أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - أحمد التاوتي - العنف ضد المرأة: من التباس المعنى الى تمييع النضال














المزيد.....

العنف ضد المرأة: من التباس المعنى الى تمييع النضال


أحمد التاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 2478 - 2008 / 11 / 27 - 10:09
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


قد يتشنج عقل السائق على فكرة تسوية المرآة للحظات بعد خروجه من موقعه و هو لا يدري في حيرة ماذا ينقص مقود السيارة.
المثال مخيف و غير ممتع بقدر خطورة الظرف حيث لا مجال للعب مع السهو أو الخطأ. مع أن الصورة نفسها ممتعة و ملهية و مؤانسة جدا و مجترة لأيامنا بخدر ناعم في مجال استهلاكنا لحياتنا الاجتماعية و السياسية فكرا و ممارسة. و أحسب بأن قضية المرأة عندنا ضحية هذا الاستئناس القاتل الرحيم.
هل يمكن أن نرتب الأولويات و الخطوات بدقة و حزم، فننهي مع المصطلحات إلى أخرى أدق بحدود انصراف مدلولاتها عنها. وننهي مع المفاهيم إلى أخرى أجدى بحدود تحول التاريخ عنها، تماما كما نفعل مع الأدوية منتهية الصلاحية؟..
برأيي أن الأمر ممكن.
من المعروف أن العنف كدال يستغرق مدلولات عديدة و متعددة و يصطبغ بمفاهيم متنقلة عبر أقاليم الفكر و تقلبات التاريخ. لا أشك بأن واحدة منها على الأقل ترتبط بالظروف التي مرت بها المرأة كشريك طبيعي فاجتماعي فسياسي للرجل.
بمرحلة أولى، الطبيعية، كانت قساوة الدنيا من حظ الأقوى بنيويا فقابلته المرأة بقوة المشاعر و الدفاع أو الهجوم بأدوات التفضيل و إذكاء الغيرة و نحو ذلك.
بمرحلة ثانية ، الاجتماعية، كان تعقيد الحياة نوعا ما من حظ الأقوى عقلا و تقديرا للصروف، امرأة كان أو رجلا، غير أن المرحلة التأسيسية للاجتماع البشري ( الطبيعية) صبغت هذه المرحلة الموالية بشيء منها فأسس العقل الاجتماعي الذكوري تنظيماته و أعرافه و قيمه على لون منها. أي على "بداهة" قوة الرجل المعهودة. و استمر بذلك إهدار حقوق المرأة و لكنها استأنست في هذه المرحلة بميلاد شريحة اجتماعية بأكملها أقل منها حقوقا و هي العبيد. فحدث التحالف و سطرت به أروع الملاحم في صنع الحياة و قلب العروش و النسج و التكييف للسلم و للحرب على سواء. و كان الرجل يبدو عبر أغلب هذه الملاحم مغبونا حد البله.
و المرحلة الأخيرة ، السياسية، و تمتد في آخر أطوارها من عقب الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، و فيها وصلت البشرية بعد مخاض طويل و عسير إلى الإنهاء تماما مع تلك النظم و الأعراف و استبدلت بها قوانين مدنية حديثة تضمن الحقوق الأساسية و الفردية و المساواة و تكافؤ الفرص على علات و هنات طبعا يحسن تصيدها أعداء البشرية المولعون بشتم الإنسان و انجازات الإنسان.. و هي في تقديري هنات بسيطة ؛ فكما تعود إلى واقعية التدرج في مسيرة الكمال، تدل أيضا على البحث و الحركة الدائبين للتقدم الإنساني. و الكمال للمطلق.

هذه المرحلة الأخيرة، سميتها السياسية لتدفق الحقوق و القوانين التنظيمية بحيث أضحت العلاقة بين المرأة و بين الرجل علاقة سياسية بالدرجة الأولى. و العنف المحصى ببعض الأوساط و الأوكار هو عنف يمارس على الضعيف مبدئيا، رجلا كان أو امرأة. و لكن مخيالنا العهدي ( من: عهد الشيء عن الماضي ) بقي شغالا في انتقاء صور العنف الممارس على المرأة دون غيرها. تماما كما هو الحال مع هذه الانتقائية الشغالة بأمريكا على صور إقصاء السود أو المسلمين قهرا عن تغير الجو السياسي و الثقافي الذي وضع " باراك حسين" في أعلى هرم السلطة. فما الحيلة مع عدم النسيان في الإنسان؟ المهم أن نتسامح...

الوضع بالعالم العربي و الإسلامي يختلف نوعا ما، باعتباره لا يزال مع الأعراف و المنظومات إياها، المنتسبة للمرحلة الاجتماعية بكامل الديكور المدني الحديث.
و هنا أيضا ما عسانا نصنع مع هذه الازدواجية النكدة التي تكاد تكون جينية بفعل عقيدتنا التجميعية: ( إسلامنا الأول)، ثم عقيدتنا التركيبية: ( إسلامنا التاريخي)، ثم ثقافتنا التلفيقية: ( نهضتنا الحديثة)، ثم عقيدتنا التزويرية المقارباتية ( صحوتنا المباركة) ؟
مع مثل هذه المسيرة المحترمة، أجدنا جد محظوظين على هذا المآل الازدواجي.
هناك طريقان.
- العمل على توريط مجتمعاتنا في التجربة التاريخية الطبيعية للتقدم في الفهم و الإدراك.. و هذا يستدعي في تقديري كوارث سياسية و ارتباكات و تشنجات عالية الضغط بأوصالنا قد تودي بثلاثة أرباعنا.
- استئناف العصر بكامل الاستغراق لآلياته و قيمه مع الأجيال الجديدة بانتهاز القطيعتين الجارفتين: المعرفية الإعلامية، و الإنسانية الأرناكية. و هذا يتطلب عملا دءوبا و تضامنا حادا و استعمالا حاسما و مكثفا لوسائل الإعلام. ذلك لأن العائدين من التاريخ يجتاحون ربوعنا بفضائياتهم و مواقعهم و يعملون بإيمان المجانين .و لهم كل الدعم من الأنظمة كما أن آليات الحراك الاجتماعي نفسها مقعدة على قوافيهم.. و هذا قدرنا على كل حال.

و لأنني من دعاة الطريق الثاني، أفضل في مجال ملف المرأة أن نستأنف العصر فندعو إلى حقوق المرأة لضمان كرامتها كمواطنة ضربا للأعراف التي تقنن العنف في قفاز من حرير، بدلا من الدعوة إلى نبذ العنف مع أعراف لها تاريخ طويل في المراوغة و المكر والمخادعة. فما أسهل ما تجتر العديد من الآيات و الأحاديث في تكريم المرأة، و هكذا...يا دار ما دخلك شر.
الدعوة إلى الحقوق بدل الدعوة إلى اللاعنف، لأن العنف كماهية مستقلة لم يعد المشكلة المباشرة..فقد كان أصيلا قديما بالمجتمعات الطبيعية، و اجتراره اليوم يعتبر من الملهيات الخطيرة على منهجية الخبير الملاحظ و على أجندة المناضل على سواء.
الدعوة الى الحقوق، استغلالا لنظرية التفاعلات الرمزية كآلية تعمل عملها بالمجتمع اختصارا و حرقا لمرحلة وهمية تستمد هالتها من مؤشرات واقعية و لكن بمضامين غير تخصيصية.
نستأنف العصر بقوة بالدخول من أقصر الطرق بانتهاز الأرناكية الإنسانية ليس لكمالها و لكن لحاجتنا في هذه الظروف بالذات إلى الهدم .
فكما يعتبر التفاوض مع الإرهاب خطأ استراتيجيا يجلب الخطر على سيادة الحق، فان الترميم في بناء الإرهاب خطأ استراتيجيا يجلب الخطرعلى سيادة الحياة.



#أحمد_التاوتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل قتل الدين الابداع؟
- هل ينتهي الارهاب
- سياق الانسداد بالثقافة الجزائرية: البعد السياسي.
- ثقافتنا بين قيدي التاريخ و الجغرافيا
- سياق الانسداد بالثقافة الجزائرية
- الشغب الفلسفي و الأمر الواقع
- الشغب الفلسفي و الامر الواقع
- الأسئلة القاتلة


المزيد.....




- إطلاق أول مسابقة لـ-ملكة جمال الذكاء الاصطناعي-
- الأمم المتحدة: أكثر من 10 آلاف امرأة قُتلت في غزة منذ بدء ال ...
- -الحب أعمانا-.. أغنية تقسم الموريتانيين بين حرية المرأة والع ...
- ليدا راشد.. ضحية العنف الطبي في لبنان
- دراسة: النساء استهلكن كميات أكبر من الكحول مقارنة بالرجال خل ...
- -المدرسة تلبي أوهام صبي يتظاهر بأنه فتاة-.. غضب بعد فوز عداء ...
- لبنان.. العثور على جثّة امرأة مقطّعة في المية ومية
- ما هي العوائق التي تواجه النساء في إجراء تصوير الثدي بالأشعة ...
- توصية بتشريع الإجهاض في ألمانيا.. بين الترحيب والمعارضة
- السعودية.. القبض على رجل وامرأة ظهرا بطريقة -تحمل إيحاءات جن ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - أحمد التاوتي - العنف ضد المرأة: من التباس المعنى الى تمييع النضال