أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل علي صالح - نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي -القسم1















المزيد.....



نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي -القسم1


نبيل علي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2477 - 2008 / 11 / 26 - 09:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتبر صدر الدين الشيرازي الملقب بالملا صدرا أو صدر المتـألهين، من كبار الفلاسفة في تاريخ الفكر الفلسفي الإسلامي، وقد سطع مجده الفكري والفلسفي في القرن العاشر الهجري، وكان من أهم إبداعاته الفكرية نظريته المعروفة حول "الحركة في الجوهر".. التي شرحها في كتابه "الأسفار العقلية الأربعة" الذي يعد بحق مرآة فلسفة الملا صدرا، والمدخل الأساسي لمعرفة رؤيته الفلسفية ونظرته إلى الكون والوجود والحياة.
وهذا الإبداع "الفلسفي-الديني" المتمثل في وصول صدر المتألهين إلى معرفة علة الوجود، انطلق أساساً من خلال كل تلك التجليات والتأملات العرفانية الفلسفية لهذا الفيلسوف الذي اختلى في جبال مدينة قم، مفضلاً الابتعاد عن أهل زمانه، فصنف كتابه المذكور للسالكين المشتغلين بتحصيل الكمال، وأبرز حكمة ربانية للطالبين لأسرار حضرة ذي الجلال ‏والجمال.
وكان ترتيب تلك الأسفار كما يلي:
1. السفر الأول: وهو السفر من الخلق إلى الحق في النظر إلى طبيعة ‏الوجود وعوارضه.
2. والسفر الثاني: السفر بالحق في الحق .
3. والسفر الثالث: السفر من الحق إلى الخلق بالحق .
4. والسفر الرابع: السفر بالحق في الخلق .
...وفي هذه الدراسة سنحاول إلقاء بعض الضوء على تلك النظرية المهمة التي سلك فيها صدر المتألهين -في مجال أزلية المادة وعلة الوجود- مسلكاً وفّق فيه بين الدين (ميل الإنسان نحو عالم الكمال المطلق) والفلسفة (كعلم يشتغل على معرفة الذات والعالم والخلق والوجود)، فأنتج نظريته في الحركة الجوهرية، وهي في غاية الغموض والإبهام، و‏تكاد تشبه نظرية آينشتاين في الطاقة التي أضاف إليها عامل الزمن. كما أنه يعسر فهمها إلا بالإمعان والتدبر العميق في ‏فلسفته واصطلاحاته .
تتأسس هذه النظرية على مقدمة أساسية هي أن العالم المادي مطلقاً لا يزال في تجددٍ مستمر.. فالمادة -‏بجوهرها- في الآن الثاني غير المادة في الآن الأول، وهي متحركة دائماً بحركة جوهرية.. وللهيولى والصورة -في كل آن- تجددٌ مستمرٌ.
وبهذه النظرية استنتج الملا صدرا وجود علاقة توفيقية قوية بين الدين والفلسفة، من جهة أن الدين إنما أراد من الحدوث تجددَ المادة وحركتها حركة جوهرية، وهي حادثة في كل آن وإن لم يكن لها مبدأ زماني.. وهو يوافق العلم، فلا اختلاف بينهما; إذ كل ‏منهما يقول بالحدوث بهذا المعنى والمبنى، أي تجدد المادة تجدداً جوهرياً، وكل منهما يقول بالقدم، لأنه لا يتصور عقلاً حدوثها من العدم‏ البحت ‏حتى يتصور لها مبدأ زماني.

أولاً- نظرية الحركة الجوهرية التكاملية
سبق لنا أن أشرنا خلال المقدمة إلى هذه النظرية الفلسفية العملية التي أبدعها وصاغها الفيلسوف الشيرازي.. وأثبت من خلالها إمكانية وجود وحدوث الحركة في الجوهر بعكس الفلاسفة السابقين الذين نفوا الحركة واعتبروها من اللاممكنات..
كما واستطاع الشيرازي -إضافة للإبداع السابق- البرهان على أن الحركة لا تمس الظواهر الطبيعية وسطحها العرضي فحسب، بل إن الحركة –في تلك الظواهر- ليست إلا جانباً من التطور الذي يكشف عن جانب أعمق.. وهو التطور في صميم الطبيعة، وفي عمق حركتها الجوهرية.. على اعتبار أن الحركة السطحية في الظواهر –لمّا كان معناها التجدد والانقضاء- فيجب لهذا أن تكون علتها المباشرة أمراً متجدداً، غير ثابت الذات أيضاً.. لأن علة الثابت ثابتة، وعلة المتغير متغيرة(1).. وعلة المتغير المتجدد متغيرة متجددة، فلا يمكن أن يكون السبب المباشر للحركة أمراً ثابتاً، وإلا لم تنعدم أجزاء الحركة، بل تصبح قراراً وسكوناً.
إذاً لقد أوضح الفيلسوف الشيرازي أن مبدأ الحركة هو ضرورة فلسفية، وهو بذلك استطاع أن يحلّ الكثير من الإشكالات الفلسفية التي كانت تتصل بمسألتي الزمان والمكان، وقضية تكامل المادة، وتجرّدها، والعلاقة بين النفس والجسم .. إلى غيرها من المسائل الفلسفية المعقدة.
وحتى نتمكن من إدراك حقيقة هذه النظرية –فيما سيأتي من تحليل وبحث فكري- لابد من تسليط الضوء المنهجي على طبيعة الحركة في الجوهر.. وذلك من خلال تفكيك الأسس العامة التي استند عليها فيلسوفنا الكبير لوضع نظريته الحركية، وتوضيحها بمجموعة أمثلة عملية توخياً لمزيد من الدقة والفهم..
ولذلك يجدر بنا بدايةً وقبل خوض غمار نظرية (الحركة الجوهرية) من الناحية الفلسفية لا بد من الوقوف المتأمل أمام المصطلحات والمفاهيم الجزئية المكوّنة لهذه الحركة الجوهرية.
ماهية الحركة:
تعرف الحركة بالمصطلح الفلسفي على أنها "خروج الشيء من القوة إلى الفعل على سبيل التدرج".. وهذا التعريف يتكون من ثلاثة عناصر رئيسية هي:
أ) الخروج من القوة.
ب) إلى الفعل.
ج) على سبيل التدرج.
ويقصد بالقوة قابلية الشيء وإمكانيته. فإن قولنا: إن هذا الطفل طبيب بالقوة, يقصد منه أنه قابل لأن يكون طبيباً وذلك ممكن وليس بمحال. أو كقولنا: إن هذه البذرة شجرة بالقوة, ونقصد بذلك أيضاً‏ أنها من الممكن أن تكون شجرة, أو إن لها القابلية أو الاستعداد كي تصبح شجرة لاحقاً في المستقبل.
أما معنى الفعل فهو عبارة عن وجود الشيء حقيقة. ومنه اشتقت كلمة الفعلية (هناك فرق بين حقيقة الشيء وواقعه. فالشيء الواقعي هو الشيء كما هو موجود في الواقع الخارجي، أما الوجود الحقيق فهو الشيء كما ينبغي أن يكون في الواقع). ومثال ذلك قولنا: إن هذه الشمعة مشتعلة بالفعل إذا كانت مشتعلة حال كلامنا عنها، حيث نراها متجسدة بفعل الاشتعال أمام ناظرينا.
أما معنى قولهم: «على سبيل التدرج» فهو أن هذا الانتقال من حال القابلية إلى حال الفعلية لا يكون دفعة واحدة وخارج إطار الزمن بل لابد أن يكون متدرجاً في حصوله درجة درجة ومرحلة مرحلة.
وبهذا يمكننا القول: إن الخروج من حال العدم إلى حال الوجود لا يسمى حركة وإلا لزم وجود حالة ثالثة بين الوجود والعدم كما توهمه البعض. والحقيقة إن الوجود والعدم مفهومان لا يجتمعان (يثبتان) ولا يرتفعان (يسلبان) عن موضوع واحد من جهة واحدة.
ويمكننا إعادة صياغة تعريف الحركة على أنها تحقق قابلية الشيء تدريجياً. ويصدق هذا التعريف على كل أنواع الحركة كالحركة في المكان والحركة في الكيف والحركة في الكم والحركة في الجوهر الذي هو محل حديثنا.
أما معنى الجوهر, فيعرف على أنه «الموجود لا في موضوع» على العكس من العرض المعرف على أنه «الموجود في موضوع». وتوضيح معنى العرض أولاً ضروري لفهم معنى الجوهر تبعاً.
إذن فالعرض «ماهية مستقلة بحسب نفسها, ومفهومها, لا مستقلة بحسب وجودها, إذ هو بحاجة في وجوده إلى الوجود في غيره». ومثال ذلك: اللون الذي يمتلك معنى مستقل بذاته عقلاً, إلا أنه في الخارج لا ينفك عن الحلول في جسم ما.
أما الجوهر فهو الماهية المستقلة مفهوماً‏ ووجوداً. وفي مثالنا السابق يكون الجوهر هو الجسم. والجسم ذو معنى مستقل ولايحتاج في وجوده إلى الحلول في غيره إذ هو مستقل بذاته, والعرض والجوهر عنوانان عامان أحد مصاديقهما اللون والجسم تبعاً, ولهما مصاديق أخرى كثيرة.
-الأدلة والبراهين التي أقام الشيرازي صرحه الفلسفي عليها:
يمكننا بدايةً وضع التبويب الجديد التالي لدراسة تلك الأدلة طلباً لمزيد من الوضوح والسهولة في فهم النظرية:
الدليل الأول- العلة الطبيعية والمعلول العرضي:
يتألف هذا الدليل من مقدمتين ونتيجة، تتحدث أولاهما عن "أن التحولات العرضية معلولة لطبيعتها الجوهرية"، أما الثانية فإنها تركز على "أن العلة الطبيعية للحركة لا بد أن تكون متحركة".. فتكون النتيجة هي أن الجوهر –الذي يعتبر علة للحركات العرضية- لا بد أن يكون متحركاً(2).. وإذا أردنا أن نصب المعنى في قالب منطقي فإننا نقول:
الطبيعة الجوهرية علة للتغيرات العرضية
العلة الطبيعية متحركة
الطبيعة الجوهرية متحركة
في الوقع هناك أصل معروف ثابت يتعلق بالطبيعة، وهو مسؤوليتها المباشرة عن جميع الحركات، كونها فاعلاً قريباً يتدخل في الذات بلا واسطة استناداً لقانون العلة والمعلول.. فمثلاً لا يمكن لشجرة التفاح أن تعطي ثماراُ ناضجة من دون توافر مجموعة شروط ومناخات أولية لازمة لنموها وإثمارها، من قبيل تهيئة التربة المناسبة للزرع، وتوفر الماء، ووجود الطقس البارد.. الخ.. فهذه العوامل الطبيعية –وغيرها- تدخل في مجال التغيرات العرضية الممهدة للإثمار، ثم إن اللون الأحمر للتفاحة أيضاً هو تحول عرضي معلول بالذات للطبيعة الجوهرية الذاتية لشجرة التفاح.. أي للخلية النباتية التي تحتوي بداخلها على نواة فيها مورثات تحمل صفات كثيرة من بينها صفة اللون..
لكن هل يمكن لثمرة التفاح –التي تكون في البداية خضراء اللون وغير ناضجة- أن تأخذ لونها الطبيعي (الأحمر مثلاً) جوهرياً من دون التوفر على الشروط السابقة (تحولات اللون معلولة لجوهر الشجرة)؟!.. طبعاً لا.. لذلك نقول هنا بأنه لا توجد حركة في الخارج يمكن أن ننسبها مباشرة إلى الفاعل المجرد..
أما بالنسبة إلى المقدمة الثانية فنعرضها كما يلي:"إن العلة القريبة وبلا واسطة للمعلول إذا كانت أمراً ثابتاً فستكون نتيجتها أمراً ثابتاً أيضاً"(3)... بمعنى أن جريان الأعراض المتحركة -التي تتقدم على مر الزمن- علامة على أن علتها جارية معها..
فنحن عندما قلنا سابقاً أن تحول لون التفاحة إلى اللون الأحمر (تحول عرضي) خاضع (معلول) لمجموعة من الصفات الوراثية في نواة الخلية النباتية.. وهذا يعني أن تلك الصفات هي التي تسببت في حدوث اللون فأصبحت علة له، وتحول اللون هو حركة في العرض، وعلته سببت حركة له.. وهذا يعني أن العلة متحركة، وأن آثارها اتسعت تدريجياً، واحتلت مواقع جديدة أخرى.
الدليل الثاني- ارتباط الأعراض وأصل التغيير:
يتكون هذا الدليل من مقدمتين ونتيجة.. تقول الأولى: ترتبط حركة الأعراض –بشكل أو بآخر بأصل الموضوع، بحيث تكون الآثار الناتجة عنها غير مستقلة عن أصل الجوهر، بل هي –في حقيقة الأمر- من شؤون وجود الجوهر.. ولإيضاح ذلك نضرب المثال التالي:
تعتبر الإشعاعات المختلفة والمتعددة الناتجة عن حركة الإلكترونات ضمن المستويات الطاقية في الذرة، ومن الآثار الجانبية والظواهر العرضية التي هي في المجمل من آثار المادة، وليست أصل المادة.. لذلك تعتبر هذه المرحلة المتقدمة وجوداً آخر غير مستقل لأصل الجوهر (لحقيقة المادة). كنتيجة لذاتية الموضوع، الأمر الذي يمكننا أن نعتبره متعلقاً بالشؤون الذاتية لجوهر حركة المادة..
أما بالنسبة للمقدمة الثانية فهي تؤكد على أن أي تغير يطرأ على موجود ما، يدل على حقيقة تغيره في الداخل في مستوى علاقته بحركة الخارج، من موقع التفاعل المتبادل بينهما في العمق.
الجوهر علة العرض
تغير العرض يدل على تغير الجوهر (العرض متغير)
الجوهر متغير
فعلى سبيل المثال: نجد أن جميع الصفات الخارجية للإنسان خاضعة للصفات الوراثية الباطنية التي ينقلها كل جيل للآخر من لون الشعر، ولون البشرة، والطول، والقصر، وغير ذلك من الأمراض التي أثبت العلم ارتباطها بأصل التغيرات الداخلية الذاتية (الوراثة).. أي أن جميع الحركات العرضية الخارجية تشير إشارة واضحة إلى حدوث أصل التغير في عمق وحقيقة الوجود الجوهري.
يقول صدر المتألهين: "إن لكل موجود جسماني وجوداً واحداً، وهو متشخص ومتعين بذاته، وأعراض كل موجود إنما هي تجليات وأشعة لوجوده، حيث يمكن عدّها علامات على تشخصه، وليست هي علة لتشخصه.. وبناء على هذا يصبح تغير هذه العلامات علامة على تغير صاحب العلاقة.. إذاً حركة الأعراض تغدو علامة على حركة الوجود الجوهري"(4).
الدليل الثالث- حركة الجوهر وحقيقة الزمان:
تعرضنا -فيما مضى- لهذا الدليل بشكل مختصر، حيث قلنا بأن الملا صدرا قد أثبت العلاقة القائمة ما بين الزمان والوجود وكذلك الموجودات، على أساس تابعية الزمان للحركة وعلتها له.
المقدمة الأولى: تتصف الموجودات المادية -وما ينتج عن تفاعلها وتكيفها مع المحيط الخارجي- بالبعد الزماني، فيما يمثله الزمان كامتداد سيال، وحركة كلّ متصرّم ومتفاعل مع الوجود والموجود. وهذا البعد داخل –كما أسلفنا- في كل الأشياء، ولا يوجد قانون علمي إلا وله تابعية (كلية أو نسبية) للزمان.
المقدمة الثانية: تقول: "كل موجود يتميز ببعد زماني يكون تدريجي الوجود".. فالإنسان يتكامل في مراحل تدريجية اعتباراً من البيضة الملقحة، حتى يشتد ويصبح كائناً معقداً، وفي كل مرحلة من هذه المراحل، يكون الزمان متعاقباً معه بصورة أن كل جزء يأتي، ويتحقق خارجاً بعد أن يمضي الجزء الآخر منه وهكذاً، لذلك تخضع كل الموجودات –سوى واجب الوجود- لذلك الامتداد في ذاتها أولاً ثم تتكامل المراحل تدريجياً حتى تصبح لها أجزاء، لها امتداد، وتقسيم في الواقع، "بحيث لا يجتمع أبداً جزءان زمانيان منهما مع بعضهما البعض، ما لم يمر واحد فيهما و ينعدم، فإن الجزء الآخر منه لا يوجد.. وبالنظر إلى ذلك يمكننا أن نستنتج بأن وجود الجوهر تدريجي ومتصرم ومتجدد، وهذا هو معنى الحركة في الجوهر"(5). ومن ذلك تكامل حركة الجوهر النباتي وكذلك الحيواني، وتكامل حركة الإلكترونات في المستوى الذي يسمح بإصدار الطاقة الإشعاعية ضمن تدريج زمني.
يقول صدر المتألهين: "كما أن للجوهر المادي مقاييس هندسية، وأبعاداً مكانية، فإن له أبعاداً أخرى تسمى الزمان (وهي تشكل البعد الرابع)، كما أن امتداداته الدفعية الحصول تعتبر من الأوصاف الذاتية لوجوده، وليس لها وجود منحاز عن وجود الجوهر المادي، فكذا امتداده التدريجي الحصول فإنه وصف ذاتي له ولا يقبل الانفكاك عنه، كما أن الهوية الشخصية لكل جوهر جسماني لا تتحقق أيضاً من دون البعد الزماني، ولا يمكن فرض أي موجود جسماني بحيث يكون منسلخاً عن الزمان، وبالتالي فإن نسبته إلى جميع الأزمنة تكون على السواء. إذن الزمان مقوم لوجود أي جوهر جسماني ولازم ذلك أن يصبح وجود كل جوهر جسماني تدريجي الحصول، وأن توجد أجزاؤه التي هي بالقوة متعاقبة ومتجددة"(6).
وهذا يعني:
الجوهر الطبيعي موجود زمني (الزمن مقوم له).
الموجود الزمني تدرجي الوجود (متحرك).
الجوهر الطبيعي تدريجي الوجود (متحرك).
إذاً نستنتج بأن الاستدلال على أصل وطبيعة الحركة الجوهرية متوقف ومرهون بتوفر عاملين اثنين، هما:
العامل الأول- الحركة والتغير:
فالعلة الرئيسية لجميع الحركات العرضية والسطحية في كل الأجسام الطبيعية والميكانيكية، هي قوة خاصة قائمة بالجسم، فالجسم إذا تم تحريكه من مكانه الأول استمرّ في حركته، طالما أن قوة التحريك موجودة، ولم يعوق مسيرته أي شيء خارجي، بحيث أنّ العامل الخارجي المنفصل ليس علة حقيقية للحركة، بل هي (أي الحركة) قوة قائمة بهذا الجسم، وما يصدر عنها من آثار خارجية هي مثيرات لها.
العامل الثاني-تناسب العلة والمعلول:
يتم هذا التناسب بين العلة والمعلول في الثبات والتجدد، فإذا كانت علة الحركة ثابتة ومستقرة كان المعلول ثابتاً ومستقراً، بمعنى أن آثارها ونتائجها تكون تابعة لأصل الحركة وتطورها، وبالتالي تسكن الحركة وتستقر، وهذا عكس معنى الحركة والتطور.

ثانياً – الحركة الجوهرية وقضية الإبداع العلمي
لقد أثبت الفيلسوف الشيرازي من خلال إبداعه الفلسفي المتمثل في نظرية الحركة الجوهرية، وجود إمكانية عملية لمزيد من البحث العلمي في عمق الفكر الفلسفي الإسلامي بهدف المساهمة في إيجاد حلول لأصل المشاكل التي قد تؤثر سلباً على وجود الإنسان في الحياة، وتجسيد ذلك عملاً وقائعياً من خلال النتائج والآثار المترتبة على ذلك. كما وأعطى هذا الإبداع بعداً إيجابياً آخر لطبيعة القيمة العلمية للفكر الإنساني المؤسس على الانطلاق نحو التكامل، من خلال إظهاره للعلاقة الوثيقة بين العلم والفلسفة، فها نحن الآن نحكم بالصدق شبه الكامل على هذه النظرية وذلك بوسائلنا العلمية ومن خلال ما وفرته لنا التقنية الحديثة التي توصل الإنسان إلى معرفتها واكتشافها عبر مسيرته التكاملية حتى العصر الحاضر، وما تشكله من نظرية في واقع الحياة. ولا يُظن من خلال هذه الإشارة أنّنا نعتبر العلم هو المعيار والمقياس والمصداق الأوحد لنظم حركة الواقع وإثباتها، بكل آفاقها وامتداداتها الواسعة والمتنوعة، بل إنّ المسألة تتعلق بطبيعة العلاقة المتبادلة والتكاملية بين العلم والفلسفة، على أساس أنَّه يمكن الوصول إلى نتائج أكثر دقة، وذات مفاهيم كلية شاملة وعامة في المسلك الفلسفي، ربما تكون أقوى وأمتن وأعمق وأضمن من المسلك العلمي.. لأننّا نتصور أنّ القيمة النظرية للعلم لا تعطينا مصداقاً حقيقياً لتبيان أصل الوجود وهدفيته مثلاً.. لأنّ العلم بذاته هو بحاجة إلى إثبات الأساس الذي أُقيم عليه، وبالتالي أشاد بنيانه الراسخ، فحتى اللحظة لم تصل الأبحاث والدراسات العلمية إلاّ إلى مستوى معرفة آثار وخصائص وصفات المادة بالعرض، ولم تدرك حقيقة المادة بالذات في الواقع الحقيقي..
طبعاً نحن لا ننكر أبداً الآفاق العظيمة والامتدادات الواسعة التي فتحتها التجربة العلمية للإنسان في الحياة، لكن الأساس في ذلك، كان وجود المقدمات العقلية الفلسفية.. من هنا سننطلق لنؤكد على أهمية النتائج الفلسفية العلمية الباهرة التي حققها الشيرازي من خلال نظريته الحركة في الجوهر، حيث توصل إلى نفس النتائج التي وصل إليها العالم الفيزيائي الكبير آينشتاين في مستوى آرائه الفيزيائية المرتبطة بقضية فلسفة العلوم.. فالشيرازي استطاع أن ينتزع –كما ذكرنا– الزمان من حركة الجوهر ومن خلال آثارها، كما وأنّه قد قدَّر كمية الحركة في الجوهر، ووصل العالم آنيشتاين إلى نفس النتائج عملياً من خلال القوانين الرياضية والفيزيائية، مدركاً بأنّ أصل العالم ليس شيئاً غير الحركة، والحركة فقط.. وأنّ هناك حجماً رباعياً للطبيعية والوجود، ثلاثة منها مكانية معروفة ومفهومة، وآخر رابع هو الزمان.. من هنا نفهم كيف توصل هذان المفكران العظيمان –وعلى اختلاف زمانهما ومكانهما– إلى نفس النتائج تقريباً عن طريقتين مختلفتين في الأسلوب وفي حركة المنهج.. ومرتبطتين في الأصل (الجوهر).
وفيما يلي سنحاول استعراض بعض أوجه التشابه والتقارب بين النظريات العلمية الحديثة التي حاولت تفسير الوجود، والبحث في مجهولات الحياة وأصل العالم، وبين نظرية الحركة الجوهرية، على أساس أن قمّة الإبداع الذي جاءت به هذه النظرية قد ظهرت نتائجه كما أسلفنا في عصرنا الراهن من خلال تلك الأبحاث المعاصرة في حقل الفيزياء الذرية وفيزياء الفلك وعلم الكونيات ومبحث جراحة الدماغ، من أنّ العقل والروح والإرادة والمبدأ لإنساني هي جميعاً النظريات العلمية المعاصرة.
ألف-نظرية غاموف (الانفجار الكوني العظيم):
ظهرت هذه النظرية عام 1948 على يد جورج غاموف، ثم أكّدتها الأبحاث العلمية المتلاحقة في عامي 1960 و1970، حيث أنّ جورج غاموف ذهب إلى القول بوجود تحرّك بدئي في المادة أو الكون في مجال لا يتجاوز حيّز البروتون الواحد. وقد أدى تعرّض المادة هناك إلى تصعيد في درجة الحرارة ثم إلى ضغط هائل، إلى حدوث انفجار فيها وجدت على أثره في المكان والأبعاد الأخرى مما نجم عنه السكون كله.. وإنجاز من هذا النوع ما كان ليحدث ويتم إلا بوجود قوة الله تعالى.. أي أنّ كرة النيران فائقة الحرارة قد تمددت بسرعة كالانفجار ثم بردت. ثم بيَّن غاموف أنّ الجسيمات دون الذرية، التي كانت موجودة في أسبق المراحل، أنتجت بتأثير درجات الحرارة والضغوط اللاحقة ذرات الكون حديث النشأة، ثم بيّن أنّه نتيجة لعمليات التمدّد والتبريد، لا بدّ من وجود وهج خافت من الإشعاع الأساسي بشكل منتظم في جميع أرجاء الكون. ومن الواضح أنّ هناك تماثلاً بين كلتا النظريتين، حيث تقول كل منهما بوقوع الحركة الأولى في المادة الأولى، والملا صدرا (صدر المتألهين) يؤكد على وقوع الحركة في أصل الجوهر ثم تصاعدها وتكاملها باتجاه الطبيعة ثم النبات ثم الحيوان فالإنسان.
باء-فلسفة الزمان وقانون النسبية:
لم يحسم علماء الطبيعة والفلاسفة قضية ومفهوم الزمن حتى الآن، بالرغم من أنه من أكثر المفاهيم سهولة وبداهة لدى عامة البشر. وقد اتخذ هذا الخلاف أشكالاً أفقية ورأسية, تبعاً للمفاهيم العلمية والفلسفية.. فقد تعددت تعريفاته كثيراً, بدءاً من فلاسفة اليونان: سقراط وأفلاطون وأرسطو, ومروراً بالفلاسفة المسلمين المتقدمين: الفارابي والكندي وابن سينا,‏والمتأخرين كصدر الدين الشيرازي المعروف بالملا صدرا.‏ ونهاية بعلماء الطبيعة كإسحق نيوتن إلى ألبرت آينشتاين.
وقد تطور مفهوم الزمن حتى أصبح من أكثر المفاهيم المعرفية تعقيداً. ومن المعروف أن هذا المفهوم قد تم تناوله أول الأمر على يد الفلاسفة الذين لم يصلوا إلى نظرية متكاملة تكوّن أرضية صلبة لأغلب إشكالات الفلسفة ومزالقها إلا على يد الفيلسوف صدر الدين الشيرازي صاحب ومبدع نظرية الحركة في الجوهر.
وقد كان الرأي السائد عند الفلاسفة, قبل صدر الدين إن الحركة تقع في الأعراض دون الجواهر. وأوردوا إشكالات عديدة على القائل بوجود الحركة في الجوهر. وكان القول بالحركة الجوهرية نتيجة مباشرة لنظرية صدر الدين الشيرازي (أصالة الوجود) في مقابل نظرية (أصالة الماهية) السابقة لها. ويمكن تلخيص معنى الحركة الجوهرية على أنها "قابلية الجوهر واستعداده الآن لأن يكون موجوداً بالفعل فيما بعد الآن" أو "إن الحركة الجوهرية هي في الواقع المتجدد المستمر لوجود الجوهر". إذن لا علاقة بين الحركة الجوهرية وبين حركة الذرات والجزيئات ولأن كل هذه الحركات تحدث في أعراض المادة وليس في جوهرها.
وقد عرّف بعض الفلاسفة (قبل صدر الدين) الزمان بقولهم "الزمان جوهر مستقل منفصل عن المادة".. أو بتعبير آخر :"إن الزمان موجود مستقل سواء أكان هناك موجود آخر أم لا.. بحيث أنه يوجد حتى إذا لم يخلق الله سبحانه سواه من الأشياء وبحيث لما خلق الله المادة صارت جليسة للزمان, فالمادة في سكونها وثباتها والزمان في سيلانه وتصرمه كالجالس في نهر جار".
وقد أبطلت نظرية الحركة الجوهرية هذا الرأي وفندته, فبناء على القول بها لايصبح معنى للزمان بدون الحركة ولا للحركة بدون الزمان, فهما وجهان لعملة واحدة, وهما ينفصلان عقلاً وتحليلاً فقط, لا أنهما منفصلان فعلاً في الخارج. يقول صدر الدين في الأسفار: "ومن تأمل قليلاً في ماهية الزمان يعلم أن ليس لها اعتبار إلا في العقل, وليس عروضها لما هي عارضة له عروضاً بحسب الوجود كالعوارض الخارجية للأشياء كالسواد والحرارة وغيرهما, بل الزمان من العوارض التحليلية لما هو معروضه بالذات. ومثل هذا العارض لاوجود له في الأعيان إلا بنفس وجود معروضه, إذ لا عارضية ولا معروضية بينهما إلا بحسب الاعتبار الذهني"(7).
وبحسب هذا الرأي, فإن كثيراً‏من المشكلات الفلسفية التي استعصت على الفلاسفة قبلاً قد حلت إشكالاتها. وعلى سبيل التمثيل فإن الزمان لا يصبح قديماً‏ولا أزلياً بل إن له بداية ونهاية, هما بداية الحركة ونهايتها من الكون.
وزبدة المخاض, إن الحركة هي الزمان والزمان هو الحركة. وبما أن الحركة لها مبتدأ ولها منتهى ولا يمكن أن يتقدم المتأخر ولا يتأخر المتقدم فيها, فالزمان –كذلك- لا يمكن لأجزائه المتقدمة أن تتأخر أو العكس. ويعبر عن الزمان بأنه "حقيقة سيالة متدرجة الحصول" متصرم الوجود. فهو سيال لأنه غير متوقف. وهو متدرج الحصول لأنه لا يوجد إلا جزءاً جزءاً. وهو متصرم الوجود لأن أجزاءه لا تجتمع معاً. وحدوثها يتحقق بتحقق جزء وانتفاء جزء سابق له.
ولكل جسم زمانان: زمان خاص به, وزمان عام. ويحصل الزمان الخاص بسبب حركته, أما الزمان العام (المطلق) فهو الذي يشترك فيه مع غيره من الأجسام.
وأما مفهوم السرعة المرتبط بالحركة فتتراوح قيمتها ما بين الصفر إلى ما لانهاية. كما ذكر ذلك محمد تقي المصباح في تعليقته على نهاية الحكمة للطباطبائي قائلاً:‏ "من المفاهيم المتعلقة بالحركة السرعة, ويعني بها ثلاثة معان, أحدها ما يحصل من نسبة المسافة التي يقطعها المتحرك إلى زمان قطعها, وهو لازم كل حركة,‏ويتراوح في ما بين الصفر واللانهاية"(8).
ولفهم مسألة الزمن عند أينشتاين لابد من العودة إلى نيوتن (العالم الفيزيائي الانكليزي) الذي كان يعتبر أن الزمن الرياضي الحقيقي المطلق بنفسه وبطبيعته الذاتية يجري بالتساوي ودون أي علاقة بأي شيء خارجي. ولم يكن نيوتن يعني بذلك إلا أن الزمن يسير بالتساوي في جميع أنحاء الكون. والعلماء الذين جاؤوا بعد نيوتن اعتمدوا على إمضاء هذا المفهوم, إلى أن جاء ألبرت آينشتاين وقلب الطاولة أمام مفهوم نيوتن. فقد وجد آينشتاين أن "الزمن يتباطأ كلما زادت السرعة".
ويمكن فهم مقولة آينشتاين بناءً على أمور بديهية في حياتنا, إذ أننا كلما زدنا السرعة لقطع مسافة ما قل الزمن اللازم لها تبعاً لذلك. غير أن هذا المعنى لا علاقة له بما يعنيه آينشتاين مطلقاً..!
المعنى الذي يذهب إليه هو أن الساعة على كوكب الأرض (قد) تساوي عشر دقائق في مكان آخر من الكون وقد تساوي عشرين ساعة. وعلى سبيل التمثيل لو وجد حدث كوني قمنا بقياس مدته, من بدايتها حتى نهايتها, ووجدناها تساوي ساعة كاملة, فإن مدة هذا الحدث, من مكان آخر من الكون, لا تساوي بالضرورة المدة التي قسناها على كوكب الأرض, بل يمكن أن تزيد أو تنقص حسب سرعة الراصد في المكان الآخر.
ويذهب طرح النسبية إلى ما هو أغرب من ذلك, فالماضي والحاضر والمستقبل فقدت معانيها الكونية المطلقة التي كانت سائدةً. الماضي لم يعد يعني اللحظة الزمنية الفائتة وما قبلها. والمستقبل ليس اللحظة الزمنية القادمة. واللحظة التي نعيشها‏ -الآن- ما هي إلا أننا نحن وحسب. والتعاريف التي تتبنى مثل هذا التحديد تعاريف نسبية لا تصلح كقيمة كونية مطلقة, فالماضي والحاضر والمستقبل قد يكون لها ترتيب آخر في مكان آخر من الكون.
بمعنى أنه لو وقعت ثلاثة حوادث كونية الآن -مثلاً‏- كانفجار ثلاثة نجوم: الأول يبعد عن الأرض بمسافة سنة ضوئية.. والثاني بسنتين.. والثالث بثلاث سنوات ضوئية. فإن الراصد, على كوكب الأرض لن يشاهد انفجار النجم الأول إلا بعد مرور سنة كاملة حسب مقاييسنا نحن. كذلك لن يشاهد الانفجار الثاني إلا بعد سنتين.. ولن يشاهد الثالث إلا بعد ثلاث سنوات.‏وهذا يعني أن السهم الزمني -بالنسبة لنا على الأرض- سيمر بحدث النجم الأول ثم الثاني ومن ثم الثالث. لكن هذا لا ينطبق على مراقب آخر في منطقة أخرى من الكون, يبعد موقعه عن النجم الأول بمسافة ثلاث سنوات ضوئية.. وعن الثاني سنة ضوئية واحدة.. وعن الثالث سنتين..
إن سهم الزمن لن يمر بنفس الترتيب السابق على الأرض. لأنه سيبدأ بحدث النجم الثاني ثم الثالث ومن ثم الأول. إذن فإن حادثاً في هذا الكون قد يكون في الماضي بالنسبة لمشاهد, وفي الحاضر بالنسبة لمشاهد آخر وفي المستقبل بالنسبة لمشاهد آخر. وهذا يفضي إلى عدم وجود زمن مطلق (ساعة مطلقة) يشمل الكون ويستند عليه في تحديد الماضي والحاضر والمستقبل للكون كله.
إن الفرق الجوهري بين الكون الكلاسيكي (كما كان يراه نيوتن ومن هم قبله) وبين ما تراه النسبية هو وجود حد أعلى للسرعة, النظرية النسبية تضع (سرعة الضوء) حداً‏ أعلى للسرعة, وهذا الحد في كون النسبية لا يمكن للأجسام وصوله فضلاً عن تجاوزه. إضافة إلى ثبات سرعة الضوء بالنسبة لكل شيء, فهي الثابت الوحيد في الكون. ولم تقتصر النسبية على ما ذكر من مفاجئات بل أنها وضعت أيدي العلماء على السر الذي من خلاله يمكن للزمن أن يتباطأ بسببه.. هذا السر هو السرعة, وباختصار شديد: إن الزمان النسبي للأجسام يتباطأ عند تسارعها قياساً بالأزمنة النسبية للأجسام الأخرى الأقل تسارعاً..!
وكان آينشتاين قد وضع نظريته النسبية في بدايات القرن العشرين، إذ استطاع من خلال التجارب وقوانين الرياضيات، الوصول إلى تحديد البعد الرابع (وهو البعد الزماني)، وقام بعد ذلك بضمه إلى الأبعاد المكانية المعروفة (x-y-z). وهذا الإبداع الرياضي العملي التطبيقي يماثل تماماً ما توصل إليه الفيلسوف الشيرازي منذ أكثر من 250 سنة، عندما أثبت وجود أصل الحركة في الجوهر، واعتبر الزمان مقوماً أساسياً لأيّ مادة طبيعية كانت أم ميكانيكية، على أساس أنّ الزمان بعد متصل سيال ومتحرك غير مستقر (حيث أنه وبعد بعد ثبوت الحركة في الجوهر، فإنّه يصبح لكل الموجودات الطبيعية بعداً زمانياً، وأيّ موجد مادي لا يوجد منفكاً عنه لزوماً بل لا يكون دهرياً على الإطلاق).. وهذا الزمان تعرض الأجسام عليه بواسطة الحركة، كونه غير قابل للانقسام في الخارج.. (على نحو عيني).
جيم- حدوث المادة وحركة المتغير:
تؤكد نظرية الانفجار العظيم (big bang)، على أنّ المادة الأولى اتسعت وامتدت بسرعة كبيرة إلى ما لا نهاية، بعد مرورها بمراحل متعددة.. وتبعاً لذلك يشير العلماء إلى زمن بدء الكون بما يقرب من (12–20 مليار سنة) حيث كانت المادة قبل عملية البدء موجودة كلها في حيّز وفراغ صغير لا يتجاوز حجم جسيم البروتون الذي هو أحد مكونات الذرة (وزن البروتون يعادل 1836 مرة ضعف وزن الإلكترون.. ووزن الإلكترون يساوي إلى واحد مقسوم على واحد وأمامه تسعة وعشرون صفراً من الغرام).. وهذا يدل على عدم أزلية المادة وبالتالي حدوثها، بمعنى أن بداية الزمان أمر لا مناص منه، هذا من جهة العلم ونظرياته الحديثة واكتشافاته وتطبيقاته التجريبية المذهلة.
أمّا من جهة الحركة الجوهرية، فالأمر لا يختلف كثيراً عن المنحى السابق، فعالم الوجود المادي في تطور وتجدد وتغيّر مستمر، بمعنى:
كل متحرك حادث.
الكون متحرك.
الكون حادث.
إن المقدمة الأولى تثبت وجود زمان لم يكن فيه المتحرك موجوداً، على أساس أنَّ الحركة تعني الانتقال والسير من حد إلى آخر ومن موقع أول إلى موقع ثانٍ.. وأمّا المقدمة الثانية فهي معروفة ومثبتة لأنَّ الكون يساوي الحركة فقط.. إذن فقد وجد زمان لم يكن فيه الكون والعالم موجوداً، وهذا ما تؤكده الدراسات العلمية الحديثة. وللبحث صلة..

الحواشي والتعليقات:
(1) باقر الصدر، محمد، فلسفتنا، ص202-202، طبعة المجمع العلمي للشهيد الصدر-إيران-1990م.
(2) الشيرازي، صدر الدين (صدر المتألهين).. الأسفار العقلية الأربعة، ج3/ص61-64، طبعة إيرانية قديمة 1984م.
(3) مصباح، محمد تقي، المنهج الجديد في تعليم الفلسفة، ج2/ص327، دار التعارف الإسلامي، بيروت 2001م.
(4) الشيرازي، صدر الدين، الأسفار الأربعة، مصدر سابق، ج3/ص61-64).
(5) المنهج الجديد في تعليم الفلسفة، ج1/ص320، م.س.
(6) الأسفار الأربعة، مصدر سابق، ج3/ص: 103، وص: 115-118+ الجزء9، ص290-295.
(7) الأسفار الأربعة، م. سابق، ج5، ص: 103-104.
(8) الطباطبائي، محمد حسين، نهاية الحكمة، ج2، تعليق: محمد تقي المصباح، ص157ـ158، دار التعارف للمطبوعات-بيروت 1995م.
أهم المصادر والمراجع
1- القرآن الكريم.
2- باقر الصدر، محمد.. فلسفتنا، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1990م.
3- الشيرازي، صدر الدين.. الأسفار العقلية الأربعة، 9مجلدات، مطبوع في إيران (طبعة قديمة). 1984م.
4- مصباح، محمد تقي.. المنهج الجديد في تعليم الفلسفة، دار التعارف، بيروت– لبنان1998م.
5- مطهري، مرتضى.. أصالة الروح، سلسلة محاضرات في الدين والاجتماع منظمة الإعلان الإسلامي–إيران-1992م.






#نبيل_علي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي-القسم 2 والاخير
- العقل وماهية الإدراك العقلي
- ضرورة الانتظام العربي والإسلامي في عالم الحداثة والتنوير
- المفاعل النووي السوري بين الحقيقة والوهم..
- المقاومة الوطنية والإسلامية.. ومعادلة الصراع الاستراتيجي ضد ...
- محنة الاستبداد السياسي والاجتماعي في العالم العربي - القسم ا ...
- الفساد في العالم العربي معناه، دوافعه وأسبابه، نتائجه وعلاجه
- إلى الصدر الصغير: العراق بين الدولة المدنية أو الدولة الطائف ...
- محنة الاستبداد السياسي والاجتماعي في العالم العربي 1/2
- الإعلام العربي بين واقع التضليل وطموح التغيير


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل علي صالح - نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي -القسم1