أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مهدي بندق - حوار مع الشاعر المفكر مهدي بندق - أجراه وائل السمري















المزيد.....


حوار مع الشاعر المفكر مهدي بندق - أجراه وائل السمري


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 2485 - 2008 / 12 / 4 - 01:28
المحور: مقابلات و حوارات
    


وائل السمري يحاور الشاعر المفكر مهدي بندق

مقدمة

باحث ومسرحي وشاعر، حاصل على جائزة الدولة في الأدب المسرحي ، وعلى نوط الإمتياز من الطبقة الأولى . يهتم منذ أمد بعيد بتأصيل الفكر المصري، ومحاولا ً الإجابة عن السؤال الأخطر : ما الذي أدى بنا إلى هذا الحال الذي نتنافس فيه على لقب الأسوأ دائما، وليس الأسوأ فقط بل الأفقر، والأفسد والأجهل وكل "أفعل" تفضيل سلبي في المجتمع العالمي..
• هو مهدي بندق المسرحي الذي صدر له 15 مسرحية، والشاعر الذي صدر له ثمانية دواوين، والباحث الذي صدر له ستة كتب تنظيرية ونقدية، هي الدين والفن، المسرح وتحولات العقل العربي، تفكيك الثقافة العربية، حداثتنا المحاصرة، سيسيولوجيا المسرح الشعري، كثيرا ما يفاجئ قرائه بآرائه الصادمة، إلا أن في غالبا ما يعتمد على الروح العلمية المدعمة بالأسانيد والبراهين والدلائل، وكانت آخر أطروحات هذا الباحث هو "كتاب البلطة والسنبلة" الصادر عن دار تحديات ثقافية، وفيه يفتش في جذور المجتمع المصري مستنتجا أنه يرجع إلى أصول ليبية ونوبية وحبشية، ولا يعود بأي حال من الأحوال إلى العرب أو الفراعنة، وهذا الطرح الجديد صدم الكثيرين، ولهذا كان لنا معه هذا الحوار الذي رحب به واشترط أن يكون حوارا يحمل طابع الكتابة المشتركة [ عنوان كتابه الأحدث الصادر عن الهيئة العامة للكتاب ] فكان له ما أراد .


وائل السمري:
• في كتاب البلطة والسنبلة تتناول مشكلة "انتماء مصر" وبالتالي انتماء شعبها، ما الذي دفعك إلى تأليف هذا الكتاب؟
- الإجابة متضمنة في سؤالك ، لكي أتناول مشكلة الانتماء . فهي مشكلة أنطولوجية بالدرجة الأولي ، وليس ينفع في حلها الخضوع للأيدلوجيات التي هي في رأيي وعي زائف ، تفرضه علي الناس نخب لها مصالح ، ومن هنا يأتي استبدالها كلما حلت نخب جديدة محل النخب المهزومة ، وهذا بالضبط ما يفسر إطلاق صفة الفراعنة علي المصريين مثلا ، فهل كان المصريون جميعا في ذلك العصر البعيد يقطنون البيت الكبير ؟! كذلك حين تسمي مصر الفاطمية ، أوالأيوبية ، أو الملوكية..أوحتى القبطية أو الإسلامية ، فالمنطق يقضي بجواز نسبة الجزء للكل والخاص للعام وليس العكس .
• لدي معلومات أن هذا الكتاب كان من المقرر له ان يطبع على نفقة المجلس الأعلى للثقافة، لكنك سحبته من المطبعة ثم قمت بطباعته على نفقتك، لماذا ؟

- الذي حدث بدأ باعتراض عمال المطابع الأميرية على بعض فقرات الكتاب [ سلطة الغوغاء التي صادرها الراحل د. سمير سرحان ] وحدث تاليا ً أن الأستاذ حلمي النمنم مدير التحرير والنشر بالمجلس سألني عما إذا كان ممكنا ً تعديل هذه الفقرات درءا ً لمشاكل قد تتحول إلي استجوابات في مجلس الشعب ، فكانت إجابتي له وللدكتور عماد أبوغازي أنني لا أرضى – بصفتي عضوا في المجلس – أن أتسبب في أية مضايقة تطال " بيتي " وعليه قمت ، مختارا ً بسحب الكتاب .
• تدعو في الكتاب إلى استقلال اللهجة المصرية "العامية" وقلت إنها لغة كاملة لها قواعدها المنفصلة، ألا ترى أن هناك تناقضا بين دعواك هذه وبين كتابتك للكتاب باللغة العربية الفصحى، أوليس من باب اولى أن تكتب بالعامية؟

- أولا ً العامية المصرية ليست لهجة انحدرت من ُصلب اللغة العربية . المصرية لغة كاملة الأوصاف ، يستخدمها حتى كبار الأدباء والمفكرين في حياتهم اليومية، للتواصل مع شعبهم وذويهم الأقربين ، لكن التواصل وظيفة من وظائف اللغة ، وثمة وظيفة أخرى لها هي تمثـّل ُ العالم Cosmo Representation تختص به الفلسفة ومجالات العلوم الطبيعية والإنسانية ، جراء فرض العربية فرضا ً على المصريين منذ عهد مروان بن عبد الملك عام 87 هـ . ومن هنا بدأت عوامل الإتلاف للغة المصرية حتى صارت اليوم عاجزة تماما عن " تمثــّل " التجريد فكرأ ورياضيات وفيزياء ...الخ وما ينطبق على لغتي المصرية My Mother Tongue ينطبق على صاحبها ، فمن بين مسرحياتي كلها لم أكتب بالعامية سوي واحدة [ غيط العنب 1882] وأنه لأمر محزن حقا ً أن تغترب عن لغة أسلافك الحقيقيين . لقد هاجمني كاتب " ماركسي " هو الدكتور مأمون البسيوني " بمقال عنوانه : لا مهدى بندق أكلها التاريخ . هو محق في قوله ، لكن هذا يشبه من يلوم " هاملت " لأنه أبدى الحزن على أبيه . فهل كان المطلوب أن يقدم أوراق اعتماده كابن مطيع لزوج أمه ؟!
-
• تدعو إلى قطيعة معرفية بين المصري المعاصر وماضيه، وتراثه، وإلى التخلص من بقايا التراث الفرعوني والعربي، فإذا تخلى المصري عن كل هذا ماذا سيكون؟

- سيكون مبدعا لمصيره ، مختارا ً لمستقبله الذي هو صوب البحر ، وليس وراءه في الصحراء ذات الجدب .
• رمزت إلى وداعة المصري وطيبته بـ"السنبلة" وقلت إن هذه السنبلة الوديعة تبدلت إلى "بلطة" عنيفة قاسية فهل يصح أن يكون شعبا بأكمله "سنبلة" ثم أليس هذا توصيفا ً "شاعريا ً" لا يتناسب مع صرامة ومنهجية البحث، ثم أليس التطور سمة مهمة من سمات التاريخ؟
- ليكن توصيفي شعريا ً . أي عيب في هذا ؟ الشعرية أحد مناهج البحث العلمي حاليا مع تدفقات فكر ما بعد الحداثة ، المعرفة الإنسانية كل متكامل Complementary فالإنسان لا يقسم إلي مناطق جغرافية منفصلة . ولكنك محق في انتقادي لتعميمي حكم الوداعة على المصريين . غير أن عذري هو أنني كنت مضطرا ً للجوء للمنهج الاستقرائي ، والاستقراء كما تعلم به عوار شأنه شأن كل جهد بشري ، وراجع كارل بوبر على سبيل المثال لا الحصر.
-
• اعتبرت الحضارة "كلا واحدا" ألا يقضي هذا الاعتبار على خصوصية الانتاج الحضاري لكل شعب او أقليم، وهل تعتقد أن الحضارة الفرعونية تلاشت تماما؟

- هذا سؤال شديد الالتباس ، وأنا ألفتُ هنا إلى أن الحضارة يتم قبولها بسرعة ، مثلا لا أحد في عالمنا العربي يتأبي على منجزات الحضارة الغربية ، بل يتسابق الجميع للحاق بها . ربما أنت تقصد الثقافة . وفي هذه الحالة لابد من القول بأن الحضارة الفرعونية بآلياتها المادية ، وكذلك الحضارة الصينية القديمة ، والحضارة العربية الإسلامية قد تلاشت جميعا ً إذ حل محلها نسق الحضارة الأوربية منذ القرن السادس عشر الميلادي . هل يمكن لأحد أن يعتمد في العلاج على طب ابن سينا ؟ هل يبني العرب مصانعهم بعلم الحيل [ بداية الميكانيكا ] ؟ وهل يسقي المصريون حقولهم اليوم بالشادوف ، أو يخزنون المياه وراء القناطر المنفصلة ؟ أم يشيدون سدا ً عاليا ً وينشئون بحيرة عظمي صناعية ؟
• هل يمكن أن نقول إن "الجغرافيا" هي صاحبة الحضارة؟

- الجغرافيا إحدى معطيات الطبيعة ، وكانت فيما مضى ذات أثر كبير في مسألة العمران – بمصطلح ابن خلدون – اليوم حلت محلها الجيبوليتيكا أي الجغرافيا السياسية ، فالبشر يخططون اليوم لتعمير ، ليس القطب الشمالي والقطب الجنوبي ،والصحاري فحسب ، بل وأيضا أعماق البحار ، وهناك من يشتري أراضي على سطح القمر . صيغة السؤال يا صاحبي وائل السمري يشي بأن ثقافتنا العربية تحول دوننا والتفكير فيما هو غير مألوف ، كأن الكون في نظرنا ثابت لا يتغير ،
ثقافتنا العربية تنتمي لزينون الإيلي ، وترفض الأعتراف بهرقليطس .
• قلت إن الحضارة الفرعونية توقفت عن الإنتاج منذ الأسرة 18، وإن الحضارة الإسلامية توقفت عند القرن 11 الميلادي، ما المعيار الذي تستند إليه لتحدد هذا التوقف، ثم أليست إسهامات الدولة المملوكية في مجال العمارة التي أنشأت بعد القرن 11 تعد من أهم منجزات الحضارة الإسلامية ؟

- كل هذا صار قي ذمة التاريخ ‘ لكن ذلك لا يعني محو أهميته في تطوير الحضارة الإنسانية . لا شئ يأتي من لاشئ ، كما يقول شكسبير ، الحضارة هي كل ما بناه البشر ، والأمة التي تحمل شعلة الحضارة لاغرو تسلمتها من أمة سابقة عليها . وعليه فلقد كتبت في " البلطة والسنبلة " أحذر من مشاعر الإتضاع من جانبنا ونحن نعيش عصر محاقنا، إنما علينا أن نبادر بالعـَدو خلف حاملي الشعلة ، عسى ننجح يوما في الإمساك بها بين أيدينا . لكن ذلك لن يحدث أبدا ً إن نحن مكثنا قاعدين ننافح بالقول : لقد كنا نحن البادئين ، أو قائلين بعناد : إننا خير أمة عرفها التاريخ! ذلك ما دعا مفكرا ً موضوعيا هوعبد الله العروي للقول : إن العرب مجرد ظاهرة صوتية .



• قلت أن فكرة عودة البشر جميعا إلى آدم وحواء مجرد أسطورة، ألم يؤرقك أنك تتكلم في حقل معرفي شديد الخصوصية وأنت غير متخصص فيه؟

- كلانا أنت وأنا غير متخصص في علم الإحاثة أو في الإنثروبولوجي ، ومع ذلك فلقد قرأنا " أصل الأنواع " لداروين ، بجانب أبحاث مورجان ، وماك لينان،وكوفاليفسكي ، ومالينوفسكي ، وكلود ليفي ستروس ، تلك الأبحاث الموثقة علميا . فهل ترانا بعد ُ نقبل نظرية الأسقف آشر التي تقول أن أول إنسان ظهر علي الأرض ظهر عام 4004 ق. م اعتمادا ً على إحصاء أعمار الأجيال الوارد أسماؤها في التوراة رجوعا ً من ميلاد يسوع إلى آدم ، مرورا ً بنوح ومتوشلح وشيت ؟ ولو صحت نظرية آشر هذا ، فهل ننزع صفة البشر عن المصريين القدماء ، والصينيين وغيرهم ، ممن أسسوا الحضارات الزراعية في العصر الحجري ، وتركوا علامات لا تــُكذّب لعشرة آلاف سنة قبل الميلاد ؟ ودع عنك إنسان كرو – مانيون ، الذي ظهر على الأرض منذ ثلاثين ألف عام ، ذلك الذي أثبت تشريح بقاياه أنه كان إنسانا عاقلا Homo-Sapiens بمعنى الكلمة .

• هناك بعض المفكرين ـ مثل د. حسن حنفى يحاولون التصالح مع الرأي العام والتاريخ الإسلامي، في ضوء طرحك الجديد كيف ترى هذا الدور؟

- التلفيقية Eclecticism – وهي ليست سبة بل منهج – تحاول أن تجمع بين موضوعين متعارضين بغرض التوفيق بينهما ..بيد أن هذا المنهج لا يصلح للتطبيق علي موضوعي ْ الدين والعلم ، فالتوفيق الحق Real Syncretism يقتضي النقد في الطرفين . . والعلم يقبل النقض ، بل والتخطئة Falsification أما الدين فلا . وكل محاولة في هذا الاتجاه مصيرها الرفض . الصديق حسن حنفي نفسه تعرض للتكفير بسبب محاولته تلك ، ومن قبله صديقنا نصر حامد أبو زيد ، وحتى المفكر الإسلامي عبد الصبور شاهين الذي قاد حملة تكفير نصر سقوه من نفس الكأس عندما حاول التوفيق بين رؤية الكتاب المقدس لخلق الإنسان، وبين حقائق الإنثروبولوجيا القاطعة الدلالة .

• شننت هجوما حادا على المفكرين القبطيين ميلاد حنا وجمال أسعد، وغيرهما من الكتاب الأقباط واتهمتهم بالرياء السياسي وقلت إن تسكينهم للمجتمع بالآراء التصالحية التي يطرحونها ستتسبب في زيادة التدخل الخارجي ـ أمريكا وإسرائيل ـ ولأنها لا تعالج المشاكل من جذورها ستؤدي حتما إلى حرب أهلية، ألا يحتمل هذا الكلام تضخيما مبالغا ً فيه؟


- التحذير من الأخطار المحتملة واجب على كل مصري ، مسلما ً كان أم غير مسلم , وميلاد حنا اختار الرقم سبعة [ المقدس ] ليقدم ما زعم أنه رؤية علمية لهوية مصر، فألبسها ثياب الفراعنة ثم الفرس والإغريق فالرومان ، ثم أردية المسيحيين – فعمائم العرب المسلمين ، وأخيرا ً بذ لات العلمانيين الأوربيين [ كرنفال أزياء ! ] لقد نسب هذا الرجل بلاده لجميع الأجناس والملل ، ونسي أن ينسبها لنفسها : مصر المصرية . لكن هذا التسامح المبتذل سرعان ما تبخر بمجرد أن شعر باحتمال وصول الأخوان إلى السلطة ، فإذا به يصرخ ملتاعا : لو حدث هذا فلسوف يهاجر كل أقباط مصر بعيدا ! فأين إذن هذا التصريح من قوله في شاشات التليفزيون : المسلمون سكر وعسل! بالطبع وصول القوى الدينية للسلطة سوف يفتح أبواب جحيم الحرب الأهلية. وإغلاق هذا الباب الجهنمي ، لا يتم بغير المواجهة الفكرية والثقافية . الدولة نفسها لا تصلح لهذه المواجهة ، وإنما يصلح لها المجتمع حين يستبدل بثقافته الحالية الوهابية الطراز ، ثقافة الديمقراطية القائمة على مبادئ حقوق الإنسان .. وهذه مهمة المثقفين. إذا تخلوا عنها فهم محض خونة .

• هناك من المفكرين ـ فوزي منصورـ من قال إن العرب سيخرجون من التاريخ، إلى أي مدى توافق هذا الرأي وإذا كنت توافقه كيف تتوقع شكل هذا الخروج؟

- هو مخطئ لا شك في قوله . فالعرب خرجوا بالفعل من التاريخ ، منذ ارتضوا دور المفعول به المنصوب ، لا دور الفاعل المرفوع بالقدرة على التجدد . وهاهي ذي القوى الإمبريالية الكبرى [ اسمها الحركي : العولمة ] تخطط لخروجهم أيضا من الجغرافيا

• هناك من المفكرين من يحاول أن يتبرأ من الهوية العربية، ومن ثم يلجأ إلى اعتبار مصر فرعونية، كيف ترى هذا الحل؟

- كالمستجير من الرمضاء بالنار

• في مسرحية لك قلت الملك الفرعوني "تيتي" كان البروفة الأولى للزعيم جمال عبد الناصر، لكن تبعه " كل من بيبي الأول ، فـ " بيبي الثاني"، ثم عصور الفوضى والاضمحلال، فإذا اعتبرنا أن تيتي هو عبد الناصر وبيبي الأول السادات، والثاني "مبارك" هل ترى قياسا على هذا أننا مشرفون على عصر الفوضى الكبرى؟

- شواهد الحال تقول هذا ، ولكنني ما زلت آملا ً في يقظة تستجيب لتحديات العصر

• برأيك ماذا ورثنا من الدولة الفرعونية؟

- ثقافة الإذعان للدولة ، تقديس الحاكم ، الانصياع لإغراءات وتخويفات الكهنة .

• ما بين استبداد الفرعون، والاحتلال الخارجي تراوح تاريخ المصريين، هل ترى أن الوضع الآن تغير؟

- أراه كما وصفته أنت في مقدمتك لهذا الحوار . لكن ذلك مرشح للتغيير حين تتسلم القوى الديمقراطية مسئوليتها عن حاضر الوطن ومستقبله .

• هل يمكننا أن نعتبر مقتل الفيلسوفة هيباثيا على يد أحد الأقباط بداية لتجزر العنف الأصولي المصري؟

- لقد أجبتُ على هذا السؤال بمسرحيتي الشعرية " مقتل هيباشيا الجميلة " وبالمناسبة أنا لا أحب استخدام لفظة " هيباثيا " فنحن لدينا الحق في تعديل النطق حسب تكويننا الفونولوجي .. نحن نقول الإسكندر وليس إلكسندر، كذلك لا نقول الإمبراطور كونستانتس بل قسطنطين . تسألني وأين هي مسرحية "مقتل هيباشيا الجميلة " أقول سل الهيئة العامة للكتاب التي لا أدري ماذا تنتظر لتعيد طبعها ؟ هل تنتظر موتي؟! ولم لا فأنا أشعر باقتراب الأجل .. ولست مستاء لذلك ، لأنني حين ألاقي ربي فلسوف أشكو إليه ، وهو العادل الحكيم ، ما جنته البيروقراطية على ّ وعلي بلادي ،
وأشكو إليه أيضا ً صديقيّ الكبيرين : جابر عصفور وصلاح فضل ، لأسباب يعرفانها جيدا ً ، وإن كان ذلك لا يعكر علي محبتي لهما ، واعتزازي بإنجازهما المعرفي الرائع .

• قلت إن أقباط مصر أسلموا خوفا من عنف العرب، وإن المصريين دخلوا إلى المسيحية لقربها من العقائد الفرعونية، ألهذا الحد يعتبر الشعب المصري فاقد الهوية مسلوب الإرادة؟

- الشعب المصري ُسلبت إرادته منذ ودع عصر ما قبل الأسرات ، فلقد سحقته الدولة الطبقية ذات الطابع الشمولي ، فبات فريسة سهلة لكل من غلب ، بحد تعبير الفاتح العربي عمرو بن العاص

• هل يمكن أن نصنف حالة التنافس والتناحر بين مصر والسعودية بأنها سلسلة متتباعة بدأت منذ احتلال الهكسوس واستمرت بعد ذلك إلى أن تجلت في حروب محمد على ضد الوهابيين، ثم حرب اليمن التي فيها قطعت بين "ناصر" و"آل سعود" واستمرت إلى الآن من خلال تصدير الفكر الوهابي للمجتمع المصري؟

- لقد صنفتها أنت بسؤالك هذا ، فالعلاقة المتوترة تلك هي تنويعة على اللحن الأساسي للصراع بين الأمم والثقافات : ثقافة البيداء بالضد على ثقافة الماء . أما اللحن الأساسي فهو صراع البشر على الثروة السلطة .

• هناك مقولات تحاول إثبات عروبة مصر على أساس العرق وأخرى على أساس الدين، وثالثة على أساس اللغة، ورابعة على أساس هجرة القبائل العربية إبان الفتح الإسلامي، وخامسة بناء على فترة المد القومي في الستينات، كيف ترى هذه الأساسات؟

- كل هذا مجرد مماحكات يدفع إليها " العشم " في أموال النفط ، والخوف من الغوغاء . حاول أن تتخيل المنظومة الحجازية والخليجية بغير" البترودولار" ، هل كان للمصريين أو السوريين مثلا أن ينصتوا لكلمة واحدة تأتي من هذه المناطق ؟ وهل كان الشعب المصري قابلا ً للتأثر بدعاوى النقاب والحجاب واطلاق اللحى وارتداء الجلابيب البيضاء القصيرة ، والقبوع في الجوامع ، بديلا ً عن العمل والإنتاج ، و مقاربة العلم نظريا وتجريبيا ، وصولا ً إلي الاكتشافات و الاختراعات ...الخ؟




• العالم النفسي أحمد عكاشة يقول في إحدى دراساته الحديثة إن "تجديد الانتماء لا يمكن إلا باستيعاب فكرة الهوية واحترام الانتماء إلى الثقافة العربية والإسلامية " فما رأيك في هذا الطرح؟

- كأنني لم أسمع .

• برأيك ما الذي أدي إلى نزوع الفكر المصري نحو العنف وهل عنف المصريين الآن هو "اختراع عربي لا غش فيه" كما قلت ؟

- هو إضافة نوعية لعنف إنسان الغاب,

• صدَّرت الفصل الرابع من كتاب " البلطة والسنبلة " باقتباس من إحدى مسرحياتك قلت فيه " وستعمل دولتنا من أجل الشعب على ضرب خصوم الشعب ومن ينزل خندقهم/ بل وستضرب حتى الشعب إذا نزل إلى خندقهم/ إن عميت عيناه فلم يعرف مصلحته" ألا تعتبر هذه المقولة إعادة إنتاج للمقولة الدكتاتورية " علمهم الديمقراطية حتى لو اضطررت إلى قتلهم جميعا"

- طبعا ً ، فالديموقراطية اختيار شعب أن يكون سيد مصيره ، والمسرحية التي تشير إليها كانت نقدا ً راديكاليا للتجربة السوفيتية وللتجربة الناصرية في آن .

• من حين إلى آخر تشن هجوما حادا على ثورة يوليو وقد يستنتج البعض أن هذا الهجوم بسبب ميل ضباط الثورة إلى بث روح القومية العربية، فهل هذا صحيح؟

- ما يسمي بثورة يوليو ما هو إلا انقلاب عسكري ، أجبرته الظروف أن يرتدي قناع الثورة , ولك أن تنظر اليوم إلي حال البلاد وتتخيل بديله لو كان حزب الأغلبية "الوفد " قد تسلم السلطة بعد انتخابات حرة ونزيهة .

• قلت أن الدولة محاصرة والإخوان محاصرون واللبراليين محاصرون، والمرأة محاصرة والشعب كذلك، ترى كيف يكون السبيل للتخلص من هذا الحصار؟

-السبيل الوحيد هو الديمقراطية

• أسهبت في الحديث عن فكرة المخلص في الثقافة الشرقية، فما تاريخ توغل هذه الفكرة، وما أثرها وكيف يمكن التخلص منها؟

- عصر الأساطير أساسها ، واستلاب الشعوب ماديا ً وعقليا ً علة ُ استتبابها ، وأما الأثر فسلبي بشكل مروع ، ولا سبيل للتخلص منها إلا بنشر ثقافة الحداثة . وذلك رهن تغيير أنماط الإنتاج ، ولعل البداية تأسيس الرئيس مبارك والرئيس الفرنسي ساركوزي ما سمي باتحاد المتوسط ، فهذا هو السبيل الأوحد للخروج من نفقنا المظلم .



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفكيك ضرورة حياتية للعالم العربي
- قراءة يسارية في أزمة الرأسمالية العالمية
- سقوط امبراطورية اليانكي
- التعديلات الدستورية القادمة في مصر
- تفكيك الثقافة العربية بين المفكرين والمؤرخين الجدد 2
- تفكيك الثقافة العربية بين المفكرين والمؤرخين الجدد 1/2
- هيا بنا نتفلسف x هيا بنا نغيّر العالم
- ثقافة الإرهاب الفكريّ : الجذور والثمار
- كتاب البلطة والسنبلة - نقد النقد
- مستقبل مصر ليس وراءها في الصحراء ، بل أمامها صوب البحر
- كيف يعرقل المثقف التقليدى مسيرة الديمقراطية
- هل هو محتوم أن ينجح النموذج الأيرلندي ويخفق لبنان العربي؟
- بيروت : طائر الفينيق أسطورة العصر
- ماذا أحجم حزب الله عن إعلان الجمهورية الإسلامية في لبنان؟
- الفاشيون قادمون إلي لبنان وغيره
- هل الفلسطينيون قادرون علي تجاوز عبثية الحياة ؟
- النقد الذاتي وسيلة المصريين لتخطي محنتهم التاريخية
- اليسار العربى في مفترق طرق
- كيف تصبح مصر دولة ثقافة ؟
- إعدام الراهب سافونا رولا : شفرة دافنشى الحقيقية


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مهدي بندق - حوار مع الشاعر المفكر مهدي بندق - أجراه وائل السمري