أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - حينما يؤمِنُ الإلحاد...














المزيد.....

حينما يؤمِنُ الإلحاد...


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2497 - 2008 / 12 / 16 - 10:31
المحور: الادب والفن
    



في صمت الليل وبين ثنايا دفاتر قديمة وكتب مبعثرة كانت عيون " عبد الله " قد تسمرت في جوف السماء. شاب في ربيعه العشرين لا يعرف الكلل ولا الملل، صديقه الوحيد هو قلم يتكئ عليه حينما تضيق به النفس والأرض، في مسار طويل بدايته حلقات الطفولة المغتصبة وامتداداته ما زالت تزحف نحو المجهول.
بين حيطان غرفة وشرفة تطل على عالم لا محدود من الأسرار، كان عالم الأرق الفكري تدفع بالعقل أن يتحرر من سباته العميق، فيسأل وينبش ويدرس... حتى لو كان ظل السؤال قرار لا محدود، والرحلة غير منتهية في عوالم الشرق المعقد والمركب.
كانت هذه هي حاله وهو يحصي تناقضات المجتمع، ويقلب الكف على الكف في المآل والمستقبل والمصير...
من أنا...؟
من أكون...؟
إلى أين سأرحل...؟
هذه كلمات رددها لسان " عبد الله " وهو بين جور الواقع وإكراهات العقل المتحرر من سطوة الدين والأخلاق. كره اسمه لأن فيه بعدا من أبعاد الذات المؤمنة بقيم الدين وروح المقدس، وكلما ناداه قريب أو بعيد " يا عبد الله..." أسرها في نفسه ولم يبدها لهم...
نعم هي لعنة الثورة وقبح السؤال المتمكن من ذات عارفة بخبايا الفلسفة المادية والإلحاد الديني، من كانت تحرك الفتى وتشحنه ليطرح السؤال ويضرب في الأرض طولا وعرضا عله يتحرر من عبوديته.
وفي ليلة من لياليه الساكنة فاضت النفس برحابة السؤال، وقررت أن لا يشاركها في مقتها للواقع أحد...
قررت هذه المرة أن تثور ولا تركع إلا لصوت العقل، وليكن عنوانها حرية لم تكتب على وجه الشرق المتناقض بعد.
كانت بداية التمرد الديني هجر للمساجد، فالجوامع قد سرقت من زمن وعلى منابرها كتبت الوصاية. أراد أن يصلي صلاته الجديدة في محاريب بخشوع لا يذكر اسم الله فيها، فقد ملَّ هذه النسبة. اتجه إلى محل لبيع الخمور أملا أن يركع ركعته الأولى بعيدا عن التهليل والتكبير، فالنفس ضاقت وعلى جبينها التصقت العبودية.
دخل المحل وكؤوس الراح تتقاذفها الأيادي فلا معبود إلا الخمر كما ظن، وأطلق العنان للعينين لتأكل ما لذ وطاب من عري النساء، فما تشتهيه النفس هنا لا يحتاج إلا المال.
توجه عند الساقي:
أسقني الراح وجه الصباح...
أجاب الساقي:" تفضل سيدي بسم الله..."
تسمر في مكانه ولم يبد حسرته وجلس بعيدا في طاولة منزويا بوحدته، والعيون تعشق وترقب طلوع راقصة كان صاحب المحل قد برمجها لزبنائه في ليلة حمراء.
دخل الجوق أولا يتهيأ لبداية الحفل والسمر وبدؤوا يجربون الميكروفونات.
بادر أحدهم: وهو يمسك بالميكروفون:" الله الله...
وإذا بالراقصة تلوح في الأفق وعيون " عبد الله " تصفق...
تذكر على الفور وانسابت خمريات أبي نواس:
اشـرَبْ ، فُـديتَ علانِيَـه أمُ التّسَتّرِ زانِيَهْ
اشـرَبْ فـدَيتُـكَ ، واسقِـني حتى أنَـامَ مكـانِـيَــهْ
لا تَــقْــنَـعَـنّ بِـسَـكْـرَة ٍ ، .........حتى تَعُودَ بثَانِيَهْ
انتهى التصفيق ورددت الراقصة:" يالله صلوا على النبي..."
كاد الكأس يفقد توازنه بين أيدي :" عبد الله " وظن أنه أحيط به من كل جانب...
وضع أصبعه على سماعتيه فإذا بقوام يتمايل يقصد طاولته في ركن بعيد.
بادرت الفتاة: ممكن أجلس...
تبسم " عبد الله ": تفضلي...
دار الحديث على إيقاعات الراح وقصص الغرام وانتهت المهمة بسؤال:
أريد أن أراك غدا...
أجابت والبسمة تملأ عيونها:" نعم بعد المغرب "
لا لا نهارا أجابها بسرعة...
قالت أنا صائمة:" دَيْن الله في رقبتي..."
" نلتقي بعد المغرب..."
حمل " عبد الله " خيبته وعاد يسخر من القدر، فالمساجد مساجد...
وحتى الحانات عادت منابر للوعظ والإرشاد...
فتحت الأم الباب:" تأخرت عبد الله...."
لم يجب وراح صوب الغرفة التي أنجبت الإلحاد والتمرد يقلب الكتب. سقط الدمع من عينيه فمد يده يمسح الحزن عن الخدود وقال:
" في الشرق مُتْ متناقضاً ولا تعِشْ ناقداً..."



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا قال الخطيب
- تفتَّح...
- يا صاح...
- وجه الشرق...
- جريدة المساء المغربية: كشف لعورات حرية التعبير
- في محراب سيدتي...
- تقرير من بلاد العربان...
- ورقات في زمن التيه
- أي تعليم نريد لمغربنا؟
- لم الوداع؟؟؟
- لعبة الأقدار
- قصة من هذه؟؟؟
- الوهابية المغربية بين الدين والسياسة
- تحبُّك أكثر...
- وتساقَطت الأوراقُ...
- المغرب ووهم الخطر الشيعي
- تبسَّمي عقول الوصاية!!!
- هكذا نطق القرآني: نهاية مذهب
- عيد ميلاد عاطلة
- الحقوق الفكرية: حقيقةٌ أمْ وهْمٌ؟؟؟...


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - حينما يؤمِنُ الإلحاد...