أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - إصلاح النظام أم استعادة الجولان؟














المزيد.....

إصلاح النظام أم استعادة الجولان؟


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2500 - 2008 / 12 / 19 - 10:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أيهما أهم: إصلاح النظام السياسي في سورية أم استعادة الجولان المحتل؟ قد يتذمر كثيرون من طرح المسألة بهذه الصورة، وينحازون إلى الفصل بين المطلبين الذين يحمل كل منهما شرعيته باستقلال عن الآخر. نشاركهم الانحياز، لكن من يربط سلبا بين المطلبين هم أصحاب الكلمة العليا في شؤون البلاد منذ عقود تنوف على أربعة. ومعلوم أن أبرز حجج استبعاد إصلاح سياسي جدي، أي ذي وجهة ديمقراطية واستيعابية، هي المواجهة المفترضة للعدو الذي يحتل الجولان منذ عام 1967.
في عالم سياسي وفكري سوي، لا توضع مطالب الإصلاح السياسي مقابل استعادة أراض محتلة ولا هذه مقابل تلك. يفترض المرء أن جدول الأعمال الوطني يتضمن البندين معا، وربما يمنح أولوية لإصلاح مستمر للنظام السياسي لما له من مفعول إصلاحي محرض وتراكمي على جوانب الحياة الوطنية الأخرى، ولأنه كذلك يضع البلد في موقع أفضل، سياسيا وأخلاقيا، للعمل من أجل استعادة الأرض المحتلة.
ولنتصور للحظة لو أن سورية باشرت إصلاحا سياسيا جديا في أواخر سبعينات القرن الماضي، وقت كانت تقف أمام أزمة وطنية خطيرة. الأرجح أنها كانت تفادت أسوأ وقائع الأزمة تلك، أو أقله لأمكنت معالجة تلك الوقائع بصورة تنعكس إيجابا على التماسك الوطني. ولربما كانت البلاد اليوم في حال يضاهي حال تركيا التي لم تكن سورية حينها تتأخر عنها في شيء. هذا لأن الإصلاح السياسي، بما يعنيه من تنقية الأجواء العامة في البلد، الاجتماعية والسياسية والنفسية، ومن تمكين أوسع للشعب السوري من صنع مستقبله والتحكم بشروط حياته، ومن تغليب للكفاءة والقدرة على الولاء والمحسويية، وبالخصوص من تنظيف الحياة العامة من الخوف والكذب والفساد، ومن طي صفحة المراوغة والتلاعب الإيديولوجي والسياسي بالقضايا العامة، يعود بآثار محفزة وإيجابية على مختلف جوانب الحياة الوطنية، التعليمية والاقتصادية والثقافية والنفسية، وبالتأكيد أيضا الأمنية.
ولنتصور، بالمقابل، أننا شرعنا اليوم في عملية إصلاحية جدية تنضبط بمبادئ المواطنة والمساواة والحريات العامة والانتخابات العامة وتداول السلطة، أو تضع جدولا زمنيا ضمن أمد معقول، حتى عام 2015 مثلا، لإعادة هيكلة النظام السياسي وفقا لهذه المبادئ. يصعب حصر مقتضيات توجه كهذا وآثاره القريبة والبعيدة والديناميات التي قد يطلقها. أما صعوبة العملية الإصلاحية ذاتها فقد تكتسب طابعا نسبيا من إدراجها في جهد عام للنهوض الوطني، وانتفاض على الفساد والخمول والتأخر الذي تغرق فيه البلاد، وتفادي أسوأ المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
ولنتصور أخيرا أننا بلغنا عام 2030 أو 2035 دون أي تغيير في هياكلنا السياسية. فوق ما نرجح أن يكون ذلك قد اقتضى من إكراه وكراهية وإحباط، فإن من الوارد جدا أن تكون البلاد في وضع مزري على مستويات متنوعة. ربما تشبه سورية في ذلك الوقت بلدا أفريقيا من حيث انتشار الفقر والفساد (لا "تتفوق" عليها في الفساد اليوم غير العراق والسودان حسب "منظمة الشفافية الدولية"، وتحتل الموقع 147 من 180 دولة غطاها مسح المنظمة عام 2008)، ووجود نسبة ضئيلة من أصحاب الثروات النافذين في مراتب الحكم العليا، ودمار متقدم جدا للفكرة الوطنية، ومستوى متقدم من فقد احترام الذات عند أكثرية السكان، وشعور معمم بالغربة والاختناق. كل ذلك موجود منذ الآن، لكنه ربما يأخذ بعد عقدين من اليوم أبعادا مهولة تجعل الإصلاح أقرب إلى الاستحالة. ونعلم طريقة المستحيلات في التحقق: بالكوارث والدمار والخراب العميم.
من الحكمة أن يمتنع المرء عن التنبؤ بالمستقبل، لكن أن تبقى أوضاعنا السياسية كما هي لعقدين قادمين أمر محتمل فعلا. ثمة تركيز مفرط من قبل النظام على البقاء في صيغته هذه دون تغيير، واستعداد للقيام بأي شيء من أجل ذلك. وهو ما لا يمكن استبعاد أن يفوز به فعلا.
ولما كان النظام السياسي في البلاد متحكما في جميع جوانب الحياة العامة، فإن مسار التردي العام وحده سيستمر إن لم يجر تغير سياسي جدي. الصيغة السياسية الراهنة خانقة وقامعة للمبادرات الاجتماعية والفكرية والثقافية التي قد تنعش البلد. وقد تتغذى استدامتها من الخشية مما هو أسوأ، وهي خشية تتغذى بدورها من الاستدامة تلك، ويغذيها النظام ذاته.
بالعكس، من شأن إصلاح يوسع قواعد المبادرة الاجتماعية أن يطلق ديناميات منشطة فعالة تغير سورية وتصلح مزاجها وترفع معنوياتها.
هذا أهم من الجولان بكثير، لأنه ليس لاسترجاع الجولان، وسيكون تفاوضيا بالطبع ("طبع" المدى المنظور الذي تجري فيه المفاوضات السورية الإسرائيلية حول الجولان)، مفعول محرر ومجدد للحياة العامة في البلد.
لا ريب أن من شأن إصلاح سياسي بالمضمون الذي نتكلم عليه أن يجعل حكم البلاد أشد صعوبة. لكن الخيار الحاسم من وجهة نظر المصلحة الوطنية ليس بين حكم سهل وحكم صعب (الأفضلية للسهل طبعا)، بل بين حكم سهل مقترن بتخلف البلاد وشللها، وبين حكم صعب يجعل من تفضيلات السوريين مصالحهم المتعارضة مرجعية حصرية لشرعيته.
المداولة الديمقراطية أبطأ كآلية لاتخاذ القرار من انفراد دائرة ضيقة في قمة السلطة بالقرارات المصيرية. بيد أن توسيع قاعدة اتخاذ القرار وتفاعل قاعدة اجتماعية أوسع معه من شأنها أن تعوض هذا البطء، وتقلبه على تمرس اجتماعي بالسياسة والشأن العام، إن على المستوى الوطني أو على المستويات المحلية. هذا فضلا عن أن توسيع القاعدة الاجتماعية للسياسة تضفي صفتي الاستدامة والتراكمية على العملية الإصلاحية، وتطور نموذجا متماسكا للتقدم الوطني، تجتمع فيه الحريات مع التنمية مع الوحدة الوطنية و الاستقرار السياسي.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد تصور الوطنية القومي العربي
- بصدد -الأخلاقوية- و-الحضاروية- و.. السياسة
- ضد إدراج حقوق الإنسان في أجندة العلاقات بين الدول
- وجهان لدينامية الصراع العربي الإسرائيلي
- لا حل إسلاميا للمشكلة الطائفية
- أي نقد للقومية العربية؟
- في العروبة والوطنية السورية: المحصلة الصفرية ليست محتومة
- القرضاوي وخصومه: من الأمة الدينية إلى الأمة السياسية
- في الرأسمالية والأزمة.. والديمقراطية
- رئيس أسود في البيت الأبيض..!
- عن الممانعة والسلبية والعداء للغرب
- فرصة لتوسيع الديمقراطية العالمية!
- أغزوٌ شيعي لمجتمعات سُنيّة؟!
- تغيير المعارضة أولا..
- في العلمانية والديمقراطية والدولة
- على هامش الأزمة الأميركية: النهايات والعودات
- التمثيل القومي لسورية عائقا دون التمثيل الديمقراطي للسوريين
- إرهاب بلا وجه وأمن بلا لسان!
- الاستبداد كاغتراب سياسي
- الطائفية بين أهل الإباحة وأهل العفة


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - إصلاح النظام أم استعادة الجولان؟