أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إكرام يوسف - ألف رحمة ونور!














المزيد.....

ألف رحمة ونور!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2487 - 2008 / 12 / 6 - 11:10
المحور: حقوق الانسان
    


أحذت أضرب كفا بكف، وأردد لنفسي "ألف رحمة ونور عليك يا عبد الحميد يا شتا.. يعني ما كنتش قادر تصبر لغاية ما تشوف لك سكة نائب في البرلمان؟".. استغفرت الله وقرأت الفاتحة على روح الشاب النابه ودعوت له بالرحمة ولأهله بالصبر..هل تذكرونه؟ الشاب المتفوق الذي حصل بجهده وذكائه وحدهما، دون دروس خصوصية ولا واسطة، على بكالوريوس العلوم السياسية واحتل ترتيبا متقدما بين أوائل دفعته..ولأن قلبه الأخضر البكر لم يكن تلوث بعد، صدق المسكين ما درسوه له من أن الدستور المصري ينص على أن جميع المواطنين متساوين أمام القانون.. وحلقت به الأحلام؛ فتخيل تفوقه وسعة اطلاعه واللغات التي أتقنها بجهده الذاتي ـ رغم رقة حال أسرته وضعف إمكانياتها المادية ـ مؤهلات تضمن له مستقبلا مرموقا، يرفع رأس أهله ويعوضهم عن سنين الشقاء.. وسرعان ما تحطمت أحلام الفتى الغض على صخرة واقع اجتماعي مرير.. فبعد اجتيازه جميع امتحانات الالتحاق بالسلك الدبلوماسي فائزا بالمركز الأول على أقرانه، جاءت النتيجة النهائية ومدمرة..وجد نفسه مطرودا من نعيم الخارجية المصرية بحجة بالغة التخلف والقسوة "غير لائق اجتماعيا"! ..لم يحتمل الصغير، وقرر تحت وقع الصدمة التخلص من حياته، صافعا وجوهنا برفضه لما نعيش من زيف ورياء وتخلف ووحشيةّ!.
تذكرت قصة الفتى الجميل عبد الحميد.. وأنا أطالع التحقيق الصادم المروع الذي سجل به فتى جميل آخر انفرادا لكتيبة جنود الحقيقة في جريدة "البديل"، حول الرشاوى السياسية التي حصل عليها نواب مجلسي الشعب والشورى بتعيين 800 من محاسيبهم في الجمارك والضرائب والمالية. وتابعت تعليقات القراء على خبطة الصحفي البارع "عمر الهادي" ـ بوب ودوارد مصر ـ في الشارع وعلى موقع الجريدة الإليكتروني التي استفاضت في ذكر وقائع مماثلة في وزارات الكهرباء والبترول... عدت بأفكاري إلى عبد الحميد شتا.. ماذا لو كان فكر قليلا وبحث في شجرة عائلته البائسة عن صلة قرابة من أي نوع بأحد النواب؟ وماذا لو كان انتظر قليلا حتى انضم والده أو أي من أقاربه للحزب الوطني و من ثم ترشح لعضوية أي من مجلسي الشعب والشورى؟..
ضحكت في مرارة من عنوان ساخر بالجريدة يقول إن الدكتور يوسف بطرس غالي أرسل ـ بصفته نائبا ـ لنفسه،باعتباره وزيرا، طلبات لتعيين المحاسيب في أماكن يستحقها من هم أكثر كفاءة لكنهم ليسوا من ذوي الحظوة. وتخيلت كيف حرص هذا الوزير على ألا يخيب رجاء نفسه ـ النائب ـ فوافق على طلباته فورا!. وكيف شعر النائب بامتنان تجاه نفسه ـ الوزير ـ الذي قام بالواجب معه!. وتفحصت قوائم المعينين من المحاسيب فوجدتها تضم بعض النواب شخصيا إلى جانب أقارب لهم.. تساءلت بيني وبين نفسي، وماذا كان يعمل هؤلاء النواب قبل تعيينهم بهذه الوظائف؟.. هل كانوا من العاطلين الذين ظلوا محبطين في بيوتهم بعد تخرجهم، ولم تتح لهم فرصة العمل إلا بعد أن صاروا نوابا؟.. وبينما أنا غارقة في تأمل حال هؤلاء النواب قبل النيابة، وحسرة قلوب أهاليهم الذين صرفوا كل ما يملكون لتعليم أبنائهم ، فلم تشفع لهم شهاداتهم، لولا أن جاء كرسي البرلمان لينتشلهم من البطالة؛ إذا بتصريح يصعقني قاله أحد هؤلاء النواب بتلقائية وثقة يحسد عليهما "نعم .. عينت قرايبي.. واللي مالوش خير في قرايبه مالوش خير في الناس"!
وجهة نظر منطقية تماما ومقنعة حقا!.. لولا أن المجالس النيابية ليست "عزبا" يوزع أعضاؤها خيرها على مواليهم.. ونسي هذا النائب المحترم ، ومن لف لفه، أن الأصل في العمل النيابي مراقبة أعمال الحكومة ورصد انحرافاتها؛ فكيف يستطيعون أداء عملهم الرقابي وهم من غرروا بالسلطة التنفيذية ودفعوها للانحراف!، أملا في أن تطعم أفواههم لتستحي عيونهم، وتنعامى عما تعيثه الحكومة من فساد في ربوع هذا الوطن؟.. كيف يسائل هؤلاء النواب حكومتنا السنية عن تقصيرها في مكافحة البطالة، بعدما اقنعوها بالاكتفاء بتعيين أقاربهم دونا عن بقية أبناء الشعب المبتلى بحكومة من هذا النوع؟.. نواب الشعب انشغلوا في حل مشكلاتهم الشخصية، والحصول على مزايا تعوض ما أنفقوه على الدعاية الانتخابية وتضمن حياة مريحة لكل منهم وأسرته والتابعين وتابعي التابعين، فمتى يجدون الوقت لبحث مشكلات الناخبين الذين أوصلوهم للبرلمان.. ولماذا يهتمون بأبناء هؤلاء الناخبين ، وما إذا كانوا يجدون التعليم المناسب والعلاج اللازم وفرص العمل الكريمة، أم أنهم يلجأون لبيع أحشائهم بحثا عن جنيهات تضمن لهم لقمة العيش؟ وعلى أي أساس يراقبون أعمال الحكومة ويرصدون تجاوزاتها، ويضعون التشريعات لردع هذه التجاوزات، أو حل مشكلات الجماهير؟
يا الله! كيف نجح الفساد في تحويل حياتنا إلى ما يشبه قطع الدومينو المتهاوية بسرعى بالغة، واحدة إثر أخرى، ولا أمل في وقف التردي قبل سقوط آخر قطعة فيها.. فساد ينخر في عظام الوطن وينهش أبناءه بينما القائمون عليه يتفرجون في بلاهة دون أن يدركوا أن الانهيار سيطولهم عاجلا أم آجلا.. ولن يحميهم جلوسهم فوق القمة بينما القاع يفتته الفساد.!
ألف رحمة ونور على عبد الحميد شتا، وعلى كل عبد الحميد شتا.. وألف رحمة ونور على أيام كانت مصر تفخر بأنها تملك أعرق برلمانات المنطقة.. وعلى أيام كان العمل العام تطوع وتكليف.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بص.. شوف العصفورة!
- أعذر من أنذر!
- ارفع رأسك .. أنت سعودي!
- -كرسي في الكلوب-.. أو،عندما ينقلب السحر على الساحر
- الطفلة التي فضحتهم!
- -بهية- هذا الزمان!
- الدكتور محمد.. وأصحاب المولد!
- أزهي عصور الفساد
- متلازمة -الغباء المصاحب للكرسي-
- مولد.. وصاحبه غايب
- متى يعلنون الحداد العام؟
- كرامتنا.. يا أصحاب الكرامات
- دعوها تشربه!
- فقع المرارة.. في ثقافة ركوب العبارة
- إنهم يسرقون التاريخ
- الحركة الطلابية المصرية.. أمس واليوم
- -الضنا- الغالي
- غزة قبل عشر سنوات
- مثلما النسمة من بردى!
- رحلة لأسوان


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إكرام يوسف - ألف رحمة ونور!