أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عدنان الظاهر - مرارة في حلق التلفون















المزيد.....

مرارة في حلق التلفون


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2483 - 2008 / 12 / 2 - 08:13
المحور: كتابات ساخرة
    


(1)

ـ كيف حالكم يا أحبابي ؟
ـ بخير ، وأنتَ ؟
ـ ماشية أموري .
ـ هذا يسعدني .
ـ وكذلك يسعدني ... هل من أمل في مشروعِ زيارة من طرفكم لي ؟
ـ الأمل دوما ً موجود لكنه يتوقف عليكم .
ـ ماذا تقصدين ؟
ـ أقصد أني أريدها زيارة ً طويلة ً وليست زيارة قصيرة ً عابرة ً ... هل تفهمني ؟
ـ كيف لا أفهمك يا حبي ... كيف لا أفهمك وأنت جميلتي وزينتي وآلهتي البابلية ؟
ـ هل تقول هذا الكلام َ لغيري ؟
ـ أعوذ بالله ... كيف أقوله لغيركِ وأنتِ حبي الأوحد في هذا الزمان ؟ لا ... قطعا ً لا ... لم أقلْهُ لغيركِ وليس في نيّتي أنْ أقولَه ومن هي التي تستحقهُ سواكِ في الدنيا ؟
ـ هذا شئٌ جميلٌ ولكنْ سوف نرى .
ـ متى سترَينَ وماذا سَترينْ ؟
ـ سأفكر ُّ خلال شهرِ رمضانَ بهذا الأمر ثم َّ سأقررُ القرارَ الأخيرَ الخطيرَ فإما وإمِّا ، أنا اليومَ بين نارين ولا أقسى منهما غير البعد الذي طال دون أمل ملموس ٍ ولا حتى بصيص ضوء ٍ محسوس .
ـ معك يا حلوتي حقٌ ، معكِ كلُّ الحق ، أنا مقصِّرٌ بحقكِ كل التقصير ولكني سبق وأنْ بيّنتُ لك في مناسبات شتى سلفتْ طبيعة َ ظروفي وحين ألمحتِ لهذا الأمر أولَّ مرّة ٍ بيّنتُ لك أنَّ مصالحي هنا وأنَّ أهلي هنا وأنَّ جوازَ سفري من هذا البلد الأمين ففهمتِ أنتِ من كلامي هذا أنْ لا مِن مجالٍ للتفكير في لقاء ٍ محتمل ٍ وأنني لا أريدُ أصلاً هذا اللقاء فكانَ جوابي أني لم أقلْ بإستحالة اللقاء فالدنيا ما زالت مفتوحة ً أمامَنا والفرصُ كثيرة والمناسبات شتى فلا مكانَ لليأس والقنوط .
ـ حَسَنا ً ، ما الذي يمنعكَ من المجئ لتسوية موضوع حقوقك التقاعدية ؟
ـ ......
ـ لماذا سكتّ ؟
ـ ....
ـ هذا موضوعٌ طويلٌ شائك ٌ ومعقد ولا مجالَ لمناقشته في مكالمة تلفونية.
ـ إذا ً أنتَ مصرٌّ على أنْ لا تراني وأنْ لا تزورَ العراق .
ـ تنهدّتُ بعمق وحسرة ثم سمعتني أقول : ليتني أستطيعُ ذلك !
ـ لا ، بل قلْ لا تريدُ .
ـ لا أستطيعُ يا حبيبَ القلبِ والعمر ِ .
ـ إذا ً ساقفلُ أجهزتي خلالَ شهر رمضان وربما سأحاول أنْ أسمعَ صوتك بالتلفون بدل كتابة الرسائل التي لا من طائل ٍ وراءَها .
ـ شكراً جزيلاً ... سأنتظرُ مكالماتكِ التلفونية طالما أنَّ ظروفكِ الخاصة والعامة لا تسمحُ لكِ بإستقبال ِ مكالمات ٍ تلفونية ً من أناس ٍ مثلي .
ـ مع السلامة .

إنتهت المكالمة ولم ينتهِ الجدلُ حولَ مصيرِعلاقتنا ببعضنا فظلتْ زمنا ً طويلاً بين أخذ ورد ٍّ وشد ٍّ وإرتخاءٍ ، بين يأس ٍ ورجاءٍ فأين الخطأ ؟ فيَّ ومعي وأنا لم أزلْ كما أنا وكما كنتُ شديدَ الوضوح ِ عالي النبراتِ فيما يخصُّ إستثنائية ظروفي وتعقيدها ؟ لم أُخفِ عنها وعليها شيئاً على الإطلاق منذ البداية حتى آخر لحظة . أم الخطأ فيها ومعها لأنها تعيش على الآمال وتعتاش منها زاداً في وحدتها القاسية ومسيرة حياتها الجديبة هناك وقد تقدمَّ العمرُ بها ؟ أشعرُ بالكثير من الأسى واللوعة أنَّ الأمرَ قد بلغ هذا الحدَّ ويعزُّ عليَّ أنْ أتركها وحيدة ً دون أن تشعر بحبي وتعاطفي معها وحدبي وشغفي بها رغمَ كلِّ شئ . أحبّها وأتمناها وأرضاها كما هي ففيها سحرٌ خاص ٌ وتربيتها تربية خاصة بل وتربتها تربة خاصة . إذا قلت لها [ أحبكِ ] فإني أعني ما أقولُ . أريدُ أنْ أبقى لها ومعها وبأي وضعية ٍ وظرفٍ كان .
(2)

زادت مما في فمي وشفتيَّ من مرارة ٍ لا تطاقُ . الحنظلُ أهونُ منها . كيف يكونُ الجمال بهذه المرارة أحياناً ؟ كيف ينقلبُ العسلُ فجأة ً في أفواهِ الناس وتحت ظروف ٍ معينة ٍ إلى نقيضه ؟ كيف يهونُ جمالُ الوجهِ والعينين خاصة ً فينقلبُ النهارُ ليلا ً وتغدو الشمسُ ظلاماً ؟ هل أنا مَن يتغيرُ إحساسا ً ونظرة ً وتقبلا ً للظواهر الخارجية أمْ أنَّ الوجهَ الجميلَ والعينين الخضراوين الآسرتين هي التي تتغير أم أنَّ كلا الأمرين يحدثان سوية ً في آن ٍ واحد ٍ وظرف ٍ واحد ٍ لأنَّ الأسبابَ والمسبباتِ مشتركة ٌ يتقاسمها كلا الطرفين بالتساوي أو من غيرِ مساواة ٍ ؟ كانت وما زالتْ تطلبُ مني أنْ لا أتوقفَ عن كتابةِ الرسائل ِ لها سواءً إتصلتْ بي أو لم تتصلْ ... كتبتْ أم لم تكتبْ فأذعنتُ لطلبها وإمتثلتُ لإرادتها وسارت أمورنا هكذا كما ترومُ هي وكنتُ منسجماً مع هذه الشغلة الجديدة وهذه القسمة الضيزى فالدنيا حظوظ ٌ وقد تختلف ُ حظوظي في الدنيا عن حظوظِ غيري وما عليَّ إلا القبول . وكانت أمسية ولا كباقي الأماسي . كنتُ أحسُبها وحيدة ً معتكفة ً منعزلة ً حتى فاجأتني أنَّ لها جملة ً من الأصدقاء بعضهم كالفيلسوف وأحدهم فنان موسيقي وثالث شاعر ورابع مغرم ٌ صراحة ً ومعجب وخامس يكتب فيها غزلا ً مكشوفاً فيداعب نوازعَ وأحاسيسَ فيها خفية ً شديدة َالعمقِ كما قالت خلال تلك الأمسية .
سألتني هل أنا مَن أرسل لها ذلك الغزل ؟ بالطبع لستُ أنا . إنها تعرف عنواني وليس لي سواه . ثم إنها تعرف جيداً أسلوبي في الكتابة ولغتي التي أستخدم وفوق هذا وذاك أني لا أكتب ألفاظا ً في الجنس ( البورنو ) من طبيعة ذاك الذي وصلها من ذلك المعجب . وكانت ثمة مفاجأة كبيرة أخرى إذ ْ كتبتْ تقول إنها شديدة الإعتزاز بنفسها وإنها تقدِّسُ إستقلاليتها حتى إنها لا تعتبرُ زوجها الحالي الرجلَ الأخيرَ في حياتها وما كان الأول ... فالدنيا تتحركُ وتتغير !! هل حقاً تتحرك الدنيا ويتحركُ البشرُ بهذا الشكل ؟ ثم َّ ... ماذا قالت في حوارية تلكم الأمسية المتميّزة ؟ قالت إنها لا تثقُ بالرجالِ وإنها تعرفُ ألاعيبهم وخداعهم وأساليبهم في المراوغة لإيقاع المرأة في حبائلهم أو أنْ يجعلوها تشتعلُ غَيرة ً من إمرأة ٍ أخرى يضعونها بإزائها وجها ً لوجه ٍ ... لذا فإنها تعتبرُ الرجالَ جميعا ً جنساً نجساً !! [ جنس × نجس ] ... نفس الأحرف فيا للمصادفة الغريبة : الرجالُ جنس ٌ نجس ٌ !! يا للمصادفات المنفلتة في حياتنا المعاصرة . كيف يتلفظُ الجمالُ النادرُ مثل هذه الألفاظ وكيف تدور مثلُ هذه الخواطر ِ في رأسهِ المشتعل ِ تحتَ الشمس ِ بالذهب ؟ كيف سيثق ُ مثلي بأمثال ِ هذه الملكات ِ غير المتوَّجات ؟ كيف سأتذكرُ والدتي وحبيباتي الأوليات المخلصات ؟ أزاحت ْ مرارة ُ هذه الأمسية مرارة َ الحديث التلفوني السابق وأنستني إياه من فرط ِ تركيز ومتانة قوام مرارة حديثِ الليلة وما صاحبها من مكاتبات ٍ سريعة ٍ قصيرة ٍ شديدةِ التأثير في الفكر والحواس . بمن تثقُ يا رجل ُ ، بمن ستثق ُ بعد اليوم يا رجلُ ؟
لم أنمْ تلك الليلة . جملة ( الرجال جنس ٌ نجس ٌ ) ظلتْ تدق ُّ مساميرَها في رأسي المتعب فبقيتُ لا كالنائم ولا كالصاحي وهذه أصعب حالة تأتي الإنسان َ المتعبَ ليلاً . من أينَ تأتي الرجلَ النجاسة ُ وهو أخُ الأنثى من أبيهما آدم وأمهما حواء ؟ تهيأ لي إنها قالت : جاءتْ النجاسة ُ الرجالَ منذ ُ أنْ قتلَ هابيلَ أخوه قابيلُ . إختفى صوتها الهامسُ الساحرُ فشرعتُ أمارسُ نوعا ً سخيفا ً من الفلسفة الكلامية وأتساءَلُ : ألا تعني هابيلُ ( الهبل َ أي المعتوه الأهبل ) وألا تعني قابيلُ ( القابلَ ذا القابلية ِ أي القوي المتمكن المقتدر ) ؟ إنتصر َ إذا ً أخٌ قوي ٌّ متمكنٌ على أخ ٍ معتوه ٍ أهبلَ وتلك إرادة ُالحياة وِفقَ قانون البقاء للأصلح أو للأقوى ... تنازع البقاء . هنا وفي هذه اللحظات ِ وجدتُ التفسيرَ والتطمينَ . إنها الجميلة ُ الساحرة ُ العينين على حق ٍّ في قولها إنَّ رجلها الحالي ما كانَ الأول ُ وسوف لن يكونَ الأخير.
إنها تبحث عن الأجمل والأفضل والأقوى ... إنها مع الحياة ِ ومع قانون تنازع البقاءِ والبقاءُ للأصلح !!
هل زالت مرارةُ فمك ؟ كلا ، إزدادت مرارة ً بعد أن خالطها أسى ً ولوعةٌ وذهولٌ .





#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النابحون وراء السراب ...
- سِن السقوط وسَنة السقوط
- إستحضار الأرواح
- سيدوري في براغ
- الخريف والشتاء
- توضيح وإعتذار / حول كتاب بشت آشان ...
- ثلاث فتيات ورجل واحد في براغ
- مع كتاب بشت آشان للدكتور كاظم الموسوي {1}
- أسماء الأعلام في الأغاني
- عودة ُ عشتار إلى عالم الأحياء
- ملاحظات حول كتاب الأستاذ جعفر حمّود الهجوّل
- مع فؤاد نمري مرة ً أخرى ...
- لي في بابلَ حبيبٌ ...
- عشتارُ البابلية ُ وجوليا الحمصية
- حول الإشتراكية والشيوعية / أسباب السقوط / اين كان العمال ؟
- الوالدة في معتقل الفاشيست
- قلقُ عشتارَ آلهة بابلَ
- ماذا جرى في بابل ؟
- مع بعض المتأمركين الجُدد ...
- حول مؤتمر هرتسيليا المثير للجدل


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عدنان الظاهر - مرارة في حلق التلفون