أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - قصة قصيرة: حذاء خاص بوجوه العظماء















المزيد.....

قصة قصيرة: حذاء خاص بوجوه العظماء


محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)


الحوار المتمدن-العدد: 2501 - 2008 / 12 / 20 - 02:30
المحور: الادب والفن
    


إلى مُنْتَظَر الزّيدي
صَوّبْ مسدسـك الحذائـيّ الـذي
جعل القـرار يصوغـه الشرفـــاءُ
لك في الفـداء قصيـدة أبياتـهـــا
موزونـة مـا قالهـا الشعــــــراءُ!
لما وقفـت كـأن بحـراً هــــادرا
في ساعديك وفي جبينـك مـــاءُ!
لما نطقـت كـأن رعــــدا هائـلا
فوق الحروف وتحتهـن ســمـاءُ!
لما رميت كأن مـــن قـد عُذبـوا
أحـياهـم الله القــديـر، فـجـــاءوا!
عاهد حذاءك لن يخونـك عهـده
واتركــهم ليعاهــدوا مـن شـاءوا!
واصنع حذاء النصر وارم به الذي
تلهــــو بـه وبقـــلـبـه الأهـــواءُ
قف أنت في وجه الظلـوم بفِـرْدَةً
بنــــيـة، فالقــــاذفــات هُــــرَاءُ!
وارشق بها وبخيطها الوجه الذي
غلبـت عــليـه ملامـــح بلـهـاءُ!
أفديك مـن رجــل تقــــزم عنـــده
الرؤسـاء والكبـراء والأمـراءُ!
ما كنت قبــل اليـوم أعلـم موقــنـا
أن الحـــذاء لمـــن أســاء دواءُ!
وبأن في جوف الحـذاء مسدســـا
وبأن كـل رصاصنـا ضوضاءُ!
ما كنت أعـرف للــحـذاء فوائــدا
حتـى تصـــدّى للذيـن أســاءوا!

غازي القصيبي
قصيدة "أسطورة الحذاء"، 15 دسمبر 2008

في حفل توزيع جوائز التفوق الدراسي على تلامذة القسم الأول ابتدائي، وبحضور الأمهات والآباء وأولياء أمور التلاميذ، صعدت المنصة رفقة تلميذين آخرين، تحت زخات تصفيق الكبار وهتاف الصغار. تسلمت جائزتي لكنني لم أقاوم الرغبة القوية في فك الخيوط الوردية حولها وعرض مضمونها، عاليا، على الحاضرين، على طريقة المحتفلين بالفريق الفائز بكأس العالم.

كانت الجائزة كتابا تسابق، عند خروجي من قاعة الحفل، الكبار والصغار لمعرفة عنوانه وتصفحه والتبرك به بتلمس غلافه الناعم الجميل. لم يكن عنوان الكتاب غير "نوادر العرب" الذي قضيت ليلة الحفل ألتهم طرائفه وأضحك من كل قلبي على متاعب شخصيات محبوبة اجتمعت بين دفتي كتاب لتحتفل معي بتفوقي. وأحببت "أبا القاسم الطنبوري" وقصته مع حذائه والمتاعب اللانهائية التي استبدت به بسبب الحذاء حتى دفعه ليصرخ بحرقة:
- "أفقرني هذا الحذاء الملعون وألبسني الديون!"

لكن الصرخة لم تُجْدِ نفعا أمام توالي الأزمات التي كان وراءها الحذاء دائما. لذلك، تقدم، في ختام الحكاية، إلى القاضي بطلب تبرئته رسميا من الحذاء، متوسلا:
- "مولاي القاضي، أتقدم إليكم، وأنا في كامل قواي العقلية، بأن تكتبوا براءتي شرعيا من هذا الحذاء وبراءته هو مني. فلا هو مني ولا أنا منه. كل منا بريء من صاحبه!"

في خلوتي، تساءلتُ:
- "لماذا استسلم "أبو القاسم الطنبوري" لأزمته وللعنة حذائه ولم يفكر في تحويلها كسلاح قوي ضد أعدائه؟...

فكرت طويلا في الأمر لكنني لم أتوصل إلى جواب.

في تجمعاتنا المسائية الصغيرة تحت ضوء المصباح الوحيد في الحي، رويت الحكاية لأصدقائي من أطفال الحي فضحكوا من كل قلبهم وطلبوا قراءة النص في بيوتهم مع أهاليهم وأحبوا جميعا "أبا القاسم الطنبوري" وصاروا، توددا، ينادونني باسمه، "أبا القاسم الطنبوري".

كان مجرد لقب جميل يحيل على شخصية خفيفة الظل إلى أن اكتشفت أن الأصدقاء من الصغار ينادونني ب"أبي القاسم الطنبوري" وهم يتفرسون حذائي. ومع مرور الأيام، صاروا أكثر غلوا. فقد أصبحوا يتحلقون حولي، على أيديهم وأرجلهم، واضعين أعينهم الصغيرة قرب حذائي مرددين:
- وا"الطنبوري!"
- وا"الطنبوري!"
- وا"الطنبوري!"...

كنت أجري لأفلت من مضايقاتهم لكنهم كانوا يتبعونني، على أربع، ليتحلقوا حولي كَجِرَاءٍ يستهويها لون حذائي وشكل حذائي وحجم حذائي...

أحيانا، كنت أتركهم يكملون مسرحيتهم، في مرحلتها الخفيفة، لكن حين ينتقلون لمرحلة الهجوم على حذائي لنزعه من قدمي بغية التلويح به أمام الناس كقطعة أثرية نادرة، كنت أهرب من قبضتهم فلا أتوقف إلا مع خفوت هدير خطواتهم ورائي فأجلس على عتبة بيت بعيد في زقاق لن يصلوه وأطأطئ رأسي لأنظر لحدائي من منظور مختلف لكن العادة قوة تبليد للحواس لا يضاهيها شيء.

إن التعود على الشيء يحول دون أي رؤية موضوعية أو حكم محايد. ومع دلك، كنت أحصر انتباهي على الحذاء تحتي وأتأمل خيوطه ولونه وحجمه فلا أحس بنفسي إلا وقد سافرت في الذاكرة مع أبي إلى متجر الأحذية في مناسبة من مناسبات الأعياد السنوية لاقتناء الحذاء الذي سيصاحبني لمدة سنة كاملة. لقد كان أبي يشتري لي حذاء واحدا في السنة. في الغالب، تكون المناسبة استعدادا للاحتفال بالعيد.

لقد كان أبي يحرص أن يكون الحذاء ذا مواصفات خاصة: أن يكون رقمه أكبر من الرقم المناسب لإعطاء قدمي فرصة النمو الطبيعي داخله في انتظار حذاء العيد القادم؛ وأن يكون الحذاء من جلد يحتمل الخياطة والترميم والترقيع...

الحقيقة أن لقب "أبي القاسم الطنبوري" رافقني حتى ما بعد الطفولة فقد احتج علي أحد الأصدقاء الراشدين عند اختيار اللاعبين لمنازلة خصوم فريق الحي في مباراة لكرة القدم، قائلا:
- هل ستخوض معنا المنازلة بحذاء "الطنبوري"؟!

لم أستسغ قرار فريق حيي استبدالي بلاعب ثان لمجرد كوني أرتدي حذاء غير رياضي. بل الأغرب أن اللاعب البديل خاض المباراة برجلين حافيتين!

مع الجمهور، على المدرجات، جلست أرقب عمل أرجل اللاعب البديل الحافية وأنتقل بعيني إلى واقع حذائي وفكرت من جديد في مأساة "أبي القاسم الطنبوري" وأزمته التي كان وراءها حذاؤه. وأصابني الرعب عند التفكير في إمكانية فتور روابط الصداقة التي تربطني بمجموعتي المتجانسة بسبب حذائي. فمع تكرر المشكلة، قد أطرد ليس فقط من خوض مباريات كرة القدم مع فريق الحي بل من المجموعة كلها وبشكل نهائي. هكذا، بدأت التفكير في شراء حذاء رياضي.

مع أول حذاء رياضي، أحسست بالفرق بين الحياة بمنطق الحذاء الرياضي والحياة بمنطق الحذاء العادي. فالحذاء العادي يلزمك الأرض أما الحذاء الرياضي فيبث في جسمك الحيوية والشباب. الحذاء العادي يجعلك متعقلا بينما الحذاء الرياضي تواقا للنشاط والمغامرة...

لم يغير الحذاء الرياضي مشيتي فحسب، بل غير، بالتوازي، رؤيتي للحياة فصارت الحياة خفيفة وممتعة. وتغيرت، مع قراري لباس الحذاء الرياضي، أذواقي فصرت أحب الأغاني الإيقاعية السريعة وأصبحت أعشق الرقص الحركي وأشارك في ارتجال الأغاني إذكاء لروح النشاط وروح الفرح وروح الشباب...

كان غيري من الناس يتساءلون عن مصدر الشباب والسعادة التي أنهل منها قوتي وحيويتي بينما الشقاء قانون مُسَلّطٌ على الجميع. أحدهم قاوم الغيرة التي تنهش غيري وعرض علي صداقته وقدم لي هدية مفتوحة: كتاب عنوانه "الطاغية".

قبلت صداقته وهَدِيتَهُ لكنه نادى على النادل وعرض علي شُرب فنجان قهوة على حسابه وامتدح لي الكِتاب ورفع من مقامه حتى مرتبة القداسة وتمنى أن أقرأه في حضوره.

فتحتُ الكتاب تحت دافع إرضاء طلبه ووضعته على ركبتي وأنا أتحسس قوة تركيز عينيه على الصفحات التي أقلبها وعلى الوقت الذي أقضيه مع كل صفحة وعلى حركات يدي ورجلي...

رَفعْت الكتاب عن ركبتي ووضعته على الطاولة واقتربت منه أكثر...

رَفعْت الكتاب عن الطاولة ووضعته على سَاعِديَّ..

كان الشاب يتفرسني وأنا أقرأ الكتاب، وأنا أذوب في الكتاب، وأنا أرتجف مع كل فكرة من أفكاره وأقشعر عند قلب كل صفحة من صفحاته...

مند أول هدية تلقيتها في حياتي، كتاب"نوادر العرب"، إلى آخر هدية، كتاب "الطاغية"، لم يسبق لي أن قرأت كتابا كاملا خلال جلسة قهوة؛ ولم أشعر في يوم من الأيام بنفس الشعور الغريب الذي شعرت به خلال القراءة. لقد كان شعورا يستعصي على الوصف، إنه تجربة تعاش وليس لوحة تعرض.

ربما كان إحساسا أقرب إلى الشعور بقوة عظيمة تملؤني..

ربما كان إحساسا أقرب إلى إحساس الحذاء ذاته برجل تكتسح فراغاته!...

تلك الليلة، استيقظت في عز النوم على فراشي على دبيب ذات القوة الغريبة التي تملكتني عند قراءة الكتاب في المقهى: قوة تكتسحني، تغمرني، تملؤني، تنفخني...
فكرت في الصّياح وطلب النجدة لكن الأهل نيام غارقون في غطيطهم وحتى ولو استيقظ أحدهم فلن يستطيع إغاثتي من نفسي، فالدبيب داخلي والخوف داخلي والأزمة داخلي...

أدركتني شمس صباح الغد المتسربة من زجاج النافدة المفتوحة متمددا على الفراش، ففتحت عيني بصعوبة ليقع بصري على الكتاب- الهدية على المنضدة قرب السرير فعاودني الشعور الغريب بالانتفاخ الغريب...

خرجت من البيت إلى المقهى حيث احتشد الأصدقاء لمناقشة موضوع على خلفية كتاب "الطاغية"، فاقشعر جسدي ثانية وعاودني الشعور بالانتفاخ والانتفاخ والانتفاخ...
خارج المقهي، كانت هتافات الأبواق الدعائية تطفو الأثير فتصل إلى كل الآذان في كل مكان. الصوت المجنون خلف البوق يهتف بحلول "الإمبراطور العظيم" ضيفا جادت به السماء على المدينة ويدعو كافة شعراء المدينة للحضور وإلقاء قصائد مدح "العظيم" عند قدميه، يوم الاستقبال...

المناشير الموزعة على المارة تعيد نفس الخبر ونفس الدعوة.
اللافتات المعلقة فوق رؤوس المارة تعيد نفس الخبر ونفس الدعوة.
الملصقات على واجهات المحلات تعيد نفس الخبر ونفس الدعوة.
أعوان السلطة يكررون على مسامع المارة ويؤكدون عليهم نفس الخبر ونفس الدعوة.
نشرة الأخبار على الراديو تعيد نفس الخبر ونفس الدعوة.
نشرة الأخبار على التلفزة تعيد نفس الخبر ونفس الدعوة....

تقدمت إلى مندوبية وزارة الثقافة لأتقصى شروط التسجيل ضمن لائحة شعراء المدح، فلم يطلبوا مني لا سيرة ذاتية ولا سيرة غيرية. كل ما طلبوه مني هو القصيدة التي ستلقى بين يدي "العظيم" وقدميه لتقديمها للجنة القراءة وانتظار الموافقة عليها.

على عجل، نقلت بضع قصائد لجرير والفرزدق والأخطل المنتمية لوزن شعري واحد وأدمجتها في نص واحد ونسقت بينها وأجريت تعديلات طفيفة على أسماء الملوك والأمراء والوزراء الواردة فيها واستبدلتها باسم"الإمبراطور العظيم" ووضعت قصيدتي لدى مندوبية وزارة الثقافة مذيلة باسمي ورقم هاتفي وعنواني في الزوال إلى جانب قصائد باقي النوابغ من شعراء المدح ومحترفي الحضور في المناسبات التاريخية مع الشخصيات العظيمة وانصرفت للاستعداد ليوم إلقاء القصيدة عند قدمي "الإمبراطور العظيم".

الإلقاء يتطلب مهارات عالية تُكتسب مع توالي الأيام وتعاقب الشهور ومرور السنين وأهمها: الثقة بالنفس والإيمان بالجهد المبذول في النص والتعود على المكان وشكل تنظيم قاعة العرض والوجوه الحاضرة وكم الحضور وغير ذلك من الشروط التي تهم المبتدئين في المجال أما النوابغ مثلي فيحتاجون على فترة راحة يستعيدون من خلالها معنوياتهم ونشاطهم ولدلك فكرت في وسيلة طفولية في التسلية تريح مخيلتي وذاكرتي من التعب الذي يلازمها وتقوي التركيز وترفع القدرة على إصابة الأهداف.

لم تكن هده اللعبة تتطلب مني أدوات ذات شأن: مجرد وسادة وحبل وأحذية الأهل ونعالهم...

ربطت الوسادة بالحبل الذي علقته على أحد غصون الشجرة في الحديقة الخلفية للبيت ثم ابتعدت جارا سلة الأحذية والنعال بضعة أمتار قبالة الوسادة وبدأت في تصويب الأحذية اتجاه الهدف...

على بعد عشرة أمتار، كانت النتائج مشجعة. فمن أصل عشرين نعلا وحذاء، ثلاث أحذية فقط أخطأت طريقها نحو الهدف – الوسادة. لدلك، فكرت في اختبار قدرتي على إصابة الهدف من مسافة أبعد.

جمعت الأحذية والنعال ووضعتها في السلة من جديد وضاعفت المسافة التي حددتها للتمرين الأول وبدأت التداريب...

بدا لي أن قدراتي تتحسن مع كل تمرين إضافي. فبينما أخطأت في ثلاث محاولات من أصل عشرين في التمرين الأول على مسافة عشرة أمتار من الهدف، لم أخطئ سوى في محاولة واحدة في التمرين الثاني رغم أن المسافة مضاعفةٌ في البعد عن الهدف...

بدافع الحماس، جمعت الأحذية والنعال مرة أخرى ووضعتها في السلة ونأيت عن الهدف أقصى ما يمكنني ثم بدأت التداريب ...

عند عودتي إلى البيت، كنت في أعلى معنوياتي وقد ضاعف من سعادتي علمي بقبول قصيدتي في التصفيات النهائية لقصائد المدح المقررة للإلقاء على مسامع "الإمبراطور العظيم".

تلك الليلة، تأخر النوم عن جفوني كثيرا حتى إدا ما غفوت استيقظت في عز الليل تحت ذات الدبيب لذات القوة الغريبة التي تملكتني عند قراءة الكتاب في المقهى وهي تكتسحني وتغمرني وتملؤني وتنفخني...

فكرت ثانية في الصياح وطلب النجدة لكنني تذكرت ألا أحد يمكنه إغاثتي من نفسي، فالدبيب داخلي والخوف داخلي والأزمة داخلي...

كالعادة، أدركتني شمس الصباح المتسربة من تحت ستائر النافدة المفتوحة وأنا لا زلت على الفراش. فتحت عيني بصعوبة ليقع بصري على الكتاب- الهدية على المنضدة قرب السرير فعاودني الشعور الغريب بالانتفاخ الغريب، شعور غريب ينسيني فطوري وغدائي وعشائي...

حملت النسخة الشمسية من قصيدة المدح وخرجت من البيت نحو مقر مندوبية الثقافة. فالدخول إلى القصر الإمبراطوري بالمدينة يمر عبر بوابة إثبات الهوية في مندوبية وزارة الثقافة ثم بالتفتيش عاريا أمام باب القصر ثم بالتفتيش بالملابس داخل القصر...

الحرس في كل مكان.
الحرس بكل الأحجام.
الحرس بكل أصناف السلاح والحيوانات.
حيثما وليت وجهك فثمة الحرس والحراس...

أمام الباب الأخير المؤدي إلى قاعة احتفال نوابغ الشعراء ب"الإمبراطور العظيم"، استوقفني آخر حارس ناظرا إلي بريبة أدخلت الفزع إلى قلبي فاصفر لوني وارتجفت أوصالي وكدت انهار من شدة الاضطراب لكنه لاحظ دلك فأمرني بالجلوس على كرسي قريب وطلب مني نصل حذائي لإخضاعه للتفتيش الدقيق.

ناولت الفِرْدَةَ الأولى ثم الفِرْدَةَ الثانية وبقيت انظر إليه وهو يفحصهما ويقلبهما ويتحسسهما ويهزهزهما وينصت إلهما قبل أن يعيدهما إلي. لكن نظرة الريبة والشك لازمته حتى بعد دخولي إلى القاعة. فقد تبعني حتى جلست مكاني وهو لا يدري سبب تعقبي.

داخل القاعة، كان "العظيم" أكبر مما تصورته من قبل وأكبر مما يتصوره أي واحد خراج القاعة. ربما كان دلك فعلُ "الإخراج" وتأثير تأثيث مشهد العرض حيث وُضِعَ العرشُ عالياً بحوالي مترين فوق المنصة العالية بدورها عن الارض علوا موازيا في قاعة عالية السقف بينما الكراسي المخصصة للشعراء ولباقي الحضور كانت واطئة يمكن بالكاد الانتباه للأرجل الأربعة التي ترفعها عن الأرض...

تقدم أحد الأقزام إلى الجهة اليسرى من المنصة، على يسار عرش "الإمبراطور العظيم"، فكان وجْهُ المقارنة غير ممكن بين "العظيم" و"القزم" الذي بدأ ، باسمنا، يتلو خطابا يلحقنا جميعا بمجتمع "الأقزام" الذي جاء يحبو للقاء "العظيم" الذي ألهمنا قصائد وأشعار ما جادت قريحتنا بمثلها من قبل...

مرة أخرى، اقشعر جسدي ومرة أخرى عاودني الشعور بالانتفاخ والانتفاخ والانتفاخ وجدت نفسي أعلو وأعلو وأعلو حتى تساوى علوي بعلو "العظيم" وضاهت قامتي قامة "العظيم" وشارف مقامي مقام "العظيم"، فانحنيت على فِردة حدائي اليمنى وصوبتها دون خطا على وجهه ثم انحنيت على فِردتي الثانية واتبعتها بالأولى وبينما تجمع كل الحراس الداخل والخارج حولي وتعاونوا على إسقاطي أرضا كنت منشغلا بسحب فردة أحد الحراس لتصويبها على الهدف الذي لا أخطئه...

محمد سعيد الريحاني

بتاريخ 17 ديسمبر 2008

(نص "حداء خاص بوجوه العظماء" آخر نصوص المجموعة القصصية القادمة "وراء كل عظيم أقزام" المعدة للطبع والنشر )



#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)       Mohamed_Said_Raihani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد إعلان تأسيس المدرسة الحائية، مدرسة القصة العربية الغدوية ...
- قصص قصيرة جدا
- الكاتب محمد سعيد الريحاني: - الثقافة خَصْمُ السلطة، وميزان ا ...
- القَاص المَغْرِبِي مُحَمد اشْوِيكَة: مِنَ -التجْرِيبِيَة- إِ ...
- تاريخ التلاعب بالامتحانات المهنية في المغرب: بيان أكتوبر الس ...
- القاص والروائي محمد عز الدين التازي: -قليلون هم الذي وصلوا إ ...
- حوار مع محمد سعيد الريحاني أجرته -LE MATIN D SAHARA- اليومية ...
- - عمري تسعة وثلاثون عاما وفي رصيدي تسعة وثلاثون عملا -
- نحو هيأة تعليمية لً الحقيقة والانصاف والمصالحة
- نحو هيأة قطاعية تعليمية مستقلة -للحقيقة والإنصاف والمصالحة-
- عن المطالبة بإلغاء نتائج -الانتقاء- القبلي الأساتذة المترشحي ...
- كتابة السيرة في زمن الصورة
- نحو تقليد إبداعي أدبي جديد: الفوتو- بيوغرافيا ، أوالسيرة الذ ...
- حوار مع المبدعة والناقدة المغربية الدكتورة زهور كرام أجرى ال ...
- حوار مع الباحث والقاص والمترجم المغربي محمد سعيد الريحاني: - ...
- بيان حقيقة
- في حوار مع محمد سعيد الريحاني: الثقافة العربية مدعوة للتفكير ...
- في حوار مع محمد سعيد الريحاني: إِنََ الحَقِيقَةَ التِي يَبْح ...
- تقديم لمجموعة محمد البوزيدي القصصية الجديدة -مَوَاوِيلُ الأَ ...
- ملف التعليم وملفات هيأة الإنصاف والمصالحة


المزيد.....




- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - قصة قصيرة: حذاء خاص بوجوه العظماء