أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - النصيرات بطلات وأمهات وملائكة الثورات















المزيد.....

النصيرات بطلات وأمهات وملائكة الثورات


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2476 - 2008 / 11 / 25 - 09:41
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


أدون كلماتي هذه بعيداً عن مواقف ومصائر بعض الرفيقات السابقة واللاحقة، وقريباً من روح ونبض التجربة الإنسانية الصادقة، بما لها وما عليها. إنها حكاية آلاف الرفيقات والرفاق الذين تجمعوا أو مروا بكردستان، بما يحملون من آراء وآمال وأحلام وطموحات وأمزجة وصفات متباينة ومتناقضة، ظهرت بطريقة أو بأخرى، كنوازع إنسانية، وتعبير عن وجود اجتماعي معين، حتى لو كان مؤقتاً أو اضطراريا. تقول أحدى حكاياتنا الشعبية الأليفة، عندما تأتي الفراشات أو تتعارك العصافير في بيت أو مكان، فأن شيئاً سعيداً مفرحاً سيقع، أو زائر عزيز سيأتي. هكذا كان وصول الرفيقات الى قواعد الأنصار الخلفية، كأسراب السنونو المبكر، الذي يحمل خبر وأمل ما بقدوم الربيع، رغم طبقات العزلة والبعد والانقطاع. فقد حملن شيء من الفرح والتطلع وطرزن أيامنا بالدفء والمودة والنور. فتحية حب ومودة وتقدير وتقديس، الى كل الرفيقات اللواتي عرفتهن والتقيت بهن، في مقار توزله وناوزنك ونوكان وبشتآشان ودراو وخواكورك وروست وبهدينان، والى اللواتي لم أتعرف عليهن ولم ألتق بهن. ولا أريد هنا أن أقيم نتائج مشاركة الرفيقات، ولا الأخطاء الفكرية والتنظيمية والعسكرية، التي مرت بها عموم التجربة. فهذا له مكان ومجال آخرين. هذه كلمات حنين وشوق لوجوه وأمكنه، تأسس معها وفيها حلم مشروع سيظل قائماً، لذلك أعشقها وأتحسس عبقها ورائحتها، وهي تملأ روحي وكياني، وأحن واشتاق لها، كما أحن وأشتاق للوطن ولأهلي وعائلتي ولأطفالي وزوجتي وأصدقائي ورفاقي وللناس وللناصرية.
لا يمكن لنا أن ننسى الخطوات المشتركة التي مشيناها مع الرفيقات البطلات نحو حلم وطني وإنساني نبيل وكبير وبسيط، بساطة الإنسان نفسه، في سبيل وطن غال وعزيز. ولا يمكن لنجمة الأحلام الباسلة والمشعة أن تسقط في التراب، وتداس وتنسى وسط الأخطاء والإخفاقات والانحراف المرير، ولا يمكن للحقيقة أن تضيع، وللذاكرة أن تزول، وللأوراق أن تختلط بطريقة تعسفية متخلفة. لأن الحقيقة تنبثق من تحت الركام مهما مر الزمن.
لقد دعونا في وقت مبكر الى أطلاق عملية كتابة وتسجيل وتقييم ومراجعات موضوعية شاملة وجريئة لكل التجارب التي مررنا بها، في الوقت المناسب، كطريق عقلي طبيعي لابد منه، وليس كممارسة شكلية أو روتينية، ولكي لا نقع في أخطاء كبيرة وقاتلة، ولكي لا تتكرر نفس الأخطاء، أو نقع في أخطاء مشابهة. وقد ركزنا على تجربة كردستان، وقدمت دراسة عن أسباب ونتائج نكسة بشتآشان في أواخر أيار عام 83، أي بعد أيام من المجزرة الدموية التي تعرضنا لها على أيدي مسلحي الاتحاد الوطني الكردستاني، وهي دراسة وآراء مختلفة عن التقييم الذي أصدره المكتب السياسي. وأصدرنا كراساً عن تجربة الكفاح المسلح سنة 85، كتبه الشهيد ستار غانم راضي ( سامي) وساهمت في صياغة وبلورة محاوره وأفكاره، من خلال جلسات حوار مكثفة مع الرفيق سامي، صدر عن مطبعة صغيرة أسميناها مطبعة الشهيد منتصر. والكراس يحمل رؤية نقدية مبكرة عن مسألة تأسيس حركة الأنصار وظروفها وشروطها والنواقص والأخطاء الفكرية والسياسية والعسكرية الرئيسية التي رافقتها، وهي جملة آراءنا النقدية للتجربة التي طرحناها في قواعد الأنصار منذ البداية، والتي اختلفنا بها مع قيادة الحزب، التي لم تكن تحمل رؤية واضحة لبناء وإطلاق التجربة الجديدة، ولم تراجع وتكشف أخطاء تجربة التحالف مع البعث، كشرط أساسي لقيادة عمل نوعي جديد، صعب وخطير، من جميع النواحي، وتأسيس لمرحلة جديدة مختلفة. كما أصدرنا تقيماً خاصاً ومستقلاً، يشمل تجربة التحالف مع السلطة والمرحلة بين عامي 68 و79. وكنت قد كتبت دراسة مفصلة عن أمكانية العمل في الأهوار، وقدمتها لقيادة الحزب نهاية عام 81، وهي لحظة مبكرة ونادرة في آفاق وإمكانيات العمل الجديد، وقد قال لي الراحل أبو عامل الذي سلمته الدراسة، أن هذا المشروع يعد فتحاً كبيراً ومفاجئً في عملنا اللاحق. ولم أتسلم الرد من القيادة نهائياً، والأسباب عديدة ومعروفة بالنسبة لي. كما كتب عدد كبير من الرفاق والأصدقاء ذكرياتهم وأوراقهم عن التجربة، من بينهم زهير الجزائري والدكتور كاظم الموسوي. وقد علمت من الصديق الدكتور عبد الحسين شعبان، نيته لإطلاق مشروع تلفزيوني لتسجيل التجربة من جميع جوانبها. لكن المؤسف في الأمر هو قلة أو غياب مساهمات الرفيقات في تسجيل التجربة، بأية طريقة أو أسلوب.
إننا نؤمن بأنه لا توجد حركة أو موقف أو فكرة أو شخص خارج النقد، ولا يوجد خطأ يمكن معالجته بدون النقد، وهو حق يجب أن يشارك به الجميع، من داخل الحركة ومن خارجها، ولكن بشروط، وأهم تلك الشروط، امتلاك الأداة النقدية الموضوعية والفعالة والجريئة، بالإضافة الى الشروط الفنية الأخرى، للمساهمة بالنقد وتحقيق الفائدة منه. وأن من يتخلف عن ممارسة النقد، أو يتطوع للدفاع عن الأخطاء الكبيرة والشائعة، مهما كانت أسبابه فهو لا يساهم في توفير العلاج للمشاكل الموجودة في أقل تقدير. وهناك من يدافع عن الأخطاء أو يبررها دون مبرر أو سبب معقول، إنما كعادة أو سلوك، وهناك من يصمت عن الأخطاء أو يقبلها، بتشجيع ودعم من القيادة، أو بسبب الغباء والتخلف والقصور عن فهم جوهر الظواهر، أو لأسباب انتهازية والخوف من الخلاف والتصادم، وما يترتب على ذلك من نتائج وعواقب، بعضها خطير ووخيم. وهذه الحالات لا تزال موجودة الى اليوم.
أثيرت هذه الأيام ضجة، لا أعرف أسبابها الحقيقية ولا كيف بدأت، حول موضوع الرفيقات في كردستان. وقد ساهم عدد من الأصدقاء والرفاق في هذه الردود، التي كان بعضها هادئ ومفيد والبعض الآخر منفعل، وراح بعيداً عن الهدف. فقد كتب الدكتور عدنان الظاهر تقريضاً لكتاب الدكتور كاظم الموسوي عن بشتآشان/ فصيل الإعلام، وقد أحببت مساهمة الدكتور الظاهر لأنها من خارج التجربة، حيث يمكن إضافة ملاحظات وأسئلة نادرة وجديدة، ربما لا نطرحها أو نتوصل إليها بسهولة، لكن مثال المتطوعات البولونيات في الجيش البريطاني لم يكن موفقاً، وليس له علاقة بتجربتنا، لا من قريب ولا من بعيد. وربما تكون هذه المقارنة الخاطئة قد أفسدت المادة وأثارت بعض الأصدقاء، ولا أدري لماذا أعتذر الدكتور الظاهر؟؟ وما هو الشيء الذي يستدعي ويتطلب الاعتذار، عدا مثال المجندات البولونيات الخاطيء؟؟ لكن الغريب في الردود أنها تركزت على موضوع وكتاب وشخص ( أبو بشير)، من خلال إشارات وتلميحات معينة، ولم تقتصر على آراء الدكتور الطاهر، أو جرى تناسى أصل الخلاف. لقد راجعت وأطلعت على كل الردود والكتابات. وقد سألت الصديق أبو بشير السؤال التالي : ( هل ما أوردته في الرد هو كل ما كتبته عن وضع الرفيقات في الجبل، أم هناك معلومات وآراء تقويمية أخرى وردت في كتابيك عن التجربة؟؟ )، حيث أنني لم أقرا ولم أطلع على كتابيه للآن. وكان جوابه (بالنسبة للسؤال ففي معظم الفصول هناك إشارات للرفيقات ولو بكلمة الرفيقات فقط ومن ثم الدور. وبالمناسبة فما نشرته يوميات بأسلوب أدبي وواقعي، وليس بحثا أو دراسة عن التجربة الأنصارية وهذه لها وقت آخر). إذن ما هو الخلاف الأساسي مع ( أبي بشير ) في قضية النصيرات بالتحديد؟؟ وهل هناك رأي أو معلومات سلبية خاطئة نشرها وروج لها ضد الرفيقات، وضد تجربتهن في كردستان، لكي نختلف معه ونرد عليه؟؟ وأبو بشير في جميع الأحوال، ليس مسؤولاً عن قراءة وأفكار وأسئلة الدكتور الظاهر الإيجابية أو السلبية. أما آراءه وملاحظاته بصدد عموم التجربة فهذا موضوع آخر، وهو حق طبيعي جداً، له ولغيره، فله الحق في أن يرى ويكتب ويقول ما يعتقد وما يشاء، ومن حق الآخرين الرد عليه ومناقشته، وبذلك نكون قد سجلنا آراءنا وطورنا فكرنا ومواقفنا ومعارفنا عن تجربة وطنية مهمة، لكن منسية ومهملة.
بالنسبة لي،بصدد موضوع الرفيقات النصيرات،فهو يحتاج الى الموضوعية والدقة والحرص، في كتابة وتسجيل التجربة من جميع النواحي، لإبراز قيمتها الحقيقية. فلا يمكن تصور حركة أو ثورة من غير نساء، ولا يمكن لحركة ثورية طبيعية أن تنسى دور المرأة وضرورة مشاركتها في كافة الأعمال والواجبات الضرورية في مسيرتها، ولم تخل ثورة مسلحة أو حرب من العنصر النسائي، ومساهمتها المباشرة وغير المباشرة، لا في العصر القديم ولا العصر الحديث، لا في الشرق ولا في الغرب. وأن وجود الرفيقات في تجربة كردستان، هو مسألة طبيعية وضرورية، ناتجة عن تركيب الحزب، وطبيعة العمل التنظيمي والميداني الجديد، وتعرض الرفيقات الى جانب الرفاق للحملة البوليسية الإرهابية عام 79، أثر فشل وانهيار التحالف الذيلي مع البعث، مما تطلب انسحاب واختفاء الرفيقات من الحياة العامة العلنية، بصورة عشوائية وغير منظمة، ووقوع خسائر هائلة. ولجوء أعداد كبيرة من الرفيقات الى العمل السري، تخلصاً من الملاحقة والاعتقال والتصفية الجسدية أو السياسية. وقد لجأت أعداد أخرى منهن الى الخارج والجبل تخلصاً من الملاحقات الدموية الشرسة، ولمواصلة عملهن السياسي والتنظيمي، والمشاركة في العمل والواجبات والمهمات الجديدة.
لقد تعرض فصيل ( كاني بوق ) وعموم المقرات في ناوزنك وتوزله الى غارات وضربات جوية مكثفة في تموز عام 80، أي قبل الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت في أيلول عام 80، وربما تمهيداً وتحضيراً لها. وكان يتواجد في هذه المقرات عدد من الرفيقات اللواتي شكلن نوات العنصر النسائي في الجبل، منهن خوشكة فريشتا ولينا وزيان وخبات وأم جاسم وزوجات وعوائل عدد من القياديين. وكان ذلك أول درس وأول اختبار عسكري لهن وللقاعدة العسكرية الرئيسية.
ثم كبرت وازدادت الأعداد وتوسعت التجربة مع الالتحاقات الجديدة من الخارج والداخل، والانتقال من القواعد الأخرى الى قاعدة ناوزنك الرئيسية، ثم الى قاعدة بشتآشان حتى وقوع المجزرة الدموية فيها. وقد تجمعت الرفيقات في مقار بشتآشان وبهدينان بشكل رئيسي، وضمت بين صفوفهم أعداد من الفنانات والمثقفات والطبيبات والكوادر العلمية والسياسية والتنظيمية وشاركن في العمل السياسي والعسكري، وتسلل وعاد عدد منهن الى تنظيمات الداخل، لكن الخلل والاختراقات الأمنية الواسعة والخيانات الحقيرة لأسماء معروفة، كانت لهن بالمرصاد، واستشهدت هناك الرفيقة أم ذكرى والرفيقة أم لينا والرفيقة فاتن وشقيقتها وصال، كما استشهدت الرفيقة عميدة عذبي (أحلام) في بشتآشان، أثر العدوان الغادر من قبل حزب جلال الطالباني، واستشهدت الرفيقة موناليزا أمين منشد ( أنسام ) في المنطقة الحدودية العراقية التركية، في كمين للجندرمة التركية يوم 7 أيلول عام 86. كما مرت وسافرت أعداد كبيرة من النساء عبر القواعد العسكرية للأنصار الى الخارج، للزمالات والدراسة أو الهجرة.
لقد كانت التجربة ضرورية ورائعة في المحصلة العامة، وكانت النظرة للرفيقات إيجابية وطبيعية ومتطورة من قبل جميع الرفاق، بل وحتى من قبل الناس في القرى الكردية. وكان الالتزام الحزبي والاجتماعي والأخلاقي عالياً ورائعاً، يسوده الاحترام والمودة والتقدير، وهو يصلح كنموذج كبير في التربية والسلوك الحضاري. وربما تفوق نموذج كردستان والجبل على نماذج عربية، ومنها نموذج الثورة الفلسطينية، رغم جميع الفوارق الكمية والسياسية بين التجربتين. ولم تحصل حوادث أو تجاوزات كثيرة وخطيرة، تهدد أو تبطل التجربة. وهذا لا يعني عدم حصول بعض الأخطاء والممارسات التي قامت بها عناصر انتهازية تافهة في الغالب، وهي حوادث وتجاوزات محدودة جداً. وقد ألتزم الأنصار التزاما رائعا وكبيراً مع سكان القرى، عدا حالات بسيطة ومحدودة أيضاً. عكس التجاوزات الكبيرة التي كانت تمارسها مفارز الأحزاب القومية الكردية، خاصة مفارز الاتحاد الوطني الكردستاني، ضد العوائل والنساء. كما إن الوضع في البلدان الاشتراكية، وبعض العواصم والأماكن الأخرى، لم يشكل عنصر حماية أو صيانة تلقائية للرفيقات، من تحرشات ونوايا الانتهازيين وغير الانتهازيين هذه المرة، والموضوع طويل ومعقد وواسع، ويشمل وضع المرأة في المجتمع الإنساني كله والشرقي خصوصاً. بينما كان من الضروري توفير فرص الدراسة في أوربا الشرقية والمدن الأخرى، لمن يرغبن في إكمال دراستهن وتطوير معارفهن العلمية والأكاديمية، لخدمة الوطن لاحقاً. من جهة أخرى حاول العدو وأجهزته المخابراتية، استخدام وتجنيد النساء في عمليات الاختراق والتخريب، وكذلك استخدام غوائل الشهداء لعدم الشك فيها، بالارتباط مع سلوك بعض العناصر الانتهازية الرخوة. وهناك أمثلة حالات خطيرة معروفة في الداخل والخارج، وصلت الى أعلى المستويات.
وكان من الطبيعي أن تحصل علاقات عاطفية جميلة وسط تجربة العمل المسلح، بعضها فشل وبعضها أستمر، كما في الحياة الطبيعية، في المجتمعات الريفية والمدنية، وفي المدن المتخلفة والمتطورة. إن وجود أعداد هائلة من الشباب، كلهم في عمر العشرين تقريباً، في بداية التطلع والتفتح الجسدي والذهني، يجعل الحاجة الجنسية والجسدية، مسألة ضرورية وملحة، والى العلاقة بين المرأة والرجل، كأمر ضروري وطبيعي وسليم. لكن الشباب، التزموا التزاما عالياً وكبيراً، بسبب الوعي الذاتي والسياسي والاجتماعي والأخلاقي، الذي اتصفوا به، وهم يخوضون تجربة سياسية ونضالية قاسية وجديدة في حياتهم. وهي تجربة فكرية وسياسية وعسكرية وأخلاقية، فيها الكثير من الالتزامات والآفاق والتضحيات والخسائر، وتتطلب التنازل والتضحية بأمور شخصية كثيرة.
لقد عانت الرفيقات أكثر من الرفاق بسبب العزلة والبعد عن الحياة الاجتماعية الطبيعية، وعن العائلة والأهل والأمهات، وقله فرص الارتباط والزواج وإنجاب الأطفال والأمومة، بعيداً عن الحياة العادية والمدن والدراسة والعمل، وغياب أبسط الخدمات والمتطلبات الضرورية لهن، بالإضافة الى المخاطر اليومية، وسوء التغذية، وبساطة أماكن العيش والسكن، وبساطة الملابس بأنواعها، وهي أشياء لا يتقبلها أي إنسان بسهولة. لقد كانت التضحيات كبيرة من هذا الجيل الشاب والرائع، الذي ساهم في الدفاع عن الناس، وأراد أن يساهم في صنع مستقبلهم.
ربما انطلق بعض المشاركين في آراءهم، من تصورات شرقية وذكورية، لا تزال تظهر وتنط في مناسبات معينة، وترزح تحت أرث ثقيل، من التعالي والتمييز والعزل للمرأة، حتى لو كان خفيفاً أو خفياً ومتستراً تحت واجهات أخرى. بينما الموقف من المرأة، يجب أن يكون موقفاً جلياً ومساوياً لموقف العدالة والمساواة الشامل والكامل، والذي طبق في تجربة الجبل الى حد بعيد، وفي كل شيء تقريباً.
للأسف لم تسجل هذه التجربة الى جانب تجارب كثيرة، كما هو مطلوب، والأسف الأكبر يأتي من صمت وعدم مساهمة الرفيقات في تسجيل وكتابة تجربة خارقة ساهمن بها مساهمة فعالة وغير عادية، بل مساهمة جميلة، أردنا لها أن تكون بنهاية مؤثرة وناجحة وسعيدة، وجرها البعض الآخر الى الفشل والخراب. في هذا اليوم كما كنت منذ البداية، لا تهمني النتيجة والمآل، ولا يهمني شيء غير الوعي والموقف، في تلك اللحظة البعيدة عنا، كما اليوم.
كأني أكتب من ناورنك أو بشتآشان أو دراو أو سجن بارزان الحزبي، وليس الحربي، أن جنة بلا نساء، ستكون جرداء مقفرة، يسودها اليباس والموات والجدب، وهي بلا حياة، وبلا توازن، سواء كانت على الأرض أو في السماء البعيدة. فشكراً لهن ولوجودهن معنا. كن ورود ومصابيح في دروب وليالي العتمة والخطر. وهن أمهات وبطلات وملائكة الثورة والثورات الإنسانية والاجتماعية، وأمهات كل شيء.
أملك معلومات وتفاصيل كثيرة ومهمة، عما يتعلق بتجربة وتواجد الرفيقات في بهدينان وبيروت وعدن ودمشق وأوربا الشرقية. لكنني اترك الموضوع لمن عايشه واطلع عليه مباشرة. كما أملك معلومات عن حالات وحوادث في مقر زلي ومقرات دراو وخواكورك، لكنني سوف أتجاوزها وأتركها للزمن، لأنها لا تمثل ظواهر، وإنها التصقت وتعلقت بأعناق مرتكبيها حصرياً.
تبقى تجربة الجبل أو كردستان، ( ومن ضمنها تجربة الرفيقات البطلات، ومجزرة بشتآشان، وملف الشهيد منتصر، والملف الأمني والاندساسات، ومحاور عديدة أخرى)، بحاجة الى فتح ونقل وإخراج من العزلة والإطار الضيق الذي لا تزال تدور وتتداول فيه، لنشرها على نطاق وطني واسع، عبر تسجيل دقيق ومفصل وتسليط الضوء عليها، باعتبارها محاولة مجيدة للتصدي للفاشية المتخلفة، وتجربة وطنية نادرة تخص جميع الناس. وهي بحاجة الى قراء موضوعية هادئة وجريئة. وهذا يحتاج الى جهد جماعي كبير ومنظم، وليس على شكل ردود أفعال موسمية أو متباعدة.

أحمد الناصري / أمين
ناوزنك – نقطة العالم السابق



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتفاقية العار ومسألة الانسحاب الأمريكي من بلادنا
- العار واتفاقية العار
- أمريكا والاحتلال ومستقبل بلادنا بعد فوز أوباما
- ماكين الى النسيان
- مياه الشرب الملوثة وانهيار شبكة المجاري من أخطر أسلحة الدمار ...
- بوش - ماكين إلى الجحيم
- لعنة العراق
- الأزمة الرأسمالية الجديدة وطابعها البنيوي العميق
- الماركسية وأطياف كارل ماركس
- المعاهدة المفروضة كما هي
- عن دمشق والإجازة والصيف ولقاء الأصدقاء وأحداث وأشياء كثيرة أ ...
- ثلاثون عاماً من المنفى والتشرد والملاحقة والأمل
- دلال المغربي
- المعاهدة وألاعيب ومهازل الوضع السياسي
- عن النقد والمراجعات ( المراجعات الشخصية والنقد الذاتي )
- عن النقد والمراجعات
- المعاهدة.. جردة حساب
- الكتابة والنشر في الانترنيت
- بي بي سي تكشف عن بعض مليارات العراق المنهوبة.. الفساد المالي ...
- عن المعاهدة... العراق قاعدة أمريكية دائمة


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - النصيرات بطلات وأمهات وملائكة الثورات