أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عدنان الظاهر - كلكامش وأنكيدو وعشتار















المزيد.....

كلكامش وأنكيدو وعشتار


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2492 - 2008 / 12 / 11 - 08:19
المحور: كتابات ساخرة
    


بعد موته الفاجع ، أحبَّ أنكيدو زيارة صديقه الحبيب كلكامش في مدينة أور فتم له ما أراد . جمع جبّارُ سومرَ عليّة القوم وسراتهم وكبار قادة جيشه في ساحة المدينة الرئيسة ، ساحة النصر . تصدّر الملك وضيفه صفوف مدعويه حيث أُعدت لهما منصة عالية وكراسٍ من الذهب الخالص وحرّاسٌ ملكيون يقفون خلفهما شاكيّ السلاح . دعا كلكامش جميع وجوه وسادة ووجهاء سومر خلا عشتار ! تعرفُ سومرُ بالطبع قصتها مع سيدها كلكامش وما قال لها بعد قتله ثور السماء [ في السماء يومذاك ثيران للمصارعة ، تعلّمَ الإسبان منهم فيما بعد ] بمساعدة فعّالة من لدنْ صديقه أنكيدو . سبّها ونعتها بأقذع النعوت من قبيل إنك لستِ إلا قربة مثقوبة وموقد خفتت ناره في عز برد الشتاء وغير ذلك من فاحش القول . كانت ـ شأن كل نساء العالمين ـ تتلصص عشتارُ وتسترق السمع من خلل ثقوب ستار البردي وقصب أهوار سومر الذي كانت تتحصّن خلفه . كان مشهد الحفل الخاص هذا واضحاً أمام عينيها فكانت تتابع ما يجري فيه من فعاليات وأستعراضات شتى رقصاً وعزفاً وقصفاً ومبارزات بمختلف صنوف أسلحة القتل والموت وأشدها فتكاً . [ هل أخذ الرومان منهم فكرة المجالدين حيث يتقاتل العبيدُ وأسرى الحروب فيما بينهم حتى ينتصرَ القاتل فيغدو حراً يواصل سنّة الحياة وينفق خصمه فيرحلُ إلى العالم الآخر ؟ ] . كانت عشتارُ تتابع عن كثب وقائع ما كان يجري من فعالياتٍ وطقوسٍ إحتفالية وسط تهريج صاخب وصيحات فرح هستيرية وتمايل الرؤوس والأجساد وقرع كؤوس الجعّة ونهش ما أعدَّ لضيوف سومرَ خيرةُ طباخي ذلك الزمان من لحوم الضأن والغزلان المشوية فضلاً عن سمك الهور والبط والبش والخضيري والحذّاف فهل تُطيقُ عشتارً صبراً وتظلُّ ترقبُ ما يجري أمامها من وراء حجاب ؟ عزمت على أمرٍ غاية في الجرأة والخطورة وكانت عشتارُ مُهيأة لكل ما قد يأتيها من أقدار . عنيدة مدللة مشاكسة تقف وراءها أمها إينانا وأبوها إنليل أو أيا فلا يردّان لها طَلباً ولا يمنعانها عما تقرر فعله . هكذا نشأت وترعرعت لذا فلا من عجبٍ إنْ قررت أمراً خطيراً أنْ تخترقَ حائط البردي والقصب وتشق ساحة العروض بقامتها الممشوقة ورأسها العالي ومضفور جدائلها وأن تجثو راكعةً أمام كلكامش وضيفه المعظّم أنكيدو ثم تنهض لتقّدمَ إكليل ورد هائل معطّرٍ بأفضل أنواع البخور واطايب ذاك الزمان المحليِّ منها والمستورد والمنهوب من باقي الشعوب . يا للعجب !! حصل التحوّل الكبير إذْ لانَ الجبارُ الأكبرُ ورقّ قلبه فأجواء المناسبة تسمح بذلك خاصةً وقد دارت خمورُ سومرَ برؤوس أصحابها فأطارت بلباب عقولهم فغدوا كالعمي لا يبصرون ولا يفقهون شيئاً من أمورهم . رقَّ قلبهُ فمال إليها كأنه لم يهملها قبلاً ولم يسبّها بأقذع السباب ولم يُشهِّر بها عَلَناً على مرأى مواطني سومر وباقي أقلياتها الإثنية وعبيدها وأسرى حروبها . أهكذا تفعلً الأفراحُ الكبيرةُ والخمرةُ والطربُ بالبشر ؟ هل كانت غانية سومرِ على دراية وخبرة بهذا الأمر ؟ هل أخذت فن هذا السحر من أمها إينانا ؟ [ في بابلَ قريةٌ تُسمّى عَنّانة فهل هي إينانا تلك ؟ أميل لهذا الرأي. أمس شاهدتُ فيلماً قالت فيه إحدى الممثلات { البناتُ تحت أقدام الأمهات } ] . رقَّ قلبه فاستلطفها وقرّبها منه وقبّل فاها مِراراً وأجلسها بينه وأنكيدو الذي ما كان مرتاحاً منها ومن حضورها لسبب غامض مجهول . هل غار منها على حبيبه كلكامش ؟ جائز . حين يحدث التحوّل تاتي العجائب والغرائب وبعض المعجزات . أغرقها كلكامش بالمجاملات والقبل الملتهبة وجعّة أقداح الذهب الخالص ورجاها أنْ تقدمَ لضيوفه إحدى رقصاتها النادرة فقامت وأبدعت وحين عادت لمجلسها قام لها كلكامش إكباراً وإعجاباً فقام معه جميعُ الحضور . وبين الصحو والسكر قال لها [ أطلبي مني ما شئتِ فسوف أُنفذُّ على الفور ] . طلبت ، وقد لاحظت غرام كلكامش بها وبما قدّمت ، ما طلبت بعد ذلك سالومي من هيرودس : رأس يوحنا المعمدان ! بدل رأس يحيى طلبت عشتارُ رأس أنكيدو الذي أهملها وأشاح بوجهه عنها ولم يعرها الإهتمام الذي كانت تتوقع منه . أنكيدو يغارُ وتنتقمُ عشتارُ فهل سينفذُّ كلكامش ما طلبت عشتارُ ؟ هل الغيرةُ أقوى من نزعة الإنتقام ؟ إنتهى المهرجانُ فجراً وإرفضَّ المدعوون وأطقم الرقص والغناء فإختلى وقد صحا كلكامش بعشتاره التي سلبت لبه الليلة الفائتة . طلبت منه تنفيذ ما وعدَ على الفور لأنها تعرف أنَّ أنكيدو سيغادرُ عائداً إلى عالمه السفلي . إفتعل كلكامش الجدَّ مقطبّاً جبينه واضعاً كفه على كتف عشتارَ ليقولَ لها أيَّ وعدٍ تقصدين يا جميلة الجميلات ؟ ما لنا ووعود الليل والسكر والبهجة والطرب ؟ ضغط بقوة ٍ على كتفها ففهمت عشتار الذكية مغزى قول سيدها الجبّار . لم تجرؤ أنْ تكاشفه بمسالة وعده أنْ يقطعَ رأسَ ضيفه أنكيدو ويقدمه لها على طبق من ذهب كما صنع هيرودس لسالومي . هل من المعقول أنْ يقطعَ كلكامش رأس ضيفه وصديقه الأعز أنكيدو ليقدمه هديةً لإمرأةٍ سبق وأنْ سبّها عَلناً بأقذع السباب وأفحشه في ساحة الفردوس في قلب عاصمته أور ؟ هو يعرف جيداً طبعَ وطبيعة الآلهات المزيفات . إنهنَّ متقلبات الأمزجة والأفئدة والأهواء . رفعها عالياً في الهواء بين ذراعيه ثم أمطرها بالكثير من القبل وقال لها مداعباً : يا روحي إنسِ كلامَ الليل فكلامُ الليل يمحوهُ النهارً كما يقولُ الشعراء الضالون . إنسِ وعودي فوعودي ساعات السُكر كاذبةٌ خُلّبٌ لا تساوي كونية شعير مما تأكل خيولي وبقية دواب مملكتي . سنسهرالليلة وحيدين نتسامر ونسكر ونطرب ونفعل بأنفسنا ما نشاء وما نستطيع دون ندامى ومن دون خَدمِ وحرسٍ وحشم . قالت له هل لي أنْ أسالَ سؤالاً واحداً ؟ قال بكل سرور . هل سيحضر سهرتنا هذه الليلة أحدٌ من كبار ضيوفك ، أعني أنكيدو مثلاً ؟ حدٌّقَ كلكامش في عينيها شزراً لكأنَّ شرراً من عينيه يتطايرُ في الفضاء فإرتجفت عشتارُ وركعت تحت قدميه مستغفرةً معتذرةً باكيةً ثم لطمت رأسها وحثّت عليه الكثير من الأتربة. رقَّ مرةً أخرى قلبُ كلكامش وهو لا يرقُّ إلا نادراً . أمسكها من ذراعيها وأقامها أمامه على قدميها ، ضمّها بعنفٍ إلى صدره وشمّها وقبّلها مراراً قبلَ أنْ يقولَ لها هاكِ مفتاح مقصورتي الخاصة في الجناح الشمالي من قصري الصيفي ، إذهبي وإستحمي وتعطري بما شئتِ من طيوب الدنيا وأغلى عطورها ثم ضعي على رأسك أجمل تاجٍ يعجبك من تيجان مملكتي . سألتحق بكِ قُبيل غروب الشمس فإستعدي وتجهزي وأعدي مستلزمات السهرة التي ربما تطولُ حتى صباحَ اليوم التالي .



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أماني دون كيخوت لسنة جديدة
- بحر الصمت / رواية للكاتبة الجزائرية ياسمينة صالح
- ومن البليةِ عذلُ مَن لا يرعوي ...
- مرارة في حلق التلفون
- النابحون وراء السراب ...
- سِن السقوط وسَنة السقوط
- إستحضار الأرواح
- سيدوري في براغ
- الخريف والشتاء
- توضيح وإعتذار / حول كتاب بشت آشان ...
- ثلاث فتيات ورجل واحد في براغ
- مع كتاب بشت آشان للدكتور كاظم الموسوي {1}
- أسماء الأعلام في الأغاني
- عودة ُ عشتار إلى عالم الأحياء
- ملاحظات حول كتاب الأستاذ جعفر حمّود الهجوّل
- مع فؤاد نمري مرة ً أخرى ...
- لي في بابلَ حبيبٌ ...
- عشتارُ البابلية ُ وجوليا الحمصية
- حول الإشتراكية والشيوعية / أسباب السقوط / اين كان العمال ؟
- الوالدة في معتقل الفاشيست


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عدنان الظاهر - كلكامش وأنكيدو وعشتار