أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - فؤاد النمري: حلقة -مستورة- بين المعلوم والمجهول..















المزيد.....



فؤاد النمري: حلقة -مستورة- بين المعلوم والمجهول..


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2475 - 2008 / 11 / 24 - 09:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في رده المتعالي، المبتذل والرخيص بقدر ما هو متعال، على بعض من كتبوا عن ثورة اوكتوبر بما في ذلك مقالتي المنشورة في موقع "الحوار المتمدن" بتاريخ 4/10/2008، وفي انسجام تام مع دفاعه المستميت عن قاتل لينين، حليف الصهيونية والنازية ثم الصهيونية والامبريالية الانغلو ـ ساكسونية، خائن الشيوعية الاكبر يوسف ستالين، كان من "الطبيعي" جدا ان يهاجم "شيخ الطريقة الستالينية" فؤاد النمري موقفي المبدئي المؤيد للمقاومة الوطنية الاسلامية ضد اسرائيل والامبريالية الاميركية. وقد جاء في رده ما يلي:
"أحد هؤلاء العشرة غير البررة، أعداء الشيوعية، كتب باسم الكاتب اللبناني المستقل جورج حداد . هذا الرجل لديه حالة خاصة تستدعي المعالجة... عجيب أمر هذا الكاتب، ألا يخشى بأن يعرض القراء عن قراءة غثائه ؟ أنا أعلم أن الشيوعيين من ذوي الأصول البورجوازية الوضيعة قد استبدلوا راية الماركسية براية القومية وهو ما استدعاهم لأن يتقوا شر النقد فلا يتفوّهوا بشيءٍ إدّا مثل الذي يقوله الكاتب اللبناني القومي جورج حداد . هناك عشرات من اللبنانيين الشيوعيين سابقاً إنضموا إلى حزب الله حتى وإن لم يتعرّفوا على الله نفسه . جورج حداد المستقل كما يكتب هو على الطريق للانضواء إلى حزب الله، إن لم يكن قد سبق وانضم سرياً، على الرغم من أنه ورث المسيحية عن أبويه".
في هذه الكلمات الحاقدة جانبان، احدهما يتعلق بحزب الله، كحركة مقاومة اسلامية، والثاني يتعلق بي شخصيا. وكي اكون موضوعيا ما امكن، سأحاول الرد على كل جانب على حدة.
الجانب الاول ـ الموقف من المقاومة الاسلامية:
في اتهامه لي بأنني احد الشيوعيين السابقين المنضمين، علنا او سرا، الى حزب الله، ينطلق النمري من موقف مسبق هو اعتبار الانتماء الى حزب الله، او تأييده، بأنه "تهمة". وهذا الموقف ينطلق بدوره من موقف مسبق اساسي هو الموقف السلبي من حزب الله، والمقاومة الاسلامية، بوصفه وبوصفها حركة اسلامية.
وفؤاد النمري هو ستاليني متشدد، وفي الوقت ذاته يدعي انه ماركسي ـ لينيني. ونحن لا يعنينا بشيء ان يكون النمري ستالينيا وان يقول ما يقول كستاليني، ولكن ادعاءه الماركسية ـ اللينينية هو ما يدفعنا الى الرد عليه في هذه النقطة، لأنه من الضروري تبرئة الماركسية ـ اللينينية من مثل هذه التخرصات المنافية للمنطق التاريخي، والتي لا تخدم سوى الامبريالية والصهيونية والرجعية الاسلامية المعادية للجماهير الشعبية العربية والاسلامية المظلومة والمناضلة من اجل التحرر الوطني والقومي والتقدم الاجتماعي. وليسمح لنا القارئ بأن نشرّح الرد ونفصله في النقاط التالية:
ـ1ـ في الموقف من المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله، لا يتعلق الامر هنا بنقاش فكري ونظري (فلسفي ـ ديني ـ سياسي الخ). وفؤاد النمري في شجبه لي لم يناقش اي من اطروحات حزب الله ايا كانت؛ بل كل ما فعله هو التعبير عن الموقف السلبي المسبق من حزب الله، لا اكثر ولا اقل. فإذا كان يتخذ هذا الموقف، بدون اية مناقشة، فتلك مصيبة، خصوصا وأنه يدعي الماركسية. فما هو رأيه، بالمقابل، اذا قام الاسلاميون ـ ايا كانوا ـ باتخاذ موقف سلبي مسبق ايضا من الماركسية والماركسيين، بدون اية مناقشة ايضا؟ ماذا سيقول النمري حينذاك؟ انه سيتهم الاسلاميين بالظلامية والرجعية والتكفيرية، على الاقل!
ليطرح النمري نظريته "النمرية" او الستالينية حيال الاسلام والحركات الاسلامية، وليتلق هو ونمريته وستالينيته ردود الافعال الاسلامية.
اما ان يتستر النمري خلف الماركسية، في موقفه السلبي المسبق من الحركات الاسلامية، فإنه يحمـّل الماركسية والماركسيين العرب ردود افعال هي وهم غير مسؤولين عنها؛ وهذا بعيد كل البعد عن اي منطق، او اخلاق سياسية، او اي حق له.
ـ2ـ يبقى ان النمري يتخذ هذا الموقف السلبي المسبق من المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله، انطلاقا من صفتها وممارستها كحركة مقاومة اسلامية. وهذا هو الاستنتاج الارجح، حيث انه يشاركه في مثل هذا الموقف "ماركسيون" مزيفون آخرون، من الستالينيين كالرفيق العزيز جريس الهامس الى الخروشوفيين ـ الغورباتشوفيين الرخصاء كالرفيق الاعز الياس عطالله. وبيت القصيد في معارضة هؤلاء "الماركسيين" المزيفين، ومنهم النمري، لحزب الله، هو انه مقاومة؛ اما "التهمة بالاسلامية" فهي حجة ليس الا لمعارضة المقاومة. وبصرف النظر عن طرق التعبير والنوايا الشخصية، فإن الوقوف ضد المقاومة يصب مباشرة في خانة اعداء المقاومة، اي اسرائيل والامبريالية الاميركية والانظمة العربية الرجعية والدكتاتورية الزاحفة على بطونها لاجل تحقيق "السلام" مع اسرائيل على حساب القضية العادلة للشعب الفلسطيني المظلوم وقضية التحرر العربية عامة. فما هي هذه "الماركسية" التي يدعيها النمري حينما يقف في معسكر واحد مع الانظمة السعودي والاردني والمصري، ومع فؤاد السنيورة وسمير جعجع؟
ـ3ـ ان المقالة التي قرر النمري جلدي بسببها هي مقالتي عن ثورة اوكتوبر الاشتراكية الروسية. ومثلما ان النمري يحتمي باطلا بـ"الماركسية" اللفظية كي يجلدني، فأنا يحق لي ان احتمي بتجربة ثورة اوكتوبر كي ادافع عن صحة موقفي الماركسي من المقاومة الاسلامية:
هناك سؤال تاريخي كبير، لم تكلف الاحزاب الشيوعية العربية نفسها عناء البحث فيه، وذلك تحت تأثير الستالينية التي كانت مسيطرة على الاتحاد السوفياتي بعد قتل لينين، والتي كان همها تزييف وتسطيح وعي الشيوعيين وابتذال ومسخ وشرشحة الماركسية. وهذا السؤال التاريخي الكبير هو: ان القيصرية الروسية كانت تمثل استعمارا "قوميا ودينيا" بالنسبة للشعوب الاسلامية في آسيا الوسطى والقوقاز وفي بعض مناطق روسيا ذاتها. وكانت هذه الشعوب تناضل ضد النظام الاستبدادي ـ الملكي ـ الاقطاعي ـ البرجوازي القيصري، جنبا الى جنب الشعب الروسي، وفي الوقت نفسه كانت تناضل ضد التمييز والاضطهاد القومي (الروسي) والديني (المسيحي). وكان هناك حركات "قومية" و"دينية" اسلامية متجذرة في تلك البلدان تخوض النضال على رأس قطاعات جماهيرية واسعة. والسؤال هو: كيف تعامل الشيوعيون الروس، او البلشفيك، مع تلك الحركات الاسلامية التي كانت تناضل ضد القيصرية، من منطلقات فكرية ـ دينية مختلفة تماما عن منطلقات الشيوعيين؟
لا يسجل لنا التاريخ اي نزاع فكري ـ ديني ـ سياسي بين البلشفيك الروس وبين الحركات الاسلامية في روسيا القيصرية، عشية واثناء وغداة ثورة اوكتوبر. لقد نشبت الحرب الاهلية، التي تولدت عنها نزاعات في مختلف مناطق الامبراطورية الروسية، على اساس من هو مع الثورة ومن هو ضدها، من هو مع او ضد تطبيق برنامج الثورة (اسقاط القيصرية، الارض، السلام، حكم السوفياتات، تحرير الجماهير الشعبية، وتحرر الشعوب المستعمرة، فرض السيطرة العمالية على الانتاج، اتحاد العمال والفلاحين، "الشيوعية الحربية" الخ الخ)؛ وقد طرح شعار اقامة الاتحاد السوفياتي كمؤسسة دولة، بديلا عن الشكل الاستعماري ـ الاستبدادي (القيصري) السابق للدولة، وان يقوم الاتحاد على قاعدة حق تقرير المصير وحق الاتحاد والانفصال لكل شعب من الشعوب التي تكون منها الاتحاد السوفياتي. وقد انفصلت بولونيا وفنلندا (المسيحيتان) عن روسيا ولم تنضما للاتحاد السوفياتي، بل وقامت حرب بين السلطة السوفياتية الفتية وبولونيا. اما الشعوب الاسلامية فقد انضمت الى الاتحاد السوفياتي بملء ارادتها وحريتها. وسيكون من التسطح التام والسخف ان يدعي احد ان تلك الشعوب المظلومة، التي كانت تتفشى الامية في صفوفها بنسب عالية جدا تفوق الـ90%، قد تخلت عن معتقداتها الدينية (الاسلامية) وتبنت المفهوم المادي للوجود والتاريخ والفلسفة المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية. بل ربما كان العكس هو الاصح، اي ان تلك الشعوب وجدت في الثورة، بالتعاون الوثيق مع الشيوعيين الروس، الطريق نحو تحريرها من القمع الذي كان يمارس ضد الاسلام والمسلمين من قبل النظام القيصري ـ الاقطاعي ـ البرجوازي. وبكلمات اخرى، ان الشعوب الاسلامية المظلومة في روسيا القيصرية كانت تمور بالحقد على الاستعمار الروسي؛ ومع ذلك، ومع انه كان يوجد في صفوف الشيوعيين امثال المتوحش السافل ستالين (الذي يسخر في بعض كتاباته من الاسلام والندبة الحسينية "واحسين!")، فإن البلشفيك الروس، الذين كانوا ماركسيين ـ لينينيين حقيقيين، استطاعوا ايجاد "اللغة المشتركة" مع الشعوب الاسلامية (ومعلوم ان لينين كتب مئات الصفحات والنداءات الموجهة الى "مسلمي آسيا والشرق")، وكسبوا ثقتها في النضال المشترك ضد الظلم القومي والاجتماعي والديني والاتني؛ وعلى اساس هذه الثقة والنضال المشترك قام الاتحاد السوفياتي بين الشعوب المسيحية الشرقية والشعوب الاسلامية المعنية. واليوم حين يتحفنا جهابذة الامبريالية والصهيونية بما يسمى "حوار الاديان" والوحدة المزعومة لليهودية والمسيحية والاسلام، في خدمة الامبريالية والصهيونية، كبديل عن التفرقة الدينية والتفتيت والتمزيق والمذابح المتبادلة؛ كم من الضروري العودة الى تجربة ثورة اوكتوبر واقامة الاتحاد السوفياتي العظيم، الذي قوض أسسه لاحقا الخونة المستورون ستالين والستالينيون الاوباش، ثم تابع تقويضه واجهز عليه الخونة المكشوفون النيوستالينيون الخروشوفيون ـ الغورباتشوفيون. واستنادا الى هذه التجربة التاريخية، فإن المطلوب، من وجهة النظر الماركسية ـ اللينينية الحقيقية، انما هو السعي الحثيث لايجاد "لغة مشتركة" في ما بين الحركات المناضلة، اليسارية والقومية والاسلامية، العربية وغير العربية، في النضال المشترك ضد الامبريالية والصهيونية والدكتاتورية والرجعية الدينية وغير الدينية.
ـ4ـ من المهم جدا، بالنسبة لأي باحث او مفكر، وأي مناضل صادق، وأي وطني وتقدمي، وأي مواطن شريف لبناني وعربي، اعطاء تقييم موضوعي لحزب الله ودوره على الساحة اللبنانية والعربية والاسلامية والعالمية عامة. واعتقد ان ذلك هو من حقي ايضا، رغم أنف النمري وامثاله. ولما كنت اعتبر نفسي، مصيبا ام مخطئا، احد "رعايا الأمة الماركسية"، ولما كان الاستاذ النمري يتصرف بوصفه "سلطان الماركسية العربية" او "بابها العالي"، فأنا اطلب منه الاذن بعرض رأيي بحزب الله فيما يلي: نشأ حزب الله كجزء لا يتجزأ من الحالة الشيعية في لبنان، من قلب حركة امل التي سبق وشكلها الامام موسى الصدر. واذا كانت بدايات ظهور حزب الله تعود الى مطالع الثمانينات من القرن الماضي، وتحديدا في اعقاب الاحتلال الاسرائيلي للبنان وبيروت في 1982، فإن جذوره تضرب في اعماق الحالة الشيعية التي تمخضت عن الثورة الاسلامية في ايران والحركة والاحزاب الشيعية في العراق وحركة امل في لبنان، والتي كانت كلها تترابط وتتمايز فيما بينها بشكل لا يخفى على اي باحث او مؤرخ. وبتميز حركة امل ("اللبنانية العربية") عن هذه الحالة الشيعية المتنوعة العامة، ثم بتميز حزب الله عن حركة امل وخروجه من رحمها واستقلاله عنها، خصوصا تحت علامة "المقاومة"، يتوجب التأكيد ان حزب الله "الشيعي" له ايضا خصوصيته وهويته المميزة. ولذلك فإن "محاكمته العقلية" تتناوله وحده. وأنا شخصيا استطيع ان اقدم الملاحظات الاساسية التالية لـ"التعرف" الى حزب الله وطرح احتمالات اللقاء والافتراق، الحوار او الشجار، الاتفاق او الاختلاف معه:
أ ـ نشأ حزب الله في اصعب وادق واعقد مراحل "الحرب" او "الحروب اللبنانية"، حينما كان الانشقاق الداخلي على اشده، وكان لبنان تحت الاحتلال الاسرائيلي وهيمنة المخابرات السورية، وكان المحتلون الاسرائيليون قد جاؤوا بالدبابات بالرئيس الجميل الاول والجميل الثاني الى سدة الرئاسة، وكانت الحروب الداخلية بين الجميع والجميع على ما يشبه عراق اليوم وأسوأ. وقد انعكست سلبيات هذه المرحلة السوداء على حزب الله بطبيعة الحال، حيث انه ـ مع حمله اسم الله جل جلاله ـ حزب مؤلف من بشر، والبشر، حتى اتقاهم، هم خطـّاؤون وليس فيهم معصوم. ومن الملاحظات السلبية التي يمكن تسجيلها على ممارسة حزب الله في بدايات نشوئه: انجراره الى النزاع مع الشيوعيين، حتى وهم يقاومون اسرائيل؛ وانجراره الى النزاع المسلح مع حركة امل ذاتها التي خرج من رحمها؛ ومشاركته الجزئية مع حركة امل في النزاع مع الحزب التقدمي الاشتراكي الذي اتخذ طابعا مذهبيا شيعيا ـ درزيا. ومن ضمن حالة التفتيت الشامل على الساحة اللبنانية، الذي لم يوفر اي طائفة او حزب سياسي، فإن حزب الله ايضا تجرع كأس الانشقاق الحزبي الداخلي الذي كاد يتحول الى صدام مسلح (قضية الشيخ صبحي الطفيلي). واذا كان حزب الله، في مسلكه اللاحق، قد تجاوز هذه الحالات النزاعية والانشقاقية، وقدم نموذجا سلوكيا آخر، الا انه حتى الان لم يقدم تحليلا تاريخيا ونقدا ذاتيا ضروريا لتلك الاخطاء والانحرافات، وهذا ما يتوجب ان يقوم به، اولا لان من حق المناضلين الشرفاء من كل الفئات بمن فيهم مناضلو حزب الله ان يعرفوا الحقائق ويميزوا "القرعة من ام قرون"، وثانيا لان النقد الموضوعي والنقد الذاتي يعطي صلابة فكرية للمناضلين وضمانات اكبر لعدم تكرار الاخطاء ذاتها او ما يشبهها. وكما يقول القول المأثور: الاعتراف او العودة عن الخطأ فضيلة.
ب ـ ان حزب الله هو حالة دينية ـ مذهبية، فكريا، لها ممارستها السياسية والاجتماعية والعسكرية النضالية. فهل على الماركسيين العرب التعامل مع هذه الحالة على اساس اطروحاتها وممارساتها الملموسة في المجتمع، ام القطيعة المسبقة معها، على اساس الموقف الفكري (الديني او الفلسفي) المسبق. أنا من القائلين ان المجتمع، وبالاخص المجتمع اللبناني والعربي، ليس كلية جامعية، او منبر في كلية جامعية، حيث تدور النقاشات بين اساتذة وطلاب ومريدين ومعارضين، على اساس فكري: فلسفي ـ ديني، ايمان ـ الحاد، مثالية ـ مادية، وجودية الخ الخ. بحيث يحق لأي كان ان يقاطع او يتماهى مع اي من الكتل والاتجاهات الفكرية ـ الدينية ـ الفلسفية الموجودة. بل نحن امام وجود مجتمعي عريض لاديان ومذاهب وحركات دينية وفكرية موجودة شئنا ام ابينا. وكل من هذه الكتل الدينية والمذهبية يشكل جزءا تكوينيا من البناء المجتمعي العربي كله. ونبذ او إلغاء اي من هذه الاجزاء يفضي الى زعزعة وتقويض المجتمع العربي ككل. ودور الماركسيين العرب الصادقين هو في تعزيز وتوطيد تماسك ووحدة المجتمع العربي بكل تنوعه، لا تفكيكه واضعافه وتقويضه. ومن الخطأ الجسيم ان ننزلق الى محاولة اسقاط افكارنا الخاصة على الاخرين، لان هذا سيف ذو حدين، فإذا ادنـّا سنـُدان بدورنا، واذا نبذنا سننبذ. بل علينا ان نتقبل الآخر، وان نحاول ايجاد قواسم مشتركة للقاء على قاعدة "المنفعة العامة": وطنيا ـ قوميا ـ اجتماعيا ـ سياسيا الخ. وانا من القائلين انه اذا كان التناقض الاساسي والرئيسي لجماهير الامة العربية هو مع الامبريالية والصهيونية واذنابهما على الساحة اللبنانية وكل الساحات العربية الاخرى، فقد برهن حزب الله بالممارسة الملموسة انه قوة نضالية ضد الامبريالية والصهيونية واذنابهما، اي انه موضوعيا حليف ستراتيجي للحركة الشيوعية الثورية، اذا وجدت كذلك، والمفروض ان توجد اذا لم تكن توجد. اما اذا كان يوجد من يحاول، باسم الماركسية والشيوعية، ان ينبذ حزب الله، حتى بالاستناد الى اخطائه السابقة، لانه حزب ديني ـ مذهبي ليس الا، فهذا "الماركسي" و"الشيوعي" ليس الا بارافان للامبريالية والصهيونية، كما كان ستالين العظيم وتلامذته الصغار خروشوف وغورباتشوف واضرابهم.
ج ـ بدون ان ننسى اي علة من عللنا واي خطأ من اخطائنا، بما فيها الاخطاء التي رافقت نشوء حزب الله، فإن التحليل الصحيح والموضوعي، سياسيا وتاريخيا، يقتضينا النظر الى خط تطور حزب الله خلال الاكثر من ربع قرن من حياته. وهنا لا بد ان نلاحظ ان حزب الله، كتنظيم ديني ـ مذهبي في الاساس، لم يتطور ويأخذ مكانته في لبنان والوطن العربي والعالم، على اساس الانغماس او الغرق في الصراعات ذات الطابع الديني والمذهبي، حتى وهو يواجه اسرائيل واميركا؛ كما هو الامر بالنسبة لغيره مما يسمى التنظيمات الدينية والسلفية (القاعدة وغيرها)، وهو قد كبح نفسه تماما عن الانزلاق الى النزاعات الدينية والمذهبية المسلحة، كما هو الحال في العراق مثلا. بل بالعكس تماما، فإن حزب الله، وبصفته الدينية والمذهبية بالتحديد، تحول الى اهم ضمانة للوحدة الوطنية (بالمعنى السياسي ـ الطائفي) في لبنان، حتى حينما كانت "اغراءات" الفتك الطائفي بالآخرين متاحة له بشكل كبير (بعد الانسحاب الاسرائيلي من جزين ثم من الجنوب والبقاع الغربي في ايار سنة 2000، فإن حزب الله مارس كل نفوذه وهيبته كمقاومة اسلامية لمنع التعدي على المسيحيين وتهجيرهم، كما جرى في الشوف وعاليه واقليم الخروب في 1985، على ايدي "الجنبلاطيين". وبعد انتصار تموز 2006، ومن ثم الهزيمة المزرية لجماعة 14 اذار المرتبطة بالمخططات الاميركية ـ الاسرائيلية في ايار 2008، فإن حزب الله مارس ايضا كل نفوذه وهيبته بالتعاون مع الجيش اللبناني لاجل ضبط الاوضاع وعدم الانزلاق الى فتنة شيعية ـ سنية، وأصر على التمسك بشعار ما يسمى "حكومة وحدة وطنية" التي تمثلت فيها الكتل السياسية كما هي نسب البرلمان الحالي. وقد قبل حزب الله حتى ان يعود السيد فؤاد السنيورة ذاته رئيسا للوزراء). أي ان حزب الله، في الوقت الذي برز فيه بوصفة قوة مقاومة استراتيجية مركزية، ذات وزن اقليمي اعترفت بها اسرائيل ذاتها، واصبح يمثل الضمانة الاولى للوقوف بوجه العدوان الاسرائيلي على لبنان؛ فإنه برز ايضا بوصفه الضمانة الاولى للوحدة الوطنية اللبنانية وعدم الانجرار مجددا الى مستنقع الحرب الاهلية ذات الوجه الطائفي. واذا ـ لا سمح الله ـ رضخ حزب الله للضغوطات المعنوية والسياسية الكبيرة التي تمارس عليه، ومنها التشهير من قبل ماركسيين مزيفين امثال فؤاد النمري وكريم مروة والياس عطالله، و"استقال" من دوره الراهن كضمانة اساسية لـ"الوحدة الوطنية" اللبنانية، وترك "اللعبة اللبنانية" تأخذ مجراها "الطبيعي"، فإن الكيان اللبناني سينفجر ويتشظى في ايام وستختفى تماما الدولة اللبنانية وتتحول الساحة اللبنانية الى "مسلخ طائفي" او الى غابة وحوش طائفية متناحرة الداخل اليها مفقود والخارج مولود.
د ـ يتهم حزب الله بأنه يمثل اداة سورية وايرانية في لبنان. وحزب الله ذاته لا ينفي تعاونه مع سوريا، كما لا ينفي علاقته الدينية بالقيادة الشيعية الايرانية. ولكن التحليل المنصف والصحيح يقتضينا النظر بموضوعية الى مسائل بهذه الاهمية والخطورة. وهناك سؤال كبير: لو كان حزب الله يمثل اداة لسوريا، كما هو (او كما صار) للاسف تنظيم اقليم لبنان لحزب البعث العربي الاشتراكي، وله ما له من قوة شعبية سياسية وميدانية، ولم يكن يريد خروج القوات والمخابرات السورية من لبنان في 2005، هل كان هناك من يستطيع الوقوف بوجهه حينذاك لو تحرك للدفاع عن السوريين ومنع خروجهم؟ ان الاستنتاج الذي نستخلصه من موقف "المتفرج" الفعلي الذي وقفه حزب الله حينذاك، هو انه كان يدرك تماما سلبيات الوجود السوري في لبنان، و"موافقا" عمليا على خروجهم، الا انه اعلن اعلاميا وقوفه الى جانب سوريا، لترك السوريين يخرجون "بسلام"، ولمنع تدهور الامور الى نزاع لبناني ـ سوري لن تستفيد منه سوى اسرائيل، ولاستمرار "التكتكة" مع النظام السوري والاستفادة منه على صعيد دعم المقاومة. وعلى هذا الصعيد بالذات فإن حزب الله لا "يضبط ساعته" على ساعة النظام السوري، بل ان له ستراتيجيته المستقلة، تماما كما كانت فيما مضى فتح ومنظمة التحرير تتعاملان مع النظام السوري دون ان تلتزما بمواقفه، مع الفارق ان فتح ومنظمة التحرير سارتا اشواطا، قدام النظام السوري، في خط المفاوضات والتفاهم مع اسرائيل؛ اما حزب الله فبالعكس تماما هو يمثل الخط المتشدد، خط المقاومة، بينما النظام السوري "يلعب بورقة المقاومة" (في دعمه لحزب الله وللمنظمات المعارضة الفلسطينية) لتوظيف هذه "الورقة" في المفاوضات مع اسرائيل. وهذا ما يدركه تماما حزب الله.
وفي ما خص ايران، فالامر يختلف تماما، حيث ان العلاقة بين حزب الله وايران هي علاقة عضوية، كعلاقة موارنة لبنان بالفاتيكان. فالجانب الديني البحت في مثل هذه العلاقات له خصوصيته التي ينبغي احترامها، وعدم "التدخل" فيها، الا في المكان والزمان المناسبين وبكل خصوصياتها. اما على مستوى الممارسة السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية الخ، فإنه من السخف التام والضحالة السياسية التامة ان يقول البعض ان حزب الله خاصة وشيعة لبنان عامة هم "اداة" بيد ايران. وهو ما يعادل القول بأن موارنة لبنان هم "اداة" للفاتيكان، وهذا غير صحيح ولا يمكن ان يكون، لانه يتنافى مع طبيعة او جوهر العلاقة ذاتها. ولماذا لا نقول العكس، ان ايران وشيعة ايران هم "اداة" بيد حزب الله وشيعة لبنان. انا شخصيا (كعضو سابق في الحزب الشيوعي اللبناني ـ السوري) لا استغرب ابدا ان تصدر مثل هذه الاتهامات عن بعض ايتام ستالين. لان "المدرسة الستالينية" عملت فعلا طوال عشرات السنين، على تدمير العلاقة الرفاقية الندية بين الاحزاب الشيوعية، اي عملت على تحويل قيادات الاحزاب الشيوعية "الاجنبية" بما فيها العربية الى "ادوات" للاجهزة السرية السوفياتية، وكل قائد شيوعي "مستقل" كان يجري ابعاده وحتى تصفيته جسديا حتى بالتآمر مع الاعداء. وهذا ما جرى مثلا للشهيد الكبير فرج الله الحلو، الذي كان ضد تقسيم فلسطين خلافا لرأي القيادة السوفياتية، ومن ثم كان مع الوحدة المصرية ـ السورية وضد دكتاتورية عبدالناصر ـ السراج، ايضا خلافا لرأي القيادة السوفياتية؛ فتمت تصفيته جسديا بالتعاون المباشر وغير المباشر بين المخابرات السوفياتية والناصرية ـ السراجية؛ وحتى الان فإن الحزب الشيوعي اللبناني ذاته لم يقم بتحقيق موضوعي حول طريقة استدراج فرج الله الحلو وتسليمه للقتل على ايدي كلاب عبدالحميد السراج في دمشق سنة 1959. وطبعا لا يمكن ان نستغرب اتهام حزب الله بالعمالة لايران من قبل عملاء اسرائيل والسعودية، ايا كان دينهم او مذهبهم؛ لأن العملاء لا يستطيعون اي يفهموا اي علاقة الا تحت خانة "العمالة". والحقيقة ان العلاقة الشيعية ـ الشيعية من لبنان الى ايران، هي علاقة ندية، وهناك آراء ومواقف مختلفة، وكل طرف من الاطراف الشيعية يحاول ان يقنع الطرف او الاطراف الاخرى بموقفه ويستقطبهم الى جانبه. ومن الطبيعي في هذه الحالة ان الشيعة الايرانيين يحاولون استقطاب الشيعة الاخرين الى جانب مواقفهم؛ وهذا يصح ايضا على الشيعة العراقيين الذين ـ في تقديرنا المتواضع ـ كان لموقفهم دوره في اشعال حرب الخليج الاولى (الحرب العراقية ـ الايرانية)؛ والشيعة العراقيين هم الذين "يملون" مواقف السياسة الايرانية حيال العراق وفيه، وليس العكس. والامر ذاته يصح على الشيعة اللبنانيين. وهنا علينا ان نسجل "نقطة ذهبية" اذا صح التعبير لحزب الله الشيعي اللبناني العربي. فاذا تجردنا قليلا عن الصراع العربي ـ الاسرائيلي، فإن "المصلحة القطرية" الخاصة والمباشرة لايران هي ان تنصرف الى شؤونها، وان تقف "على الحياد" حيال الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وان تحسن علاقاتها التجارية مع اوروبا واميركا والصين والهند واليابان وروسيا، ومع السعودية ومصر والمغرب الخ، وتترك "شتـّاميها" من العرب يقلعون شوكهم بيدهم هم و"اسرائيلهم". وفي تقديرنا المتواضع ان الشيعة اللبنانيين بقيادة وبفضل حزب الله بالدرجة الاولى استطاعوا استقطاب شيعة ايران والنظام الايراني كي يعضوا على الجراح التي لا تزال نازفة من ايام الحرب العراقية ـ الايرانية، وكي يتبنوا، كقضية وطنية ـ دينية، ايرانية ـ شيعية، مقدسة، قضية دعم القضية الوطنية اللبنانية والفلسطينية والعربية، بمواجهة اسرائيل، اكثر بكثير مما استطاعته المقاومة الفلسطينية والاطراف العربية الاخرى مجتمعة. حينما كانت ايران الشاه، كان يوجد المثلث الاسرائيلي ـ التركي ـ الايراني المعادي للعرب. وكنا، وبكل حق، نتهم ايران الشاه بمعاداة العروبة والاسلام. اما اليوم، وبفضل المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله، فإن انضمام ايران الى جانب المقاومة ضد اسرائيل قد عدل موازين القوى اقليميا ودوليا، لصالح لبنان وفلسطين والعرب اجمعين. والذين يوجهون سهامهم الان لحزب الله ويتهمونه بأنه "اداة" ايرانية، ويوجهون شتائمهم الى الشعب الايراني العظيم وقيادته المناضلة، بـ"تهمة" تبني القضية الوطنية اللبنانية والفلسطينية والعربية، ان هؤلاء واولئك لا يفعلون سوى انهم يريدون ان "ينتقموا" لاسرائيل، وان تعود الاوضاع لما كانت عليه في عهد شاه ايران ونوري السعيد وكميل شمعون.
XXX
وآتي الى الجانب الشخصي في تخرصات فؤاد النمري، و"اتهامي" بالعلاقة او الانتماء "سرا" الى حزب الله. وهذا هو ردي عليه:
انا لا اختبئ في تأييدي للمقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله. ومن اصل 110 مقالات نشرتها حتى الان في موقع "الحوار المتمدن" ذاته يوجد 40 مقالة هي دفاع مباشر وصريح عن المقاومة وحزب الله بالاسم والفعل.
فتأييد المقاومة بالنسبة لي ليس تهمة، بل شرف شخصي وواجب وطني وقومي و"شيوعي"، كما افهم انا الشيوعية. لا كما يفهمها فؤاد النمري والياس عطالله وكريم مروة وبقية المرتدين والمرتزقة والمباعين بالدولارت او بالريالات (بعد ان يحسب لهم فرق العملة طبعا، لأن "الحق حق").
وبالنسبة لي الامور واضحة تماما (ابيض او اسود): (احتلال وصهيونية وامبريالية ، او مقاومة وطنية وقومية واسلامية ضد الاحتلال والامبريالية والصهيونية) (ومن هو مع المقاومة فهو "معنا"، ومن هو ضد المقاومة فهو "ضدنا" وهو مع الاحتلال والامبريالية والصهيونية، ونحن ضده حتى النفس الاخير ونعتبره عدوا وعميلا للاحتلال والامبريالية والصهيونية).
وبالنسبة لي "المقياس" او "البوصلة" التي تقودني الى دعم حزب الله، ليس الايديولوجيا الدينية او غير الدينية. فكل من يعرفني يعرف تماما انني دعمت المقاومة الفلسطينية منذما ظهرت بقالبها "العرفاتي"، مع اختلافي التام مع الخط السياسي والفكري لعرفات والتزامه الطبقي البرجوازي فلسطينيا و"النظامي ـ النفطاوي" عربيا. ودعمت "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" حينما اطلقها الحزب الشيوعي اللبناني مع اختلافي الحزبي والسياسي والفكري مع الحزب. ودعمت الخط المقاوم في الحركة الاسلامية الشيعية في لبنان، ضد الخط الذي كان معاديا للشيوعيين والفلسطينيين، وهذا الخط المقاوم هو الذي تمخض عن المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله. اي ان "البوصلة" بالنسبة لي هي المقاومة ضد اسرائيل والصهيونية والامبريالية. واذا ـ لا سمح الله ـ جاء يوم اسود واصطف حزب الله في صف اللاهثين وراء "السلام" والتطبيع مع اسرائيل وتخلى عن المقاومة، فإنني ايضا سأقف ضده، وأؤيد اي تنظيم او حزب للمقاومة ضد اسرائيل والصهيونية والامبريالية، حتى لو كان حزب الجن الازرق.
وربما ان فؤاد النمري، القابع في برجعاجه، لم يتنازل ليقرأ اي مقال من مقالاتي عن حزب الله والمقاومة، ولكنني لا اظن انه لم يقرأ العناوين على الاقل، ويعرف من هو هذا "الجاهل" و"المتخلف" و"الوضيع" الذي يكتب عن حزب الله واسمه جورج حداد من ابوين مسيحيين. فلماذا يتهمني اذا بالتآمرية، وبأنني مع حزب الله "سرا"؟؟
في رأيي ـ واتمنى ان اكون مخطئا، ولكنني اعتقد شبه جازم بأنني لست مخطئا ـ ان فؤاد النمري يريد ان يتهمني بـ"السرية"، حتى يبرر هو نفسه. فبالتأكيد ان فؤاد النمري يخفي شيئا سريا في نفسه وعن نفسه، حينما يتظاهر بالماركسية الستالينية المزيفة. وهو ليس غبيا كي لا يعرف انني شيوعي قديم (بمعنى منتسب قديم الى الحركة الشيوعية) مثله ومن جيله. وهو يريد ان يخرّجني "عميلا" لحزب الله، كخطوة اولى، يخرّجني بعدها "عميلا لايران"، من اجل تبرير نفسه بأنه هو اصبح او ينوي ويبحث لان يصبح "عميلا اميركيا". وهذا هو الجانب "السري" ـ حتى الان ـ في موقف فؤاد النمري. فهو ينظر الى نفسه كـ"مثقف ماركسي!" كبير، وهو يطمح لان "يقبضه" الاميركان ويمولوا له مركزا اعلاميا وسياسيا وتجسسيا، مثلما مولوا سعدالدين ابرهيم في مصر وفخري كريم في العراق وربما على الطريق ليمولوا كريم مروة في لبنان. ولكنه يخطو بحذر وببطء حتى لا يحترق بسرعة كما احترق غيره. وهو يستفيد من تجربة "الرائدين" سعدالدين ابرهيم وفخري كريم واخطائهما، ويعمل بالخطة التالية:
ـ1ـ التهشيم التدريجي للاحزاب والفعاليات والقوى والتيارات والشخصيات الثقافية اليسارية والشيوعية والماركسية القائمة، وخصوصا الوطنية والقومية منها، الملتزمة بخط المقاومة الثقافية والسياسية والمسلحة ضد الاحتلال والامبريالية والصهيونية. واستخدام اللفظية "الماركسية!" كأداة تهشيم.
ـ2ـ بعد ان سقطت الغورباتشوفية في الوحل، وهي التي استند اليها فخري كريم؛ يعمد فؤاد النمري الى العودة الى الستالينية، وهو ما ينسجم تماما مع خط اللقاء المالي المكشوف والسياسي السري، الاميركي ـ الصيني. وربما سيجري تمويل مركز اعلامي ـ سياسي يقوده فؤاد النمري، عبر القناة الصينية (وليس عبر القناة الاميركية مباشرة، كما جرى مع سعدالله بيه وكاكا فخري، فانفضحا بسرعة). فأذا رفعت الاعلام والرموز والطقوس الستالينية ـ الصينية فوق مركز النمري، سيتم (برأيهم) بسهولة اكثر استقطاب فعاليات "صينية" مثل جريس الهامس، ونصف غورباتشوفية ـ نصف صينية مثل كريم مروة، وسيتم خداع بعض الجهلة بـ"ثورية" ستالين، عبر المتاجرة الرخيصة ببطولات الشعوب السوفياتية ضد الهتلرية الخ.
ولكن ستبقى المشكلة الرئيسية لكل هؤلاء، انهم شعبيا: صفر. فهم اقزام صغيرة جدا، امام العملاق الشعبي المؤيد للمقاومة ضد الاحتلال والامبريالية والصهيونية. وكما قال بيروتي عتيق حينما سقطت قلعة ديان بيان فو الفرنسية في فيتنام سنة 1954: "سينهارون كما انهارت ديان بيان فو".
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
* كاتب لبناني مستقل




#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اميركا والكابوس الصاروخي الروسي
- فؤاد النمري: ماركسي مزيف وستاليني حقيقي
- الازمة المالية العالمية: الكانيبالية الامبريالية العالمية وع ...
- لينين، على الاقل كإنسان، يستأهل كشف وادانة قتلته!!
- اميركا بعد 11 ايلول 2001
- دولة -اسلامية- في كوسوفو بدلا من دولة -عربية- في فلسطين!!؛
- ثورة اكتوبر: المنارة الاكبر في تاريخ البشرية!
- نشر الصواريخ الاميركية في بولونيا: اميركا تخسر المعركة قبل ا ...
- العقوبات ضد روسيا: سلاح معكوس
- كرة الثلج... من القوقاز... الى أين؟
- الصراع الاوروبي الاميركي على جيورجيا والمصير المحسوم لسآكاش ...
- روسيا واميركا: الحرب السرية الضارية
- اميركا تتلقى لطمة جديدة(!!) من اذربيجان
- جيورجيا: -حرب صغيرة-... وأبعاد جيوبوليتيكية كبيرة!!
- الامن العالمي و؛؛الامن القومي الاميركي؛؛
- جورجيا: قبضة الخنجر الاميركي الصهيوني التركي في خاصرة روسي ...
- وروسيا تخرق -اتفاقية يالطا- وتمد -حدودها- الى حدود اميركا
- -عملية باربروسا- الاميركية: وهذه المرة سينقلب السحر على السا ...
- -حزب ولاية الفقيه- والمسألة الشرقية
- فخامة الجنرال


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - فؤاد النمري: حلقة -مستورة- بين المعلوم والمجهول..