أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - خلسة المختلس














المزيد.....

خلسة المختلس


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2485 - 2008 / 12 / 4 - 09:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل الكتابةُ فنٌّ؟ طبعا، لكن ليس كثيرا. هل القراءةُ فنٌّ؟ أعظمُ الفنون وأمتعُها. ثمة قارئٌ يقرأ النصَّ، أدبيا كان أو فلسفيا أو علميا، فلا ينالُ إلا معلومةً هنا وفكرةً هناك. تلك قراءةُ الموتى. وثمة قارئٌ يعرفُ كيف يجعلُ كلَّ كلمةٍ يقرأها مُلهِمةً وفاتحةَ دربٍ ومِفصلَ طريق. متعةً، لا عقليةً وروحيةً، بل فيزيقية أيضا. تلك قراءةُ الفنِّ، أو فنُّ القراءة. جرّبْ أن تقرأ وكأنك تتلصص على الكاتب وهو في لحظة انتشاء عُليا. فالكاتبُ حين يكتبُ قصيدةً أو قصةً أو حتى أطروحةً فلسفية، لا شك يكون في لحظة نشوة. وأنتَ حين تقرأه تحصدُ متعتيْن، لا واحدة. متعةُ إعمالِ العقل، ومتعةُ مراقبة إنسان يتمتع. كأنك تمسكُ مِشرطا وتُشرِّحُ مخَّه. لتتلصّصَ على خِزانته فتفتحَ أدراجها السريّةَ وتختلسَ النظرَ لأشيائه. أيّة متعة! أحيانا تفوقُ المتعةُ مقدرتَك على تحمّلها، فتترك الكتابَ وتنهض لتتمشى في الغرفة حتى تتزن، ثم تعاود القراءة. لا شك الأمرُ يعتمد بالأساس على المادة المكتوبة وعلى كاتبها، فبعضُ إبداع كافكا وزوسكيند وبودلير وفوكنر، وحتى من الكلاسيكيين مثل بوشكين وتشيكوف تجعلك تتوقف عدة مرات أثناء القراءة وتنظر إلى السقف حتى توقفَ سيلَ المتعة التي تضربك من هنا وهناك وأنت غيرُ قادر على استيعابها بنفس سرعة ضربها لك! تتوقف. لتمنحَ نفسك زمنا يسمح لعقلك بامتصاص الجمال واستقطاره قطرةً قطرة. قصصُ إبراهيم أصلان، حتى القصيرة منها، لم أقدر أبدا على قراءتها دفعةً واحدة. لابد أن أنهض مرةً أو مرتين لألتقط أنفاسي دقائقَ وأمرّر الوقت في أشياءَ تافهةٍ، مثل عمل كوب شاي أو النظر من الشرفة أو حتى تأمل كفّ يدي في بلاهة. ليس صحيحا، كما يشاع، أن النصَّ الممتع يجعلك تركضُ في القراءة وتلهثُ وراء الصفحات. ربما ينطبق هذا على النصِّ المثير، وليس الممتع. مثل الروايات البوليسية أو تلك التي تتلاحق أحداثُها في تتابع وتراكم حتى تصل إلى ذروة النص، ثم النهاية. أنت تقرأ سريعا لأنك تريد أن تعرف ماذا سيفعل البطل، وليس لأن النصَّ جميلٌ فنيًّا. ذاك أن كثيرا من فرائد الأدب لا يحمل أية أحداث أو حبكة. رواياتُ فرجينيا وولف وجيمس جويس، ومسرحياتُ هارولد بنتر وصمويل بيكيت، وقصصُ أصلان لا تحملُ أحداثا، بل لقطاتٍ فريدةً ولحظاتٍ وجوديةً لا تتكرر. تحمل، كما يقول الشاعر، رائحةَ الوردةِ وليس الوردةَ، تحملُ ابتسامةَ الطفلِ، وليس الطفلَ، صوتَ خرير الماء، وليس الماء، تحمل الحُبَّ والحزنَ والفرح، وليس الحبيبَ والحزينَ والسعيد. أي تحملُ أثرَ الشيء وظلَّه، وليس الشيءَ نفسه. هي نصوصٌ لا تجعلك تفهم، فليس هذا وظيفةَ النص الأدبي، بل هي تزيدك حيرةً وسؤالا وهَمًّا! ذلك هو إعجازُها. النقصُ والكمال معا. الوجعُ واللذةُ معا؟ هل يجتمعان؟ نعم. شيء يشبه الضرسَ الموجوعَ الذي نضغط عليه ليزدادَ الوجعُ وتزداد اللذةُ بالوجع. يقول رولان بارت في كتابه "لذة النص": "إن فرنسيًّا من أصل اثنين لا يقرأ، وهذا يعني أن نصف فرنسا محرومة من لذة النص." لكن إحصاءات الأمم المتحدة تقول إن الفردَ العربيّ يقرأ "ربع صفحة" سنويا!!! يا إلهي! لماذا وكيف سمحنا لأنفسنا أن نضحي بلذّة كبرى اسمها "القراءة"؟






#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصافيرُ ستدخلُ الجنة
- يا مولانا رفقا بالصبيّ!
- انظرْ أمامَك بغضب
- الجميلة بحق!
- تلصّصٌ على بيتِ شاعر
- فنجان نسكافيه لكل متهم
- تعالوا نركب عَجَل!
- شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!
- اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - خلسة المختلس