أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - بعث -المجتمع-!














المزيد.....

بعث -المجتمع-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2485 - 2008 / 12 / 4 - 09:58
المحور: المجتمع المدني
    


عندما نتحدَّث عن المرأة، وفي "يوم المرأة العالمي" على وجه الخصوص، لا يفوتنا ترديد عبارة التعزية الشهيرة "المرأة نصف المجتمع"؛ ولكننا لو أنصفنا الحقيقة (فلا إنصاف للمرأة ما لم ننصف الحقيقة) لقلنا إنَّ المرأة ليست بنصف المجتمع إلاَّ من الوجهة الكمية والعددية الصرف، فهي من الوجهة الاجتماعية والسياسية والقانونية والحقوقية.. ليست إلاَّ "أقلية".

وعلى النسق ذاته، نتحدث عن "المجتمع" نفسه، فـ "المجتمع" إنَّما هو "الكل".. هو الأكبر من كل مكوِّناته وعناصره ومشتقاته؛ هو الأكبر من الدولة والحكومة والطبقات والطوائف والأحزاب والنقابات.. هو، ومن وجهة نظر حسابية، "حاصل جَمْع" أفراده.

أمَّا لو أنصفنا الحقيقة لقلنا إنَّ "المجتمع"، والمجتمع عندنا على وجه الخصوص، ليس إلاَّ "أقلية" سياسية وقانونية وحقوقية، فأضعف القوى في مجتمعنا هي مجتمعنا ذاته. إنَّه، والحق يُقال، "المهدي الحقيقي" الذي لم يخرج من سردابه بعد.

وأحسب أنَّ خير مقياس نقيس به درجة التطوُّر الديمقراطي للمجتمع هو "الجماعية"، التي نردِّد في أمرها، وفي أمر أهميتها وضرورتها، قولان: "الاتحاد قوَّة"، و"فرِّق تَسُدْ".

وإذا ما أردنا لـ "الجماعية"، ثقافةً وعملاً ونشاطاً ومهمةً وهدفاً، أن تنشأ وتنمو وتتطوَّر.. وتسود، فلا بدَّ لنا أوَّلاً من تمييزها من "الحزبية السياسية (والفكرية)"، أي من الحياة السياسية التي تقوم على "الأحزاب"، فـ "الأحزاب" في مجتمعنا هي كالظلال التي فقدت أجسامها، أو كعظام رميم.

وضآلة وجودها لا تعني أنَّ مجتمعنا في دورة من "الكساد الحزبي"، فلو أنَّ بضاعة ما، تلبِّي حاجة ما، تضاءل كثيراً عرضها في السوق لرأينا الطلب عليها يقوى ويشتد، فيرتفع، بالتالي، سعرها. أمَّا لو كانت البضاعة ذاتها غير مستوفية لشرط "تلبية حاجة ما" لرأينا تضاؤل المعروض منها يقترن بتراجع الطلب عليها، وبانهيار سعرها، وصولاً إلى دركه الأسفل، أي إلى رفض المُسْتَهْلِك الحصول عليها ولو بلا ثمن؛ والأحزاب عندنا هي كهذه البضاعة.

إحياء "المجتمع" عندنا، أو النفخ في جسده من روح الديمقراطية، لن يبدأ، ويجب ألاَّ يبدأ، من "الأحزاب" التي لدينا الآن، فالموتى، وإنْ ظلَّ لهم سلطان (وسلطان قوي) على الأحياء، لن يتمكَّنوا أبداً من الإتيان بمعجزة "الإحياء".

البداية إنَّما تكون من المجتمع ذاته، فأوَّل حقٍّ ينبغي للمجتمع التمتُّع به، وممارسته، هو "الحق في التنظيم الذاتي المستقل"، والذي (أي هذا التنظيم) يتَّخِذ من "المهنة" مبتدءاً له، ومنطلقاً وأساسا.

و"المصلحة المشترَكة" هي التي يجب أن تكون قوام "التنظيم الذاتي المستقل"، فالعاملون في أي مكان، في أي شركة أو مؤسسة.. عامة أو خاصة، ينبغي لهم، ويحق، أن ينظِّموا أنفسهم بأنفسهم، ومن أجل أنفسهم (أي من أجل مصالحهم المشترَكة) في المقام الأوَّل، فـ "أهل مكة أدرى بشعابها"، و"الاتحاد قوَّة"، وسياسة "فرِّق تَسُدْ" يجب أن تُنْبَذ وتُحارَب.

إنَّ "الطوباوية" بعينها أنْ ندعو إلى غرس "الجماعية" في مجتمعنا في غير تربة "المصلحة (الحقيقية الواقعية لا الوهمية)"، فعالمنا وتاريخنا محكوم بـ "نزاع المصالح"؛ ولقد حان لضحايا الأوهام المثالية، وهم الغالبية العظمى من البشر، أن يتمثَّلوا تجربتهم المرَّة، في درسها التاريخي الأوَّل، وهو "مَنْ يجهل مصلحته لا يمكنه أبداً الدفاع عنها".

وهذا "التنظيم الذاتي (المهني) المستقل" لا يمتُّ بصلة لا إلى "الأحزاب السياسية"، ولا إلى "النقابات المهنية"، فـ "الحزبية" و"النقابية" عندنا ما عادتا، منذ زمن طويل، بأداة صالحة للتغيير، وغدتا جزءاً لا يتجزأ من قوى الإعاقة والتعطيل والفساد.

الأخذ بـ "الجماعية"، ثقافةً وعملاً ونشاطاً، سيُنْتِج أوَّل ما يُنْتِج تلك الظاهرة التي تعرفها المجتمعات في الغرب.. ظاهرة "جماعات الضغط"، و"جماعات المصالح الخاصة".

إنَّ كل جماعة يجمع أفرادها (بدءاً من ثلاثة أفراد) مصلحة أو مصالح معيَّنة، ينبغي لها، ويحق، أن تنتظم ذاتياً وديمقراطياً، من أجل الدفاع عن مصالحها المشترَكة، وفي مقدَّمها "المصلحة المهنية"، التي يكمن فيها "الحق في الدفاع عن الوجود المعيشي".

"المصالح (المهنية والمعيشية) المشترَكة" يمكن ويجب أن تكون، بدايةً، في نطاقها أو حيِّزها الاجتماعي الأضيق، أي في شركة أو مؤسسة ما؛ ولكنها ستسير حتماً في مسار صاعد، فهذا النطاق أو الحيِّز سيتَّسع في استمرار، وسنرى، بالتالي، عشرات، فمئات، فآلاف، الأفراد ممَّن تجمعهم مصالح مشترَكة ينظِّمون أنفسهم بأنفسهم، ومن أجل أنفسهم في المقام الأوَّل.

واحسب أنَّ "الجماعية"، التي تقوم على المصالح المشترَكة لأفراد معيَّنين، ستكتسب مزيداً من الوزن والأهمية والتأثير بفضل تقدُّم وارتقاء وسائل الاتِّصال، فكل جماعة منظَّمة تنظيماً ذاتياً مستقلاً تستطيع أن تؤسِّس لها موقعاً على شبكة "الإنترنت"، تدافع عبره عن ذاتها ومصالحها ومطالبها وقضاياها.. إعلامياً.

ويكفي أن تزدهر هذه "الجماعية" في مجتمعنا، وتكثر وتتكاثر "جماعات الضغط" و"جماعات المصالح الخاصة"، حتى تتهيَّأ "بنية تحتية" حقيقية لحياة حزبية سياسية جديدة، فالأحزاب السياسية (والفكرية) الجديدة يمكن عندئذٍ أن تنشأ، وأن تضرب لها جذوراً عميقة في تلك الجماعات، وأن تصبح بالتالي كهيئة أركان أصبح لها جيشاً.

إنَّ إحياء المجتمع مع التأسيس لحياة حزبية سياسية حقيقية، يمكن ويجب أن يبدأ من إقرار وضمان حق كل جماعة (من ثلاثة أفراد وصاعداً) في أن تنظِّم نفسها بنفسها، دفاعاً عمِّا يجمع أفرادها من مصالح حقيقية واقعية ملموسة.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوش إذ تقمَّص حكمة الفلاسفة!
- نحن المسؤولين عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية!
- اتفاقية تؤسِّس للبقاء وليس للرحيل!
- اتفاقية تنهي الاحتلال بإنهاء العراق!
- الشارني وموسم ازدهار المنجمين!
- الشفافيَّة!
- فلسطينيو -توتسي- وفلسطينيو -هوتو-!
- قصة الولايات المتحدة مع النفط المستورَد!
- -الرئيس- الذي يصنعونه الآن من أوباما المنتخَب!
- سرُّ أوباما!
- فاز أوباما.. وظهر المهدي!
- نظام الرواتب يحتاج إلى إصلاح!
- بوش يتوعَّد العراق ب -القاعدة-!
- النظرية الاقتصادية الإسلامية في حقيقتها الموضوعية!
- حملة غربية للسطو على السيولة العربية!
- -الاقتصاد السياسي الإسلامي-.. تجربة شخصية!
- ما وراء أكمة البوكمال!
- عندما نعى بولسون -الإمبراطورية الخضراء-!
- -الرأسمالية المُطْلَقة-.. بعد الموت وقبل الدفن!
- -الاقتصاد الافتراضي- Virtual Economy


المزيد.....




- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - بعث -المجتمع-!