أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - انتصار الميالي - الاصولية...الوجه الاخر للعنف والارهاب














المزيد.....

الاصولية...الوجه الاخر للعنف والارهاب


انتصار الميالي

الحوار المتمدن-العدد: 2497 - 2008 / 12 / 16 - 07:23
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تعبر "الأصولية" عن موقف فكري متعصب لدى بعض المؤمنين الذين يرفضون من خلال تمسكهم بـ"أصول دينهم"،كل تطور ويأبون مجاراة الحياة الاجتماعية الحديثة باسم احترام متصلب للعقائد الدينية أو الإيديولوجية.
لقد لعبت الأديان التاريخية الكبرى، حتى وقتنا الحاضر، دوراً رئيسا في بزوغ الثقافات والحضارات وتركت بصمتها عميقة في بناء المدن سياسياً. غير انه لا مناص من الاعتراف بأنها في الأعم الأغلب، تجاهلت فريضة اللاعنف الفلسفية وانضمت إلى أيدلوجيات العنف الضروري الشرعي والشريف السائد. وغالباً ما هيأت الأديان البشر، عبر التعليم الجامد لخطاب عقائدي منغلق، للتعصب حيال الآخرين بدلاً من اللطف بهم.وبهذا غذت الأديان القوميات الطائفية التي تجاهر بالتمييز والإقصاء والعنف. لقد تجاهلت من خلال تحالفها مع طاغوت العنف، الرهانات الأخلاقية والروحية والميتافيزيقية- وينبغي قطعا أن نذكر أيضا لرهانات اللاهوتية- والسياسية اللاعنفية. فهي لم تكتفِ بإقرار أن العنف حق طبيعي للإنسان في أطار الدفاع المشروع عن مصالحه، بل ذهبت في ظروف عديدة إلى تقديس العنف بمنحه مدداً من إلهها. عندما بارك الدين العنف، لم يتقدس العنف بل تدنس الدين. لقد تجنس الدين بذلك تجنس؛ إلا أن مجرد قبوله التواطؤ مع العنف دليل على انه كان قد تنجس قبلئذٍ.
أن الأصولية الدينية هي أقوى حوامل العنف: فما أن يستيقن قوم أن دينهم هو وحده الدين الصحيح حتى يجيزوا لأنفسهم الادعاء بأنهم وحدهم يمتلكون الحقيقة، فيقتنعون بأن الله قد أوكل أليهم مهمة الدفاع عنها، وبذلك لا يأخذون على عاتقهم واجب تكفير الزندقات وحسب، بل وواجب قتال الزنادقة أيضا. الأصولية الدينية- ويعلمنا التاريخ أن الأصولية فخ وقعت فيه جميع الأديان- تولد إذا مباشرة أيديولوجيا "الجهاد" التي ما انفك لها كل هذا الوزن في تاريخ الأديان. ففي المنطق الأصولي، مادام ليس ثمة قضية أعدل من قضية الله، ليس هناك من عنف أكثر شرعية من عنف الجهاد. هكذا تقدس الايدولوجيا الأصولية العنف. فالقتلة المتدينون هم من بين اشد القتلة عتّوا وأقلهم ندما.
أن الإنسان الفيلسوف في بحثه عن الحكمة العالمية- سواء كان مؤمنا أم لم يكن- لا يسعه إلا إن يدحض أيديولوجيا الأصوليين ويشجبها ويحاربها. لعل الفلسفة لا تتيح معرفة الإله الحق، لكنها تتيح على الأقل التعرف إلى الآلهة الباطلة، من خلال اجتهادها أن تقول عن الله ما ليسه- وهذا حاسم في حد ذاته. الفيلسوف يرفض فكرة إلهٍ يأمر المؤمن باللجوء إلى العنف فرضاً لاحترام الأيمان والعقيدة والشرع والنظام. فعند الفيلسوف أن نقيض الأيمان ليس عدم الأيمان بل العنف، ومهما يكن من أمر، فإن الكفر بالله ليس تجاهل انه موجود، بل الادعاء بأنه يرتضي عنف البشر ويبرره ويقرهم عليه، والأسوأ من ذلك أنه يمكن أن يأمرهم به.
ضمن هذا المنظار، فإن الحقيقة الأولى التي يمكن أن يعبر عنها الإنسان العاقل عندما يحاول جاهداً أن يتفكر في وجود الله هي أن هذا الإله حاشا أن يكون عنيفاً. أن العنف غريب عنه، وأنه متعالٍ عن الغضب والحسد والانتقام. فالله في كل الاحتمالات، لا عنف محض. ويعلمنا العقل، أذن، أن الآلهة التي تتحالف مع عنف البشر وتقرهم عليه وتأمر به أحياناً تقطن حتماً في مجمع الآلهة الباطلة. وهكذا فإن "رب الجنود" هو جزماً إله باطل، والإله الحق بمقدار ما في وسع الإنسان أن يعرفه، لا يمكن إلا أن يكون "إلهاً اعزل". عندما يُقوِّل الإنسان إلهاً أنه يقر البشر على عنفهم،فهذا قطعاً ليس كلام الله يعبر عن نفسه، بل كلام بشر عن الله، وهو كلام بشر مخطىء في كلامه على الله. فالإنسان يحتاج دوما إلى تبرير عنفه، وعندما يؤمن بإله، فأنه يحتاج إلى إقناع نفسه بأن إلهه يبرر عنفه. أن ضرورة عزل الله من سلاحه الملحة لهي فريضة فلسفية وثقافية وسياسية. فهي لا تخص المؤمنين فحسب، بل جميع المواطنين الحريصين على بناء عالم مطمئن.
إذا كان مبدأ اللاعنف هو أساس الفلسفة حقاً فمن المناسب التأكيد على أسبقية هذا المبدأ على الاعتبارات "الدينية" كلها. ولا يمكن لهذا التأكيد إلا أن يؤدي إلى قطيعة جذرية مع جميع المذاهب الدينية، ليس المتعلق منها بالجهاد وحسب، بل وبالحرب العادلة وبالعنف المشروع. ينبغي على "المتدينين" أنفسهم أن يكونوا في طليعة المتحلّين بشجاعة القيام بقطيعة كهذه، حتى وأن كانت تضع "موروثهم" موضع الاتهام. فالإنسان الروحاني – سواء امن بالله أم لم يؤمن- هو رجل قطيعة. فهو يحب الأرض حباً يجعله غير متعلق بأية أرض بعينها. ليس هناك من تراب مقدس في نظره، فهو مستعد على الدوام أن يترك أرضه ليمضي سائحا على دروب العالم، حراً في الشمس والمطر والثلج أو الريح.
لقد اعتدنا إن نعزو أعمال العنف التي ندينها إلى مختلف أنواع التطرف. إلا أن الأصوليات ليست ممكنة إلا عبر الأرثوذكسيات. فهذه تبرر سلفاً شطط الأصوليين من خلال بناء مذهبي، العنف المشروع والحرب العادلة ومن خلال تبرير الاستخدام العاقل للعنف؛ العمل على مطاردته حتى مخابئه، حيث يحتمي وسط الأرثوذكسيات، وعلى إخراجه منها.
الاحرى بالأديان، بدلاً من أن تدعي أنها جميعاً أديان سلام، أن يكون لديها من الشجاعة الروحية والأمانة الفكرية ما يجعلها تقر بأنها جميعاً كانت أيضاً أديان حرب وهذا ما يضطرها إلى الاعتراف ليس فقط بأخطائها، بل وبغيِّها خصوصاً. وعليه، فإن اعتراف "رجل" الدين بغيِّه أصعب بكثير من اعترافه بأخطائه، ذلك لأن الأخطاء لا تتهم إلا البشر، بينما الغيّ يتهم الأديان نفسها مباشرة. من الضروري، بل ويستحسن، أن يتوب المرء عن أخطائه، لكن الأهم منه أيضا اعترافه بأن أخطاءه هذه قد سببها وبررها الغيّ- غيٌّ في المذهب وغيٌّ في التفكير- وبأن الطريقة الوحيدة للرجوع عن غيِّه هو تصحيحه.



#انتصار_الميالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية وبناء الدولة المدنية في العراق
- عصر للحب
- الطفولة...ضحية العنف المبررْ للأهل والمجتمع
- كامل شياع بعد 60 يوماً
- قصة قصيرة... الوجهة الاخيرة
- الأرهاب
- المرأة العراقية...بين الإكراه وحرية التصويت في الانتخابات
- حكاية قصيدة
- صباح تموزي في عينيك
- المدرسة...الحيز الوسيط بين الاسرة والمجتمع
- المرأة .....بعيداً عن ثقافة العنف
- همسة في عمق الليل
- لقّاء
- اكتشاف أمرأة
- فنجان قهوة
- بحر عينيك
- محاولة
- الوجع اللذيذ
- تأملات أمرأة
- تهنئة الى الشيخ الذي لا يشيخ( الحزب الشيوعي العراقي ) في ذكر ...


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - انتصار الميالي - الاصولية...الوجه الاخر للعنف والارهاب