوصت زوجها أن يشتري ديكين ( واحد لهما ، وواحد للسهرة ) وزجاجتي ويسكي (واحدة لهما وواحدة وللسهرة ) وأوصت زوجها أيضا ً أن يشتري صنوبر لتطبخه مع الرز ، ولم ينسى بدوره أن يشتري فواكه ، ومستلزمات السهرة ، فالويسكي يتطلب حلويات ، وموالح (بزر وبندق ولوز وفستق حلبي ، وقضامة مغبرة ، وقليلا منها على سكر اشتراها من عصام المهدي صاحب البقالية العراقية في حي ( نيو هيمات ) الواقع في نفس المدينة .
أوصته أن لا ينسى الورد ، فاشترى طاقتي ورد (واحدة لها وواحدة لزوجة صديقه ) كما أوصته أن لاينسى شراء فيلما ً ملونا ً لآلة التصوير لأخد صور تذكارية بالمناسبة العظيمة
في الثامنة مساء ارتدت أجمل فساتينها التي حملتها معها من بلادها ، ومعطف الفرو الذي اشتراه لها زوجها من أصل إجرة عمله لدى المشكوك في أمره في البيت المهجور الذي أعطته إياه السيدة مونيكا المرسلة من كهنة كنيستها والتي قال عنها المشكوك في أمره أنها (كنيسة ديمقراطية ) وصرح أنه ألقى فيها محاضرتين عن الكرد وكردستان (بين جمهور المؤمنين) ذلك البيت الواقع على الطريق المؤدي إلى " بودابست " لم يكن يناسب وضعها الاقتصادي ولا بشكل من الأشكال .
ارتدى هو بذته الرماية ، وقميص كحلي ، وربطة عنقه الصفراء .. حملت هي الدجاجة المحشية باللوز والصنوبر ، وحمل هو زجاجة الويسكي وطاقة الورد وتوجها إلى حارة الغجر حيث تقيم عائلة السيدة صديقتها ..
فوجئا أن العائلة لم تكن مهتمة بالمناسبة ، فلا شجرة عيد ميلاد ولا طاولة ، ولا عدّة سهرة بخصوص رأس السنة .. حتى أن الرائي (التلفزيون) كان يعرض فيلما ً وثائقيا ً عن الحرب العالمية الثانية ..
استدرك عبدول وزوجته الأمر وبشرا ضيفيهما أن انتظرا ، الطعام جاهز وسيحضر حالا ً ..لقد (طبخت) السيدة عبدول خمسة عشر فلفيفلة محشوة بالرز ، خال من الصنوبر والعصفر ، ربما لأنه محرم عندها كما حرما على أنفسهم القهوة والشاي إسوة بالمشروبات الأخرى .. !!
الفليفلات التي أعدّتها زوجة عبدول (المشكوك في أمره) معدّة لإطعام ستة أشخاص هم عبدول وزوجته ، وابنهما الذي كان يحمل اسما كرديا في ذلك الوقت ، وابنتهما التي تركتهما وتعيش حاليا ً مع صديقها في مدينة فيينا .. والضيفان اللذان أتعبا نفسيهما دون مبرر ، ولم يكن هناك داع لأن يحملا لا الدجاجة المحشية،ولا زجاجة النبيذ .. سيما وأن هذا العبدول ذكر وليمته ( للقاصي والداني ) لا ليثبت مدى مهارته في الطبخ واعداد الطعام ، بل ليبرهن أنه كريم ، وأن صاحبه لئيم .
زوجة عبدول لم ترفع عينها من على صديق زوجها ولا عن طبق الديك المحشي بالرز والصنوبر ، وعبدول كذلك بحسرة ينظر ضيفه يلتهم الفليلفة المحشية ، ثم رمى فلب الديك للكلب الذي تعودعلى أكل الخبز وفضلات الطعام ، لم يعتذر العبدول عما قدمه من طعام دون ملح ، ربما لألا يكون بينه وبي ضيفه الذي يزوره لأول مرة في حياته خبز وملح ..
كما حسد صاحبه ّالجنتلمان" على اهتمام زوجته به ، فأذاع خبر الوليمة بعد عقدين من الزمن ..ادّعى ً بأنه دعى الحاج عبدي إلى بيته ثلاث مرات خلال خمسة عشر عاما ً ، وحلف يمينا غليظا ً غلظ الهراوة التي يخاف منها بأنه رآه يختبئ في تواليت القطار القادم من ســــالزبورغ .. ولفق أكاذيب وحكايات للتهرب من تهمة البخل الملصوقة به " كلصقة الأسد" طيلة حياته ، على الرغم أن الحاج عبدي كان يدعوه لمشاركته الطعام دون تحفظ ، و اتخذ لهم صورا ً تذكارية في عدة مناسبات .
عبدول كان واسع الخيال ، كان يحلم أن يصبح في الغربة رجلا ً مثل الرجال .. كان يحلم أن يكون وزيرا ، أو مديرا ، أو حتى موظف في شركة .. لكن الحياة لم تبتســـم له .... الحياة ليست حلم ، إنما عمل .
لذلك غسل عبدول الصحون في الحانات .. وبات طباخا ليس إلا ..
ثم بائع دجاج ولحم خنزير ..
============================
* كاتب وناشط سياسي



#ربحان_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميكي - لك في القلب حسرة و لوعة
- حمودة تاب .. وما شاء الله شو صار مرضي ..!!
- النظام السوري يشارك في مؤتمر يعني بحقوق الإنسان !!
- طاقة ورد أهديها لكم .. وباقة حب
- الكرد في سوريا مثيري مشكلة أم أصحاب قضية
- الشاعر وديع العبيدي يكتب عن الوطن ، وللمرأة حضور
- الرجل الذي لوّن رأسه
- وسواس .. ومفتوق
- لقاء في حديقة الشعب
- مامد في جنة ليست كالجنة
- قمامة ، وكلاب ، وديمقراطية .. ومفاهيم أخرى ..
- لابد لهذا القيد أن ينكسروعقبى لكل معتقلي الرأي في سوريا
- فليكن الخامس من آب ، يوم وحدة واتحاد حقيقيين لفصائل اليسار ا ...
- حسنان وحسن
- حمو يحكي بأصله .. إنه مجرد عبد
- روزا ياسين حسن كاتبة ابداعية رائدة
- فليعقد عقد شراكة .. الوطن سيبقى لنا- عربا ً وأكراد -
- أدعوا أحزاب جبهة النظام إلى فرط العقد أو إدانة جرائمه
- عنما تضيق مساحة البحر
- بقية حكاية


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ربحان رمضان - الوليمة