أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - أنتِ جميعُ أسبابي!














المزيد.....

أنتِ جميعُ أسبابي!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2483 - 2008 / 12 / 2 - 08:15
المحور: سيرة ذاتية
    


افرضْ أن لصّين قد ارتكبا جريمة معا. وبعدما ألقى القبض عليهما، تم استجوابهما، كلّ على حدة. المحققُ يغري كلا منهما أن يشي بالآخر ليتحوّلَ إلى شاهد، فتُخفّف عقوبتُه وتتضاعفُ لدى الآخر. "إذا اعترفتَ، ولم يعترف هو، تحسّن وضعُك في القضية بوصفك شاهدا ومعترِفًا، أما إذا صمتَّ واعترفَ هو ستضيعُ، ويكسب هو! لذا فالخيار الأفضل لكَ هو أن تشي بزميلك." هكذا سيقول المحقق لكل منهما على انفراد. الأفضلُ للبوليس، ولتحقيق العدالة، أن يعترف المجرمان، ولكن الأفضل للمجرميْن أن ينكرا الجُرمَ كلاهما، والأفضل لكل منهما على حدة، أن يعترفَ هو، وينكر الآخر، والكارثة بالنسبة لأحدهما، أن ينكرَ هو، ويعترف الآخر! المعترِف يُسجن عاما، والمنكِر يُسجن أربعًا. وإذا اعترف الاثنان ينال كلٌّ منهما سنواتٍ ثلاثًا، بينما إذا أنكرا معًا ينالان عامين لكلٍّ منهما. ولذا فالأفضل للسجينين أن يلتقيا ويتشاورا ويتفقا على الإنكار معا. لكنْ مَن يدريك أن أحدهما لن يخون فينكرُ، بعدما يكون الآخر قد اعترف؟ تلك تُسمي: "ورطة السجين" Prisoner Dilemma.
هذه الأحجية الطريفة هي ملخّص واحدة من أهم وأعقد النظريات الرياضية التي وضعها عالمُ الفيزياء الأمريكي جون ناش، الحائز نوبل الاقتصاد عام 1994. والذي نُسج حول حياته واحدٌ من أهم الأفلام الأمريكية هو "عقلٌ جميل" Beautiful Mind الذي حصد أربع جوائز أوسكار.
"نظرية اللعبة"، Game Theory كانت رسالة الدكتوراه التي قدمها وعمره اثنان وعشرون عاما، وعلّها الأصغرُ بين رسائل الدكتوراه في الوجود؛ إذ بلغ عدد صفحاتها 27 فقط! اتكأ ناش في بناء نظريته على علميْ التفاضل والتكامل ونظرية الاحتمالات. وحين تم الانتباه لأهميتها، بعد عقود من تقديمها، اِتُخذَتْ قاعدةً أساسية لاستراتيجيات التجارة والتسويق والمنافسة بين المؤسسات. والفكرة ببساطة أن اختيارات مؤسسة ما، تتأثر رأسا باختيارات المؤسسة المنافسة. تماما مثل مثال السجناء السابق. ولذا فالأفضلُ دائما أن تتشاور المؤسساتُ فيما بينها، وتختار ما يتفق وصالحها معا، وصالح السوق والمستهلك، إن أمكن.
ورغم عبقريته التي شهد بها علماءُ كبارٌ، أو ربما بسبب تلك العبقرية، فقد ضربَ فُصامُ البارانويا عقلَه الألِقَ في بداية شبابه وظلَّ يعاني منه حتى الآن. يسمع أصواتا، ويرى أخطارًا لا وجود لها إلا في عقله. فأمعن في الهروب إلى الأرقام، التي أحبها أكثر من البشر، قائلا: "الأرقام لا تخونُ ولا تكذب ويمكن توقعها وحسابها بالمعادلات، بينما البشر مستحيلٌ أن تصلَ لصيغةٍ محددة للتعامل معهم على نحو لا يخطئ." عرفته المصحّاتُ العقلية والنفسية التي قضى سنواتٍ طوالا من عمره بينها، لكن زوجته الجميلة "إليشا" كانت دائما هناك لمؤازرته وامتصاص أزماته.
ورغم كل إنجازات هذا العقل الجميل، إلا أن الأجملَ بين كل ما قدّم هو الجملةُ الأخيرة من خطبته على منصّة الأكاديمية الملكية السويدية أثناء تسلمه جائزة نوبل: "بعد كل هذا العمر مع الأرقام عثرتُ على أهمِّ وأخطر اكتشافٍ في الوجود. إنه يكمن في المعادلة الأسطورية التي اسمُها "الحُب". حيث يتوارى المنطقُ وترتبكُ الأرقام، وحيث لا يمكن العثورُ على أية معادلات حسابية. أنا هنا الآن بسببكِ أنتِ يا إليشا. أنت السببُ فيما أحصل عليه الآن. أنتِ، جميعُ أسبابي."






#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلسة المختلس
- العصافيرُ ستدخلُ الجنة
- يا مولانا رفقا بالصبيّ!
- انظرْ أمامَك بغضب
- الجميلة بحق!
- تلصّصٌ على بيتِ شاعر
- فنجان نسكافيه لكل متهم
- تعالوا نركب عَجَل!
- شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!
- اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - أنتِ جميعُ أسبابي!