أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - إكرام يوسف - سلمت يمينك يافتى!














المزيد.....

سلمت يمينك يافتى!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2503 - 2008 / 12 / 22 - 08:21
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


ونعمت بالفرحة طوال حياتك مثلما أثلجت قلوب الملايين في حلكة ظلمات الإحباط.. فردتا حذائك يا بطل دخلتا التاريخ بعدما صوبتهما ـ الواحدة تلو الأخرى ـ إلى رمز الغطرسة والطغيان، فبردت قلوب، اشتعلت فيها نيران الغضب ومزقتها طويلا صور المهانة في أبو غريب وجوانتانامو وعلى أرض العراق الذبيح، بل وعلى كل أرض طال أبنائها طغيان أمريكي، مباشر كان أو عبر عملاء يحكمون بلدانهم اعتمادا على دعم أمريكي.

شاهدت والدتك تبكي، وتزغرد على شاشة التليفزيون.. تنضح كلماتها فخرا بك وتفضح دموعها هلع الأم على ضناها.. شعرت بإحساسها ـ هي في مثل عمري تقريبا وأنت في نفس سن ابني الكبير ـ تقول: "ابني بطل غصب عنهم".. وتزغرد، ثم تغلبها دموعها.. تمنيت أن أطمئنها أن ملايين الأمهات في أنحاء العالم تلهج ألسنتهن بالدعاء أن يحفظ الله ابنها البطل.. ابننا جميعا، الذي رفع رؤوسنا.

في صباح اليوم التالي على "رميتك السديدة" تبدلت ملامح البسطاء، الذين ألتقيهم عادة في طريقي إلى عملي، واكتست بالحبور!..تناهت إلى أذني تعليقات خفيفة الظل من هنا وهناك؛ أحدهم يقول أنهم سيصدرون أمرا بمنع المؤتمرات الصحفية، فيرد عليه الآخر؛ بل سيمنعون دخول قاعة المؤتمر الصحفي بالأحذية ويكتفون بتوزيع أكياس بلاستيك يرتديها الصحفيون.. وثالث يتفنن في تخيل الإعلانات التي ستنتجها شركة الأحذية التي نال حذاء من صنعها شرف مصافحة وجه رئيس العالم!.. أستطيع أن أزعم أن بعض الكبار في عالمنا العربي التعيس ربما أسعدهم أيضا إهانة الطاغية الذي يدوس بحذائه على كرامتهم ليل نهار.

ومع ذلك، لم أندهش عندما وجدت بضع “عقلاء” يصفون ما فعله فتى العراق الجميل "منتظر الزيدي" بالتصرف غير الحضاري! فهذا ما اعتدناه مؤخرا ممن يبحثون لأنفسهم عن وجاهة ثقافية ـ يعتقدون أن ترديد دعايات المستعمرين الجدد تحققها لهم ـ رغم أن أيا من هؤلاء لم يأل جهدا في تبرير تصرفات وحشية اقترفها ،ومازال يقترفها، أصدقاؤهم المارينز. كما أن أيا منهم لم يخف جذله عندما نقلت شاشات التليفزيون لقطة الرجل الذي بضرب بحذائه صورة الرئيس السابق صدام حسين، بصرف النظر عن رأينا في طبيعة حكمه.

حاولت أن أتخذ سمت العقلاء، وأقول لنفسي أن حذاء صوبه صحفي نحو الرئيس ـ الذي استطاع أن يحمي رأسه ووجهه لكنه لم يستطع أن يحمي علم بلاده المرفوع خلفه، فأصابه الحذاء! ـ لم يحرر العراق، ولم يرفع الظلم عن أبنائه.. ولكنني عندما حاولت أن أطبق ما بعلمنا إياه هؤلاء العقلاء من ضرورة حساب المكسب والخسارة، ضبطت نفسي مبتهجة! فالحدث لم يسبب خسارة من أي نوع، لكنه على الأقل جلب الكثير من الفرحة إلى قلوب غالبية شعوب العالم، ولا أراني مبالغة!. ألا يستحق إدخال الفرحة إلى قلوب البسطاء والمقهورين قدرا من التهور وعدم التعقل؟

تذكرت موقفا مشابها برد قلوب الكثيرين في مصر، عندما فتحت أبواب معرض القاهرة للكتاب أمام سفير الكيان الصهيوني للمرة الأولى، وكيف تمكنت ماجدة مصرية تعمل في المعرض من أن تقذف "بصقة" قوية إلى وجه الضيف غير المرغوب فيه، ثم فرت كغزال نافر. وأتذكر كيف أحسسنا أن هذه المصرية الرائعة حشدت في بصقتها كل مرارات قلوبنا ووجهتها بالنيابة عنا إلى من يستحقها ـ مثلما شحنت في حذائك يا منتظر غضب المقهورين.

كتب إلي قارئ عراقي يقول أن غالبية الشعب العراقي يكره الأمريكان، لكنه اعتبر تصرف الصحفي غير لائق. وكرر ما يزعمه "البعض" من أن الاحتلال الأمريكي كان الحل الوحيد للتخلص من حاكم مستبد. فذكرته بما سجلته كتب التاريخ عن تمني "بعض" المصريين انتصار الألمان في الحرب العالمية الثانية ودخولهم مصر لتخليصها من الاحتلال الإنجليزي، لكن النصر لم يكن حليف الألمان ومع ذلك خرج الإنجليز من مصر بعد عشر سنوات. وقلت له: " لو أن الألمان احتلوا مصر وقتها، هل كانوا سيرحلون عنها طوعا بعد عشر سنوات؟".. إن شعبا عريقا مثل الشعب العراقي كان كفيلا بتحقيق الديمقراطية التي يستحقها عبر تضحيات أبنائه، ولا شك أن الأمر كان سيتطلب بعض الوقت، وبعض الصبر وكثيرا من التضحيات. لكن ذلك الوقت وتلك التضحيات لا يمكن مقارنتهما بما سيتطلبه التخلص من الاستعمار واسترداد العراق مكانته وإمكاناته.

قبيل "موقعة الحذاء"ـ استطلعت قناه الجزيرة رأي بعض المواطنين العراقيين، بشأن زبارة بوش المفاجئة لبغداد. شعرت بغصة في حلقي لقول رجل كبير السن "بوش محتل بلدنا ييجي ويروح كيف ما يريد من دون إذن، هو المحتل وهو صاحب الأمر".. لكن رد "منتظر الزبيدي" جاء مفحما: المحتل ليس مرحبا به، ولن يكون أبدا صاحب الأمر، وإنما الشعب، طال الزمان أم قصر..

وبعد "الموقعة" نقلت الفضائيات مظاهرات العراقيين، الحقيقيين الذين يحملون في صدورهم كرامة شعب عريق يأبى الاحتلال ولا يقبل أي تبرير له، يهتفون فرحا بشجاعة ابنهم، ويرفعون لافتات تطالب بطرد المحتل، يل أن بعضهم رفع أعمدة خشبية ثبت عليها فردة حذاء اقتداء بموقفك يا "منتظر"!
فلتهنأ يا ولدي بعدم تعقلك في نظر المارينز، ولتهنأ بتصرفك الذي يرونه غير حضاري، فهؤلاء ليس بمقدور أي منهم أن يدخل الفرحة إلى قلب محزون، ولا يفقهون قيمة أن تمنح بصيص أمل لمكروب..
أما نحن، الصحفيين العرب بالذات، فعلينا أن نبحث سبل التضامن مع الزميل البطل "منتظر الزيدي".. فهو الآن ،كما يقول أحد القانونيين ـ أسير حرب قام بفعل مقاوم في مواجهة المحتل. وينبغي ألا نتركه وحده يواجه انتقام الطغاة، بعدما قدم المثل على جسارة الصحفي في التعبير عن كلمة الحق في وجه "سلطان جائر".



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفتى -الحي-.. وتجفيف المنابع!
- ألف رحمة ونور!
- بص.. شوف العصفورة!
- أعذر من أنذر!
- ارفع رأسك .. أنت سعودي!
- -كرسي في الكلوب-.. أو،عندما ينقلب السحر على الساحر
- الطفلة التي فضحتهم!
- -بهية- هذا الزمان!
- الدكتور محمد.. وأصحاب المولد!
- أزهي عصور الفساد
- متلازمة -الغباء المصاحب للكرسي-
- مولد.. وصاحبه غايب
- متى يعلنون الحداد العام؟
- كرامتنا.. يا أصحاب الكرامات
- دعوها تشربه!
- فقع المرارة.. في ثقافة ركوب العبارة
- إنهم يسرقون التاريخ
- الحركة الطلابية المصرية.. أمس واليوم
- -الضنا- الغالي
- غزة قبل عشر سنوات


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - إكرام يوسف - سلمت يمينك يافتى!