أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جدعون ليفي - شهادة وفاة لحزب العمل














المزيد.....

شهادة وفاة لحزب العمل


جدعون ليفي

الحوار المتمدن-العدد: 2493 - 2008 / 12 / 12 - 07:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تتهم ايهود باراك: هو حفار القبور فقط. لا تتهم ايتان كابل: هو الذي سيقوم بتسجيل شهادة الوفاة فقط. جثة حزب العمل الاسرائيلي تتدحرج في الشوارع منذ سنوات طوال محتضرة متلوية حول نفسها. في الواقع انهى هذا الحزب دوره التاريخي في صبيحة حرب حزيران، منذ ان تدهورنا وهو معنا من نقيض الى نقيض. محاولات الانعاش الاصطناعي وحدها على صورة انضمامه لكل حكومة تقريبا هي التي ابقته حيا يرزق، ان كان من الممكن ان نسمي ذلك حياة عندما يتعلق الامر بحزب يساري.
الصرعة الرائجة الان اتهام باراك، ولكن الخطيئة القديمة جرت منذ زمن. الان مع تاخر كبير جدا جاءت العقوبة. حزب العمل مات عندما تحولت غولدا مائير وايجال الون وشمعون بيريس ويسرائيل جاليلي الى مقاولي بناء كبار للحركة الاستيطانية، وحزب العمل مات مرة اخرى عندما تم القضاء على اشتراكيته، وتكرس عندنا بدلا منها اقتصاد عمال المقاول. مقاولوا المستوطنات وعمال المقاول- الذين يدين لهم حزب العمل باحتضاره الطويل تسببوا بضياع دربه ونهجه هذا النهج الذي لم يجده بعد ذلك مرة اخرى. حزب العمل اقام الدولة بالدم والنار واقام مجتمعا اشتراكيا مع شبكات امان حقيقية قبل مدة طويلة من ولادة هذا المصطلح. ولكن هذا الحزب لم ينجح في الادراك بوجوب فتح صفحة جديدة بعد تسعة عشر عاما من اقامة الدولة والمجتمع، صفحة الانخراط الحقيقي في منطقة تقوم على العدالة وحقوق الانسان والمساواة في الفرص الاجتماعية.
الاحزاب والحركات تقاس على المدى الزمني بتياراتها العميقة وليس بحيل مستشاريها الاعلاميين الخداعة . لدى اليمين الاسرائيلي تيارات عميقة كهذه. هو يقوم على اسس مسيحية، وكراهية الغريب، وتكريس الخوف، وعبادة الاوثان والسجود امام الامن والعنصرية - اسس سلبية ولكنها اسس حقيقية. اما تيار اليسار العميق، في البلاد والعالم فيجب ان يكون التطلع للعدالة. حزب العمل فقد منذ زمن هذا التيار العميق وتحول الى يمين اسرائيلي ضعيف. وباعتباره يمين ضعيفا فهو لا يستحق اكثر مما يحصل عليه في الاستطلاعات. ليس بامكانه ان يتحدث عن حقوق الانسان، منذ ان تحول الى شريك كامل للمشروع الاستيطاني، وليس بامكانه ان يتحدث عن حقوق العاملين، بينما يشارك في معركة القيم المزدوجة المتبعة هنا، للعاملي اليهودي ولعاملي الغريب. كما ان مهمته الاخيرة كمحافظ على سلطة القانون ليست اكثر من خدعة في ظل حقيقة ان القيم القانونية هنا مزدوجة المعايير ايضا معيار لليهودي واخر للعربي.
كل ما حدث هنا منذ 1967 ربما باستثناء اوسلو سجل ضد مصلحة حزب العمل: الفرصة التي ضيعها ليفي اشكول وموشيه ديان اللذان لم يتوصلا الى تسوية غداة الحرب ورفض غولدا التوصل الى اتفاق انتقالي مع مصر، وحرب يوم الغفران، ورفض الاعتراف بـ م ت ف، وغياب اي موقف اخلاقي في قضية الاحتلال وتعميقه وصولا الى الاحتلال الدائم، وازدهار المشروع الاستيطاني. حركة العمل جردت نفسها ايضا من كل كنوزها على المستوى الاجتماعي ولم يتبقى من الهستدروت والكيبوتس والقرى التعاونية والشركات العمالية وصناديق المرضى والشبكات الاجتماعية، والثقافية وشبكات الاغاثة التي اقامتها هذه الحركة اي شيء.
كل ذلك اختفى وكأنه لم يكن وحصلنا بدلا منه على ثمار الاشتراكية الديمقراطية الاسرائيلية الفاسدة في اسوء صورها. غولدا وديان حرضا على الحرب، وبيريس كان كبير المضللين في قضية السلام، واسحاق رابين شريك في اشتعال الانتفاضة الاولى وانزالها على رؤوسنا وبنيامين بن اليعازر شارك في اندلاع الانتفاضة الثانية اما حاييم رامون قد قام بحل الهستدروت. كل ذلك كان مصابا بجرثومة الاحتلال، والتعالي، ونزعة القوة وطغيان الجبروت، والعنصرية والنزعة الرفضوية الاسرائيلية التي تميز فيها الحزب الذي اعتقد انه ولد حتى يحكم ولم يحاول ابدا ان يصبح بديلا لليمين. كل ما فعله اليمين فعله حزب العمل ايضا، واحيانا بصورة افضل، او اسوء، الا انهما سارا في نفس الاتجاه.
ليس هناك اي يساري حقيقي مستعد اليوم للتصويت لحزب العمل. لا يمكن لاي رجل دعاية ان يغير حقيقة ان باراك بعيد الان عن التطلع للسلام والعدالة الاجتماعية مثل بعد نتنياهو عنها. لا يمكن لاية صرعة اعلامية ان تعيد للعمل تيارات اليسار العميقة- ولذلك اصبح حكمه مقضيا. كل قاضة هذا الحزب باجيالهم المتعاقببة علموا الاسرائيليين مبدأ السير من الشيء والشعور معه في ان واحد، علموهم كيف يأكلون الكعكة مع ابقاءها كاملة سليمة، وكيف يكونون محتلين قساة غليظين وارباب عمل استغلالين من دون اية كوابح اخلاقية، وعلى الطريقة التي يحبها الاسرائيليون جدا. ان كان اريئيل شارون صاحب حرب لبنان الاولى وبنيامين نتنياهو الذي جاء في اثره قد تسببا بشعور بعض الاسرائيليين بالخجل والخزي من اعمال حكومتهم، فقد عرف قادة حزب العمل دائما كيف يقودون الناس في دروب التيه والضلال. على المستوى الاجتماعي ايضا الذي لا يتحدث احد عنه بالمرة في هذ المعركة الانتخابية ليس لدى حزب العمل ما يقدمه للناس. لا شيء. لقد اغلقت كل تياراته العميقة، وهذا حدث منذ زمن.
لذلك، ربما من الافضل ان يلفظ حزب العمل انفاسه. يجب على دعاة السلام والعدالة ان لا يأسفوا من هذا الرحيل، الذي لا يأتي قبل اوانه. ربما تنشأ عندنا حركة جديدة مع تيارات عميقة عندما يزول هذا الغطاء المريب. في هذه الاثناء لدينا معركة انتخابية تفتقد لليسار الهام. من الذي يستحق الشكر ومن الذي يستحق التهنئة؟ حزب العمل.

هآرتس



#جدعون_ليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيام الظلام - وجهة نظر صحفي من ها آرتس حول الحرب


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جدعون ليفي - شهادة وفاة لحزب العمل