أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - جلال القصاب - شهرزاد.. هل شيءٌ زاد؟!















المزيد.....

شهرزاد.. هل شيءٌ زاد؟!


جلال القصاب

الحوار المتمدن-العدد: 2480 - 2008 / 11 / 29 - 07:04
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


في خضمّ تزايد الأرقام والإحصائيّات العالمية بنحوٍ مرعب بقضايا تهميش المرأة واضطهادها وسلب حقوقها الطبيعية، احتفى العالم باليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ المرأة (25 نوفمبر)، وستُحيي البحرين "يوم المرأة البحرينية" (1 ديسمبر)، فلعلّه من المجدي أن يُبادر المجلس الأعلى للمرأة واتّحادات ومؤسّسات مجتمعنا المدني النسائية الرائدة للاضطلاع برعاية فتيات خرّيجات وابتعاثهنّ على نفقتها الآن، ليتأهّلن مستقبلاً -بعيداً عن لوثات السياسة وأدران الطائفيّة- لمناصب قاضياتٍ شرعيّاتٍ ومدنيّات، وبرلمانيّات، ومحاميات، ونقابيات، وحقوقيّات، لأنّ الجانب التشريعيّ والحقوقي والقضائي والرقابيّ الضامن لحقوق المرأة يتبوّأه ويتسيّده اليوم الرجالُ حصرًا، كغيره من مناشط المجتمع والدولة ومرافقها، البدءُ بتمكين المرأة المتعلّمة بهذه المواقع لعله يأتي بالتغيير لها ولمجتمعاتنا..

في قصص "ألف ليلة وليلة"، "شهرزاد" جارية الملك "شهريار"، استطاعت -ليلةً بعد ليلة- تعطيل نيّة إعدامها بروايتها لقصصٍ مشوّقة لشهريار -كالحلقات التلفزيونية المتسلسلة الآن- فاستبْقاها لأنّها تُوفّر له "تسليةً مستدامة"!

شهرزاد (المرأة) بعد ألف سنة، لا يزال شهريارُها (الرجل المُتسلّط) "هو" مالكَها وآمرَها ومصيرُ حياتها بيده، و"هي" جاريته وخادمته ومادّة تسليته، "هذه" الكائن الأقرب منه للرحمة والخدمة والسلام مازال محكوماً عليها بالإعدام العاجل أو البطئ؛ إعدام دورها، طاقاتها، كفاءتها، إنسانيتها، كرامتها، تمكينها (توليتها)، إعدامها من شراكة وطنية حقيقية، إعدامها بتنميط دورها الإنساني الاجتماعيّ وحبسها للبيت والمخدع، وإعدامها بتنميط صورةٍ لها مهينة تعْرضها كسلعةٍ للمتَع الرخيصة، تُحرّرها من البيت لتجعلها خليعةَ الشارع؛ إعدامها حين ينتهكها "الرجال" جنسيًّا وجسدياًّ؛ كضحايا حروب إبادة وكلاجئات معارك يتمّ اغتصابهنّ، أو كمجرّد عابرات سبيلٍ عامٍّ يقعن عرضة للاختطاف، وفريسة لجرائم التحرّش والاعتداء؛ إعدامها "بسياحة جنسية" تحوّلها لآلاتِ إغراء، وبيوت دعارة، ورقيق أبيض، وراقصات أرداف، وبجعلها مشروعًا "شرعيّاً" للاستمتاع مثنى وثلاث ورباع، وللمناكح التمتّعية "الحلال"، إعدامها بجعلها حريمًا وجواري ومحظيّات وعشيقات وبغايا ودُمىً دعائية خالبة للعقول تقف كجسدٍ مائع خالية الشرف والكرامة إزاءَ كلّ سلعة جديدة يُراد تسويقها، بدئاً من العلكة وانتهاءً بالسيارات والطيارات، إعدامها بالاعتداء على الفتيات القُصَّر، وبتوظيفهنّ للبغاء، وبمنع تحديد سنٍّ قانونيّ لأهليّة زواجهنّ!

ضروبٌ متعدّدة من العنف الجسدي والنفسي والمعنوي -الرمزي والفاضح- بحقّ كرامتها وإنسانيّتها، لتظلّ سطحيةً عنوانُها الأنوثة ليُتاجَر بها، وجسداً فارغاً مزيّناً متعةً للتحديق، كببغاء ملوّن يردح في قفص ذهبيّ.

ما زالت "شهرزاد" -على نقيض نواميس السماء- أسيرةَ قسوةِ الرجل وعنفِه الأسَريّ، معرّضةً للحرمان من أطفالها، وللإخراج من بيتها وسلبها إيّاه، ولخسران مالها وعصارةِ عمرها، وبشقائها في ردهات المحاكم تُحاول ارتشاف قطرةٍ من سلامها وكرامتها، ما زالت موادُّ أحكام الأسرة غير مدوّنة ومقنّنة لضمان حقوقها، ويقف حفنةُ رجال قُساة باسم الشرع المقدَّس -صافّين ألفَ امرأة مُستعبداتٍ وراءهم- ضدّ تقنين حقوقها، ما زالت إجراءات التقاضي تعسفية ومُهينة وتنصر الرجلَ لتُعيدها كسيرةً أسيرةً إلى قبضته ليُمعِن في اعتصارها، ما زالت غير محترمة الحقوق ككائن مساوٍ للرجل وكشريك تامّ موثوق به، ما زالت "فِراشاً" "وفَرَّاشةً" للرجل غير العادل غير العالم إلا بنزواتِ ذاتِه، يأمرها بعدم الخروج فواجبُها إطاعتُه كإلهٍ العالمين، وإلا فعليها لعنةُ الملائكة ولعناتُ أهلِها وأهلِه ولعناتُه الشخصيّة الرعناء ولعنةُ أروقة المحاكم أيضاً!

هي إحدى أملاكه، يستطيع مُصادرة حرّيتها، بيتها، سيارتها، تليفونها، كمبيوترها، أسرارها، يستطيع أن يكون جلادها و"نمرودها" يُحييها ويميتها، فالشرع المزوّر أعطاه صولجانَ الإثم والعدوان، ونسب إلى أقدس فم مقولة "لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها"! فصدّقت البُعولُ لأنّه يُكرِّس ألوهيّتهم، وصدّقت النساء لأنهنّ الحلقة الأضعف، والصبر جميل!
في ذهن أكثر الرجال (أو كلّهم) -متديّنين أو متحرّرين- أنّهم "الأفضل" و"الأكثر تفوّقا" وذكاءً، هم الأمراء والوُلاة والسادةُ والقُضاة، وأنّ المرأة مهما بلغت فدرجةٌ ثانية أو آخرة، لأنّها الأضعف جسمًا وعقلاً، الذهنيّةُ الذكورية التي التفّتْ على منطق "الدين" لتلتفّ على المرأة، نسجتْ مرويات تحطّ المرأة للحضيض؛ وتُصيّرها كائناً أعوجاً لا يُقيمها إلا رجلٌ عاتيٌّ بشوارب أو بلحية!

نظرةٌ معوجّةٌ بائسة، منها تفرّعت كلّ مشاكل العالم، نعم كلّها، لأنّها أكبرُ تمييز وتوحّش عرفه البشر، أصابَ أولى لبنات الإنسانيّة بمقتل حين جعل علاقة زوجيْه قهريّةً، عنفيّة، استبداديّةً وظالمة، بدل علاقة الرحمة والسكن والمودّة والسلام والعدل والاعتراف بحقوق الشراكة، لو حلّ الرجل مشكلته مع المرأة لحلّ مشكلة الكرة الأرضية جميعاً، لذلك قال الأمين(ص): (ما أكرمهنّ إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم) و:(خيرُكم خيرُكم لأهله).
ثقافة حقوقيةٌ عريضة، لزامٌ أن تسود وتمسح الوسخ المخبوء بأدمغة الرجال، إن أردنا خير مجتمعاتنا والإنسانيّة قاطبة، ثقافة كرّرها نبي الإنسانية لكنّ أقوالَه تبخّرت بصدى الأقوال سُدى: "ما زال جبريلُ يوصيني بالنساء" وجبريل ما يزال يُوصينا نحن أكثرَ لكنْ لا مُستقبِلَ يُصغي، يُوصينا أكثر لإيغالنا في ظلمهنّ والتعدّي عليهنّ وسلبهنّ حقوقهنّ بأشدّ ضراوة.

النظرة الدونية تجاه المرأة هي نظرة غير "جبريليّة"، مادّتُها طبيعةُ الاستبداد وغريزةُ الاستئثار، وليس الحبّ والتضحية والعدل، دافعُها النفسانية "الأنانية" وليس الروحية "الغيرية"، أساسُها "حبّ الخير" لا "حبّ الغير"، هذه النظرة تثبت أنّ "الرجل" لمّا يتطوّر، وحافظ على قانون الغاب الذي لم يُغادره بعد، وما زال يتحكّم بدماغه القديم/الجديد وهو قانون "بقاء الأقوى"، بقاء شهريار، فهو وليّ المرأة ومالكُها، المُستمتع بها، المتصرّف بمالها، سيّد قرارها، الأعلم بمصلحتها، وبالتالي عليها أن "تسجد لزوجها" و"تلحس صديده" بحسب مرويّتيْن موضوعتيْن لتثبيت سرير "شهريار" على أربع "شهرزادات"!





#جلال_القصاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بومبو وتوكتو وبدرو
- الحكم لله أم لشريعة المتعاقدين-1؟
- أفغانستان وجورجيا وترقّبنا المهديّ


المزيد.....




- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - جلال القصاب - شهرزاد.. هل شيءٌ زاد؟!