أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - خطوط النار من البلقان الى افغانستان، ومن جيورجيا الى فلسطين ولبنان: من سيصرخ اولا؟؛















المزيد.....

خطوط النار من البلقان الى افغانستان، ومن جيورجيا الى فلسطين ولبنان: من سيصرخ اولا؟؛


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2481 - 2008 / 11 / 30 - 00:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد هزيمة "السوفيات!!" في افغانستان، وانهيار المنظومة السوفياتية وتفكيك الاتحاد السوفياتي ذاته، طفت على السطح نظرية نهاية الحرب الباردة، و"نهاية التاريخ"، وعصر "القطب الاميركي الاوحد".
ولكن مجريات الاحداث العالمية تثبت ان ما سمي "الحرب الباردة" لا تزال على أشدها، الا انها غيرت اشكالها "الايديولوجية" فقط؛ فبدلا من شعار "معاداة الشيوعية" حلت مرحليا شعارات "مكافحة الارهاب" و"الحرب الصليبية الجديدة" و"معاداة العرب والاسلام".
ويتضح اكثر فأكثر، وخلافا لما يدعي نبي الشؤم هنتنغتون حول "صراع الحضارات"، ان جوهر الصراع العالمي، او المحرك الرئيسي لهذا الصراع، هو المصالح الاقتصادية، بكل ما "يختبئ" خلفها من شعارات واهداف وخطط ستراتيجية وسياسية وثقافية ودينية الخ.
وخلافا لكل الاوهام التي انتجها انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، يتأكد يوما بعد يوم انه، وكما في المرحلة السابقة للحرب الباردة، فلا يزال القطبان الرئيسيان للسياسة الدولية برمتها هما اميركا وروسيا:
ـ اميركا، ذات الوجه "المسيحي الغربي" ـ اليهودي، والقيادة الانغلو/ساكسونية ـ اليهودية، الطامحة الى الهيمنة الآحادية على العالم بأسره.
ـ وروسيا، ذات الوجه المسيحي الشرقي، والقيادة القومية الروسية ـ المسيحية الشرقية، وذات النظام "الرأسمالي القومي الجديد!"، التي (بعد ان تحررت من القشور الايديولوجية "الاشتراكية!!" المزيفة للستالينية والنيوستالينية) تطمح الى الخروج من العزلة القطبية والانفتاح الندي على العالم اجمع.
وكما في السابق، ولكن الان بشكل اوضح بكثير، يتبين تماما عاملان رئيسيان في السياسة الدولية الراهنة:
الاول ـ ان الهدف الستراتيجي الاكبر لاميركا هو السيطرة على روسيا ذات الاراضي الشاسعة والثروات الهائلة، واستعمارها ونهبها. وبشكل ما تصبح اميركا "رهينة" لروسيا، بمعنى انها تصبح اسيرة نزعة السيطرة على روسيا واستعمارها. لأن الامبريالية العالمية قد استنفدت كل احتياطاتها في العالم، ولم يبق لها سوى استعمار روسيا، بخيراتها اللامتناهية، لانقاذ النظام الامبريالي والرأسمالي العالمي الجشع من الانهيار. وبذلك يصبح استعمار روسيا هو الشرط الاساسي لامكانية فرض الهيمنة الاميركية على العالم، ولانقاذ النظام الامبريالي الاميركي ـ الصهيوني من الانهيار والاختناق في تناقضاته "داخل بيته" بالذات.
والعامل الثاني ـ ان روسيا، التي فرضت عليها اوروبا الغربية (استطرادا: واميركا) العزلة منذ انشقاق الكنيسة الى شرقية وغربية في اواسط القرن الحادي عشر، لا تستطيع الخروج من عزلتها والانفتاح الندّي على العالم، الا بمواجهة ستراتيجية الهيمنة الاميركية ـ الصهيونية على العالم.
لقد مرت روسيا المعاصرة بـ"فترة تجريبية" وجيزة، في عهد غورباتشوف ويلتسين (1985ـ 1999): فمع القضاء على ما كان يسمى "الستار الحديدي" وتفكيك الاتحاد السوفياتي، تم فتح ابواب روسيا على مصاريعها امام الغرب (اميركا واوروبا الغربية والصهيونية العالمية)، على وهم ان يعامل الغرب روسيا على قدم المساواة كشريك ندّي. ولكن روسيا الدولة والشعب، الطبقة الرأسمالية الجديدة والجماهير العمالية والكادحة، ومختلف القوى والتيارات السياسية، اليمينية واليسارية، الدينية والقومية والعلمانية، بما فيها الموالية سابقا للغرب، وحتى المافيا الروسية ذاتها، اي: كل روسيا (باستثناء اليهود الصهاينة وقلة قليلة من النيوستالينيين الغورباتشوفيين الخونة)، اقتنعت بالتجربة ان ما يريده الغرب (بزعامة اميركا و"يهودها") من روسيا، هو فقط ما قاله هتلر يوما "السلاف هم عبيدنا"، اي: التطبيق الحرفي لمنطوق القاموس اللغوي الغربي (اي جميع اللغات المشتقة من اللاتينية القديمة) الذي يقول ان كلمة “slave” تعني "عبد" او "أمَة"؛ وهذه الكلمة مأخوذة من او معطوفة على جذر واحد مع كلمة(slav) (= سلافي)؛ في حين ان كلمة „слава” (slava =) باللغات السلافية تعني "المجد" او "العظمة"، وتسمية „славянин” (slavianin =) وترجمتها "سلافي" تعني حرفيا "المجيد" او "العظيم". والروس، بالمفرد وبالجمع، يسمون انفسهم الى اليوم "الروسي العظيم"، و"الروس العظام" (فيليكوروس =(великорус = velikorus كترجمة شبه حرفية لتعبير "سلافي" (= славянин (slav = باللغة السلافية القديمة. ولكن الغرب الامبريالي، ومنذ ايام "روما"، ينظر الى هؤلاء "الروس العظام" بأنهم ليسوا اكثر من “slaves” اي: عبيد (اخوة سبارتاكوس، اي: السبارطي، اي ابن مدينة سبارطة، السلافياني، الذي ترتبط باسمه ثورة العبيد في روما في 71 ق.م. وكان غالبية العبيد الثوار مع سبارتاكوس سلافيين، وبعد القيام بثورتهم كانوا يتجهون للعودة الى بلادهم في البلقان وما بعده). وطبعا ان الشعب الروسي، الذي كانت اولى انجازاته عند تأسيس دولته في القرن العاشر هو تحطيم مملكة الخزر اليهودية الاستعمارية التوسعية، والذي رفض الانضمام الى الحروب الصليبية وترك الصليبيين يسحقون تحت سنابك خيول صلاح الدين، والذي حطم بعد ذلك التتار والمغول، وحطم نابوليون، وحطم العثمانيين، وحطم القيصرية الروسية ذاتها التي كانت طوال قرون "فزاعة اوروبا"، واخيرا لا آخرا حطم الهتلرية وسحقها في عقر دارها؛ ـ ان هذا الشعب العظيم لن يرضى بأن يعامل، على ايدي الحثالة الامبريالية ـ الصهيونية المعاصرة، كدولة عبيد وكشعب عبيد.
وبعد انقضاء الفترة الغورباتشوفية ـ اليلتسنية، وفقدان اميركا (ويهودها) الامل بتخريب روسيا والسيطرة عليها من الداخل، بدأت مرحلة تطويق روسيا وخنقها من الخارج. ولا يمكن فهم السياسة الدولية الاميركية بدون اخذ هذا العامل بعين الاعتبار، باعتباره المحرك الرئيسي للسياسة الدولية الاميركية في الامد التاريخي المنظور.
في النصف الثاني من القرن العشرين، ولاجل تطويق روسيا عسكريا، أنشأت اميركا "حلف الدفاع المشترك" و"حلف المعاهدة المركزية" و"حلف بغداد" و"الحلف الاسلامي"، تحت شعارات "مكافحة الشيوعية" و"رفع راية الاسلام".
وفي مطلع القرن الواحد والعشرين، وتحديدا بعد احداث ايلول 2001، قلبت اميركا الاسطوانة، فوضعت "في المستودع" شعار "مكافحة الشيوعية"، ورفعت مكانه شعار "مكافحة الارهاب العربي والاسلامي". ولكن ـ مع كل الاختلاف الشكلي بين الشعارين ـ فإن الهدف الابعد والاساسي يبقى هو نفسه: تطويق روسيا ستراتيجيا، وخصوصا عسكريا، في الجناح الافرو ـ آسيوي اولا، ثم اوروبيا ودوليا. والان تنتشر الاساطيل والجيوش الاميركية و"الحلف ـ اطلسية" من حوض البحر الابيض المتوسط حتى بحر الصين، ومن البحر الاسود حتى المحيط المتجمد الشمالي. وقد استخدمت الستراتيجية الاميركية الشعارات التضليلية المتناقضة: "مع الاسلام!" و"ضد الاسلام!":
ـ فمن اجل محاربة "النفوذ الروسي" فجرت اميركا الحرب الظالمة ضد الشعب الصربي المظلوم، وتم تمزيق يوغوسلافيا السابقة ثم تمزيق صربيا نفسها بالتعاون مع "الاسلاميين!!" المزيفين؛
ـ وبحجة "مكافحة الارهاب الاسلامي" اقامت اميركا خطا ناريا ملتهبا ـ ضد روسيا في الرأس والاساس ـ من فلسطين المحتلة حتى افغانستان، مرورا بلبنان والعراق وباكستان.
ولكن اميركا لم يعد بمقدورها ان تقوم "بنزهات" في هذه البلدان الملتهبة، كما اعتادت فيما مضى ان تقوم بنزهات عسكرية في بعض بلدان اميركا اللاتينية، التي كانت تسمى "جمهوريات الموز". وشيئا فشيئا، امام المقاومة الباسلة للشعوب العربية والاسلامية المظلومة، فإن اميركا تضطر لأن تمزق بيديها القذرتين، الملطختين بدماء العرب والمسلمين، الشعارات "الاسلامية!!!" التي رفعتها هي نفسها في القرن الماضي، بدءا من "الحلف الاسلامي" وانتهاءا بـ"الجهاد الاسلامي!!!" في افغانستان وكوسوفو والشيشان. إذ ان العمى السياسي يدفعها ـ اي اميركا ـ كي تقع في تناقض لا يستقيم مع ابسط اشكال المنطق: فهي تريد ان تحارب "الكفار المسيحيين"، الصرب والروس، باسم "الاسلام!!"، وفي الوقت نفسه أن تحارب الفلسطينيين والعرب والمسلمين باسم "المسيحية!!" المتصهينة.
ولكن روسيا لا تقف طبعا مكتوفة الايدي، امام الهجمة الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية، وهي تتحرك على خطين:
1 ـ تقوم روسيا بفتح الخطوط على جميع القوى المعادية، او غير المؤيدة تماما للسياسة الاميركية، حتى لو كانت تلك القوى "معادية للشيوعية" او ـ استطرادا ـ "معادية لروسيا" في السابق. وتقوم خصوصا بمد القوى المعادية لاميركا بالسلاح وبغيره من اشكال المساعدات. وهي لا تمانع بمد من يريد ويستطيع، بالاسلحة المتطورة كالصواريخ الستراتيجية وبالقدرات المتقدمة كانتاج الطاقة النووية وصولا الى القنبلة الذرية ذاتها اذا اقتضى الامر.
2 ـ وفي وقت كانت فيه، ولا زالت، اميركا وحليفتها الستراتيجية اسرائيل غارقتين في مستنقع الاحتلال ومواجهة الاحتلال في افغانستان والعراق وفلسطين ولبنان؛ وفي وقت تغرق فيه اميركا في ازمتها الاقتصادية الخانقة، فإن روسيا تتحرك بقوة وفعالية على الجبهة الاقتصادية الستراتيجية، مستغلة جغرافيتها الاوراسية، فعملت على اقرار وتمويل مشاريع الطاقة الضخمة، كمشاريع مد انابيب النفط والغاز من آسيا الوسطى ومن سيبيريا الى اوروبا، عبر الاراضي الروسية وبحر البلطيق والبحر الاسود وبلغاريا وصربيا واليونان، الى اوروبا الغربية. كما شرعت في بناء مفاعلات نووية حديثة جديدة في بلغاريا ولاحقا في غيرها، لانتاج الطاقة الكهربائية الرخيصة. (وهذا ما سبق واشرنا اليه في حينه في التعقيب على زيارة بوتين لبلغاريا في النصف الثاني من كانون الثاني 2008). وهذا كله يسحب البساط من تحت ارجل الستراتيجية الاميركية ليس في اوروبا الشرقية فقط، بل وفي آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين والبحر الاسود وفي اوروبا كلها وفي العالم بأسره. وقد وجد ذلك انعكاسه، بالاضافة الى عوامل اخرى، في الانهيار العالمي لسعر صرف الدولار، وفي الارتفاع غير المسبوق لاسعار النفط، واخيرا لا آخرا في انهيار قطاع الاسهم العقارية ومن ثم بداية الانهيارات البنكية في اميركا. وهذا ما جعل هيمنة الشركات الاميركية على نفط الشرق الاوسط عبئا على السياسة الاميركية وليس عاملا مساعدا لها.
ولكن اميركا (ومعها اذنابها وحلفاؤها) تحركت ايضا بقوة وبسرعة لتطويق التحرك الروسي، وخصوصا التمدد الروسي في اوروبا الشرقية، ومنها الى اوروبا الغربية. وتحت هذا العنوان يمكن ادراج تحرك الجيش التركي ضد قوات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وتدخل تركيا (بالايحاء من اميركا) للقيام بـ"الوساطة" بين سوريا واسرائيل، من اجل تقليص التقارب الايراني ـ السوري، ومحاولة عزل المقاومة بقيادة حزب الله في لبنان. ولكن اخطر ما قامت به اميركا في المرحلة الاخيرة، هو تحريك الجبهتين الراكدتين في يوغوسلافيا وفي القوقاز ورسم "خط نار" جديد من جيورجيا الى كوسوفو. حيث جرى ما يلي:
ـ1ـ اعلان استقلال كوسوفو، بما يتناقض مع اتفاقية دايتون ذاتها (التي وافقت عليها اميركا في حينه)، والتي تنص على بقاء كوسوفو كمنطقة ذات حكم ذاتي ضمن اطار جمهورية صربيا. وهو ما كان يحظى بدعم القيادة الكوسوفية السابقة، بزعامة القائد الكوسوفي التاريخي المعتدل ابرهيم روغوفا رحمه الله. ولكن روغوفا توفي ـ كالعادة ـ بصورة غامضة، كي يحل محله عميل المخابرات الاميركية والمافيوز هاشم تاجي، الذي ينفذ السياسة الاميركية بحذافيرها.
ـ2ـ اعتقال رادوفان كارادجيتش رئيس جمهورية صرب البوسنه السابق، ليس من اجل نصب قوس العدالة (وهو آخر ما يهم اميركا)، بل من اجل نكء الجراح وتوتير الاجواء تمهيدا لتفجير الاوضاع من جديد.
ـ3ـ تحريك البوشناق المسلمين والكروات الكاثوليك في البوسنه والهرسك، من جديد، ضد جمهورية صرب البوسنه، وتوجيه التهديدات بالقتل ضد ميلوراد دوديك رئيس وزراء جمهورية صرب البوسنه، وتوجيه التهديدات بالقضاء على هذه الجمهورية الاوتونومية ضمن دولة البوسنه والهرسك، خلافا لما تنص عليه ايضا اتفاقية دايتون.
ـ4ـ تحريك النزاع بين السلطة المركزية (العميلة لاميركا) في جيورجيا وبين اقليم اوسيتيا الجنوبية الذي كان يطالب بالانفصال عن جيورجيا ويحظى بالتعاطف من قبل روسيا، ودفع جيورجيا لاكتساح اوسيتيا الجنوبية، في تحد سافر لروسيا دفعها للرد الحازم والسريع.
والهدف من تحريك هذه الصراعات القومية ـ الدينية في القوقاز والبلقان هو توريط روسيا، ومحاصرتها، وافشال المشاريع الاقتصادية الستراتيجية المتعلقة بالطاقة التي كانت قد شرعت بها.
وبطبيعة الحال ان روسيا لن تقف مكتوفة الايدي، اذا ما جرى اي تدخل عسكري خارجي (اميركي واطلسي) ضد حلفائها التاريخيين، وعلى حدودها المباشرة، في البلقان والقوقاز. وهذا ما اكده التحرك الروسي الحازم في جيورجيا.
ويبدو الان بوضوح ان تحريك هذه النزاعات لن يكون بالامر السهل على اميركا وحلفائها، في المرحلة الروسية (البوتينية) الراهنة، التي تختلف اختلافا جذريا عن المرحلة "الغورباتشوفية ـ اليلتسنية" حينما جرى تمزيق يوغوسلافيا السابقة. فروسيا، حتى لو لم تتدخل تدخلا عسكريا مباشرا، فهي لن تترك حلفاءها التاريخيين لقمة سائغة لاميركا وعملائها (في الماضي الابعد قاتل الصربيون الى جانب الروس ضد العثمانيين، وضد نابوليون، وفي الماضي القريب قاتلوا ببسالة متناهية وقدموا نصف مليون شهيد ضد هتلر، وهذا ما يجعلهم، استنادا الى التعداد السكاني، ثاني شعب، بعد الروس، يقدم اكبر عدد نسبيا من الضحايا في الصراع ضد الهتلرية). ومن غير المنطقي ان تترك روسيا حلفاءها بدون تقديم المساعدة لهم بوجه الهجمة الاميركية التي تستهدف في النهاية روسيا ذاتها.
واكثر من ذلك: ان تحريك هذه النزاعات سينقلب عاجلا او آجلا وبالا على اميركا، تماما مثل تدخلها في افغانستان والعراق. حيث سيصبح الوجود العسكري الاميركي والاطلسي "ورطة الزامية" لا تستطيع اميركا التخلص منها، وهو ما ستستغله روسيا.
ذلك ان حساب موازين القوى المحلية، في افغانستان والعراق مثلا، هو في غير صالح عملاء اميركا. فاذا انسحبت اميركا والاطلسي من افغانستان، فإن عملاء اميركا لا يصمدون فيها 24 ساعة. واذا انسحبت اميركا والاطلسي من العراق، فإن البشمركه الكردية، وكل "البشمركات" التركمانية والشيعية والسنية العميلة لاميركا، لن تستطيع الصمود في العراق اكثر من اسبوع او شهر بأسوأ الاحتمالات، وهي ستسحق سحقا حتى العظم على ايدي الوطنيين العراقيين من كل الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية والاتنية؛ وهذا ما اكدته الاتفاقية الاميركية ـ العراقية الاخيرة، حيث ان عملاء اميركا اصبحوا اكثر تمسكا بالاحتلال الاميركي من الادارة الاميركية ذاتها، وذلك من اجل حمايتهم من غضب الشعب العراقي الذي حولوا حياته الى جحيم لا يطاق. وحينما ينسحب الاميركيون من العراق، عاجلا ام آجلا، فلا مفر للبشمركات العميلة سوى اللجوء الى تركيا، التي ـ لاثبات ولاء هذه البشمركات ـ ستستخدمها اسوأ استخدام في القتال ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا، وللسيطرة على شمال العراق ولاقتطاع اجزاء من سوريا ووضعها تحت الجزمة التركية (العثمانية ـ الاسلامية!!) الجديدة.
والشيء ذاته يقال عن يوغوسلافيا السابقة اذا انسحبت القوات الاميركية والاطلسية؛ فإن عصابات المافيا الالبانية والبوسنية والكرواتية لن تستطيع الصمود اياما في وجه الشعب الصربي الابي والحركة الوطنية والتقدمية في كوسوفو والبوسنه وكرواتيا والبانيا. وبالمثل عن جيورجيا والقوقاز.
اما اذا ركبت اميركا رأسها وقررت النزول بجيوشها وجيوش الاطلسي في البلقان والقوقاز، فإنهما ستستثيران كل أشجان الحروب الصليبية والعثمانية والنابوليونية والهتلرية ضد روسيا وشعوب اوروبا الشرقية، ولن يكون مصيرهما أفضل من مصير بني عثمان والنازيين الالمان.
انها "الحرب الباردة"، من جديد، الموضوعة على مرجل ناري. واميركا وروسيا تضعان ايديهما الان في "الماء العكر" الذي يزداد سخونة يوما عن يوم، الى درجة الغليان. فمن ستحترق يده ويصرخ ويسحب يده اولا؟
لا يستطيع احد ان يقدم جوابا جاهزا بالتأكيد.
ولكن ما يمكن تأكيده، من خلال التجربة التاريخية كلها، ان ارادة الشعوب المناضلة هي التي تنتصر في الحساب الاخير!ـ
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
* كاتب لبناني مستقل






#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اميركا فتحت ابواب الحرب الباردة على مصاريعها، فهل تستطيع اغل ...
- فؤاد النمري: حلقة -مستورة- بين المعلوم والمجهول..
- اميركا والكابوس الصاروخي الروسي
- فؤاد النمري: ماركسي مزيف وستاليني حقيقي
- الازمة المالية العالمية: الكانيبالية الامبريالية العالمية وع ...
- لينين، على الاقل كإنسان، يستأهل كشف وادانة قتلته!!
- اميركا بعد 11 ايلول 2001
- دولة -اسلامية- في كوسوفو بدلا من دولة -عربية- في فلسطين!!؛
- ثورة اكتوبر: المنارة الاكبر في تاريخ البشرية!
- نشر الصواريخ الاميركية في بولونيا: اميركا تخسر المعركة قبل ا ...
- العقوبات ضد روسيا: سلاح معكوس
- كرة الثلج... من القوقاز... الى أين؟
- الصراع الاوروبي الاميركي على جيورجيا والمصير المحسوم لسآكاش ...
- روسيا واميركا: الحرب السرية الضارية
- اميركا تتلقى لطمة جديدة(!!) من اذربيجان
- جيورجيا: -حرب صغيرة-... وأبعاد جيوبوليتيكية كبيرة!!
- الامن العالمي و؛؛الامن القومي الاميركي؛؛
- جورجيا: قبضة الخنجر الاميركي الصهيوني التركي في خاصرة روسي ...
- وروسيا تخرق -اتفاقية يالطا- وتمد -حدودها- الى حدود اميركا
- -عملية باربروسا- الاميركية: وهذه المرة سينقلب السحر على السا ...


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - خطوط النار من البلقان الى افغانستان، ومن جيورجيا الى فلسطين ولبنان: من سيصرخ اولا؟؛